ما بين يوم وليلة تغير الحال، كانت الكلمة سلاحهم لمواجهة الحياة والقلم وسيلتهم في العيش فضاعت الكلمة وانكسر القلم، مئات الصحفيين السودانيين وجدوا أنفسهم دون وسيلة لكسب الرزق بعد أن أغلقت الصحف والمؤسسات الإعلامية أبوابها بفعل حرب أبريل  المشتعلة في السودان دون توقف منذ أكثر من عام، ضاعت أحلام الصحافة التي كانت تكافح لتحقيق حلم الوصول إلى حريتها المطلقة دون تقييد.

التغيير ــ خاص

يواجه الصحفيبون في السودان في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة صعوبات ومخاطر عديدة من طرفي النزاع الدائر بالبلاد منذ 15 أبريل من العام الماضي، من قتل واعتقال وإخفاء وترهيب “.

صحفي سوداني نازح يعمل في بيع الخضروات بعد الحرب

وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ديسمبر 1993، بناء على توصية من المؤتمر العام لليونسكو.
ومنذ ذلك الحين يحتفل بالذكرى السنوية لإعلان ويندهوك في جميع أنحاء العالم في 3  مايو باعتباره اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وبعد مرور أكثر من ثلاثين سنة على اعتماد هذا الإعلان، لا تزال العلاقة التاريخية بين حرية التقصي عن المعلومات ونقلها وتلقيها من جهة، وبين المنفعة العامة، مفقودة خاصة في المناطق التي تشهد حكما دكتاتوريا ويعد السودان إحدى تلك الدول التي يعمل طرفا الصراع فيها على حجب المعلومات عن الصحفيين وظلت غرفهم الإعلامية تنشر الشائعات وخطاب الكراهية الذي يعمل على تفتيت وحدة السودان”.

حالة سيئة

ويقول السكرتير العام لنقابة الصحفيين محمد عبد العزيز إن الحالة التي يعيشها الصحفيون السودانيون تُعد الأسوأ منذ تأسيس الدولة السودانية، بعد تدمير 90 % المؤسسات الصحفية بالكامل، و أكد أنه تم تسجيل 400 حالة اعتداء بحق الصحفيين من ضمنها 6 حالات قتل.
وأشار عبد العزيز إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين تتصل بمخاطر الحرب والأوضاع الأمنية المتردية والاستهداف الممنهج من طرفي الصراع الذين ينظرون للصحفي بأنه عدو  لجهة أن مهنة الصحافة أصبحت جريمة”.
وأوضح، أن جزءا كبيرا من الصحفيين فقدوا أدوات عملهم وتناقصت أعدادهم في أماكن الاشتباكات وانعكس ذلك على التغطية الصحفية ما خلق حالة من “الإظلام الإعلامي، الذي ساعد في غياب المعلومات الحقيقة وانتشار خطاب الكراهية”.

صحفي سوداني يعمل في بيع الأطعمة

وتوعد عبد العزيز  بملاحقة مسيري خطاب الكراهية ضد الصحفيين وملاحقة الجهات المتورطة وتقديمها لمحاكمات بعد إيقاف الحرب وقيام المؤسسات المدنية “.
ولفت إلى أن نقابة الصحفيين وضعت سلامة الصحفي من ضمن أولوياتها وأقامت عددا من الورش التدريبية عن السلامة المهنية في التغطية الصحفية في النزاعات”.
وكشف السكرتير العام، عن وضع النقابة لخطة عمل للمناصرة تطلقها قريبا “.

مهن هامشية

وعلى شبكات وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت صور عشرات الصحفيين وهم يبدأون رحلة عمل جديدة ما بين بيع الخضروات وإعداد الأطعمة وتكسير الحطب لمواجهة الظروف المعيشية الجديدة”.
ويقول الصحفي (ر. م)، إن ظروف الحرب اضطرته إلى العمل في أعمال هامشية لتوفير لقمة عيش، بعد أن فقد وظيفته وتوقف راتبه “.
ويضيف: لـ “التغيير”: “واجهت ظروفا اقتصادية سيئة وفقدت كل ما أملك لذلك قررت اللجوء للعمل لتوفير لقمة العيش لأسرتي التي كانت تعتمد على بشكل مباشر “.
وتابع:” رغم أن العمل الذي أقوم به متعب وشاق إلا أنه لم يوفر المبلغ المجدي من أكل وشرب وإيجار لذلك قررت السكن في أحد مراكز الإيواء التي يواجه في الصحفيين ظروفا إنسانية بالغة التعقيد “.
ويعاني الصحفيون أوضاعا اقتصادية وأمنية صعبة ويجدون مضايقات أمنية من طرفي الصراع الذين ينظرون إلى الصحفي بأنه عدواً لهم، لذلك يعمل الصحفيون على إخفاء هوياتهم خاصة عند التنقل ونقاط التفتيش خوفا من الضرب والاعتقال”.
ورسمت أمينة الحريات بنقابة الصحفيين السودانيين، إيمان فضل السيد، صورة قاتمة لواقع الحريات الصحفية في السودان بعد مرور عام على الحرب ووصفت الوضع بالمزري جدا “.
وقال إيمانا لـ “التغيير “، منذ الوهلة الأولى لحرب 15 أبريل، تحولت وسائل الإعلام لأهداف مشروعة لطرفي الصراع، وفقد ألف صحفي وظائفهم وهذه النسبة تمثل 50 % من العدد الكلي المسجلين في سجل النقابة، ما أجبر بعضهم للتوجه إلى العمل في مهن هامشية”.
وأكدت، إيمان أن إغلاق الصحف أدى إلى تراجع في الحريات الصحفية، بسبب غياب المعلومات والإخبار  ذات المصداقية، وتراجع التغطيات الملتزمة بأخلاقيات وأهداف المهنة لصالح الإعلام الحربي والأخبار المضللة، فإنتشرت الشائعات واحتكر طرفا الصراع المعلومات، ومن صم بث معلومات مفبركة خاضعة للآلة الإعلامية للحرب، ما أدى إلى تفشي  خطابات العنصرية التي وجدت المجال واسعا لانتشارها “.
وأشارت إلى أن جريمة قطع خدمات الاتصال والإنترنت  كانت من أكثر الانتهاكات التي عمقت وزادت من تعقيدات العمل الصحفي على الأرض، وأيضا لعمليات الرصد والتوثيق في الفترة الماضية خاصة في ولايات دارفور التي انقطعت فيها الخدمة منذ أكثر 8 أشهر وأيضاً 80 % من ولايات السودان انقطعت عنها خدمات الاتصال والإنترنت لمزيد من التعتيم الإعلامي الذي يحدث على الأرض، ما يجعل مزيداً من الضغوط على الصحفيين والمواطنين بحرمانهم من أبسط الحقوق ومن بينها الحصول على المعلومات”.
وكشفت إيمان عن فقد النقابة التواصل مع عدد من الصحفيين لأكثر 8 أشهر و معرفة المصير الذي يواجههم، وما يحدث من نزوح وتشرد ولجوء “.
ولفتت إلى أن عدد الصحفيين الموجودين الآن في ولاية الخرطوم لا يتجاوز ال (100) صحفي، وفي ولايات دار فور نحو 60 صحفيا، وفي ولاية الجزيرة أقل من 20 صحفياً وهذا الأمر ينعكس على بقية الولايات”.
وتابعت: “بعض الصحفيين عبروا الحدود في ظروف سيئة وبعضهم غادر بصورة غير شرعية نسبة لتعرضهم للاستهداف المستمر ما أثر على ظروفهم المهنية و ايضاً يواجهون ظروفاً صعبة في دول اللجوء”.
وتروي الصحفية حفيظة موسى، التي اضطرتها ظروف الحرب إلى اللجوء لدولة أوغندا بحثاً عن الأمان الذي فقدته في مدينتها زالنجي بولاية وسط دارفور غرب السودان.
وتقول حفيظة لـ “التغيير”، خرجت وكانت متوقعة الموت في أي لحظة بسبب المطاردات التي حدثت لي في مدينة زالنجي، وظلت ابحث لأربعة أسابيع عن مخرج آمن، بعدها قررت الخروج متنكرة حتى لا يتعرف علي في نقاط التفتيش ويعرضني ذلك للأذى، وقضت رحلة خروجي من إقليم دارفور أكثر من أسبوع حتى وصلت حدود دولة الجنوب، ومنها إلى دولة أوغندا ”
حفيظة كانت ترسم لنفسها واقعا مغايرا لما كانت عليه في السودان وبمجرد وصولها إلى الأراضي الأوغندية زادت معاناتها التي استمرت لعام كامل، ولكنها انصدمت بواقع مختلف، وظلت تبحث عن فرص عمل تكسب من خلاله مبلغ مالي يساعدها على العيش في كمبالا ومساعدة أسرتها التي ما زالت عالقة في إقليم دارفور، فبدلا من مساعدة أسرتها أصبحت تطلب منهم المساعدة”.
وختمت حفيظة قولها بأنها لن تستسلم وستواصل في كفاحها حتى تحصل على فرصتها كاملة بمواصلة عملها الصحفي من أجل إيصال صوت من لا صوت له خاصة إنسان دارفور الذي يعاني من القتل والجوع والتشريد “.
وتواصل أمينة الحريات بأن حالات الانتهاك المسجلة ضد الصحفيين بلغت 993 حالة موثقة، في مقدمتها القتل حيث قتل 6 صحفيين من بينهم صحفيتان، و الاعتداء الجسدي والإصابات 8 حالات من بينها 3 حالات لصحفيات من بينها اعتداء جنسي واحدة”.
والاختفاء القسري والاعتقال 39 حالة من بينها 5 صحفيات، التهديدات التي تمت بشكل مباشر للصحفيين عبر الهاتف أو الرسائل 43 حالة من بينها 16 حالة لصحفيات، وإطلاق النار 28 حالة في الطرقات من بينهم 10 صحفيات، والاحتجاز في أماكن العمل ما لا يقل عن 100 صحفي وصحفية اعتقلوا في أماكن عملهم تم إجلاؤهم بواسطة الصليب الأحمر، وتم احتجاز صحيفتين في أماكنهم “.
و شملت الانتهاكات الاعتداء بالضرب ونهب الممتلكات الشخصية و في التوقيف في نقاط التفتيش تم تسجيل 27 حالة من بينها 3 صحفيات”، أما المؤسسات الصحفية التي تعرضت للمداهمة والتدمير بلغت 29 مؤسسة “.
وأردفت:” لا يمضي يوم من أيام الحرب إلا وتتعرض منازل الصحفيين لعمليات نهب ومداهمة وإتلاف وهذه حالة عامة لجميع منازل المواطنين “. وقالت ما لا يقل عن 100 منزل صحفي وصحفية تم نهبها و بلغت التهديدات ضد المؤسسات الصحفيين والأجسام النقابية 10 مؤسسات”.
ويواجه كثير من الصحفيين السودانيين متاعب أكبر في الواقع من تلك التي اعتادوها، من قبيل عجزهم عن توفير متطلبات الحياة الضرورية لأسرهم في ظل رحلة نزوح ولجوء قسرية ما زالت مستمرة بعد عام من الحرب”.

الوسوماغتصاب اليوم العالمي انتهاكات تشريد حرية الصحافة قتل نهب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اغتصاب اليوم العالمي انتهاكات تشريد حرية الصحافة قتل نهب

إقرأ أيضاً:

إحصائيات صادمة.. ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟

تُعدّ فلسطين واحدة من الدول ذات أدنى معدلات الأمية عربيا وعالمياً، حيث سجل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نسبة 2.1% بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر في عام 2023.

وفي الأراضي المحتلة عام 1948، بلغ معدل الأمية 3.6% بين الأفراد من الفئة العمرية ذاتها في عام 2017، وفقاً لبيانات جمعية الجليل (ركاز).

وسجلت الضفة الغربية انخفاضًا ملحوظًا في معدل الأمية، حيث تراجع من 14.1% في عام 1997 إلى 3.2% في عام 2023، بينما شهد قطاع غزة انخفاضًا من 13.7% إلى 1.9% خلال نفس الفترة، وفقًا لبيانات الإحصاء الفلسطيني.

ولكن يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يريد تغيير هذه النسبة باستهدافه المؤسسات التعليمية وأبناء المجتمع الفلسطيني٬ مع دخول حرب الإبادة الجماعية على غزة عامها الأول بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وهربًا من نيران الاحتلال وسعيًا للأمان، فقد لجأت العديد من الأسر في غزة إلى مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة إلى مدارس حكومية وخاصة التي كانت أهدافا لمجازر "إسرائيل".

#غزة: في اليومين الماضيين فقط، تعرضت ثلاث مدارس تابعة للأونروا للقصف في غزة. أفادت التقارير بمقتل ما لا يقل عن 21 شخصًا. كانت هذه المدارس مأوى لأكثر من 20,000 نازح. بعض المدارس تعرضت للقصف أكثر من مرة منذ بداية الحرب.

أكثر من 140 مدرسة تابعة للأونروا تعرضت للهجوم منذ 7 أكتوبر،… https://t.co/SdEglTm6NH pic.twitter.com/T0z56ZYTXg — الأونروا (@UNRWAarabic) October 3, 2024
إحصائيات صادمةخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعرضت جميع المدارس والجامعات في القطاع لاستهداف مباشر، حيث تم تدمير 123 مدرسة وجامعة بالكامل، وتضررت 335 جزئيًا، بالإضافة إلى استشهاد أكثر من 11 ألف طالب و750 معلماً ومعلمة، و100 أستاذ جامعي، وفقًا لآخر بيانات مكتب الإعلام الحكومي.

أما في الضفة وبحسب تقرير صادر في آب/ أغسطس الماضي عن مجموعة التعليم الدولية، وهي آلية تنسيقية تضم منظمات ووكالات تسعى لتلبية احتياجات التعليم أثناء الأزمات الإنسانية، فإن التحديات في الضفة الغربية المحتلة تشمل "استهداف المعلمين والطلاب بالعنف، والعمليات العسكرية الإسرائيلية والغارات على المدارس والمناطق المحيطة بها، وعنف المستوطنين، وتدمير المرافق التعليمية، والقيود على الحركة، والعوائق البيروقراطية".

وفي قطاع غزة، حرمت الحرب 625 ألف طفل في سن الدراسة من عام دراسي كامل بسبب الدمار الواسع الذي لحق بالمدارس والمنشآت التعليمية الأخرى، بحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف.

وقد تعرض حوالي 93% من مدارس القطاع البالغ عددها 564 لأضرار جسيمة، حيث يتطلب 84.6% منها إعادة بناء كاملة، وفقًا للتقرير.

وأشار التقرير إلى أن تأثير الحرب المستمرة كان كارثيًا، حيث لم يتمكن 39 ألف طالب على الأقل من أداء امتحانات التوجيهي، وهي امتحانات الثانوية العامة التي تُعتبر حاسمة للانتقال إلى التعليم الجامعي. وواجه أكثر من 21 ألف معلم صعوبة في العمل بسبب انعدام الأمن ونقص الأماكن التعليمية الآمنة.

ويُبرز التقرير أيضًا أن جميع أطفال غزة، الذين يبلغ عددهم 1.2 مليون طفل، يحتاجون إلى دعم عاجل في مجالات الصحة النفسية، بالإضافة إلى الدعم النفسي الاجتماعي، نظرًا للأثر العميق الذي تركته الحرب على حياتهم.

المدارس.. أهداف مشروعة!
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني٬ فإنه في العام الدراسي 2022-2023، كان هناك 796 مدرسة في قطاع غزة، تتوزع بين 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة الغوث و70 مدرسة خاصة.

وبلغ عدد الأبنية المدرسية في القطاع خلال نفس العام 550 مبنى، تشمل 303 مبانٍ حكومية و182 مبنى تابعاً لوكالة الغوث و65 مبنى خاصاً. وتعكس هذه الأرقام الحاجة الملحة إلى تعزيز التعليم في غزة، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تؤثر سلباً على النظام التعليمي.

#غزة| مجزرة جديدة ضد نازحين فلسطينيين يرتكبها الجيش الإسرائيلي في إحدى مدارس الإيواء وسط مدينة غزة، مخلفًا ما لا يقل عن 100 قتيل.

لا شيء يبرر استهداف المدارس وقتل المدنيين! pic.twitter.com/rV4tqJOlxL — المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) August 10, 2024
وقبل الحرب، واجهت مدارس قطاع غزة تحديات كبيرة في استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة، خاصة في المناطق الشرقية، ما أدى إلى اعتماد نظام الفترتين الصباحية والمسائية في بعض المدارس لتلبية هذا الطلب.

ووفقا لوكالة "الأونروا"٬ فإن أكثر من 600 ألف طفل في قطاع غزة يعانون من صدمات نفسية حادة ويحرمون من التعليم، حيث تحولت مدارسهم إلى مراكز إيواء مزدحمة بالنازحين وغير صالحة للتدريس.

وفي تصريحه عبر منصة "إكس"، قال فيليب لازاريني، مفوض الأونروا في 2 أيلول/ سبتمبر الماضي: "إن أكثر من 70% من مدارسنا في غزة تعرضت للتدمير أو الضرر، والغالبية منها أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات الآلاف من الأسر النازحة، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام التعليمي".

كما أنه تم استخدام 70 مبنًى مدرسيا حكوميا و145 مبنًى مدرسيا تابعا لوكالة الغوث كأماكن إيواء للنازحين في قطاع غزة، ما يعكس التأثير الكبير للأزمة على النظام التعليمي. وهذا التحول أدى إلى تعطيل العملية التعليمية في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها النازحون.

ووفقاً لتوثيقات "المكتب الإعلامي الحكومي" و"الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني"، استهدفت قوات الاحتلال 172 مركز إيواء منذ بداية الحرب، بما في ذلك 152 مدرسة تابعة للأونروا ومدارس حكومية وخاصة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 1040 نازحاً كانوا داخل هذه المراكز.

تشير التقديرات المحلية والدولية إلى أن الحرب أدت إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني، ما يمثل 90% من سكان قطاع غزة الذين يبلغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة. وقد لجأ مئات الآلاف من النازحين إلى المدارس، التي تحولت إلى مراكز إيواء مكتظة، تفتقر إلى الخدمات الأساسية وتنتشر فيها الأمراض.

ومع استمرار القصف الذي تسبب في تدمير عدد كبير من المدارس، تبرز تساؤلات هامة حول قدرة المدارس على استيعاب الطلاب بعد انتهاء الحرب، وكيف سيتمكن النظام التعليمي من التعافي بعد هذا الدمار، وما هي الخطط لتعويض الفاقد التعليمي للطلاب والمعلمين.. هذه التساؤلات توضح الحاجة الملحة لاستراتيجيات فعالة لدعم التعليم في غزة وسط هذه التحديات الصعبة.

أين إعلان المدارس الآمنة؟
يذكر أنه في عام 2015، صادقت فلسطين على إعلان المدارس الآمنة في العاصمة النرويجية أوسلو، بالتعاون مع 110 دول أخرى. يمثل هذا الإعلان التزامًا سياسيًا يهدف إلى توفير حماية أفضل للطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات أثناء النزاعات المسلحة. كما يسعى إلى دعم استمرارية التعليم خلال الحروب، ووضع إجراءات ملموسة لمنع الاستخدام العسكري للمؤسسات التعليمية.

وتتعهد الدول الموقعة على هذا الإعلان باتخاذ خطوات فعّالة، تشمل تقديم المساعدة لضحايا الهجمات، والتحقيق في مزاعم انتهاكات القوانين الوطنية والدولية وملاحقة مرتكبيها عند الاقتضاء. وتلتزم هذه الدول ببذل جهود لضمان التعليم بأمان خلال النزاعات المسلحة وتعزيز تلك الجهود.

الجامعات.. أول ما تم استهدافه
كما حُرم طلبة الجامعات في غزة من حقهم في التعليم على مدار السنة الماضية، ما أثر بشكل كبير على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.

تخرج منها ثُلة من العلماء والأطباء والمهندسين .. الاحتلال يحول الجامعة الإسلامية في غزة إلى كومة من الركام pic.twitter.com/fFKWuoj0Vz — Tufan_Alaqsa طوفان الأقصى (@Tufan_ALaqssa) October 4, 2024 رداً على موقف الأزهر من مجازر الاحتلال الإسرائيلي ضد أهالي غزة، قوات الاحتلال تدمر جامعة الأزهر في القطاع.
جامعات، معاهد، مدارس، مؤسسات تربوية، كلها تحت القصف.
الجميع مستهدف، مع قرابة عشرة آلاف قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية.
وما يزال الغرب يمتنع عن الدعوة لوقف إطلاق النار pic.twitter.com/WboBBusOlK — د. محمد جميح (@MJumeh) November 4, 2023
يذكر أن فلسطين تضم 51 جامعة وكلية مجتمع، بإجمالي عدد طلبة بلغ حوالي 226 ألف في عام 2023. من بينها، تقع 18 جامعة وكلية في قطاع غزة، تخدم نحو 87 ألف طالب.

ولعبت هذه المؤسسات دورًا محوريًا في تعزيز الثقافة والقيم الوطنية الفلسطينية، وأسهمت بفعالية في رفع مستوى الوعي الوطني. يُعد التعليم العالي في فلسطين ركيزة أساسية للبقاء والنضال من أجل الحرية.

الجامعة الإسلامية.. عقل غزة
في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، استهدفت الطائرات الحربية الجامعة الإسلامية بعدة غارات، ما أسفر عن تدمير عدد كبير من مبانيها. وفي غضون شهر، قامت القوات البرية الإسرائيلية، مدعومة بالدبابات والجرافات، باجتياح المناطق الغربية من مدينة غزة، ما ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية وأصاب العديد من المنشآت التعليمية في المنطقة، بما في ذلك وزارة التربية والتعليم وأربع جامعات أخرى.

تغطية صحفية: "سلاح الجو التابع لجيش الاحـ ـتلال يستهدف مبنى في الجامعة الإسلامية في غزة" pic.twitter.com/9KE7cXJvbY — القسطل الإخباري (@AlQastalps) January 18, 2024
وتعرضت بعض المباني الجامعية للحرق، في حين دُمّرت أخرى بالكامل، ما أدى إلى تعميق الأزمة التعليمية في القطاع.

وتتمتع الجامعة الإسلامية في غزة بسمعة أكاديمية مرموقة على المستويين المحلي والدولي، حيث أسست على مدار أكثر من أربعة عقود علاقات أكاديمية مع العديد من الجامعات والمنظمات العالمية بهدف التعاون في الأبحاث المشتركة، تنظيم المؤتمرات، وتبادل الأساتذة والطلاب.

وقد تخرج من الجامعة آلاف الطلاب الذين يشغلون الآن مناصب هامة في مؤسسات محلية ودولية متنوعة.

وتضم الجامعة الإسلامية إحدى عشرة كلية، وبلغ عدد طلابها قبل الإبادة الجماعية حوالي 17 ألف طالب، منهم 63% طالبات. ووفرت الجامعة بيئة تعليمية متقدمة تشمل تقنيات حديثة مثل مختبرات الحاسوب، التعليم الإلكتروني عبر برنامج "مودل"، ومؤتمرات الفيديو، بالإضافة إلى مرافق متطورة مثل: المكتبات، الحدائق، الصالات الرياضية، والملاعب.

وقدمت الجامعة دعماً شاملاً للطلاب من ذوي الإعاقة الجسدية والبصرية والسمعية عبر منح دراسية ومساعدات خاصة من مكتب مختص بتلبية احتياجاتهم.

لن نفقد الأمل.. إلى الخيمة من جديد
وفي ظل هذه الأجواء برزت مبادرات أهلية تطوعية لتعويض الأطفال عن خسائرهم التعليمية. من أبرز هذه المبادرات إنشاء مدرسة داخل مخيم نازحين في خانيونس جنوب القطاع، حيث تضم مئات الأطفال.

وفي غزة هنالك إدراك لطول أمد الحرب ومن أجل انقاذ الأجيال القادمة هنالك إصرار على تعليمهم رغم انعدام الإمكانيات.

مدرسة التحدي في مواصي خانيونس تجربة تستحق الدعم والمساندة.

مثل هذه التجارب هي جزء لا يتجزأ من المعركة،... pic.twitter.com/L8cf1aHlXc — yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) September 30, 2024
تحولت خيمة كبيرة داخل مركز إيواء في منطقة "المواصي" في غرب خانيونس إلى مدرسة تطوعية، تهدف إلى تعليم الأطفال المنهج الفلسطيني وتخفيف الضغط النفسي الناجم عن الحرب من خلال الأنشطة الترفيهية. ومع تزايد الدمار والنزوح، أصبحت مدارس غزة مراكز إيواء، ما أدى إلى تعقيد الوضع التعليمي بشكل أكبر.

مقالات مشابهة

  • إحصائيات صادمة.. ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • مضيفة جوية تكشف السر خلف ضياع الأمتعة في المطارات
  • نقابة الصحفيين الفلسطينيين تُدين التشويه الذي يستهدف وفا
  • نقابة الصحفيين: ترشيح «غرف الطوارئ » لنوبل اعتراف بالجهود الإنسانية
  • تجربة فنية مميزة في رحاب كلية الشارقة للفنون
  • حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • الحليمي: المغاربة إستحسنوا إستمارة الإحصاء التي قلصت من طول مدة الأسئلة
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة