خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
مكة المكرمة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي المسلمين بتقوى الله عزوجل حق تقاته لنيل رضوانه والبعد عن سخطه سبحانه وتعالى.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : قد بَيَّنَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الغَايَةَ العظمى والهَدَفَ الأسمى الذي من أجله خُلِقْنا، فقال جل شأنه: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ وعبادة الله تعالى تتضمن كمالَ المحبةِ والإجلالِ له تعالى مع كمالِ الذُّلِّ والخُضوع، فمتى أحبَّ العبدُ ربَّه ولم يخضع له فليس بعابد، ومتى خضع له بلا محبة فليس بعابد كذلك، فلا بد من أن يكون العبد محبًا خاضعًا لله حتى يصدُقَ عليه وصفُ العابد ويجب على المؤمن أن ينقاد انقيادًا تامًا لأمر الله تعالى ليُحقق العبوديةَ الكاملةَ قال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا﴾ عن زيد بن أسلم قال: وكان ابن عمر يحدّث أن النبي ﷺ رآه وعليه إزار يتقعقعُ فقال من هذا؟ فقلت: أنا عبدُالله، فقال: إن كنت عبدالله فارفع إزارك قال: فرفعته.
الحديث، فقد حث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عبدَاللهِ بنَ عمرَ بمُقْتَضى العُبوديةِ المَشْمولةِ في اسْمِهِ أنْ يَمْتَثِلَ لأوامِرِ ونَواهي اللهِ عزَّ وجلَّ، ومنها: جعْلُ الإزارِ فوقَ الكَعْبَين، فامتثل وأجاب رضي الله عنه وأرضاه كما يجب أن تكون حياةُ المؤمن كلُّها لله تعالى كما قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فالعبادةِ تشمل شؤونَ الإنسان كلَّها وتستوعبُ حياتَه جميعاً ولا تكونُ إلا بالتزام شرعِ الله أمراً ونهياً وتحليلاً وتحريماً، فعبدُ الله مَن يُرضيه ما يُرضي الله، ويُسخطه ما يُسخط الله، ويحب ما أحب الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، ويوالي من والى الله ورسوله ويُعادي من عادى الله ورسوله.
وبين فضيلته ان العبادة لاتسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته. وأما قوله تعالى: ﴿واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ فالمراد به الموت بإجماع المفسرين، وهو المعنى الذي في قوله تعالى: ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ وهذا أشرفُ الخلق وأكملُهم عبوديةً، ظل يعبد ربه حتى وافته المنية، وخرج على الصحابة في مرض موته وهم يصلون فصلى بهم صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى إن العبودية لله عِزٌّ وشرف يستحقه كلُّ من أتى بها على وجه التمام والكمال، وليس شيء أشرف ولا أتمّ للمؤمن من الوصف بالعبودية فقد وصف الله بها نبيه ﷺ فِي أَشْرَفِ أَحْوَالِهِ، وَهِيَ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ، فَقَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾، والأصفياء الأخيار من عباد الله لا يَأْنَفُونَ ولا يترفعون أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا له تعالى، بل عبوديتهم لربهم أقْصى مَراتِبِ الشَّرَفِ ﴿لَّن یَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِیحُ أَن یَكُونَ عَبۡدࣰا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ وَمَن یَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِ وَیَسۡتَكۡبِرۡ فَسَیَحۡشُرُهُمۡ إِلَیۡهِ جَمِیعࣰا﴾
وَقَدْ ذَمَّ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ عِبَادَتِهِ فَقَال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ وكلُّ من استكبر عَنْ عِبَادَةِ اللهِ فلَا بُدَّ أَنْ يَخْضَعَ وَيَذِلَّ لِغَيْرِهِ. وَهَذَا أَمْرٌ مُلَاحَظٌ، كَيْفَ ذَلَّ عِبَادٌ لِعِبَادٍ مثلِهم وَأَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْعِبَادِ، وَكَانَتِ النَّتِيجَةُ أن وقعوا في الرق والعبودية لهم.
وأضاف الدكتور الغزاوي شتان بين حياة الإنسان عابدًا لله وعابدًا لغيره: ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، فمن الناس من يعبد هواه، كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ فهذا العبد الذي يأتمر بأمر هواه فما رآه حسنًا فعله وما رآه قبيحًا تركه، فهو مطيع لهوى نفسِه يتبع ما تَدعُو إليه، فكأنه يعبده كما يعبدُ الرجلُ إلهَه. ومن الناس من تعلق قلبه بالدنيا ومتاعِها الفاني، فالدنيا أعظم في قلبه من الدين، أصبحت الدنيا أكبرَ همه، ومبلغَ علمه، فإن أُعْطِيَ منها رَضِيَ، وإن لم يُعْطَ منها سخط، يُوالي ويُعادي من أجلها قال صلى الله عليه وسلم: (تعِس عبدُ الدينارِ، تعِس عبدُ الدرهمِ، تعس عبدُ الخميصةِ، تعس عبدُ الخميلةِ، تعِس وانتكَس وإذا شيكَ فلا انتقشَ)، وهذه أمثلة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا كل من تعلق قلبه بشيء غيرِ الله من أهواء نفسه، فهو عبدُ ما يهواه، رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام ان حقيقة العبودية تستلزم أن يشعر الإنسان بالعبودية والرق لله عز وجل، وهذا الشعور معناه التحرر من عبادة المخلوق، وإن من المُهِمَّات المُتَحَتِّمَات أن يلتزم المرء عبودية ربه من الذل والخضوع والإنابة، وامتثال أمر خالقه، واجتناب نهيه، ودوام الافتقار إليه، واللجأ إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وعِياذ العبد به، ولِياذه به، وأن لا يتعلق قلبه بغيره محبة وخوفًا ورجاءً، ولنعلم أن من غفل عن هذه المهمة في حياته فقد غفل عن كل شيء. وأن أعظم الناس ضلالًا وخسارًا مَن تعلّق قلبه بغير الله تعالى والعبودية الحقة هي عبودية القلب .
وأكد فضيلته في خطبته ان مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَنْ يُحْسِنَ الْعَبْدُ الظَّنَّ بِاللهِ وَيَثِقَ بِأَقْدَارِهِ، وَأَنْ يَأْمَلَ فِي رَحْمَتهِ وَأَلْطَافِهِ، وكلما قوي طمعُ العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضَرُورَتِه قَوِيت عبوديتُه له، وحُرِّيَّتُه مِمَّا سِواه و إن من الأحوال التي تتجلى فيها لدى العبد حقيقةُ عبوديته لربه ودلائلُ صدق إيمانه ما يبتليه الله به من المصائب والابتلاءات .
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد بن علي الحذيفي المسلمين بتقوى الله، واتباع أوامره، وتعظيم شعائره، مذكراً بوجوب تعظيم الأشهر الحرُم، التي هي من مواسم الطاعات، يتزود فيها العبد المؤمن من الطاعات والعبادات، فيها فريضة الحج، المناسبة الإيمانية العظيمة، كما جاءت الآيات والأحاديث بتعظيمها، وبيان مكانتها العلية في الدين، وفي قلب كل مؤمن.
وأوضح الشيخ الحذيفي، أن حكمةَ اللهِ البالغةَ وتشريعَه البديعَ اقتضى أن يُعقب شهرَ رمضان بأشهر الحج، لينتقلَ المسلم من موسمٍ إيمانيٍّ إلى مثله، ومن مرتعٍ رُوحانيٍّ إلى آخر، يتنقل بين أفياءٍ إيمانية، وظلالٍ ربانية، فتبقى جذوةُ الإيمان في قلبه مشتعلة، فلا يكون اتصالُه بربه وعلاقته بخالقه مرتبطةً بمناسبات الزمانِ والمكان، بل ببقاء جذوةِ الإيمان في قلبه على تغاير الأحوال، وتقلُّباتِ الزمان، مبيناً أن ذلك حكمةُ ربانيةُ في التشريع، وإحكامُ إلهي من الخالق البديع .
وأشار فضيلته إلى إن ذلك يَلفِتُنا إلى أن حياة المسلم كلَّها لله، كما قال جل شأنه: “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا قام إلى الصلاة قال: “وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك”.
وبيّن أن العبد المؤمن يحيا حياتَه كلَّها لله، فإذا أحبّ أحبّ لله، وإذا أبغض أبغض لله، وإذا أعطى أعطى لله، وإذا منع منع لله، فكانت له نيةٌ صالحةٌ في كل فعل أو ترك، فحينئذ يستكمل الإيمان، قال – صلى الله عليه وسلم – : “من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان”، موضحاً أن مراد العبد المؤمن من أعماله، تحقيقُ عبوديةِ خالقه، وامتثالُ أمره، وبلوغُ رضوانِه، وتحقيق مراده، إنها منزلةٌ من الإيمان علِيَّة، ودرجةٌ من العبودية سَنِيَّة، حين يكون اللهُ تعالى هو قرةَ عينِ العبد، وسُلوانَ قلبِه، ثم يكون هو مطمحَ نَظَره، ومنتهى آمالِه، ومقصودَ أعمالِه، وذلك حين تعظُم في القلب محبتُه وتستحكمُ عروتُها.
وأورد الشيخ الحذيفي قول الحق تبارك وتعالى عن أهل الإيمان : “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ . وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ” ، مبيناً أن الله سبحانه أحَقُّ من خفقت القلوبُ بمحبته، وأَوْلى من تحرّكت الجوارحُ في طاعته، وكفى بمحبة الله حادياً لنفس المؤمن إلى مرضاة محبوبه تعالى.
وبيّن الشيخ أحمد الحذيفي أن من الحِكَم التي تلوح للمتأمل من تشريع أشهر الحج، ما يُوقع ذلك في النفوس من تعظيم شعائرِه، وتهيُّبِ مناسكِه، فكما جعل الشارع سبحانه للمناسك حَرَماً مكانياً، جعل لها حَرَماً زمانياً، تعظيماً لشعيرة الحج في القلوب، وترسيخاً لحُرمتها في النفوس، ولذلك كانت بعضُ أشهرِ الحج من الأشهر الحُرُم، وذلك شهر ذي القعدة كلِّه، وشهر ذي الحجة كلِّه أو عشرٌ منه أو ثلاثةَ عشر، على اختلاف أهل العلم، فهي من أشهر الحج ومن الأشهر الحُرُمِ معاً، وما ذلك إلا لمزيد تعظيمِ هذه الشعيرةِ الجليلة، وزَرْعِ هيبتِها في القلوب، فلا تتجاسَرُ على إحداث ما يمسُّ حرمتَها أو ينالُ من قُدْسِيَّتِها.
وختم فضيلته الخطبة أننا في أيامٍ عظيمةٍ وموسمٍ جليلٍ من مواسم الطاعات، ينهل فيه المؤمن من مَعِينِ فُراتِه، وفي بلدٍ مباركٍ يتفيأ ظلالَه وينعم بخيراتِه، مذكراً بوجوب حمدِ الله وشكرِه، وتعظيمِ شعائرِه، واتباعِ أمرِه، وتعظيم هذه الأيام وحُرمتَها، ومعرفة هذه البلادِ وقُدْسِيَّتَها.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي خطبة الجمعة صلى الله علیه وسلم المسجد الحرام الله ورسوله لله تعالى له تعالى إلا أنت ق قلبه
إقرأ أيضاً:
امام وخطيب المسجد النبوي: عبادة غيرِ اللَّه مبنيَّة على الجهلِ
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم المسلمين بتقوى الله عز وجل.
وقال فضيلته: خَلَقَ اللَّهُ تعالى الخَلْقَ لعبادتِه وحده لا شريكَ له، وأمرهم بتوحيدِه، ونهاهم عن الإشراكِ به، وقَرَّرَ هذا الأمرَ وبرهنَ عليه، وضربَ له الأمثالَ لتقريبِ المعاني للأفهام، وعامَّةُ القرآنِ في تقريرِ هذا الأصلِ العظيمِ؛ الذي هو أصلُ الأصولِ، وأوَّلُ الدِّين وآخرُه، وباطنُه وظاهرُه.
وأضاف فضيلته: وقد بَيَّن سبحانَه في كتابِه كمالَ صفاتِه؛ لتُصْرَف العبادةُ له وحدَه؛ إذ العبادةُ لا يَستحِقُّها إلَّا مَنْ كان مُتَّصِفًا بصفاتِ الكمال، وأوَّلُ الرُّسلِ نوحٌ عليه السلام نَفَى هذه الثَّلاثةَ عن نفسِه فقال:؟ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ?، وأمر اللَّهُ نبيَّنا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم أن يَبْرَأ من دعوى هذه الثَّلاثةِ بقوله: “قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ “وأمَّا اللَّهُ فعِلْمُه سبحانَه مُحِيطٌ بكلِّ شيءٍ، ويَعلَمُ ما في الصُّدورِ، والمخلوقُ لا يَعلَمُ ما سيكون في الغدِ، ولا يَعلَمُ ما غاب عن بصرِه، ولا يَعلَمُ عدد شَعَرَاتِ رأسِه.
اقرأ أيضاًالمملكةبرئاسة المملكة.. انطلاق أعمال لجنة تطوير آلية عمل المؤتمر العام لمنظمة “الألكسو”
وبين الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم أن قدرة الله عزوجل عظيمة فخلقَ كلَّ شيءٍ وحده دونَ كُلِّ آلهةٍ ومَعبودٍ، والخَلْقُ مُتَّفِقون على ذلك، “وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ” ومن كمالِ قدرتِه: تدبيرُ الأمورِ، فبيدِه سبحانه وحده النفعَ والضرَّ، وهو الذي يَهدِي مَن يشاءُ من عبادِه ويُطعِمُهم ويَسقِيهم، ويَشفيهم ويُمِيتُهم ويُحيِيهم، وله المُلْكُ الكاملُ والتَّصرُّفُ المُطلَقُ في السَّمواتِ والأرضِ، بغيرِ شَريكٍ ولا نَديدٍ، يَفعَلُ فيها ما يشاءُ، ولتمامِ قدرتِه سَجَدَ له مَنْ في السَّمواتِ ومَنْ في الأرضِ طَوْعًا وكَرْهًا.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله الغنيُّ بذاتِه عمَّنْ سواه، العرشُ فما دونَه مُفتَقِرٌ إليه، ومُلْكُه لا يزيدُ بطاعةِ الطائعين، ولا يَنقُصُ بمعصيةِ العاصين،وبيدِه سبحانه أرزاقَ العبادِ، وكما بَيَّنَ سبحانه كمالَ صفاتِه بَيَّنَ أنَّ الآلهةَ من دونِه لا تَستَحِقُّ العبادةَ؛ إذ ليس فيها من أوصافِ الرُّبوبيَّةِ شيءٌ؛ فهي لا تَخلُقُ ولا تُغَيِّرُ شيئًا ممَّا أرادَه اللَّه، قال إبراهيم للنُّمرود الذي ادَّعى الرُّبوبيَّةَ:؟فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ?.
وأشار فضيلته إلى أن الآلهةُ من دونِ اللَّه لا تملكُ تفريجَ كروبِ النَّاسِ وقضاءَ حوائجِهم، واللجوءُ إليها كمَنْ يلجأُ إلى أضعفِ بيتٍ وهو بيتِ العنكبوتِ، ومَنْ جعلَ الأمواتَ أو الأولياءَ والصَّالحينَ واسطةً بينه وبين اللَّه في الدُّعاء؛ فقد أضاعَ معنى العبوديَّةِ ومقتضيات الرُّبوبيَّةِ.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم مبينًا أن عبادةُ غيرِ اللَّه مبنيَّةٌ على الجهلِ،؟ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ?، ولا برهانَ على عبادتهم مع اللَّهِ غيرَه، قال سبحانه:؟وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ?، وإنَّما هو التَّقليد،؟قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ?.