«فسيخ وبصل» على جدران المعابد.. قصة الأكلة التي يعشقها المصريون منذ 4700 عام
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
يستعد المصريون للاحتفال بعيد شم النسيم، أحد أقدم الأعياد التي اجتمعوا عليها مع بداية فصل الربيع من كل عام، وهي عادة قديمة تعود إلى آلاف السنين، إلا أن مظاهرها لم تندثر، خاصة تناول الأسماك المملحة «الفسيخ» وهي الأكلة التي ما زالت على موائد المصريين في شم النسيم منذ عصور قديمة.
وتعتبر أكلة (الفسيخ) الطريقة الأشهر في التعبير عن الاحتفال بعيد شم النسيم؛ إذ يحتفظ المصريون بعدة مظاهر، لكن هذه الأكلة باقية لتعبر عن هويتهم الوطنية والثقافية، وممارسة تقاليدهم التي تمتد لآلاف السنين.
يقول الباحث الأثري الدكتور محمد سنوسي، إن العديد من الطقوس والأعياد اندثرت مع مرور الزمن؛ لأسباب تاريخية ودينية، لكن يبدو أن المصريين أكثر شعوب الأرض تمسكا بأعيادهم وهويتهم، وهي حاضرة في ذاكرة المصريين حتى اليوم، مثل عيد شم النسيم، الذي يحتفل به المصريون ويتناولون الطعام نفسه منذ نحو 4700 عام.
ويؤكد الباحث الأثري في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن المصري القديم كان يتناول السمك المملح (الفسيخ)، على الطريقة نفسها التي تجتمع عليها الأسرة في الحدائق العامة، وكذلك البصل، وطقوس هذه الوجبة وثقتها العديد من الآثار، من ضمنها جدارية مقبرة نب آمون ومقبرة نخت التي وثقت وجبة الفسيخ والبصل، وكذلك على جدران بعض المعابد في جنوب مصر.
ووفقا لـ«سنوسي»، فإن هذه المناسبة احتفالا بتقديس نهر النيل، الذي اعتبر رمزا للحياة والخصوبة، كما كان يرتبط تناول السمك المملح بمعتقدات دينية، تشمل فكرة أن الحياة نشأت من الماء، وأن النيل كان المصدر الأزلي للحياة؛ إذ خرجت منه جميع الكائنات، وجرى إحياء الحياة به، وكان المصريون ماهرين في صناعة السمك المملح، وكان يعتبر وسيلة للوقاية والعلاج من بعض الأمراض.
نقوش مصرية تظهر موائد الاحتفال بشم النسيموتظهر النقوش المصرية القديمة صورا للموائد والأطعمة المتنوعة، التي غالبا ما تشبه المائدة الحالية، وفي عيد شم النسيم، كان المصري القديم يحرص على تضمين العديد من الأطعمة في قائمة طعامه، ولم يكن اختيارها محض صدفة، بل كان لها مدلول ديني وفكري مرتبط بعقيدته أثناء الاحتفال بتلك المناسبة، ومن بين تلك الأطعمة الأساسية كان هناك البيض والسمك المملح (الفسيخ) والبصل والخس والحمص الأخضر (الملانة)، وفقا للباحث الأثري.
كما اهتم المصريون أهمية بتناول البصل في عيد شم النسيم، بجانب الفسيخ والأسماك المملحة؛ إذ يعتقدون أنه يحمي من الأمراض والأرواح الشريرة، كما يعتبر البصل رمزا للتجديد والنمو؛ إذ ينمو تحت الأرض ويظهر في شكله النباتي الجديد في الربيع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شم النسيم أكلة الفسيخ المصريين القدماء عيد شم النسيم شم النسیم
إقرأ أيضاً:
محافظ الإسكندرية: رفع موقع دير أبو مينا الأثري من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر
هنأ محافظ الإسكندرية، أحمد خالد حسن سعيد، الدولة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار، والكنيسة المصرية، وكافة الجهات المعنية بالدولة، بمناسبة اعتماد لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رسميًا قرار رفع موقع دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
وقدم محافظ الإسكندرية، بحسب بيان صادر عن المحافظة اليوم /الخميس/، خالص الشكر والتقدير إلى وزير السياحة والآثار شريف فتحي، وقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وكافة الجهات المعنية بالدولة على جهودهم المبذولة في تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي يعد بمثابة إنجاز جديد يُضاف إلى رصيد الدولة المصرية، ويعكس التزامها بحماية وصون تراثها الثقافي وفقًا للمعايير الدولية.
وأوضح المحافظ أحمد خالد أن المحافظة استطاعت من خلال التنسيق بشكل كامل مع وزارات السياحة والآثار والري وكافة الجهات المعنية من إنجاز أعمال البنية التحتية اللازمة، من طرق وكهرباء وخدمات.
وأضاف أن جهود المحافظة بدأت منذ عام 2019 بالقيام بأعمال توسعة الطريق وإنشاء الطبقة الإسفلتية بالإضافة إلى الانتهاء من أعمال الإنارة والتنسيق مع الإدارة العامة للمرور لوضع كافة اللوحات الإرشادية.
وثمّن محافظ الإسكندرية الجهود التي تمت بالموقع ككل خلال السنوات الماضية لخفض منسوب المياه الجوفية وترميم العناصر المعمارية الأثرية وتطوير بعض الخدمات السياحية، التي ساهمت بالإشادة الدولية لجهود الدولة المصرية في تنفيذ التدابير التصحيحية اللازمة لرفع هذا الموقع الاستثنائي من قائمة التراث المعرض للخطر، وضمان استدامة مكوناته الأثرية للأجيال القادمة، بما يتفق مع المعايير الدولية في مجال الحفظ والترميم.
يذكر أن اعتماد لجنة التراث العالمي قرار رفع موقع أبو مينا من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، جاء خلال اجتماعات الدورة الـ 47 للجنة التراث العالمي والمنعقدة حالياً بمقر منظمة اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس، بعد استعراض التقرير الصادر عن بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) لعام 2025، الذي أشار إلى ما تحقق من تقدم ملحوظ في أعمال الحفاظ والصون بموقع أبو مينا الأثري، من أبرزها إنشاء نظام رصد ومراقبة فعّال لاستقرار منسوب المياه الجوفية، الذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة.
كما أشاد التقرير بالجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في تنفيذ كافة التوصيات المطلوبة من قبل في هذا الإطار، مؤكدة على أن حالة الصون المطلوبة لإزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر (DSOCR) قد تحققت بالكامل.
وتُعد منطقة دير أبو مينا أحد أبرز المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية، إذ كانت هي المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، وقد تم إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو منذ عام 1979، تقديرًا لأهميته الدينية والمعمارية.
ومن بين أبرز الاكتشافات المعمارية والأثرية التي كشفت عنها الحفائر في دير أبو مينا هي البئر الذي يحتوي على قبر القديس مينا، الكنيسة الكبرى، وساحة الحُجّاج، والتي تعكس جميعها عمق الأهمية الروحية والعمرانية للموقع.
وقد أدى التوسع في أنشطة استصلاح الأراضي والاعتماد على أساليب الري بالغمر في محيط الموقع، إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية بشكل كبير، مما أثّر سلبًا على البنية الأثرية ونتج عنه إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في عام 2001.
وفي إطار الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المصرية للحفاظ على هذا الإرث الفريد، وحماية المكونات الأثرية للموقع والحفاظ على سلامته، تم البدء الفعلي بمشروع خفض منسوب المياه الجوفية عام 2019 بعد الانتهاء من جميع الدراسات اللازمة لتحديد الأسلوب الأمثل للتصميم والتشغيل لمنظومة خفض منسوب المياه الجوفية، وتم تشغيله تجريبياً في منتصف شهر نوفمبر 2021، وافتتحه وزير السياحة والآثار الأسبق عام 2022. كما تم تنفيذ أعمال ترميم شاملة للعناصر المعمارية المتبقية بالدير، في خطوة مهمة ساهمت بشكل مباشر في استيفاء متطلبات رفع الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.