د. حسين حمودة: "خلف الحجب" سردية تستكشف المساحات المجهولة في أرواح لا متناهية
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
قبل أيام قلائل من اشتراكه في حفل توزيع جوائز مؤسسة سلطان بن علي العويس في دبي وقبيل أيام أيضا من تكريم حكومة الشارقة له هنا في القاهرة في رحاب المجلس الأعلى للثقافة كانت هذه الجلسة النقدية التي شارك فيها الناقد المصري الكبير الأستاذ الدكتور حسين حمودة الأستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة ورئيس تحرير مجلتي فصول ودورية نجيب محفوظ، في رحاب جاليري ضي ـ قاعة الشاعر الخالد محمد عفيفي مطر، لمناقشة وإلقاء الضوء على أحدث روايات الكاتبة اللبنانية المصرية مريم هرموش التي تحمل عنوان "خلف الحجب".
صدرت الرواية عن دار بدائل في رحاب المعرض الدولي للكتاب، وكانت عملاً متميزا لفت انتباه النقاد والقراء أيضاً فانضم الى الدكتور حسين حمودة عدد من أبرز النقاد والروائيين ليناقشوا هذا العمل وليضيئوا جوانبه كل حسب رؤيته الشخصية وثقافته وخلفيته. وكان من بين هؤلاء:
الأستاذ الدكتور شريف الجيار عميد كلية الألسن بجامعة بني سويف ونائب مقرر لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة.
والصحفي الكبير والكاتب الأستاذ مصطفي عبد الله والروائيان البارزان أيمن السميري ـ صاحب رواية شارع بن يهودا، وعلي حسن ـ صاحب رواية مي زيادة.
والناقد الدكتور كمال مغيث، والدكتور هاني فريد، والدكتور الجيولوجي والشاعر فكري حسن، والناقدة نشوى أحمد، والكاتبة الدكتورة منة الله سامي، وأدار الندوة الصحفي والشاعر محمد حربي.
قال الدكتور حسين حمودة عن الرواية إنها نص جميل ومراوغ ـ قصيدة سردية وهذه السردية تزيح الحجب، ترفعها لتكشف أو تستكشف أسرار الوجود في غيابات الكون الفسيح، في غياباته ونوره، في ظلماته وضيائه، في أسراره وعلنه، في أزمنته وأماكنه وعوالمه الداخلية والخارجية، في متاهاته وطرقه المأهولة وغير المأهولة. في أسئلته الغيبية المعلقة، وفي إجاباته القريبة والبعيدة المقنعة أحياناً والتي لا يصدقها أو يستوعبها العقل البشري أحيانا.. هذه سردية تخوض طريقاً نحو العقلية والروحية مسلحة بالحلم وبالألم وبالتحرر من المسلمات لتكشف ما في أعماق الحلم وما يجاوز المسلمات.
هي سردية تستكشف المساحات المجهولة في أرواح لا متناهية تتحرك في عوالم رحبة لا متناهية.
ثم أكمل قائلاً: أتوقف لأنه في محاولة لمقاربة هذه السردية الغنية بأبعادها عند نقاط عدة، أولاً، بناء هذه السردية، ثم ثانياً: فكرة المتصل الزمن ـ المكان الخاص بالطريق أو الرحلة، ثم ثالثاً: عند مراوحات العالم، ثم رابعً: عند حركة الزمن، وخامساً: التنوع السردي.
فيما يخص البناء، هو بناء متماسك جداً رغم التشعبات التي تمضي في وجهات متعددة ومتنوعة. هناك عناصر أساسية حاضرة حضوراً واضحاً رغم التنوعات الواضحة في كل عنصر منها. وهذا التماسك في هذه السردية يأتي من مظاهر مختلفة منها ترديدات العنوان " خلف الحجب" هناك نصوص مباشرة تشير لهذا المعنى مثلاً: "لم يحن الأوان بعد لتطلع على ما خلف الحجب.." عبارة تقولها شمس للراوي.
أو حين يسمع الراوي صوت أو صدى همس يتردد في الفضاء " فتش عما وراء الحجب". أو أهل القرية اللذين لا ينامون لا يحلمون، وبالتالي ثمة إشارة إلى عدم قدرتهم على استيعاب ما يقبع خلف تلك الحجب.
كل هذه التنوعات مرتبطة بفكرة الرحلة أو الطريق الذي سأتوقف عندها بعد لاحقاً.
هناك أيضاً تنوعات فيما يخص الراوي والمروي له، " تخيل أنك تعيش داخل قرية لا تغيب شمسها" هناك حركة بين الراوي بصوت الفرد أو بصوت جمعي يكاد يحتوي القرية المشار إليها بطول السرد، ثم هناك تعدد الرواة؛ هناك الراوي المتكلم والراوي الغائب، وهناك شمس التي تتحول الى الراوية وكذلك ابنة الظلام. زوايا متعددة لكن الحكي يمضي في وجهة واحدة وكذلك تعدد المرويات؛ مع كل إضافة من إضافات البناء تضيع ملامح القصة الأصلية التي توارثتها الأجيال وتناقلتها لكن في النهاية نحن لسنا أمام قصة أصلية نحن أمام قصة تتجدد باستمرار.
أيضاً البناء في هذه السردية يأتي من ترداد بعض التيمات وبعضها مبنية على تناولات سابقة، ولكن مريم هرموش استطاعت أن توظفها في وجهة أخرى. ثم تنمية الحبكة خلال مراوحة هذه الترددات: السر والعلن ـ والسر والعلن مرتبطان ايضاً ببعد أساس هو البعد الحركي بين الوعي واللاوعي.
السردية مرتبطة بفكرة الطريق، فكرة العلاقة الملتبسة جداً بين المكان والزمان والتجربة، تعني فيما تعني الخروج من مكان أول إلى مكان آخر أو من زمن أول إلى زمن آخر لكن الزمن أو المكان الآخر يظلان حاضرين طوال الرحلة مع تنويعات مختلفة على هذا المعنى، فهناك من يستدعي دائماً المكان الأول والزمن الأول في المكان الجديد أو الزمن الجديد وهكذا...وطبعاً لهذه الفكرة تنوعات مختلفة هي فكرة تفهم على المستوى الحرفي فهي رحلة خوض طريق. وعلى المستوى المجازي يمكن أن يكون طريق البحث، طريق العدالة، طريق الانتقام، طريق المعرفة .... إلى آخره.
لكن الإضافة المهمة جداً جداً في هذه السردية الجميلة هي البعد الروحي في هذه المسيرة في هذا الطريق، الرحلة هنا هي رحلة الروح. الإشارات واضحة جداً خلال عبارات واضحة على سبيل المثال: " وضعني على طريق البحث عن الحقيقة دون أن يرشدني إلى وجهتي..... وهكذا".. فكرة خوض الطريق يستدعي فكرة المنعطفات أو التفريعات الجانبية التي نختارها أو نرغم عليها خلال هذا الطريق.
يتساءل مثلاً الراوي فيقول: " سعيت للبحث عن المعمر لأكتشف من يكون وإذا بي أضيع عمن أكون".
يعني هو يخرج عن مساره الأساسي بطرق أخرى جانبية. ويتصل بهذا إشارات، مثلاً يقول لنفسه في مرحلة ما: " أي حقيقة تلك التي أبحث عنها وكل حقيقة تطوي بداخلها حقيقة أخرى".
فكرة اللانهائية في الطريق وفي التساؤلات " كيف سأواصل طريقي في البحث عن ماهية الحقائق الكامنة خلف الحجب". ونهاية الطريق في آخر العبارة، "يقيني بأنني نواة صغيرة في هذا الكون الشاسع تبحث عن منبع المعرفة لاستجلاء سر وجودها".
النقطة الأخرى الخاصة بالمراوحات ومراوغة هذه المراوحات أساسية جداً في هذه السردية التي تستكشف طول الوقت دون أن تشير إلى نهاية لهذا الاستكشاف، هذا العالم البيني الذي يتراءى في هذا المحاولة لمقاربته خلال عدد كبير من المراوحات كلها تعني مناهضة أو مقاومة التصورات الجاهزة الثابتة اليقينية المألوفة المحيطة بكل ما هو مرئي وشاسع وقريب للبحث عما وراء الحجب.
ضمن هذه المراوحات مراوحة الحقيقة والخيال، عبارة " تصدق أنها حقيقة وهي ليست سوى محض خيال". (الكلام عن شمس).
مراوحة المعتاد والاستثنائي من الأحداث، هناك وتيرة معتادة في عالم يمضي بشكل مألوف ثم تكسر هذه الوتيرة.
مراوحة النور والظلام والعبور بين العالمين، مراوحة الحقيقة والجهل، مراوحة رحلة الحياة العادية والرحلة الروحية. تجربة الراوي من أولها إلى آخرها تقوم على هذا المعنى، مراوحة الحلم والحقيقة، المألوف وغير المألوف، والغريب. مراوحة الحياة والموت.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسين حمودة دار بدائل جاليري ضي حسین حمودة
إقرأ أيضاً:
عادل حمودة يكشف عن السيرة الذاتية لـ حافظ الأسد
قال الإعلامي والكاتب الصحفي عادل حمودة، إنه عندما قرأ كتاب باتريك سيل، وجد فيه أن حافظ الأسد ولد في 6 أكتوبر 1930، وولد في اسرة فقيرة لكنها نالت احترام الكبار في القرية بسبب نضال جده وأبيه، وكان أول من نال تعليما في عائلته، حيث تعلم في مدرسة القرية الأولية.
وأضاف حمودة، خلال تقديمه برنامج «واجه الحقيقة»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أنه أكمل تعليمه الثانوي في اللاذقية، وانضم إلى حزب البعث وعمره 16 سنة، ودخل الكلية الجوية بعد أن التحق بالأكاديمية العسكرية في حمص عام 1952 وتخرج طيارا في عام 1955.
وتابع: « ومن ثم سافر في بعثة عسكرية إلى القاهرة هو ورفيق عمره مصطفي طلاس، وتولي قيادة القوات الجوية، ثم أصبح وزيرا للدفاع وشهد وهو في هذا المنصب هزيمة يونيو 1967، وتولي أمانة حزب البعث، وفي 22 فبراير 1971 تولى رئاسة الجمهورية وأمانة حزب البعث بعد أن قام بما سمي ثورة التصحيح، وما ان تسلم السلطة التنفيذية والحزبية حتى أنقذ سوريا من وباء الانقلابات العسكرية».
وأشار إلى أنه بعد استقلال سوريا بثلاث سنوات أي في عام 1949، عرفت سوريا عشرين انقلابا بمعدل انقلاب كل سنة تقريبا حتى جاء حافظ الأسد، وكان سر حافظ الأسد أنه مشى على نهج جمال عبد الناصر، فكرس علمانية النظام، وقدم امتيازات غير مسبوقة للطبقات الفقيرة، من تعليم مجاني ورعاية صحية بلا مقابل، وأتاح الفرص للكفاءات لتولي مناصب عليا، واستخدم حزب البعث في السيطرة على كل المؤسسات بما فيها المؤسسة العسكرية.