خطيب الجامع الأزهر: حسن الخلق جوازُ عبورٍ إلى بركات الدنيا والآخرة
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "أهمية الأخلاق في بناء الأمم".
خطيب الجامع الأزهر: حسن الخلق جوازُ عبورٍ إلى بركات الدنيا والآخرةفي بداية الخطبة قال الدكتور ربيع الغفير، إن للأخلاق أهمية كبرى في الإسلام، فالخلق من الدين كالروح من الجسد، والإسلام بلا خلق جسدٌ بلا روح، فالخلق هو كلُّ شيء، فقوام الأمم والحضارات بالأخلاق وضياعها بفقدانها لأخلاقها، فلو نظرنا إلى الدين الإسلامي لوجدناه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عقيدة ونجدها متمثلة في توحيد الله سبحانه و تعالى، وشريعة: وتتمثل في العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأخلاق: ونجدها في الأقوال والسلوك الفاضلة في التعامل مع الآخرين.
وأوضح الغفير أن كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يمثل ثلث الإسلام، فالعقيدة تمثل ثلث الإسلام، لذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لاشتمالها على الجانب العقدي، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا ، فَقَالَ ﷺ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ"، كذلك العبادات تعدل ثلث الإسلام، والأخلاق- التي يظن البعض أن لا علاقة لها بالدين – تعدل ثلث الإسلام، حيث أخبرنا ﷺ أن الهدف من بعثته غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع فقال: "إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمَّمَ صالحَ الأخلاقِ".
وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن لِحُسْنِ الْخُلُقِ فَضَائِلُ عَدِيدَةٌ، وَثَمَرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لَا الْحَصْرِ: أَوَّلًا: أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ»، فَهَنِيئًا، ثُمَّ هَنِيئًا، لَكَ يَا صَاحِبَ الْخُلُقِ الرَّفِيعِ هَذَا الْأَجْرُ الْعَظِيمُ، ومِنْ ثَمَرَاتِ حُسْنِ الْخُلُقِ: أَنَّهُ يُثَقِّلُ مِيزَانَ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء»، وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ هُمَا أَخَفُّ عَلَى الظَّهْرِ، وَأَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ غَيْرِهِمَا؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، وَطُولِ الصَّمْتِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا عَمِلَ الْخَلَائِقُ بِمِثْلِهِمَا».
وتابع خطيب الجامع الأزهر أن مِنْ ثَمَرَاتِ حُسْنِ الْخُلُقِ حُصُولُ الْبَرَكَةِ فِي الدِّيَارِ وَالْأَعْمَارِ، فَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهَا: إِنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ»، ومنها أَنَّ صَاحِب الْخُلُقِ يَحْصُلُ عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ وَمَحَبَّةِ الرَّحْمَنِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ- قَالَ: قَالَ ﷺ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا». وَفِي الْحَدِيثِ: «أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا».
وفي ختام الخطبة بين الدكتور ربيع الغفير، أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ يَسْتَحِقُّ بِهَذَا الْعَمَلِ الْجَنَّةَ، يقول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ: مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ، قَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ» كما أَنَّ حسن الخلق مِنْ أَسْبَابِ الْقُرْبِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: قَالَ ﷺ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا». وَقَالَ ﷺ: «إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، الْمُوَطَّؤُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ»، مشيرا إلي أَنَّ خَيْرِيَّةَ الرَّجُلِ لَا تُقَاسُ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ فَحَسْبُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي شِيَمِهِ وَأَخْلَاقِهِ، وَتَعَامُلِهِ مَعَ الْخَلْقِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا»، لذلك كان صلى الله عليه وسلم يُوصِي أَصْحَابَهُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، قَالَ يَوْمًا لِمُعَاذٍ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر الجامع الازهر خطبة الجمعة اليوم الإسلام خطیب الجامع الأزهر ال ق ی ام ة ال م ؤ م ن ال خ ل ق
إقرأ أيضاً:
انطلاق احتفالية الأزهر بالغربية بذكرى مرور 1085 عامًا على تأسيس الجامع الأزهر
انطلقت صباح اليوم، الاحتفالية الكبرى التي نظمها الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر، بمناسبة مرور 1085 عامًا على تأسيس الجامع الأزهر، بالتعاون مع قطاع المعاهد الأزهرية ومجمع البحوث الإسلامية، وبمشاركة منطقة الغربية الأزهرية ومنطقة وعظ الغربية، وذلك في المركز الثقافي بطنطا، وسط حضور رسمي وديني وثقافي رفيع المستوى.
شهد الاحتفال اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، والدكتور محمود عيسى نائب المحافظ، والمستشار العسكري للمحافظة، إضافة إلى عدد من القيادات الدينية والتنفيذية وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وممثلي بيت العائلة المصرية والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر ووعاظ الغربية. أشرف على الفعاليات فضيلة الشيخ عبد اللطيف طلحة، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة الغربية الأزهرية، وفضيلة الشيخ محمد نبيل أبو الخير، مدير عام وعظ الغربية ورئيس لجنة الفتوى.
فعاليات الاحتفال
بدأ الحفل بالسلام الجمهوري وتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم كلمة مسجلة لفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، تلاها عرض فيلم وثائقي عن دور الأزهر الشريف عبر العصور.
وفي كلمته، أكد الشيخ عبد اللطيف طلحة على دور المناهج الأزهرية في بناء الإنسان وترسيخ القيم الوطنية، مشيرًا إلى جهود الأزهر في مواجهة الأفكار المتطرفة وتعزيز التكامل بين المؤسسات الدينية والثقافية.
وتحدث الأستاذ الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، عن دور الأزهر في نشر مبادئ الأخوة الإنسانية، مشيرًا إلى أن رسالة الأزهر تتسم بالعالمية، حيث يسعى لتعزيز قيم التسامح والحوار والتفاهم بين الشعوب.
من جانبه، تناول الشيخ محمد نبيل أبو الخير جهود لجان الفتوى والمصالحات ووحدة لمّ الشمل في حل النزاعات الأسرية وتقليل معدلات الطلاق، مؤكدًا أن الأزهر يبذل جهودًا كبيرة في الحفاظ على استقرار المجتمع من خلال مبادراته الإصلاحية.
كما ألقت الواعظة فاطمة حمزة كلمة حول دور المرأة في تحقيق الاستقرار الأسري، مشددة على أهمية دورها في بناء مجتمعات متماسكة عبر دعم الأسرة وتعزيز القيم الأخلاقية.
يُذكر أن المجلس الأعلى للأزهر قرر في مايو 2018 اعتبار يوم السابع من رمضان من كل عام مناسبة رسمية للاحتفال بذكرى تأسيس الجامع الأزهر، الذي أُنشئ عام 361هـ ليظل منارة علمية وثقافية شامخة على مدار العصور.