مؤتمر المائدة المستديرة جوبا 1947م والتاريخ الإنطباعي…
محمد صالح الشنقيطي …
التاريخ الإنطباعي هو ما يحكم به السودانيين عادة بناءا على رواية مختصرة ومريحة.
الرواية السائدة أن مؤتمر المائدة المستديرة في جوبا في 1947م تم فيه خم المشاركين الجنوبيين وتقرر أن يشكل الجنوب والشمال دولة واحدة وأن الشماليين وعلى رأسهم محمد صالح الشنقيطي وهو أول رئيس قضاء سوداني لعبوا دورا في ذلك.


ولكن التفاصيل شيئ آخر ، ذلك أن من رتب للمؤتمر وتوصياته ومسبقا وأهمها جمع الجنوب والشمال في دولة سودانية واحدة كان السكرتير الإداري روبرتسون.
كنت بالأمس أقرأ المداولات التفصيلية لذلك المؤتمر وماذا قال كل مشارك من الشمال والجنوب.
محمد صالح الشنقيطي كان وقتها موظفا لدى السكرتير القانوني ، وكل مداخلاته كانت جيدة جدا وكان يحاول إزالة مخاوف الجنوبيين وحثهم على المشاركة في المجلس التشريعي في الخرطوم والجنوبيين هم الذين كانوا مترددين.
لاحظت أن كل الجنوبيين كانوا مسيحيين ماعدا واحدا إسمه حسن فرتاك يبدو من إسمه أنه كان من فرتيت غرب بحر الغزال وكان متحمس للوحدة مع الشمال.
مطالبات الجنوبيين ركزت على آلام وجراح ، فقد طلب أحدهم إصدار قانون يعاقب الشمالي الذي يشتم الجنوبي ويقول له يا عبد (يا عب) فرد عليه محمد صالح الشنقيطي أن العقوبة موجودة في مدونة السلوك Penal Code ، وطالب آخر بمعاقبة الشماليين الذين ينجبون أولادا من الجنوبيات ويهجرونهم عندما يعودون للشمال ، وهذه بالذات ظلت من جراح الجنوبيين في علاقتهم بالشمال حتى استقلالهم في 2011م إلا من رحم ربي ولا تعالجها القوانين وإن كانت تحفظ الحقوق عن إثبات النسب.
خبث مستر أوين Owen :
وهو أحد الإنجليز المشاركين في مؤتمر المائدة 1947م بصفته الوظيفية في الجنوب وقد طالب الوفد الشمالي بتحمل خطايا الزبير باشا في تجارة الرقيق وقال أن الخطايا يجب أن يتحملها حتى الجيل الرابع ، فرد عليه محمد صالح الشنقيطي مذكرا أن الإنجليز كانوا أكبر تجار رقيق في التاريخ وقال أنهم استعمروا غينيا الجديدة (في أمريكا الجنوبية) واستجلبوا لها آلاف الرقيق من أفريقيا ولم يحاسبوا أحفاد مالكي الرقيق.
صراحة أدهشتني وأعجبتني هذه المداخلة المفحمة من محمد صالح الشنقيطي وأثبتت لي أنه له معرفة جيدة بالتاريخ وهي سلاح ضروري جدا حتى لا يتم خمك من قبل الخبثاء في جلسات التفاوض لينتزعوا منك تنازلا هم أولى به.
غردون باشا في رسائله أقر أن سياسته في محاربة الرق خاصة خلال حكمداريتيه في السودان من 1874م حتى 1877م ثم من 1877م حتى 1880م كانت من عوامل تراكم السخط وتفجير الثورة المهدية ، وقال غردون أنه كان بالإمكان اتباع سياسة محاربة مثل التي اتبعتها أنجلترا في مستعمرة غينيا الجديدة حيث قامت بإصدار قرار بتحرير الرقيق لكنها منحت ملاك الأراضي مهلة زمنية كافية والأهم من ذلك منحتهم تعويضات مجزية جدا مكنتهم من تحويل الأرقاء السابقين لعمال بالأجرة.
في التاريخ الشائع المريح أن محمد صالح الشنقيطي كان ماسونيا وهذه المعلومة لوحدها تكفي لأن يغلق الطالب للراحة ملف هذه الشخصية من الغلاف ولا يحاول البحث عن تاريخها ودورها وكفاءتها وماذا قدمت.
وبالأساس لو لم يكن ذكيا ومتفوقا لما استقطبته الماسونية ، كما أن الإنضمام للماسونية وقتها لم يكن عيبا ولكن كان ضرورة وظيفية واجتماعية.
واليوم 2024م لو طلبوا منك أن تختار بين 1- سوداني ماسوني ذكي وفاهم وقوي وحافظ لوحه ويعمل داخل حكومة السودان ويخدم بلده ويوازن بين مصالحها ومطلوبات الخارج و 2- سوداني غير ماسوني ولكنه ساذج وجاهل يخدم الماسونية ويحقق لها كل أطماعها ويقدم لها السودان على طبق من ذهب فمن ستختار ؟
#كمال_حامد ????

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مؤتمر المائدة

إقرأ أيضاً:

الحراك الثوري: تأجير ميناء عدن للإمارات انتهاك للسيادة وتفريط بحقوق الجنوبيين

الجديد برس:

أكد الحراك الثوري الجنوبي أن المساعي الرامية إلى تأجير ميناء عدن للاحتلال الإماراتي تشكل مساساً بالسيادة الوطنية وتفريطاً بحقوق الجنوبيين.

وقال الحراك الثوري، في بيان له: “باهتمام بالغ تابعنا الأخبار التي تحدثت وكشفت عن عزم السلطات القائمة بالعاصمة عدن السير بإجراءات التوقيع على اتفاقية خطيرة لتأجير ميناء عدن الدولي للمحتل الإماراتي وسط تنديد مجتمعي وسياسي واسع يرفض إبرام تلك الاتفاقية التي تمس الآمن القومي الجنوبي”.

وأضاف: “في الوقت الذي يحذر فيه الحراك السلطات المنبثقة عن الاحتلال السعودي الإماراتي من عقد تلك الاتفاقية في الظروف الراهنة وخارج الأطر القانونية فإنه يعتبرها جريمة جسيمة، ومساساً خطيراً بالسيادة الوطنية، وتفريطاً بحقوق الجنوبيين”.

وأكد أن “مجلس الحراك الثوري الجنوبي يكشف للرأي العام الجنوبي والعالمي النوايا الخبيثة للاحتلال السعودي الإماراتي وأطماعه في الاستيلاء على موارد ومقدرات وموانئ وجزر الجنوب من خلال أدواته المحلية التي تعمل لتنفيذ أجندته الخبيثة مقابل الحصول على مناصب ومكاسب شخصية مفرطة بالسيادة الوطنية وبحقوق الشعب الجنوبي”.

كما أكد موقفه الرافض بشكل مطلق وقاطع لأي اتفاق من شأنه تأجير ميناء عدن الدولي للمحتل الإماراتي أو غيره تحت أي ظرف كان أو حجة أو مبرر، مشدداً على أن مثل هذا الاتفاق “يمثّل انتقاصاً لحقوق الجنوبيين، ولا يجوز إبرامه في ظروف الجنوب فيها يقع تحت الاحتلال السعودي الإماراتي”.

وقال الحراك الثوري “لقد دأب الاحتلال السعودي الإماراتي منذ سنوات على فرض سيطرته على محافظات عديدة في جنوبنا الطاهر من خلال أدواته المحلية المدعومة عسكرياً ومالياً”.

وأشار إلى أن “الاحتلال السعودي الإماراتي عطّل مطارات وموانئ عن العمل، ونهب ثروات ومقدرات وموارد، وتم بيع شركة اتصالات وطنية للمحتل الإماراتي تهدد الأمن القومي للجنوب”.

وأكد أن “الاحتلال السعودي الإماراتي أقام قواعد عسكرية لخدمة الأجندة الصهيونية والأمريكية والبريطانية تستهدف الأمن القومي الجنوبي واليمني والعربي”، معرباً عن أسفه من أن “الأدوات المحلية الرخيصة للاحتلال لم تحرك ساكناً لوقف ورفض هذا العبث الخطير بالسيادة الوطنية، الذي أغرق الجنوب في الفوضى والأزمات والمعاناة الإنسانية والخدماتية والمعيشية القاسية، ليذل شعب الجنوب في محاولة بائسة لإخضاعهم”.

واختتم الحراك الثوري بيانه بالتأكيد على رفض الخضوع لأي سياسة استعمارية، والتأكيد على الخضوع لله وحده، ودعا أحرار وحرائر الجنوب إلى التصدي بحزم لهذا العبث وحماية حقوقهم ورفض أي مساس بالسيادة الوطنية والحقوق المشروعة.

مقالات مشابهة

  • الهلال يعلن رحيله مهاجمه صالح الشهري
  • من طرف المسيد: حديث عن النخيل (7).
  • غدًا.. "ثنك كوميرشال" يناقش انعكاس الصفقات الكبرى على القطاع العقارى
  • وفيات الاثنين .. 1 / 7 / 2024
  • الجمهور يشيد بحفل مدحت صالح في الأوبرا: «حافلة رائعة مع فنان راقي»
  • مدحت صالح ينشر صورا من حفله أمس بالأوبرا
  • معرض تعليمي للجامعات والمدارس في اليمن
  • قيادي بالإنتقالي الجنوبي يتوعد الحوثيين :” لا تراهنوا على خلافات الجنوبيين”
  • اليوم.. مدحت صالح يحيي أحدث حفلاته الغنائية بالأوبرا
  • الحراك الثوري: تأجير ميناء عدن للإمارات انتهاك للسيادة وتفريط بحقوق الجنوبيين