فى الإدراك المصرى العام السائد والدارج، عندما يوصف شىء أومنتج بأنه «صينى» فهذا الوصف دلالة أو إشارة على تدنى الجودة مقارنة بجودة المنتجات الأوروبية، والأمريكية. ورغم اختلافى على هذا المدرك- فالجودة فى الصين على حسب الطلب- لكن إذا ما سحبنا تلك المقارنة إلى عالم السياسة فالديمقراطية الصينية أخذت سمعة منتجاتها، ودائماً ما كانت تحظى وتلقى انتقادات أوروبية وأمريكية على أنها دولة قمعية داخلياً، وعدائية خارجياً، وغير ديمقراطية.
لكن خدعوك فقالوا؛ إن «الماما أمريكا» مهد الديمقراطية، وحامى حمى الديمقراطية فى العالم، الديمقراطية الأمريكية اقتحمت أهم الجامعات على مستوى الولايات المتحدة، بل العالم، واعتقلت مئات الطلاب، وفضت بالقوة الاعتصامات والإضرابات. الشرطة الأمريكية اقتحمت أرقى جامعات العالم، مصانع النخبة والعقول الأمريكية، لمجرد أنهم اعتقدوا أنهم فى ديمقراطية حقيقية، وقرروا رفع صوتهم والتعبير بحرية عن آرائهم تجاه عدوان لا إنسانى على العزل فى غزة، وتقاعس أمريكى سافر.
المظاهرات انطلقت شراراتها من جامعة كولومبيا والتى يطلق عليها «جامعة الملوك» تخرج منها كثير من كبار الساسة وعلماء الاقتصاد الأمريكيين والأجانب. وامتدت شرارة المظاهرة المناهضة للعدوان الإسرائيلى إلى عشرات الجامعات فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة، على مدار الأسابيع القليلة الماضية، للتعبير عن معارضة الحرب فى قطاع غزة. وانتهت باقتحام الشرطة الأمريكية تلك الجامعات، ضربت وسحلت وفضت بالقوة المظاهرات.
حرية التعبير عن الرأى، كما باع الأمريكان وهم الديمقراطية المزعوم للعالم، هى أبسط مظاهر الديمقراطية التى قد تشعل الولايات المتحدة حروباً من أجلها. لكن العم سام يحدثنا الآن عن «شعرة معاوية» ما بين حرية التعبير وانتهاك حقوق إنسان. لكن الواقع فاضح، والحرب على غزة أكبر دليل، الديمقراطية الأمريكية «انتقائية»، وحقوق الإنسان مطاطة تستخدم كأجندة لخدمة المصالح الأمريكية فقط أولاً وأخيراً، وكلها أدوات أمريكية للضغط والابتزاز.
وكما عملت الحرب فى غزة على خسارة إسرائيل للرأى العام العالمى للمرة الأولى منذ سنوات، ها هى تخلع «رداء الديمقراطية» عن الولايات المتحدة وتكشف عوراتها؛ حرب غزة فضحت الولايات المتحدة، معقل ومهد الحريات وحقوق الإنسان فى العالم، هى معركة رسبت فيها الولايات المتحدة بامتياز حقوقياً، وديمقراطياً. واكتملت دائرة القمع الديمقراطى بتصويت مجلس النواب الأمريكى الأربعاء لصالح توسيع التعريف المعتمد فى وزارة التعليم لمصطلح «معاداة السامية»، فى انتظار تمرير مشروع القانون من مجلس الشيوخ، ووفقاً لهذا التعريف يحظر انتقادات معينة لدولة إسرائيل، أو رفع شعارات معينة مناهضة لإسرائيل. وحتى إن لم يقر مجلس الشيوخ مشروع القانون، لكنه يبقى إشارة على توجه النخبة الحاكمة فى الولايات المتحدة تجاه الصراع فى الشرق الأوسط خاصة وعام الانتخابات الرئاسية على الأبواب.
ويبقى السؤال؛ كيف ستكون ردة فعل الديمقراطية الأمريكية «الانتقائية» لو كانت تلك الاحتجاجات على العكس مؤيدة لإسرائيل وللعدوان؟، وداعمة للمواقف والتوجهات الأمريكية الرسمية. أعتقد حينها أن الشرطة الأمريكية كانت ستمد المتظاهرين بالورد، وتحمى تلك التظاهرات. هى الانتقائية وازدواجية المعايير فى أبهى صورها. والديمقراطية الأمريكية «صينى» وليست أصلية، وهكذا سقط الحلم الأمريكى، ولم يعد مقبولاً أن يعطينا أحد دروساً فى الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو ينصب نفسه وصياً على العالم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د وليد عتلم الدیمقراطیة الأمریکیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
عبد المنعم سعيد: المرحلة الأولى من حكم ترامب ستتركز على الولايات المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن أولوية الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تغيير الولايات المتحدة، إذ من الواضح من خلال تعيينات إدارته، فإنه يسعى إلى إعادة تشكيل مؤسسات وهيئات الولايات المتحدة، أما فيما يخص الشرق الأوسط، لن يأخذ منه «وقت كبير»، فمن الممكن أن يبذل مساعي للتهدئة، أو يرسل المبعوثين الخاصين به للتعرف على الوضع في المنطقة، ولكن الجزء الأكبر من مرحلة ولايته الأولى سينصب التركيز فيها على تغيير الولايات المتحدة من الداخل.
وأضاف «سعيد» خلال للقاء ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي» المذاع على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، وتقدمه الإعلامية أمل الحناوي ، متحدثًا عن العلاقات الأمريكية - العربية في عهده ترامب، بأنه قبل أن تنتهي ولايته الأولى كان عقد الاتفاقيات الإبراهيمية، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وضم الجولان السوري لها.
وتابع عضو مجلس الشيوخ: «قبل الانتخابات تحدث ترامب عن أن مساحة إسرائيل الجغرافية صغيرة، مما يحي بأن لديه مجموعة من الأفكار والحلول للوضع الراهن في المنطقة، لن تتضمن الدولة الفلسطينية، كما أنه حث إسرائيل على القضاء على حزب الله و حماس».