مصطفى بكري يرد على مروجي الشائعات: اتحاد القبائل العربية كيان وطني وليس له دور عسكري
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
هجمة شرسة وموجة متصاعدة الحدة من الأكاذيب والشائعات يروجها المتآمرون والطامعون في زعزعة استقرار المجتمع المصري، منذ الوهلة الأولى لإعلان تأسيس اتحاد القبائل العربية، أملًا في أن ينجحوا في فض الناس الذين اجتمعوا مؤيدين ومباركين خطوة تأسيس الاتحاد.
المتآمرون يدركون أن إعلان تأسيس اتحاد القبائل العربية، بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها مخططاتهم التي يريدون من خلالها زعزعة ثقة المصريين في مؤسسات الدولة، وبث روح الكراهية بين الشعب وقوات الجيش والشرطة، ومن ثَمَّ إحداث فوضى داخلية تنشغل بها القيادة السياسية ليجد أعداء الخارج فرصتهم في تصفية القضية الفلسطينية، وتقسيم ما تبقى من الدول العربية، وإشعال مزيد من الصراعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط.
هذه الشائعات تصدى لها الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، المتحدث الرسمي باسم اتحاد القبائل العربية، وأخذ في تفنيدها والرد عليها خلال مقابلة خاصة أجرتها معه قناة «الحدث» الفضائية.
مصطفى بكري، أكد، أن هناك تناقضًا في أحاديث من يشككون في دور اتحاد القبائل العربية، ففي الوقت الذي يعبرون فيه عن تقديرهم لدور القبائل العربية في مواجهة الإرهاب وحماية الأمن القومي، نجدهم يتساءلون: كيف لأبناء القبائل العربية القيام بمهمة حماية الأمن القومي وهناك القوات المسلحة؟
المتحدث الرسمي باسم اتحاد القبائل العربية، قال: إن اتحاد القبائل العربية ليس اتحادًا مسلحًا، وليس من ضمن مهامه القيام بدور بديل للقوات المسلحة، لكن هذا الاتحاد سند أساسي لمؤسسات الدولة المصرية، وهو بالأساس يلعب دورًا وطنيًا من خلال أبنائه المتواجدين على حدود مصر، خاصة أن كافة الحدود المصرية في الوقت الراهن ملتهبة، سواء في الغرب أو في الجنوب أو في الشمال الشرقي، وجميع هذه المناطق مكتظة بالقبائل العربية.
بكري، واصل دحض الشائعات التي يرددها البعض حول اتحاد القبائل العربية، موضحًا أن أبناء القبائل يعانون من مشاكل عدة، ودور اتحاد القبائل العربية هنا يتمثل في مد يد العون لشباب وأفراد القبائل ليكون لهم دور وطني، وليس دورًا سياسيًا أو عسكريًا.
وردًا على تساؤل: كيف سيتم تجسيد الدور الوطني لـ اتحاد القبائل العربية على أرض الواقع؟ أشار بكري، إلى أن اتحاد القبائل العربية إطار وطني يضم كافة الفئات الموجودة على الأرض المصرية، والاتحاد له مهام متعلقة بالعمل الوطني، ومهام ثانية متعلقة بمساندة الدولة المصرية، وثالثة تقوم على التصدي لحملات التشكيك والتحريض، وأخرى تقوم بحملات من شأنها رفع درجة الوعي لمواجهة حروب الجيل الرابع.
المتحدث الرسمي باسم اتحاد القبائل العربية، تابع: كوننا نُقدم على أن يكون القيام بكل هذه المهام وغيرها، في إطار منظم وله مهام محددة في مقدمتها مساندة الدولة والدفاع عن ثوابتها. وجميعنا يعرف أن اتحاد قبائل سيناء هو الذي تولى التعاون مع القوات المسلحة واستطاع أن يلعب دورًا مهمًا حتى تم القضاء على الإرهاب، فهل يُعقل أن يقول قائل إن اتحاد القبائل العربية سيقسم مصر؟ كيف يقسم الوطن والقبائل موجودة في كل جزء من الأرض المصرية؟ هل سنقسم قبيلة موجودة في جنوب أسوان مع امتداد لها في الشرقية كيف سيتم ذلك؟
بكري، أكد أن كل ما يردده المغرضين حول اتحاد القبائل العربية مجرد ادعاءات وأكاذيب تريد النيل من الاتحاد، قائلًا: «نحن تعودنا قبل ذلك من بعض هؤلاء التشكيك في كل شيء، وقد نشروا أخبارًا كاذبة قبل ذلك في انتخابات الرئاسة، ومزاعمهم والشائعات التي يروجونها أمورًا لا يمكن أن تعطي مصداقية ولا تحليلًا حقيقيًا للواقع الذي نعيشه».
المتحدث الرسمي باسم اتحاد القبائل العربية، أشار إلى مخطط تهجير أهالي غزة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن هذا المخطط يهدد الأمن القومي المصري، ولذلك فإن قبائل سيناء -صاحبة الدور الوطني العظيم- سيكون لها دورها حيال هذا المخطط، إضافة إلى أن هناك أيضًا حدودًا مصرية ملتهبة في الجنوب باتجاه السودان، وهناك حدود أخرى ملتهبة بالغرب وقبائل مطروح لعبت -ولا تزال تلعب- دورًا مهمًا في مساندة القوات المسلحة والتصدي للعناصر الإرهابية، ومواجهة كل من يحاولون التسلل عبر هذه الحدود.
وتسائل بكري: عندما يكون هناك اتحاد يساعد وينظم مساءلة مساندة القوات المسلحة وجميع مؤسسات الدولة، ما العيب في ذلك؟ متابعًا: «ثم إن اتحاد القبائل العربية كان موجودًا باسم آخر منذ 15 عامًا، ونحن لم نأتي بجديد ولكننا طورنا العمل، والأداء، وسننزل إلى كافة المحافظات بلجان محددة حتى نستطيع أن نوجد قواعد تنظيمية حقيقية يمكن التعامل معها بواسطة أبناء القبائل وبواسطة العناصر الوطنية، ولذلك فإن الحديث عن أن اتحاد القبائل العربية يشكل خطرًا فهذا محض افتراء».
تجربة اتحاد قبائل سيناءبكري، أكد أن إعلان تأسيس اتحاد القبائل العربية ليس خطرًا، لكن الخطر هو أن يسمح للمتأمرين بالتواجد، مشيرًا إلى أن اتحاد قبائل سيناء برئاسة الشيخ إبراهيم العرجاني، حقق نتائج مهمة جدًا على أرض الواقع خلال السنوات الاسبقة، وهي النتائج التي أشاد بها رجال القوات المسلحة والشرطة وجميع أبناء سيناء، ولذلك يرغب أبناء القبائل العربية في تكرار تجربة هذا النموذج الناجح في شتى ربوع مصر.
وحول مهام اتحاد القبائل العربية في المرحلة المقبلة، وكيفية التنسيق بينه وبين الجهات الحكومية في مصر، أوضح أن اتحاد القبائل العربية لديه مهام محددة، أولها أننا نتعاون مع الجميع، مع التأكيد على أننا لسنا إطارًا حزبيًا ولا نريد أن نكون، لكننا لدينا أهدافنا الوطنية، ونمد يد التعاون للجميع، وننسق مع الحكومة فيما يتعلق بقضايا الوعي، وفيما يتعلق بحل المشاكل المتعددة لأبناء القبائل.
واختتم النائب مصطفي بكري: «نحن أمام تجربة تنموية مهمة حدثت في سيناء، تجربة استطاعت بالفعل دحر الإرهاب. نريد أن ننقل هذه التجربة إلى مناطق أخرى في حلايب وشلاتين، وأسوان، والغرب مع ليبيا في مطروح وغيرها، وكل ذلك يستوجب تنسيقًا، ويضع مهام العمل الوطني في مواجهة كل التحديات موضع الاعتبار مع الجميع».
اقرأ أيضاًالشيخ كمال تقادم: تأسيس اتحاد القبائل العربية رسالة لـ العالم أن مصر عصية على أي طامع
نقابة الفلاحين تعلن دعمها لـ اتحاد القبائل العربية بعد تدشينه رسميا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: سيناء مصطفى بكري ابراهيم العرجاني اتحاد قبائل سيناء اتحاد القبائل العربية تأسیس اتحاد القبائل العربیة القوات المسلحة أبناء القبائل قبائل سیناء مصطفى بکری أن اتحاد
إقرأ أيضاً:
هل ضيّعت الدولة اللبنانية فرصة طرابلس عاصمة للثقافة العربية؟
بيروت- يحرص ناصر جرّوس على متابعة أعماله في النشر، جنبا إلى جنب مع تنظيم النشاطات والأمسيات الثقافية في مدينته طرابلس، شمالي لبنان. وتكاد مفكّرته تمتلئ بالمواعيد: أمسية شعرية مساء الاثنين، محاضرة لباحث معروف الأربعاء، وتوقيع كتاب مهم الجمعة.
وبين موعد وآخر، ينشغل الناشر اللبناني النشيط بالتحضير للمشاركة في معرضٍ للكتاب، هنا أو هناك، لبنانيا أو عربيا أو دوليا.
يدير الرجل السبعيني دار "جرّوس برس ناشرون" التي أسسها في عام 1980، متخذا من طرابلس مقرا لها، والتي نشرت حتى اليوم أكثر من 800 عنوان في شتى مجالات المعرفة.
وهو يُكرّس منذ نحو 10 سنوات جل وقته لتنمية مدينته ثقافيا. يقول لـ"الجزيرة نت": "طرابلس هي مرتع صِباي وعشقي الأول، أعطتني كل ما لديها لأصبح ما أنا عليه اليوم. وحان الوقت لأردّ لها بعض الجميل".
طرابلس حاضنة الثقافةومن باب الوفاء لمدينته، نشر جرّوس أخيرا كتاب "طرابلس حاضنة الثقافة لكل الأَزمان"، بحجم موسوعي من 416 صفحة، بعدما نشر قبل عامين كتابا آخر بعنوان "طرابلس في عيون أبنائها والجوار".
ويضم الكتاب الجديد نصوصا وصورا ووثائق عن معالِم الحياة الفكرية والثقافية والفنية للمدينة وما فيها من مؤسسات ثقافية ناشطة فاعلة مؤَثِّرة، وما تكتنزه من معالم دينية إِسلامية ومسيحية وخانات وحمّامات وأسواق قديمة وجُزُر.
إعلانويرسم الكتاب، الذي شارك فيه 50 مثقفا وباحثا وأديبا وصحفيا، رؤى مستقبلية لِما ستكونُه طرابلس أو يمكنُ أَن تكونَه، امتدادا لمسيرتها الحضارية الضاربة في التاريخ، ما جعلها صاحبة اللقب الأحبّ إلى قلوب أبنائها: "مدينة العلم والعلماء".
View this post on InstagramA post shared by Jamil Maikel Koussa (@jimkoussa)
يشعر جرّوس بحسرة كبيرة بسبب الإهمال المتعمّد من الدولة اللبنانية، على مدى عهود، تجاه طرابلس. يتنهّد عميقا، ثم يقول:
"مع الأسف، لم تعرف الدولة اللبنانية قيمة هذه المدينة المعطاء التي يتجاوز تأثيرها الثقافي حدودها الجغرافية، إذ كانت ولا تزال جوهرة ساحلية تعبق بالتاريخ في كل شارع وعند كل زاوية".
طرابلس والفرصة الضائعةوآخر أشكال خذلان الدولة لعاصمتها الثانية كان عدم التعاطي بجدّية مع حدث عربي – دولي تمثّل في اختيار المدينة من جانب "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (ألكسو) لتكون "عاصمة الثقافة العربية لعام 2024".
ووقع خيار المنظمة على طرابلس قبل أكثر من عقد لتحمل اللقب ذاته عام 2014، غير أن الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية التي شهدها لبنان -ولا يزال- دفعت إلى تأجيل الاحتفالية أكثر من مرة.
وهكذا، كان أمام الدولة اللبنانية أكثر من 10 سنوات أهدرتها بالكامل. وهي فترة زمنية كان من شأنها أن تنقل طرابلس من مستوى إلى آخر وأن تضعها على الخريطة السياحية والثقافية العربية والدولية إذا ما تم الإعداد للحدث والتحضير له في شكل جدّي واحترافي.
فطرابلس "تزخر بكنوز أثرية ومعالم سياحية تاريخية فريدة، ما يجعلها علامة فارقة ومضيئة في محيطها"، وفق تعبير الكاتبة والمترجمة الدكتورة زهيدة درويش جبّور، ابنة طرابلس، معتبرة أن الدولة اللبنانية ضيّعت على طرابلس وأهلها فرصة لنهضة ثقافية وفنية، إذ كان يمكن أن تعيد إلى المدينة شيئا من دورها الذي تستأهله كحاضرة عريقة على المتوسط".
تصف جبّور -في حديثها إلى "الجزيرة نت"- طرابلس بأنها "قليلة الحظ"، إذ ابتُليت بأبناء فاحشي الثراء، ويُعدّون أغنى الأغنياء في لبنان، لكنهم لم يعاملوا مدينتهم الأم بالبرّ بل بالعقوق، "فتركوها مهمَلة ومتروكة للفقر"، فضلا عن تقاعس كبير من الدولة تجاه عاصمتها الثانية، إنمائيا وخدماتيا.
إعلانوترى جبّور، التي شغلت سابقا منصب الأمين العام للجنة الوطنية اللبنانية لمنظمة "يونسكو"، أن فشل مشروع "طرابلس عاصمة الثقافة العربية لعام 2024″، يعود إلى سببين رئيسيين:
الأول، أنه لم يتم الإعداد له كما يجب في الوقت المناسب، على الرغم من الوقت الكافي الذي كان متاحا أمام القائمين عليه محليا… فخرج المشروع بلا خطة ولا برنامج ولا رؤية.
أما السبب الثاني، فهو الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية غير المستقرّة التي مرّ بها لبنان خلال المرحلة التي سبقت الاحتفالية وخلالها، على الرغم من وجود طاقات بشرية وكفاءات عالية من أبناء الفيحاء.
استثمار ثقافي بلا تمويلوتلقّب طرابلس بـ"الفيحاء"، تاريخيا، لأن شوارعها كانت تفوح منها الروائح الجميلة الصادرة من بساتين البرتقال والليمون المنتشرة في أرجائها.
ويُعد الدكتور سابا قيصر زريق أحد الكفاءات التي تحدثت عنها جبّور، إذ يترأس "مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية" التي أسسها في عام 2013، وفاءً لذكرى جدّه الشاعر الطرابلسي الشهير سابا زريق الذي توفي في عام 1974 عن 88 عاما.
وتحمل المؤسسة على عاتقها مهمة الاستثمار الثقافي في طرابلس، من تأهيل المكتبات العامة والجامعية والمدرسية أو تجهيزها، وتنظيم مباريات ثقافية، واستضافة محاضرات فكرية وفعاليات ثقافية، بالإضافة إلى طباعة ونشر كتب لأدباء وشعراء ومفكرين وكُتّاب من أبناء المدينة والجوار… مجانا.
يقول زريق، وهو أيضا صاحب مكتب استشارات قانونية معروف في بيروت، ضاحكا: "أُنفِق في طرابلس ما أجنيه من عملي الاستشاري في العاصمة". ويتحدّث إلى "الجزيرة نت" بشغف عن مدينته التي نشأ فيها وترعرع في شوارعها وأزقتها العتيقة، معتبرا أن "الانتماء إلى طرابلس ارتقاءٌ ثقافي".
لكن الهَمَّ الثقافي الذي يحمله زريق لم يصل إلى وزارة الثقافة في الحكومة اللبنانية السابقة، برئاسة نجيب ميقاتي، إذ تعاملت مع مناسبة بحجم "طرابلس عاصمة الثقافة العربية" بخفّة مغلّفة باستعراض فلكلوري.
إعلانفقد أعلن وزير الثقافة محمد وسام مرتضى في احتفال افتتاح الحدث -الذي تأخر نحو 5 أشهر عن موعده- أن الوزارة ستعمل على إحياء المناسبة التي تستمر عاما كاملا بـ"صفر تمويل".
وجاء كلام مرتضى وسط حضور وزراء ونواب وسفراء وشخصيات، تقدّمهم ميقاتي، ابن طرابلس، الرجل الأغنى لبنانيا والثامن إقليميا بثروة تبلغ نحو 6 مليارات دولار يتقاسمها مناصفة مع شقيقه طه، وفق تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية لأثرياء العالم.
ومع ذلك، يرى زريق أن وزير الثقافة عمل كل ما يستطيع فعله لطرابلس التي أحبّها، إلى درجة أنه نقل مكتبه من بيروت إليها لمتابعة ملف الفعالية عن كثب ضمن الإمكانات المادية المتاحة.
"الجميع يعلم أن موازنة وزارة الثقافة في لبنان تكاد تكون صفرا، وبالتالي لم يكن التقصير من الوزير بقدر ما كان تقصيرا تنظيميا من الهيئات واللجان التي أوكلت إليها مهمة التحضير والإعداد للفعالية"
وكان وزير الثقافة خصّص، قبل أشهر من بدء الاحتفالية، 3 أيام أسبوعيا للحضور في طرابلس بهدف متابعته شخصيا التحضيرات المواكِبة للحدث مع فريق الوزارة.
وقوبلت تلك الخطوة بترحيب طرابلسيّ عام، إذ "نجح الوزير في إحداث جو إيجابي ودينامية ثقافية في المدينة، على رغم من أن الخطوة تمت في أسوأ ظروف سياسية واقتصادية وأمنية عصفت بالبلد"، وفق تعبير رئيس لجنة الثقافة في بلدية طرابلس الدكتور باسم بخّاش.
لكنه يستطرد قائلاً إنه لا يكفي أن يكون وزير الثقافة مؤمنا بالطاقات البشرية والثقافية الموجودة في طرابلس وداعما لها حتى ينجح المشروع، إذ لا بد من توافر المال اللازم لإنجاح أي فعالية في المدينة، فكيف إذا كان الحدث بحجم "عاصمة الثقافة العربية".
ويرى بخاش، في حديثه إلى "الجزيرة نت"، أن نجاح الفعالية كان يتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والهيئات الاقتصادية في المدينة مجتمعة، لافتا إلى أن البلدية -المفلسة أساسا- لم تكن لديها سلطة على ملف العاصمة الثقافية، مشيرا إلى أن أثرياء طرابلس الكبار خذلوا المدينة في هذه المناسبة النادرة.
إعلان"سوء تنظيم وصفر تمويل"، بهذه الكلمات يلخّص رئيس "الرابطة الثقافية"، المؤسسة الأعرق في طرابلس، رامز الفري أسباب فشل فعالية "عاصمة الثقافة العربية"، على الرغم من أن "الوزير مرتضى بذل كل ما بوسعه لإنجاح الحدث ووضْع المدينة على الخريطة الثقافية العربية".
واستضافت "الرابطة الثقافية"، التي تأسست في عام 1943، نحو 120 نشاطا ثقافيا من أصل 170 شهدتها المدينة العام الماضي. واختير الفري عضوا في اللجنة المركزية لإدارة فعالية "طرابلس عاصمة الثقافة العربية"، لكنه يقول لـ"الجزيرة نت" إن غالبية اللجان التي شكّلتها وزارة الثقافة بهدف الإعداد للحدث وجدولة برنامجه لم تجتمع. فجاء الحدث فقيرا هزيلا، على عكس كل الأمنيات.
وتحتفظ طرابلس بسجل تاريخي عريق وبخزان هائل يضم أكثر من 180 معلما تاريخيا، وتُعد المدينة الأولى بثروتها التُراثية على الساحل الشرقي للمتوسط، والثانية بآثارها المملوكية بعد القاهرة.
ووفق مؤرخ المدينة العلّامة عمر تدمري، فإن طرابلس علّمت أوروبا التحلية والنظافة، إذ صدَّر مرفأ المدينة الصابون إلى العالم، وكذلك السكّر الحلو المذاق من القصب الذي كان ينمو عند مجرى نهر أبو علي، فضلاً عن كونها عاصمة صناعة الحلويات في لبنان.
وكان وزير الثقافة السابق محمد وسام مرتضى أعلن، في أكثر من مناسبة، أنه مذهولٌ من حجم القدرات البشرية والطبيعية لـ"الفيحاء" وما تختزنه من ثروات ومعالم لا نظير لها. و"كل هذا يمكن أن يجعل من طرابلس إسطنبول ثانية، وهدفا لتكون المركز الأول للسياحة الثقافية في لبنان".
وأكد أن في طرابلس "ما لا يمكن أن يراه السائح في أي مكان آخر. وهي بذلك لا تنقذ نفسها، وتؤمن مداخيلها، بل يمكنها أن تدرّ الأرباح على لبنان كله"، وفق تعبير الوزير نفسه، معتبرا أن طرابلس تستحق أن تكون "عاصمة دائمة للثقافة في لبنان".
إعلانلكن الكلام الرسمي شيء… والفعل شيء آخر.