بوابة الفجر:
2025-03-31@15:16:22 GMT

محمد أكرم دياب يكتب: هوّيتُ "القل"

تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT

"اتعرف ما معنى الكلمة.. شرف الرجل في كلمة"، ظلت عالقة في عقلي تلك الجملة من  كلمات الامام الحسين التي اودت بحياته سيدا للشهداء،  لا اعلم التوقيت الذي بدأت فيه الجمله تخاطرني،  ولكني اتذكر جيدا انني حييت على تعظيم الكلمة فهي العقد المعقود دون إبرام، اؤمن بإنه ا لاتحتاج شهودا حتى، فشاهدها دائما هو واحدا قهار، يعظمها في الحق ويدحضها في الباطل، "ويريكم اياته في الافاق"، افاق كل مجتمع وتجمع وعلاقات.

 

استطرد الحسين في حديثه مع الوليد بن عتبة قبل ان يغادر إلى مكة رافضا بيعة أبيه عتبة بن ابي سفيان ، بأن الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، وكانت رد بليغ على قول الثاني  له، نحن لانطلب منك الا كلمة فقل بايعت واذهب إلى جموع الفقراء، قلها وانصرف يا حفيد رسول الله حقنا للدماء، قلها ما ابسطها فكانت لابن آل البيت اروع الاوصاف في الكلمة وحقها. 

وقبل موقف يزيد والحسين تجد من الكلمة الذكر وللقلم القدسية منذ الخليقة، فبعد الانسان، خلق الله قلم النور " ن والقلم ومايسطرون" وقد يسبق القلم الانسان والخلق، وعلمها عند الخالق، فتفسير الايه حسب ابن كثير إنه قلم النور الذي يصل طوله من السماء إلى الارض وانشق نصفين بنظر من خالقه الذي كتب به الذكر وان ما يسطرون هو تسطير الملائكة وكتابتهم لاعمال الانسان. 

 فالقلم مقدس يبثق قدسية للكلمة، تتبع الحق بعشقهم، وتتمكن فيهم عقب زيادة  إيمانك بقوة سيطرتهم، وكان اكبر اعجاز القرآن  في كلماته التي وصفها الحق " وما هو بقول شاعر" لكنها ذكر كتبت بقلم النور أول آياتها اقرأ،  وألواح موسى كانت كلمات كتبت في حجارة الجبل وتعاليم الخالق كلمات أهدت إلى رسله من السماء وجمعت بالكتابة في المقدسات.

وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي حددته الأمم المتحدة عام ١٩٩١ بعد مؤتمر ويندهوك الذي أوصت فيه بضرورة تطوير صحافة حرة ومستقلة، اجده انسب وقت لاعتراف بأنني هويت القلم وهمت فيه عشقا،  قدست الكلمة أساس صحافة كل زمان،  فما هي الا كلمات واجبها انصاف الحق ويدحض بها الباطل، القلم سلاح قوي لمن يعرفه ويصيب بالحق من يقصده له نصل قوي بطشه على الباطل وله ريشة تمجد كل حق.

اتذكر جيدا بداياتي في بلاط صاحبة الجلالة من صحف صغيرة، لا يغيب عن ذهني معلمي الأول لكلمات "الجرايد " محمد فاروق الذي وافته المنية شابا، اقدر جيدا كل فرصة حظيت بها ولكل من وهبني إياها، امتن لجريدة الفجر التي علمتني كيف تكون الجرأة في الكتابة وفرصة اختيار الموضوع الذي تنتظر مردوده بعد النشر، وهو كان الدرس الأكبر في البحث عن قدسية كلمات نكتبها لنصرة حق غُفل عنه. 

بالقلم سطرت في "الفجر" تحقيقات صحفية تمكنت من كشف فساد في السكة الحديد، ونصرت أصحاب مظالم زاد فخري بكوني حلقة وصل بينهم والجهات المعنية، ومنعت تداول قطرات الميد رابيد في أسواق المخدر وادخلتها جداول المخدرات، فتشت عن أصحاب الأمراض النادرة واستهدفت اسواق التجارة في الأعضاء وادوية الاورام والعملة، وعشقت القلم أكثر عندما حولته إلى صورة في كتابة الأفلام الوثائقية، ولا يزال  طريق العشق ممتدا بجانب العمر.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد أن انتهيتُ من قراءة كتاب "عبقرية محمد" للمفكرِ العملاقِ عباس محمود العقاد، تذكَّرتُ على الفورِ قول اللهِ جلَّ جلالُهُ للنبيِّ الكريمِ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"، فأدركتُ السرَّ في انجذاب كلِّ من اقترب من سيرته العطرة، وتذكرتُ على الفور أنه ليس هناك متشهدٌ ولا صاحبُ صلاةٍ إلا ويلهجُ باسمه... وكلُّ من سيقرأُ ما كتبهُ المفكرون عن شخصية النبيِّ الكريمِ قديمًا وحديثًا، سيعرف أثر كرم الله على نبيَّه برفع ذكره منذ مولده وإلى قيام الساعة.

ولذا، لم يدهشني إهتمام الكُتَّابِ في الشرق والغرب به، وقد قرأتُ بإعجابٍ شديدٍ آخرَ ما صدر من مؤلفاتٍ في الغرب عن خيرِ خلقِ اللهِ أجمعين، للكاتبةِ والمفكرةِ البريطانية "كارن أرمسترونج"،وهي مَنْ ؟ إنها الكاتبة المرموقة والباحثة الماهرة التي تتجنُّب التحيُّز الشخصي، ولا تُصدر الأحكام إِلَّا  بعد فحص ما لديها من أدلَّةٍ وبراهين بتجرُّدٍ وشفافية، وقد كرَّست حياتها لدراسة الأديان السماوية، مثل الإسلام والمسيحية واليهودية، وكان كتابها  "محمد: سيرة النبي"، والذي صدر عام ١٩٩١  وفيه قدَّمت  فكرًا عميقًا،  يُعدُّ هذا المؤلف من أبرزِ الأعمالِ التي قدَّمت رؤيةً موضوعيةً ومنصفةً عن النبيِّ الكريمِ في العالم الغربي. كما يُعدُّ  جسرًا مهمًّا بين الثقافات، ودعوةً للحوارِ والتفاهمِ بين الأديان، بعيدًا عن الصور النمطيةِ والتشويهِ الإعلامي، فقدأَثْبَتَتْ فِي مُؤَلَّفِهَا  هذا بأن النبي العظيم رجلًا ذا رؤيةٍ أخلاقيةٍ عَمِيقَةٍ...

ومن إنصافِها فى كتاباتها  قالت: "كان محمدٌ رجلًا حنونًا، متواضعًا، وقائدًا بارعًا، لم يسعَ للسلطةِ بقدر ما كان يسعى لإحداث تغييرٍ أخلاقيٍّ عميقٍ في مجتمعه."

كما تناولت الكاتبةُ  والباحثة دورَ النبيِّ الكريم في تحسينِ مكانةِ المرأةِ في المجتمع، حيث أشارت إلى أنه منحَ المرأةَ حقوقًا لم تكن موجودةً في الجاهلية، مثل حقِّ الإرث، وحقِّ التعليم، وحقِّ الاختيارِ في الزواج. وكان يسعى لتحريرِ المرأةِ من القهرِ الاجتماعي، ويدعو إلى معاملتها بكرامةٍ واحترام.

ولها أيضًا رأيٌ حرٌّ جريءٌ، إذ أكَّدت أن النبيَّ الكريمَ كان يسعى دائمًا إلى الحلولِ السلمية، وأن المعاركَ التي خاضها كانت دفاعية، ولم تكن من أجل التوسع أو فرض الدين بالقوة... وبذكاءٍ شديدٍ، اختارت صلح الحديبية وقالت عنه: "كان دليلًا واضحًا على براعةِ النبيِّ الكريم في إدارة النزاعاتِ بالسِّلمِ والحكمة، لأنه كان يؤمن بأن السلام هو الوسيلةُ الأقوى لنشرِ رسالته."

وهذه الشهادةُ من هذه الباحثة والتي تُعَدُّ واحدةً من أبرز الْباحثين في الأديان المُقَارَنَةِ  تدحضُ الصورةَ السلبيةَ التي رسمها بعضُ المستشرقين لهذا النبي العظيم...

وقد تصدى لهؤلاء المستشرقين والشانئين  المفكر الكبير عباس محمود العقاد في مواجهة هذه الافتراءات، حيث قال في كتابه الهام "عبقرية محمد": “إن التاريخ هو فيصل التفرقة بين محمدٍ وشانئيه، فحكمُه أنفذُ من حكمِ الشانئين والأصدقاء، وأنفذُ من حكمِ المشركين والموحدين، وأنفذُ من حكمِ المتدينين والملحدين... إنه حكم الله، وقد حكم له أنه كان في نفسه قدوة المهذَّبين، وكان في عمله أعظمَ الرجال أثرًا في الدنيا، وكان في عقيدته مؤمنًا يبعث الإيمان، وصاحبَ دينٍ يبقى ما بقيت في الأرض أديان، وسيطلع في الأفق هلالٌ، ويغيبُ هلالٌ، وسيذهب في الليل قمرٌ، ويعودُ قمرٌ، وتتعاقب هذه الشهور التي كأنها جُعلت التاريخَ ما بين الصدور، لأن الناس لا يؤرخون بها مواسمَ الزرع، ولا مواعيد الأشغال، ولا أدوار الدواوين والحكومات، ولا ينتظرونها إلا هدايةً مع الظلام، وسكينةً مع الليل: أشبه شيءٍ بهداية العقيدة في غياهب الضمير”.

وقبل أن يَخْتِمَ  الكاتب الكبير عباس محمود العقاد صفحات كتابه  "عبقرية محمد"، اختار يوم هجرة النبي إلى المدينة فكتب: "ستطلع الأقمار بعد الأقمار، وتقبل السنة القمرية بعد السنة القمرية، وكأنها تقبل بمعلمٍ من معالم السماء يوميء إلى بقعةٍ من الأرض: هي غار الهجرة، أو يوميء إلى يومٍ لمحمدٍ هو أجملُ أيامِ محمد، لأنه أدلُّ الأيام على رسالته، وأخلصها لعقيدته ورجاء سريرته، وهو يوم التقويم الذي اختاره المسلمون بإلهامٍ لا يعلوه تفكيرٌ ولا تعليم..."

ختامًا.. لقد عشتُ أوقاتًا ممتعةً مع كتاب "عبقرية محمد" للمفكر الكبير عباس محمود العقاد، ومن خلال صفحات هذا الكتاب شاهدت  التاريخ يقف إجلالًا وتعظيمًا لهذا اليتيمِ الذي بُعث رحمةً للعالمين.. صلى الله عليك وسلم يا خير خلق الله أجمعين...

اللهم إنا نُشهدك أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فاللهمَّ اجزه عنا خير ما جزيتَ نبيًّا عن قومه، ورسولًا عن رسالته...

 

ولنا لقاء الأسبوع القادم، بإذن الله، مع قراءة فى كتاب ممتع جديد...

 

مقالات مشابهة

  • محمد عبدالقادر يكتب: “ابن عمي” العميد أبوبكر عباس.. “أسد الهجانة”
  • محمد صبيح يكتب: رسالة واتساب لوزير التموين
  • دعاء آخر يوم في رمضان .. كلمات مجربة لنهاية أيام الصيام
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: قيمنا المجتمعية تعزز الأمن القومي المصري
  • محمد حامد جمعة يكتب: هزيمة كاملة
  • محمد عثمان عوض الله يكتب: أخبار سارة من السودان
  • لواء رُكن (م) د. يونس محمود محمد يكتب: عاوزين جدة!!
  • اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
  • خالد عمر يوسف يكتب: قصة قصيرة “بعض الشيء”
  • محمد أبوزيد كروم يكتب: كيف أفشل الجيش المخطط الخبيث!!