هناك شيئان فقط يجعلان أي بلد غنيا على المدى الطويل.. أو حتى شيء واحد.

إن الشرط الرئيسي هو النصر العسكري (لك أو لسيدك، إذا ما استخدمنا المصطلحات الإقطاعية).

إن الرخاء الاقتصادي، وعلى وجه الدقة، يعتمد على مكانة أي دولة في التقسيم الدولي للعمل وعلى حجم السوق المتاحة لها. وبرغم أن التنمية الاقتصادية ضرورة هي الأخرى، إلا أنها ثانوية، ومشتقة من العاملين المذكورين أعلاه، واللذين لا يتحققان إلا بالانتصار العسكري على المنافسين.

إقرأ المزيد لم دمّر الروس والسوريون والليبيون والعراقيون وغيرهم بلدانهم؟

وازدهار الغرب يعتمد فقط على قوة السلاح، وعلى الانتصارات العسكرية الماضية، التي مكنته من الاستيلاء على المستعمرات أولا، ثم هزيمة وإخضاع القوى الأخرى المتوسعة. ولا تشكل الديمقراطية شرطا للنمو الاقتصادي، بل على العكس من ذلك، هي مشتقة من الرخاء الذي يتحقق بالوسائل العسكرية. والقوانين المتساهلة نسبيا مع المواطن العادي، التي نراها في الغرب، تلجأ إلى العنف أقل من غيرها فقط لأن المجتمع الغني أقل تمردا، ويمكن السيطرة عليه بشكل رئيسي من خلال غسيل الدماغ.

وبالطبع سيطرح السؤال نفسه لدى القارئ: وماذا عن اليابان وألمانيا وأوروبا بشكل عام، لقد خسروا الحرب، إلا أنهم يعيشون بشكل جيد.

لقد تم تدمير العالم والصناعة العالمية كنتيجة للحرب العالمية الثانية، باستثناء الولايات المتحدة، التي حصلت على المورد الثاني المهم (الوصول إلى الأسواق العالمية) أكثر مما تستطيع هضمه. وقد استغلت الولايات المتحدة الموقف بحكمة، حيث أتاحت الوصول إلى الأسواق التي تسيطر عليها للبلدان التابعة لها، والتي كانت مهمة بالنسبة للولايات المتحدة في سياق المواجهة مع الاتحاد السوفيتي. فكان على ألمانيا الغربية أن تثبت لجارتها الشرقية مزايا الرأسمالية والتحالف مع الولايات المتحدة، وأن تثبت كوريا الجنوبية للشمالية ذلك، واليابان كانت مهمة باعتبارها العدو الأبدي للصين وروسيا. وأخيرا، فقد أتاحت واشنطن للصين الشيوعية الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية، والأهم من ذلك إلى السوق، من أجل انتزاعها بعيدا عن الاتحاد السوفيتي.

لكن قدرة الولايات المتحدة على تقاسم السوق انتهت، وعلاوة على ذلك، فقد قامت الولايات المتحدة برشوة الصين من خلال منحها جزءا من حصتها، ما أدى إلى خسارة جزء من الصناعة، وهو السبب وراء نية ترامب استعادة الصناعة إلى الولايات المتحدة.

وكان بوسع الدول الصغيرة، التي كانت لسبب ما مهمة بالنسبة للقوة المهيمنة على العالم، في النصف الثاني من القرن العشرين أن تبيع ولاءها لواشنطن مقابل الحصول على مكان متميز نسبيا في التوزيع الدولي للعمالة، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. والآن انتفى هذا الاحتمال أيضا، وأظهرت أوكرانيا غباء شديدا بالقفز في القطار المتجه نحو الهاوية.

بالعودة إلى عام 1985، وكجزء من اتفاقية Plaza Accord، أرغمت الولايات المتحدة ألمانيا الغربية واليابان على الحد من قدراتهما التنافسية من خلال المبالغة في قيمة عملتيهما بشكل مصطنع. فالحكومة اليابانية هي أكبر مدينة في العالم، لكن اليابان هي أيضا أكبر دائن للولايات المتحدة، وكذلك الصين والمملكة المتحدة. وهو ما يعني أن هذه الدول، وغيرها من الدول أيضا، تدفع للولايات المتحدة للحصول على مكان في النظام الأمريكي.

وقد بذلت واشنطن، أثناء الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مؤخرا إلى الصين، محاولة أخيرة لإرغام الصين على اتباع مصير اليابان، إلا أن محاولاتها قوبلت بالرفض. الآن أصبحت الحرب حتمية بالتأكيد، مسألة وقت. أو قل بالأحرى إن تدمير أحد الطرفين أمر لا مفر منه، بطريقة أو بأخرى، إما بالحرب، أو من خلال زعزعة الاستقرار الداخلي.

إقرأ المزيد يلين توجه للصين إنذارا نهائيا

لكن الولايات المتحدة تجد نفسها في فخ غريب: فخلافا لما كانت عليه الحال في القرن العشرين، فإن صناعتها تشغل حجما سوقيا أصغر حتى من سوقها المحلية. والنخبة الامريكية تخلت عن الصناعة لصالح طبقة أعلى من الهرم (القطاع المالي)، ما يوفر لها أرباحا فائقة، لكنها ليست كافية لبقاء ما تبقى من الولايات المتحدة الأمريكية.

أصف ظروف الثروة بإسهاب وتفصيل فقط حتى يفهم القارئ أن الصين تستطيع أن تفوز بهذه الحرب، لكن الولايات المتحدة لا تستطيع ذلك، حتى وإن دمرت الصين.

فالصين تتمتع بصناعة قوية، مبنية إلى حد كبير على القروض، وتتطلب أسواقا جديدة. والولايات المتحدة لا تفتقر إلى صناعة تنافسية جاهزة للتوسع السريع فحسب، ولكنها أيضا غير قادرة حتى على إحياء هذه الصناعة. وللقيام بذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى خفض سعر العمل بشكل كبير، أي خفض مستوى المعيشة في الولايات المتحدة، وهو أمر مستحيل. أو بالأحرى من الممكن خفض مستوى المعيشة، ولكن بعد ذلك ستنشغل الولايات المتحدة بحربها الأهلية وانهيارها، وليس بالمنافسة مع الصين.

لقد انتقلت الولايات المتحدة على نحو لا رجعة فيه إلى مستوى أضيق من الطفيليات التي تتغذى على التدفقات المالية. ومن أجل البقاء تحتاج إلى متبرع سمين وصحيح البدن كالصين. ولا يمكنها تدمير الصين دون تدمير مصدر غذائها. فضلا عن ذلك، فإن خسارة الصين سوف تؤدي في الأرجح إلى انهيار اقتصادها، ما يعني توقفها في كل الأحوال عن كونها جهة مانحة للولايات المتحدة. بالنسبة للولايات المتحدة، ليس هناك سوى خيار واحد فقط مقبول ومناسب: إخضاع الصين، ولكن ليس تدميرها.

من المستحيل أيضا استبدال الصين بالهند وفيتنام وغيرها من الدول كجهات مانحة، فالأسواق العالمية مشغولة، وهناك فائض في الإنتاج، والذي سيتم القضاء عليه قريبا مع انهيار هرم الديون العالمية. ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تمنح الهند أي شيء آخر سوى بقايا سوقها الخاصة، والتي هي أولا صغيرة نسبيا، وثانيا ستقضي أخيرا على الولايات المتحدة. وسوف تحتاج الهند إلى عدة عقود من الزمن لتتحول إلى ورشة عمل العالم، وخلال هذه الفترة سيكون لدى الولايات المتحدة الوقت الكافي للموت عدة مرات بسبب مشكلاتها الداخلية.

بهذه الكيفية، فإن النصر العسكري الذي قد تحققه الصين سيعيدنا إلى نهاية القرن التاسع عشر من حيث مرحلة العولمة. سيكون هناك العديد من المناطق الاقتصادية المتنامية الكبيرة المستقلة مع أنظمة تقسيم العمل الخاصة بها في الصين والهند، وعلى الأرجح روسيا، وربما إندونيسيا أو البرازيل. وفي غضون عقود قليلة، سوف يخوض العالم حربا بين هذه القوى، أو عدة حروب، حتى تبقى واحدة منها، مثل الولايات المتحدة، في نهاية القرن العشرين، ثم بعد ذلك تتكرر الدورة.

وفي حال تحقيق انتصار عسكري أمريكي، فإن العودة إلى الوضع السابق أمر مستحيل. ولن يقتصر الأمر على انهيار الصين، وربما روسيا، بل وأيضا الولايات المتحدة نفسها. سيكون هناك نقص عالمي في السلع، وسيدمر التضخم العالمي المفرض رأس المال والمدخرات، وسيتم تدمير جميع سلاسل الإنتاج الدولية، وفقدان عدد من التقنيات، بما في ذلك إنتاج أجهزة الكومبيوتر الحديثة.

ستكون هناك عصور مظلمة جديدة، واحتمالات حدوث ذلك كبيرة أيضا، لأن الولايات المتحدة قد تقرر أخذ العالم بأسره معها إلى القبر إذا خسرت أمام روسيا والصين. وأعتقد أن احتمال نشوب حرب نووية مرتفع للغاية. أو بالأحرى، فإني متأكد من أنه سيتم استخدام الأسلحة النووية، لكن السؤال الوحيد هو على أي نطاق.

إقرأ المزيد الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعيدا مع الصين

مع ذلك، فهناك خيار آخر وهو إحياء الإمبراطورية البريطانية، أو بالأحرى، إنشاء إمبراطورية أنغلوساكسونية على أساس الولايات المتحدة (أو ما يتبقى منها من الولايات الشمالية التي ستنفصل نتيجة للحرب الأهلية) وأجزاء من الإمبراطورية البريطانية ذات الثقافة الأنغلوساكسونية المهيمنة. وفي هذا الخيار، تحتاج الولايات المتحدة إلى ضمان حرق أوروبا وتحويلها إلى صحراء مشعة، مع انتقال مئات الملايين من العمال المهرة إلى الولايات المتحدة، ما من شأنه أن يزود الولايات المتحدة بالعمالة الضرورية الرخيصة للغاية، ويعيد التوازن العنصري إلى الهيمنة البيضاء. ومع هذا الخيار، هناك احتمال أن النصر الأمريكي لن يعني نهاية المرحلة الراهنة من الحضارة الإنسانية.

قد يبدو هذا الخيار كنظرية مؤامرة، إلا أن تنفيذه لن يكون أصعب من إنشاء إسرائيل، لذا لا أستبعده.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة تطبيق "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف أسلحة الدمار الشامل ألكسندر نازاروف البنتاغون البيت الأبيض الجيش الأمريكي الجيش الصيني الحرب العالمية الثالثة الحرب العالمية الثانية الكونغرس الأمريكي عقوبات اقتصادية قنبلة ذرية مؤشرات اقتصادية الولایات المتحدة للولایات المتحدة من خلال إلا أن

إقرأ أيضاً:

الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد تسعة أشهر من القتال الضاري في غزة، يبدو أن إسرائيل وحزب الله اللبناني متأهبان لتصعيد العداءات القائمة بينهما إلى حرب أوسع. والحق أن كلا الجانبين يلوِّحان بالسيوف إذ تنهي إسرائيل عملياتها الثقيلة في غزة لتحول تركيزها إلى الجبهة اللبنانية، في ظل التزام خاص من إسرائيل بضمان إلحاق هزيمة منكرة بخصمها الشمالي. ويجدر بهذا الواقع أن يثير فزع زعماء العالم الذين ينبغي أن يرفضوا علانية أي صراع محتمل، في ضوء احتمال حدوث نزوح جماعي يضاهي أزمة اللاجئين في 2015-2016.

تبادلت إسرائيل وحزب الله إطلاق النار عبر الحدود منذ الثامن من أكتوبر، أي بعد يوم من مهاجمة حماس لإسرائيل. وزاد كلا الجانبين من الخطاب والأفعال النارية، موسعين نطاق وحجم عملياتهما العسكرية، مستهدفين بازدياد شخصيات ومواقع مهمة مع تعهدهما بحرب دموية أوسع نطاقًا. والمهم أن الوضع يبدو وكأنه يقع خارج هيكل الردع الطبيعي القائم منذ حرب 2006 بين الجانبين.

ولا يتورع القادة الإسرائيليون عن التصريحات العلنية، حيث كرر وزير الدفاع يوآف جالانت في السابع والعشرين من أكتوبر تهديدات سابقة بأنه سوف يعيد لبنان إلى «العصر الحجري». وهذا ومثله من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤكد عزم إسرائيل على غزو لبنان.

ولا يختلف خطاب حزب الله، برغم أن راعيته إيران تبدو أقل ميلا إلى بدء حرب شاملة. ومع ذلك، زعم حسن نصر زعيم حزب الله في السادس والعشرين من يونيو أن الصراع القادم سيكون «بلا قواعد أو خطوط حمراء». وجاء هذا بعد نشر الجماعة فيديو لطائرة مسيرة في المجال الجوي الإسرائيلي يؤكد قدرة الجماعة على ضرب بنية أساسية مهمة، في إشارة واضحة إلى أنها سوف ترد داخل إسرائيل على أي ضرر بلبنان.

بعث الرئيس جو بايدن مسؤولين كبارًا إلى لبنان وإسرائيل لتهدئة نزوع الطرفين إلى حرب شاملة، لكن هذه الجهود لم تزل مضطربة. فلا يزال حزب الله مصرًا على أن يكون أي وقف للقتال مشروطًا بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وهو أمر يستمر نتنياهو في تقويضه بحديثه العلني عن كلا الطرفين في ما يتعلق بالمفاوضات. وبالمثل، يقوم مسؤولون أمريكيون حاليًا بمثل ذلك مع حزب الله، ويقدم مسؤولون مجهولون تأكيدات بأن الولايات المتحدة سوف تدافع عن إسرائيل في حال نشوب حرب.

وعلى هذا النحو يكون الوضع غير مستقر. فالخطر الأكبر على إسرائيل هو حزب الله، وهذه حقيقة يفهمها قادة الفريقين فهما تاما. ولا بد أن يظهر حزب الله القوة والدعم لفلسطين ضمن أيديولوجية المقاومة العامة التي يتبناها حفاظا على شرعيته وسط قاعدة أنصاره. وهذه الأيديولوجية -شئنا أم أبينا- هي التي توجه تفكير الجماعة، بمعنى أنها لا تستطيع أن تنكص وسط صراع مع الإسرائيليين. في الوقت نفسه تزعم الولايات المتحدة أنها تدعم عدم التصعيد لكنها تستمر في وضع نفسها في مواقف تصعيدية من خلال دعمها غير المشروط لإسرائيل.

وفقا لهذا السيناريو، كل الطرق تفضي إلى الصراع. فمن المحتمل للغاية أن تختار إسرائيل القوة للسماح بعودة قرابة ستة وتسعين ألف مواطن إلى مدنها الشمالية. ناهيكم بالإسرائيليين النافذين الذين لا يزالون يظنون أن بلدهم يمكن وينبغي أن يهزم حزب الله بعد هزيمتين مخجلتين سابقتين في لبنان. وحتى القراءة الوردية للموقف التي ترى أن إسرائيل تحاول التحريض على وقف نسبي وغير رسمي لإطلاق النار في غزة من خلال إنهاء جميع العمليات الكبيرة في غزو رفح مشيرة إلى حزب الله بأنها تعرض مسارًا للابتعاد عن الهاوية، فاحتمالات نجاح هذه الاستراتيجية محدودة. إذ لن يكون بوسع أي من الطرفين أن يكبح القتال في المناطق الحدودية أيضًا في حدود اقتراح البعض عمليات إسرائيلية «محدودة».

والحق أن السبب في هذا هو أن دوامة التصعيد الحتمي قد تكون قائمة بالفعل. فإسرائيل لن تلزم نفسها بوقف دائم وكامل لإطلاق النار في غزة ، وليس من المرجح أن تتحول حماس عن مطالبها، وهي على وجه التعيين انسحاب إسرائيلي كامل ووقف دائم لإطلاق النار. ودونما التوصل إلى اتفاق، ليس من المرجح أن ينتقل حزب الله إلى وقف إطلاق نار من طرف واحد مع إسرائيل. وبرغم جميع جهود الولايات المتحدة في التوصل إلى نتائج سلمية إيجابية، فقد أثبتت إدارة بايدن عجزها عن عمل ما يلزم من أجل تحقيق نتيجة تنهي القتال، وذلك في المقام الأكبر بسبب إيمان بايدن الظاهر بأن على واشنطن أن تلبي كل مطلب إسرائيلي.

والنتيجة هي حرب بين حزب الله وإسرائيل تجتذب الولايات المتحدة على نحو شبه مؤكد. ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بارع في السياسات الأمريكية، ويتلاعب دومًا بواشنطن حتى تدعم طموحاته. وحينما تبدأ القنابل في التساقط على تل أبيب -وسوف تسقط بأرقام هائلة لأن ترسانة حزب الله المؤلفة من مائة وخمسين ألف صاروخ قوي تتجاوز دفاعات إسرائيل- فمن المرجح أن يلجأ نتنياهو إلى إحراج بايدن علنا مرة أخرى. وسوف تطغى على هذا الشجار القواعد الخطابية المعهودة، من قبيل أن بايدن لا يقدم الدعم الكافي لصديق وحليف وشريك ديمقراطي وحيد في الشرق الأوسط.

سوف تبتلع النخبة السياسية الأمريكية هذا الخطاب، فترغم بايدن على تقديم الدعم لإسرائيل بإشراك الولايات المتحدة مباشرة في الحرب. وكونوا على يقين من أن هذه لن تكون اللحظة التي تقول فيها واشنطن (لا) لإسرائيل وقد أثبتت دعمها الأعمى لها حتى الحين. وحينما تبدأ الطائرات الأمريكية في قصف وادي البقاع، سوف يتصاعد خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع تصاعدا كبيرا، بما يجعل القوات الأمريكية سيئة الدفاعات في مواقع نائية بسوريا والعراق والأردن عرضة لخطر كبير يتمثل في هجمات من إيران أو وكلائها من الميلشيات.

ووفقا لهذا السيناريو، سوف تنهمر مشكلات إقليمية أخرى. فسيكون لنزوح الناس تداعيات تفيض على المنطقة، وتتفاقم الأزمات المستمرة في العراق وسوريا ولبنان. وسوف يرغم هذا في نهاية المطاف أعدادًا غير معلومة من الناس على الهرب إلى أوروبا أو بلاد إقليمية أخرى تواجه بالفعل مشكلات متعلقة بالاستقرار، من بينها الأردن. ومثل هذه النتيجة سوف توازي أو تتجاوز أزمة الهجرة في 2015-2016، فتنشأ مشكلة كبيرة لأوروبا في غمار حرب أوكرانيا وصعود أقصى اليمين.

سوف يلزم توجيه الموارد والاهتمام إلى معالجة هذه المسائل، فيكون هذا خصمًا من الدعم الموحد -على اهترائه- لأوكرانيا. والأدهى أن ذلك سوف يشتت الولايات المتحدة عن تحولها الاستراتيجي اللازم بحق إلى المحيط الهادي وشرق آسيا، حيث تنعم الصين ولا شك بتعثر واشنطن. ناهيكم عن أن حربًا في لبنان سوف تترك أثرًا سلبيًا على أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولن يقتصر مداها على الجهود المبذولة لدمج المنطقة سياسيًا واقتصاديًا ودفاعيا. وأخيرًا، مع نظام الإغاثة العالمي البالغ أقصى حدود طاقته، وأثر تزعزع الاستقرار في المنطقة على النظام سوف يكون وبالا على الأزمات الإنسانية القائمة، وهذه نتيجة غير مقبولة في ضوء نقص التمويل حتى لأسوأ الصراعات العالمية في غزة وسوريا واليمن وإثيوبيا والسودان.

وفي النهاية، تمثل المخاطر المرتبطة بحرب تقوم بين إسرائيل وحزب الله سيناريو كارثيًا بالنسبة لصناع السياسة الأمريكي، لكنه سيناريو يقدرون على اجتنابه ويجب عليهم أن يجتنبوه. فلا بد من الإيضاح فورًا أن الولايات المتحدة لن تدعم غزوًا إسرائيليًا للبنان. وكل ما هو دون هذا النهج سوف يجعل واشنطن متواطئة في عاصفة نارية من صنع يديها.

ألكسندر لانجلوا محلل شؤون خارجية يركز على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عن ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • كالكاليست: هل يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الأسلحة الأميركية؟
  • الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تلتهم الشرق الأوسط
  • الصين تحث الولايات المتحدة على العمل وفقا لـ”اللاءات الخمس”
  • الصين تحث الولايات المتحدة على العمل وفقا لـ"اللاءات الخمس"
  • سنغافورة تسعى لاستقطاب شركات الذكاء الاصطناعي من الصين
  • الصين تفتح أبوابها لدراسة عينات القمر..
  • الولايات المتحدة تشتري من الصين كمية قياسية من التبغ والسجائر في مايو
  • بالأرقام.. آخر تحديث على عدد الرؤوس النووية وتقسيمها بين دول العالم
  • الصين تحث الولايات المتحدة على تعزيز الاستقرار في العلاقات الثنائية
  • الولايات المتحدة تصدر تقريرها السنوي بشأن الحريات الدينية حول العالم