متى يقال لبيك اللهم لبيك في الحج ومتى يقطع الملبي تلبيته؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
متى يقال لبيك اللهم لبيك في الحج؟، سؤال يكثر البحث عنه مع دخول الأشهر الحرم وأشهر الحج، فيتساءل البعض: متى تستحب التلبية في الحج؟ وما الأماكن التي تُقَال فيها؟، وفي السطور التالية نوضح ما ذكرته دار الإفتاء المصرية بهذا الشأن.
متى يقال لبيك اللهم لبيك في الحج؟التلبية هي قول المحرم: "لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"؛ لما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ تلبيةَ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شريكَ لك لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والمُلْك، لا شريكَ لك» متفقٌ عليه.
وينبغي اقتران التَّلبية بالإحرام، على خلافٍ بين الفقهاء في كونها شرطًا للإحرام كما هو مذهب الحنفية، أو سُنَّةً له كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، أو أنَّها واجبةٌ ويستحب اقترانها واتصالها بالإحرام ويَلْزَم بتركها دمٌ كما هو تحقيق مذهب المالكية. يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (2/ 14، ط. الأميرية)، و"الشرح الكبير" للدردير بـ"حاشية الدسوقي" (2/ 39، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (7/ 246، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" لشمس الدِّين ابن قدامة (3/ 260، ط. دار الكتاب العربي).
فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن عمر رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يقول: «لبَّيك اللَّهُمَّ لبَّيْك، لبَّيْك لا شريكَ لك لبَّيْك، إنَّ الحمْدَ والنِّعمَةَ لك والمُلْك، لا شريكَ لك»، لا يزيدُ على هؤلاءِ الكَلِماتِ. وإنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِي الله عنهما كان يقول: كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم يركَعُ بذي الحُلَيفة ركعتينِ، ثم إذا استوت به النَّاقَةُ قائمةً عند مسجِدِ ذي الحُلَيفة، أهلَّ بهؤلاءِ الكَلِماتِ.
وروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" أيضًا عن أنسٍ رضي الله عنه، أنَّه قال: صلَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم بالمدينةِ أربعًا، وبذي الـحُلَيفةِ رَكعتينِ، ثمَّ بات حتى أصبَحَ بذي الحُـلَيفة، فلمَّا رَكِبَ راحِلَتَه واستَوَتْ به أهلَّ. متفقٌ عليه.
ويُسن للمُحرم الإكثار مِن التلبية متى صَعد مكانًا مُرتفعًا أو هبط وَادِيًا، وكذلك في أدبَار الصَّلَوَات، وإِقبَالِ اللَّيل والنَّهار وعند اجتماع الرِّفاق. يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (2/ 491، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للشيخ الدردير (2/ 39)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (2/ 238، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" لابن قدامة (3/ 273، ط. مكتبة القاهرة).
ما الحكمة من تعاقب أشهر الحج بعد رمضان؟.. خطيب المسجد النبوي يجيب منها وقوف عرفة| 4 تحذيرات من الأوقاف لعدم فساد الحج.. تفاصيل مذاهب الفقهاء في وقت انتهاء التلبية في الحجمع القول باقترانِ التَّلبيةِ بأولِ الإحرامِ إلَّا أنَّ الفقهاء اختلفوا في وقت انتهاء التلبية في الحج، فيرى الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو قولٌ عند المالكية: أنَّ انتهاء وقتها برمي جمرة العقبة يوم النَّحْر، أي: يوم العاشر من ذي الحجة، لا فَرْق في ذلك بين المفرد والقارن والـمُتَمتِّع.
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (2/ 30، ط. الأميرية): [(واقطع التلبية بأولها)، أي: مع أَوَّل حصاة ترميها] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (1/ 375، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [ويقطع الحاج التلبية بأولِ حصاةٍ يرميها من جمرة العقبة، وعلى هذا أكثر أهل العلم بالمدينة وغيرها، وثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو جائز مباح عند مالك] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 154، ط. دار الفكر): [ويقطع التلبية مع أول حصاة] اهـ.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (5/ 395، ط. مؤسسة الرسالة): [ويقطع الحاج التلبية عند رمي أول حصاة من جمرة العقبة] اهـ.
ويرى المالكية في المشهور: أنَّ قطع التلبية في الحج يكون بعد الزوال يوم عرفة، على خلافٍ بينهم في قَطْع التلبية قبل عرفة في أثناء الطواف والسعي، هل تكون بدخول مكة أَمْ بالشروع في الطواف؟
أَمَّا من أحرمَ بالحجِ مِن عرفة فإنَّه لا يزال يُلَبِّي حتى يرمي جمرة العقبة، ومَن أحرم بعد الزوال، فالمشهور أنَّه يأتي بالتلبية، ثُمَّ يقطعها، وقيل: يُلَبِّي إلى رمي جمرة العقبة.
قال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 107، ط. دار الفكر): [ص: (برَوَاحِ مُصَلَّى عرفة) ش: يريد إلَّا أن يُحْرَم بها، فإنَّه يُلَبِّي حينئذٍ، ثم يَقْطَع على المشهور، كما صَرَّح به القرافي في "شرح الجلاب"، وقال ابن الجلاب: إنه يلبي إلى جمرة العقبة] اهـ.
وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 324، ط. دار الفكر) في حكايته الخلاف في قطع التلبية: [(ص): وهل لمكة أو للطواف؟ خلاف، (ش): يعني: أنَّ مَن أحرم بحج مفردًا أو قارنًا هل يستمر يلَبِّي حتى يدخل بيوت مكة فيقطع التلبية، فإذا طاف وسعى عاودها حتى تزول الشمس من يوم عرفة ويروح إلى مصلاها؟ هذا مذهب "الرسالة" وشَهَّره ابن بشير. أو لا يزال يلَبِّي حتى يبتدِئَ بالطواف، وهو مذهب "المدونة"، خلاف] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (1/ 371): [وإذا زالتِ الشمس قطع الُمحرِمون التلبيةَ إلا مَن أحرمَ بالحجِ بعرفةَ؛ فإنَّه لا يزال يُلَبِّي حتى يرمي جمرة العقبة... الاختيار عند مالك: قطعُ التلبيةِ للحاجِ عند زوال الشمس من يوم عرفة، وقال في "مُوَطَّئِهِ": على ذلك الأمر عندنا] اهـ.
وقد استدل جمهور الفقهاء على ما ذهبوا إليه بما ورد في "الصحيحين" عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم أردَفَ الفَضْلَ، فأخبَرَ الفَضْلُ أنَّه لم يَزَلْ يُلَبِّي حتَّى رمى الجَمْرَةَ. متفق عليه.
وبما أورده الإمام أحمد في "مسنده" بسنده عن عبد الله بن سَخْبَرَة رضي الله عنه، قال: غدوتُ مع عبد اللهِ بنِ مَسعودٍ رضي الله عنه مِن مِنًى إلى عرفاتٍ، فكان يلبِّي، قال: وكان عبد اللهِ رجلًا آدَمَ له ضَفرانِ، عليه مَسحةُ أهلِ الباديةِ، فاجتمع عليه غوغاءُ مِن غَوغاءِ النَّاسِ، قالوا: يا أعرابيُّ إنَّ هذا ليس يومَ تلبيةٍ، إنَّما هو يومُ تَكبيرٍ، قال: فعند ذلك التفَتَ إليَّ، فقال: أجهِلَ النَّاسُ أم نَسُوا؟! والذي بعث محمَّدًا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بالحقِّ، لقد خرجتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّمَ فما ترَكَ التَّلبيةَ حتى رمى جَمرةَ العقبةِ إلَّا أن يخلِطَها بتكبيرٍ أو تهليلٍ.
فالحديثان نَصَّان في انتهاء التلبية عند رمي جمرة العقبة، ولذلك يقول الطحاوي الحنفي في "شرح معاني الآثار" (2/ 224، ط. عالم الكتب): [قد جاءت عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسَلَّم آثارٌ متواترة بتلبِيَتِه بعد عرفةَ إلى أنْ رَمى جمرَةَ العَقَبَة] اهـ.
يضاف لذلك أنَّ التلبية إنما تكون للإحرام، فإذا رمى الجمرة الكبرى يوم النَّحر فقد شَرَع في التَّحلُّل الأصغر، فلا معنى حينها للتلبية، بخلاف الوقوف يوم عرفة، فزمان الإحرام قائمٌ به لم ينته. يُنظر: "المغني" لابن قدامة (3/ 361، ط. مكتبة القاهرةَ).
والأمر في ذلك على السَّعَة، فحيث لم يَرِد في المسألة إجماعٌ فإنَّ الإنكارَ على رأيٍ قيل فيها -تضييقٌ لا محل له، لا سيما وأنَّ مسائل العبادات الأصلُ فيها حَمْل أفعال المسلمين على الصِّحة وحصول الثواب ما أمكن ذلك، وعلى ذلك فمَن شاء لَبَّى حتى زوال يوم عرفة، ومَن شاء استمر بالتلبية حتى رمي جمرة العقبة يوم النحر؛ وذلك استنادًا إلى ما قَرَّره الفقهاء مِن أنَّه "لا يُنْكَر المختلف فيه".
وشددت أنه بناءً على ما سبق: فيُسن للمُحرم الإكثار من التلبية متى صَعد مكانًا مُرتفعًا أو هبط وَادِيًا أو لَقِي راكبًا، وعند اجتماع الرِّفاق، وكذلك في أدبَار الصَّلَوَات، وإِقبَالِ اللَّيل والنَّهار، ويبدأ التلبية من حين الإحرام، ومَن شاء قَطَع التلبية بعد الزوال في يوم عرفة كما هو المشهور عند المالكية، ومَن شاء قطعها بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر كما هو مذهب الجمهور، والأمر فيه سَعَة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحج دار الإفتاء الأشهر الحرم أشهر الحج رضی الله عنه قال الإمام دار الفکر اهـ وقال یوم عرفة لا شریک یوم الن کما هو ن أحرم قطع ال
إقرأ أيضاً:
هل بإمكان نتنياهو أن يقطع الأوكسيجين عن حزب الله كما يهدّد؟
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": في نقطة متاخمة للحدود، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً، ليعلن أنه انطلق في إنفاذ خطة جديدة - قديمة عنوانها العريض العمل لـ"قطع الأوكسيجين" عن "حزب الله".التعبير يحاكي التعبير الذي استخدمته إدارة بوش الابن يوم قررت الذهاب إلى حربها مع "الإرهاب" وهو تعبير فحواه أننا نريد "تجفيفمنابع الإرهاب أولاً".
وليس خافياً أن نتنياهو لمّح إلى ذلك مراراً منذ أن بدأ عمليته البرية قبل شهر ونيف، ومن ثم انطلق لترجمته عملانياً من خلال العمل على قطع تدريجي للمعابر بين لبنان وسوريا باعتبارها الشريان الأساس الذي يستخدمه الحزب لتعزيز ترسانته العسكرية والحيلولة دون نفاذها.
وبناءً على ذلك قطعت إغارات الطائرات الإسرائيلية حتى الآن ثلاثة من أصل خمسة معابر شرعية بين البلدين وهي معبر المصنع - جديدة يابوس ومعبر جوسية وأخيراً معبر جسر أكروم. ولم يبق عملياً إلا معبرا العريضة والعبودية اللذان يصلان الشمال بالداخل السوري.
ويبدو أن إسرائيل تركت هذين المعبرين وشأنهما ليقينها أن الحزب، لأسباب لوجستية، لا يستفيد منهما بقدر استفادته من المعبرين الأولين.
لذا ركزت إسرائيل على قصف معابر أخرى غير شرعية كمثل معبر حوش السيد علي الذي يصل الهرمل بمنطقة القصير السورية.
والمعلوم أن هذا المعبر أساسي للحزب منذ أن دخل الميدان السوري، فهومعبره إلى منطقة القصير أي المعقل والقاعدة الخلفية الاستراتيجية للحزب.
ووفق أوساط على صلة فإن الحزب على اقتناع ضمني بأن إسرائيل تجهد لقطع كل المعابر وهذا يعني أن الإسرائيلي قد بدأ فعلياً مرحلة "قطع الأوكسيجين" عن الحزب تمهيداً ليوم ينفد فيه ما في ترسانات الحزب ومخازنه من صواريخ وقذائف ومسيّرات. وبناءً على ذلك فإن الحزب بات يوقن بأن الإسرائيلي وسّع دائرة السبل الآيلة إلى بلوغه هدف "خنق الحزب" وإن اقتضى الأمر فرض حصار تدريجي على لبنان كله. ويتبدّى هذا من خلال منع السلطات اللبنانية المعنيّة من ردم الحفرة العميقة التي أحدثتها غارات الطائرات الإسرائيلية على معبري المصنع وجوسية.
واستكمالاً لهذا الواقع، الواضح أن القيادة الإسرائيلية قد بدأت تصرف جهداً في الآونة الأخيرة لملاحقة الشاحنات والسيارات والفانات التي تشتبه في أنها تنقل شحنات أسلحة وذخائر للحزب إبان عبورها طريق البقاع - بيروت.
ولأن عملية "خنق الحزب" تتخذ عند الإسرائيليين طرقاً مختلفة، أتت عملية خطف وحدة كوماندوس إسرائيلي للقبطان البحري عماد أمهز من البترون كجزء متمّم لتلك الجهود. وبصرف النظر عن المزاعم الإسرائيلية حول هوية المختطف وعلاقته بالحزب، فإن للفعل الإسرائيلي أهدافاً أوسع منها بعث رسالة للحزب تنبّهه فيها إلى أنها ولجت للتوّ عملية "قطع أذرعه" وملاحقته أينما اختبأ، فضلاً عن أن عملية البترون نفسها هي بمثابة برهان عملاني آخر تقدّمه إسرائيل لإثبات قدراتها المطلقة على التحرّك والضرب في أيّ بقعة لبنانية وأنها مقدّمة لعمليات أوسع وأكثر عمقاً وإيلاماً.