تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحل واقعة قيامة المسيح تاريخيا في موعدها من كل عام لتحيي فينا احتياجنا الدائم الدائب للقيامة، ليس فقط كأفراد دعاهم السيد المسيح للقيام بعد كل سقوط، كي يقوموا بإيمان لا يضعف وأمل لا ينتهي ورجاء لا يزول، ويتجهوا رأسا إلي ذاك الذي وقف علي أبواب فردوس فتحها بقيامته ليشدنا إلي داخله بتوبة حقيقية نقدمها في اسمه القدوس لتتجدد حياتنا بجهاد روحي قويم " ناظرين إلي رئيس الإيمان ومكمله يسوع " حتي الانتهاء.

.

أقول لتحيي فينا احتياجنا للقيامة ليس فقط كأفراد بل أيضا كهياكل ومؤسسات دينية أو  إنتاجية أو مجتمعية أو ثقافية أو غيرها ؛ فلا شك أن كل كيان علي وجه الأرض يتعين عليه أن يقوم من أخطائه وعثراته وكبواته وضعفه ليجدد نفسه للنجاح والصلاح والتقدم.

والحق إن أشد المؤسسات  احتياجا الآن للقيام بقيامة المسيح من ضعفها الراهن، وما علق بها من مثالب وأدران عبر الزمن، وعبر أخطاء بعض أحبارها،  هي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي باتت بعد عشرين قرنا من الزمان بحاجة شديد لفعل إصلاحي أمين، يجعل من قيامتها المنتصرة علي الضعف والمثالب والأدران، حياة حقيقية تستمدها من قيامة المسيح المنتصرة علي الموت.. القيامة التي وهبتنا الحياة، فتصير الكنيسة بدورها واهبة التقوي  للمؤمنين بالصلاح الذي في المسيح يسوع.

إن من يعايش الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في العالم اليوم، ليوجعه العديد من الآلام، مما بلغته أركانها من ضعف شديد، صارت معه بحاجة عاجلة للإصلاح الشامل اليوم،  وهذا الإصلاح يتعين أن يتجه ليضرب بمعاوله الخمسة في الجوانب الجوهرية لإعادة البناء المنشود في الهيكل العام للوجود الراهن للكنيسة.

إن أول معاول الإصلاح لابد وأن يرجع أصداء قولة المسيح الخالد علي الزمان:  "وأما أنتم فلا تدعوا سيدي ".. يخاطب بها جميع الإكليروس  بكل قوة ألا يدعوا أحدا يناديهم "سيدي"، فالسيد الرب هو السيد الوحيد، وما الجميع إلا صنعة يديه،  وعليهم أن يتراجعوا فورا عن كل صور استعباد الناس، وقهرهم علي تأليههم من دون الله، علي النحو الذي يظهر في سلوكيات فجة مستمرة تطعن المسيح كل يوم علي صليب محبته طعنا مسنونا.

وثاني معاول الإصلاح  يتعين أن يضرب بشدة علي سيادة الطقسي علي الروحي،  ليدفع في الناس روحانية جديدة تتمسك بالمسيح روحا خالصة له، بدل أن تتمسك بطقسانيات شكلية تخدع نفسها بها، وتصير كما لقوم عادة، لترتدي قناعا كثيفا من النفاق والمراءاة، والتدليس علي الله في كل ماتصنع وتقترف. 
والحق أن سيادة الطقسي علي الروحي هي سيادة مفتعلة مختلقة  لتؤكد علي الدوام السلطان الأعلي للإكليروس في التأليه الذي يقدمه الناس لهم علي كل حال.

ويتجه معول الإصلاح الثالث إلي التعليم الكنسي، الذي تحجر علي مر السنين ليطوي ركامات من القراءة الإنجيلية المغلوطة، والفهم اللاهوتي المبتسر، والعناصر الغريبة المستدخلة من عصور الضعف والانحطاط، التي مرت علي البلاد والكنيسة في طول تاريخها العتيد، وما زالت تستدخل حتي يومنا الحاضر ؛ والاجتهادات التي ألفها الجهال في التفسير والشرح والإيضاح للكنوز المذخورة في الكتاب المقدس، ما انحرف بالتعليم انحرافا خطيرا، ويحتاج الآن بشدة لثورة إصلاحية، تتخلص من الصحائف  الصفراء لعصور الانحطاط، وتنقي الكتب الأرثوذكسية من كل ما يخطئ بحق التعليم الإنجيلي والآبائي القويم  ، وتفتح الباب علي مصراعيه للفكر اللاهوتي الآبائى والمدارس اللاهوتية المعاصرة الغنية بالتعليم الصحيح.

اما المعول الرابع للإصلاح فمنوط به أن يحفر بعمق في الأرض المشققة المفتتة المترعة بتراب أسود غميق للرهبنة الحاضرة، كي يقتلع الطبقة التي تلوثت في التربة كلها، ويملأها من جديد برمال ناعمة ناصعة نقية.
ويتعين أن يتعهد هذا المعول بتأسيس منهجية جديدة معاصرة للرهبنة القبطية، تفارق علي نحو لا لبس فيه بين الرهبنة المعتزلة والرهبنة الخادمة والرهبنة المكرسة للبنين والبنات، بميثاق رهبنة واضح، يوفي متطلبات الفئات المختلفة منها، ويجعلها من جديد  آلية الروح العابدة الباذلة المحبة لأجل الله والناس.

إن عهدا جديدا للرهبنة في الكنيسة يتعين أن يعفيها عن الطمع في المسئوليات، علي ارتفاع الهرم الإكليروسي، فلا يعود هذا الهرم يستمد أساساته من الديرية الأرثوذكسية..

وعهد جديد للرهبنة يجب ان يفجر فيها ينابيع الروحانية والصلاة والتجرد والخدمة والبذل  والمحبة التي لا تنضب أبدا في كنيسة الله.

علي أن المعول الخامس لابد وأن يتجه للإدارة الكنسية، ليحل علي نحو نهائي معضلة المال وإدارته في الكنيسة، ومشكلة الإدارة بعمومها وتحديثها في الكنيسة، وفي هذا الصدد يتعين أن ينتهي إلي غير رجعة هذا العداء المستحكم بين الإكليروسية الكنسية، وعلي رأسها السدة البابوية، وبين مجالس ممثلي الشعب القبطي الأرثوذكسية،  المؤهلة دائما لأداء دور غائب ضروري وحتمي في الإدارة الكنسية، والتي اشتهرت فيما مضي بالمجالس الملية.

لقد صارت قيامة المسيح الباهرة، وانتصاره  المستحيل علي الموت، ملهما تاريخيا وثوريا لكل قيامة منتظرة علي الضعف والارتكاس والتخلف  والانحدار، وهي القيامة التي باتت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أشد الحاجة إليها الآن.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المسيح قيامة المسيح الكنيسة السيد المسيح يسوع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الإصلاح قیامة المسیح یتعین أن

إقرأ أيضاً:

مرسي جميل عزيز وبليغ حمدي.. عندما امتزجت عبقرية الكلمة بسحر اللحن

في عالم الموسيقى، هناك لقاءات استثنائية تترك بصمة خالدة، ومن بين أبرز هذه الثنائيات التي صنعت التاريخ الفني في مصر والعالم العربي، نجد مرسي جميل عزيز وبليغ حمدي

هذا التعاون لم يكن مجرد لقاء عابر بين شاعر وملحن، بل كان تفاعلًا إبداعيًا نادرًا، جمع بين شاعر يمتلك حسًا مرهفًا وقدرة فريدة على صياغة المشاعر، وملحن عبقري استطاع أن يحول الكلمات إلى ألحان تنبض بالحياة.

لقاء العبقريين: عندما تلاقت الكلمة واللحن

حين بدأ بليغ حمدي مسيرته في التلحين، كان يبحث عن صوت مختلف، عن كلمات تحمل إحساسًا صادقًا وعاطفة جياشةتتماشى مع ألحانه المليئة بالحيوية والابتكار. وجد ضالته في كلمات مرسي جميل عزيز، الشاعر الذي استطاع أن ينقل أدق المشاعر الإنسانية إلى قصائد بسيطة لكنها عميقة التأثير.

كانت البداية بينهما مبشرة، وشيئًا فشيئًا تحوّل التعاون بينهما إلى حالة فنية خاصة، حيث كان كل منهما يستلهم من الآخر، فمرسي يكتب بروح موسيقية، وبليغ يترجم كلماته بألحان تعكس روح النص، لتخرج إلينا أغانٍ صنعت تاريخًا لا يُنسى.

أشهر الأغاني التي جمعتهما

أسفر التعاون بين مرسي جميل عزيز وبليغ حمدي عن مجموعة من الأغاني التي أصبحت محطات خالدة في تاريخ الموسيقى العربية، ومن أبرزها:

“سيرة الحب” – أم كلثوم

حملت هذه الأغنية روح العشق والشجن، وصاغ مرسي جميل عزيز كلماتها بأسلوب يمزج بين العاطفة الجارفة والتأمل العميق في الحب، فجاء لحن بليغ متناغمًا مع الحالة الوجدانية للنص، ليُخرج واحدة من أروع أغاني كوكب الشرق.

“أنساك” – أم كلثوم

من أجمل أغاني الحب التي عبرت عن الصراع بين القلب والعقل، حيث كتبها مرسي بأسلوب عاطفي قوي، بينما قدم بليغ لحنًا مليئًا بالتحدي والرقة في آنٍ واحد، ليعكس حالة التردد والانجذاب العاطفي في الأغنية.

“مداح القمر” – عبد الحليم حافظ

أغنية حالمة تجسد سحر العشق والتأمل في الجمال، حيث جاءت كلمات مرسي جميل عزيز كلوحة فنية شاعرية، وأضفى بليغ عليها لحنًا شجيًا زادها عمقًا ورومانسية.

“أما براوة” – نجاة الصغيرة

من الأغاني التي تميزت بالإيقاع المرح والحيوية، إذ كتبها مرسي بروح شبابية مليئة بالحياة، فجاء لحن بليغ نابضًا بالحركة، ليقدم لنا واحدة من أشهر الأغاني التي تعيش حتى اليوم.

سر النجاح: لماذا كان تعاونهما استثنائيًا؟

ما جعل هذا الثنائي مختلفًا عن غيره هو التكامل الفني العميق بينهما. فقد كان مرسي جميل عزيز شاعرًا يكتب بإحساس موسيقي، أي أن كلماته كانت قريبة بطبيعتها من روح الألحان، مما جعل مهمة بليغ سهلة لكنها ملهمة في الوقت نفسه.

كما أن بليغ كان ملحنًا يؤمن بأن اللحن يجب أن يعكس روح النص ويحمل إحساسه، ولم يكن يفرض ألحانه على الكلمات، بل كان يستلهم من إيقاع الشعر وعاطفته ليخرج بلحن يتناغم تمامًا مع الكلمة.

مقالات مشابهة

  • حزب الله: ندين الهجوم الذي تعرضت له قوات يونيفيل في محيط مطار رفيق الحريري
  • مبعوث ترامب: يتعين على موسكو تقديم تنازلات لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • «لو عايز أي شخص عزيز عليك يقلع عن التدخين» .. ردّد هذا الدعاء
  • دياكونيون جدد وتدشين أيقونات في عيد دخول السيد المسيح الهيكل بالمنصورة
  • ما طبيعة مرض الخطيب الذي أبعده عن رئاسة الأهلي؟
  • مرسي جميل عزيز وبليغ حمدي.. عندما امتزجت عبقرية الكلمة بسحر اللحن
  • اليمنيون للطاغية ترامب .. سنكون الجحيم الذي سيحرقكم وينسف كل مخططاتكم
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • ‏الشيخ ماهر المعيقلي: اجعلوا أعمالكم شواهد لكم واتركوا ذكرًا وعملاً طيبًا .. فيديو
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. “دعوا الصبيان يلعبون بالـسلاح”!!