لجريدة عمان:
2025-01-22@15:49:45 GMT

عروس البرتقال ومدينة التاريخ على نهر سيحان

تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT

كانت السماء تمطر عندما أقلعنا...

هذه الرحلة التي خلت أنها لن تتم، تمت، لكن بعد انتظار طويل قضيت فيه ليل الأحد في مطار مسقط، وكم آمل فعلا أن تكون هذه الرحلة الأولى والأخيرة لي طوال حياتي التي تُلغى بسبب «صواريخ».

بعد ظهر الإثنين الماطر، تساءلت كثيرا وأنا على المقعد البعيد عن النافذة في الطائرة التركية قبل أن نقلع من مسقط، من يترك مطر البلاد ويهجّ بعيدا؟!.

. تنزل الصواريخ في عقلي فجأة وأرتعد، أترانا سنعود بخير؟! آخذ نفسا عميقا، لكنها إسطنبول، ومن لا يرغب في أن يكون في إسطنبول في أبريل؟!

تؤكد السيدة الجالسة خلفي فكرة أن لكل شخص صواريخه في الحياة. الصواريخ في هذه الرحلة بالذات كانت أقدام هذه السيدة التي لم تتوقف عن ركل ظهر مقعدي حتى غادرَته إلى مقعد آخر، وحتى قبل مغادرتها اتكأت بالخطأ على رأسي لتنهض.

لن أبالغ إن قلت إنها الرحلة الأولى التي أحتار فيها بهذا القدر حيال ما أشاهده في الشاشة، فمدة الرحلة تكفي لأن أشاهد فيلمين، وما إن بدلت السيدة تلك مقعدها، صفا الجو ووجدتني أشاهد فيلما من عام 1998 اسمه «لقد وردك بريد»، لتوم هانكس وميج رايان.

تقول فتاة في فيلم - شاهدته ثلاث مرات في مسقط- وهي على الباخرة قبالة إسطنبول تتأمل المشهد أمامها: «إسـطنبووول...يحتوي هذا الاسم على بعض السحر، يمكن أن يحدث أي شيء هنا»، وفي انتظار ما يمكن أن يحدث، كان الظلام قد خيم على إسطنبول عندما نزلنا، بالكاد كنت أرى جانبي الطريق، لكن عندما أصبحنا قريبين من الفندق كان كل شيء أكثر وضوحا، مع أن الإنارة تبدو خافتة في هذه المدينة على غير ما اعتدت في مسقط.

لا ستائر في نوافذ هذه المدينة، كنت أعد الستائر المفتوحة على نوافذ البنايات لكن يبدو أنها لا تسدل في الليل، بل بالتأكيد في النهار، فالشمس هنا تحمل مشارط كما اكتشفت في صباح اليوم التالي، وهكذا فإن أول ما فعلته عندما دخلت غرفتي التي تطل على بناء مهجور هو إسدال الستارة.

في العاشرة صباحا كنا قبالة المسجد الأزرق. السماء صافية، أو ربما هكذا تكون دائما، فالمسجد أزرق والبحر من خلفه أزرق وكذلك من فوقه السماء الزرقاء. نسمة باردة تحرك الأغصان تحت المآذن الست فارعة الطول وأنت كائن ضئيل وصغير، وتتساءل عندما تدخل كيف يمكن أن تصلي بخشوع تام ولآلئ السقف ومصابيح القباب المضاءة بالزيت والقريبة من الرأس تسرقك بذهول.

دخلت مسجد آيا صوفيا مرتين، لأنني ظننت في دخولي الأول أننا ما نزال في المسجد الأزرق، فخرجت ودخلت ثانية من المخرج لأستوعب ما فاتني، كان غريبا أن المسجد وقت دخول الصلاة لا يفتح إلا للأتراك، لكننا مع ذلك صلينا فيه الظهر والعصر. قيل لنا ونحن نهم بالدخول: «ضع كل خُفٍ في صندوق» حتى تتجنب سرقة حذائك، لكن شيئا من هذا لم يحدث، من ذا الذي ينشغل بسرقة الأحذية أمام آية من الجمال يفترض ألا ينشغل إلا بها.

في الوقت الفاصل بين زيارتنا لمسجد آيا صوفيا والمسجد الأزرق، نزلنا ما يزيد عن تسعة أمتار تحت الأرض إلى مبنى ضخم. صهريج أرضي وقصر مغمور ومتحف شيد منذ 1600 عام. بل أصبح المكان يتيح الفرصة للراغبين في إقامة حفلات عيد الميلاد والخطوبة أو الزفاف تحت الأرض، كان المكان مهيبا بـ336 عمودا طويلا ضخما من المرمر التي ارتفعت من داخل الماء، كما تقول اللوحة التعريفية.

استيقظت صباح السابع عشر من أبريل في أضنة، عروس البرتقال على نهر سيحان في الساحل الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، الطقس يتجاوز الأربعين درجة مئوية أحيانا حسب قراءة العداد الحراري في الحافلة التي تقلنا، ومع ذلك كان البرتقال في كل مكان حتى على أرصفة الشوارع -برتقال لا يأبه به أحد - كنت أقول في نفسي. لكن مهرجانا للبرتقال يقام هنا كل عام ليأذن بتفتح أزهار البرتقال في هذه المدينة التي تبعد حوالي 800 كم عن إسطنبول تصاحبه كرنفالات وعروض رقص حي وحفلات موسيقية.

الكثير من «الكباب» على الغداء والعشاء كل يوم تقريبا في أضنة، لكن أطباق الكباب وإن تشابهت شكلا، يكاد الطعم يختلف كل يوم.

لأول مرة أشرب الشاي مرا من دون أن أتذمر بعد كل صحن من البقلاوة وطبق لم أحفظ اسمه -لكننا نسميه قـ/خبيصة في عمان- والكنافة والحلقوم، لكن المترجم السيد مجيد علمني أن أفضل ما يمكن فعله بعد تناول هذه الحلويات، شرب لبن عيران، وكم كان محقا.

لم يوحِ لي متحف أضنة للآثار من الخارج أن عالما كبيرا ودافئا يستقر خلف بوابته تلك عمره 100 عام، متحف تحكي كل قطعة فيه قصة تثير الدهشة، كتلك التي روتها قوارير الدموع، حسب وصف السيد مجيد؛ فهي أوان صغيرة لها عنق طويل تُجمع فيها الدموع التي سقطت حزنا على الميت بعد أن توضع أسفل العيون.

كانت الشمس تتوسط السماء وتصيب بصداع حاد عندما وصلنا وادي كابيكايا. مشينا بين الصخور في سكة جبلية صعودا وهبوطا وتسلقنا عدة درجات، لم يكن في المكان غيرنا، ولعل هذا ما زاده سحرا. لذلك عندما كنت أقول: «ومن لا يرغب بزيارة إسطنبول في إبريل!» كنت أقصد تركيا عامة، فالقليل جدا من السياح يأتونها في إبريل. جسر «فاردا» كذلك كان خاليا من الناس، هدوء تام حتى من القطارات التي تعبر الجسر نفسه، مع أنني رغبت في رؤية أي شيء يسير على الجسر الذي يبلغ عمره أكثر من 100 عام، وعندما علمت أن مشهد القطار الشهير لفيلم جيمس بوند سكاي فول قد تم تصويره هنا زاد الأمر متعة.

بين قصر أتاتورك وبرج الساعة، كان البرتقالي- لوني المفضل- يفترش المكان احتفاء بالبرتقال. نساء تركيات كن قد صنعن بأيديهن كل شيء هناك، مشابك شعر، وحقائب ودمى، وفساتين ولوحات فنية، وكانت بعضهن ترتدي الأبيض والبرتقالي. كان احتفاء مختلفا له روحه وطابعه الخاص.

حمدت الله أن السيد مجيد مترجم الرحلة الذي يحكي العربية الشامية -ذكرني بالدبلجة العربية للمسلسلات التركية التي حضرتها - كان يخبرنا عن الزلازل التي حدثت في الأماكن التي زرناها بعدما نخرج منها، قال عندما لاحظ خوفنا بعد خروجنا من وادي كابيكايا: «لا تخافوا فهي تحدث كل خمسين عاما، وما دامت حدثت العام الماضي فلن تحدث اليوم». لكن زلزالا حدث بالفعل في منطقة تبعد عنا 737 كيلو مترا تقريبا بعد يوم من زيارتنا. في رحلة العودة إلى مسقط خشينا مجددا أن نبيت في المطار، لأن إسرائيل كانت قد بدأت بالرد على الهجمات الإيرانية، ولكننا بحمد الله هبطنا مسقط بسلام.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الإسراء والمعراج.. من قابل الرسول في السموات السبع

رحلة الإسراء والمعراج من أعظم المعجزات في حياة النبي محمد ﷺ، وجعلها الله لتثبيت قلب النبي الكريم في مواجهة المحن والشدائد، وقد حملت هذه الرحلة لقاءات عظيمة بين النبي ﷺ والأنبياء السابقين، وتجلى فيها فضل الله ورحمته بالنبي وأمته.

ما هي رحلة الإسراء والمعراج؟الإسراء: الرحلة الأرضية التي أسري فيها بالنبي محمد ﷺ ليلًا من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس.المعراج: الرحلة السماوية التي عرج فيها النبي ﷺ من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى وصولًا إلى سدرة المنتهى.

وقد وردت تفاصيل هذه الرحلة في القرآن الكريم والسنة النبوية. يقول الله تعالى في سورة الإسراء:
"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَٰرَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُۥ مِنْ ءَايَٰتِنَآ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ" [الإسراء: 1].

لقاءات النبي ﷺ في السماوات السبع

في المعراج، صعد النبي ﷺ بصحبة جبريل عليه السلام، والتقى بعدد من الأنبياء في كل سماء. وفيما يلي أبرز ما حدث في كل سماء:

1. السماء الأولى: آدم عليه السلاماستُقبل النبي ﷺ ورحّب به آدم عليه السلام، حيث كان أبو البشر يسكن في السماء الأولى.قال له آدم: "مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح".رأى النبي أرواح الناس على جانبي آدم؛ عن يمينه أرواح أهل الجنة، وعن يساره أرواح أهل النار.2. السماء الثانية: عيسى ويحيى عليهما السلامالتقى النبي ﷺ بابنَي الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا.رحبا بالنبي وقالا له: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح".3. السماء الثالثة: يوسف عليه السلاماستقبله يوسف عليه السلام بجماله الذي أعطاه الله نصفه.قال لرسول الله: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح".4. السماء الرابعة: إدريس عليه السلامالتقى النبي بإدريس عليه السلام، وورد ذكر إدريس في القرآن الكريم:
"وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا" [مريم: 57].رحب إدريس بالنبي وأثنى عليه.5. السماء الخامسة: هارون عليه السلامالتقى النبي بهارون، أخي موسى عليهما السلام، الذي كان محبوبًا من قومه.قال له هارون: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح".6. السماء السادسة: موسى عليه السلامكان اللقاء مع موسى عليه السلام مليئًا بالعظمة، حيث بكى موسى عندما رأى النبي ﷺ.قيل له: لماذا تبكي؟ فقال: "لأن أمة محمد سيدخلون الجنة أكثر من أمتي".7. السماء السابعة: إبراهيم عليه السلامالتقى النبي بإبراهيم عليه السلام وهو متكئ على البيت المعمور، وهو مكان في السماء السابعة يطوف به 70 ألف ملك يوميًا ولا يعودون.قال إبراهيم للنبي: "مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح".أوصاه: "أبلغ أمتك السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".الوصول إلى سدرة المنتهىوصل النبي ﷺ إلى سدرة المنتهى، وهو مكان لا يمكن تجاوزه. وصفه النبي بأنه شجرة عظيمة أوراقها كآذان الفيلة، وثمرها كالقلال.رأى النبي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وسمع كلام الله مباشرة.فرض الصلاةفي هذه الرحلة، فُرضت الصلاة على المسلمين، حيث كانت خمسين صلاة في اليوم، ثم خُففت إلى خمس صلوات بأجر خمسين، بعد مشورة النبي موسى عليه السلام للنبي ﷺ.الدروس المستفادة من الرحلةتعظيم مكانة النبي ﷺ: دليل على مكانة النبي الرفيعة عند الله.أهمية الصلاة: فرض الصلاة في السماء يدل على مكانتها العظيمة.صلة المسلمين بالأنبياء السابقين: اللقاءات تظهر وحدة الرسالات السماوية.الصبر في الدعوة: تثبيت قلب النبي في مواجهة المحن. 

رحلة الإسراء والمعراج تحمل في طياتها معاني عظيمة وأحداثًا مليئة بالدروس الإيمانية، فهى ليست مجرد حدث تاريخي، بل معجزة تدعونا للتأمل في قدرة الله وتقدير مكانة النبي ﷺ كخاتم الأنبياء.

مقالات مشابهة

  • عروس سعودية تخطف الأنظار بفستان نجدي مستوحى من إطلالة الأميرة رجوة
  • عرس قانا الجليل.. المعجزة الأولى التي غيرت مسار التاريخ الروحي
  • الصويرة: عروس الأطلسي تتربع على عرش أجمل المدن الساحلية في المغرب لعام 2024
  • عروس هربت يوم الزفاف لدايلي ميل: كان أفضل ما فعلت على الإطلاق
  • رحلة العافية وإنقاص الوزن تبدأ من عصير ذهبي
  • رئيس مركز ومدينة سيوة يتابع جهود خفض منسوب مياه الصرف الزراعى
  • افتتاح سوق اليوم الواحد بمركز ومدينة الزينية بالأقصر لتخفيف الأعباء عن المواطنين
  • بروتوكول بين مؤسسة بهية ومدينة دهب لتوفير خدمات طبية لأصحاب الأمراض
  • الإسراء والمعراج.. من قابل الرسول في السموات السبع
  • قرار جديد ضد سائق سيارة تعدى على سيدة بعد إلغائها الرحلة