اتسع نطاق الاحتجاجات الطلابية في جامعات عدة دول حول العالم تنديدا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ونصرة للقضية الفلسطينية.

وشملت الاحتجاجات عددا من أكبر الجامعات على مستوى العالم في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا والمكسيك وسويسرا.

وكان رد فعل السلطات الأمريكية قاسيا مع الطلاب المشاركين في الاحتجاجات، حيث استخدمت الشرطة الأمريكية الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص المطاطي لفض الاعتصامات، واعتقلت قوات الأمن عشرات الطلبة المناهضين لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

Thousands of supporters out in front of the UCLA Palestine Solidarity Encampment.

WE WILL HOLD THE LINE. WE WILL NOT VACATE THE CAMP! LA WE STILL NEED MORE BODIES. ITS A PUBLIC CAMPUS. MANY WAYS ON. JOIN US!!! https://t.co/kXmrEAVXt1pic.twitter.com/bKvVynUAMU

— People's City Council - Los Angeles (@PplsCityCouncil) May 2, 2024

وشهدت ما لا يقل عن 30 جامعة أمريكية احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، وأشارت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية إلى أن العدد الإجمالي للمحتجزين في الأسبوعين الماضيين يقترب من 2000.

Live from UCLA #UCLAProtest#UCLA#FreePalaestine#CeaseFirelnGazaNOWpic.twitter.com/9robEIrxOk

— Truth Seeker (@a19d84) May 2, 2024

والتحقت الجامعات البريطانية سريعا بركب الاحتجاجات على الرغم من التهديدات الحكومية بقمعها سريعا، وجاء ذلك على لسان المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني، حيث أنه كان قد أكد أن الشرطة "ستحظى بدعمنا الكامل" لمعالجة الاضطرابات المحتملة إذا حاول الطلاب تكرار المظاهرات العنيفة التي شهدتها مؤخرا الجامعات الأمريكية.

Oh yes, if you like racist terrorists out to murder Jews, then Leeds is for you.

Here, some of the students have a jolly old time chanting for terror just yesterday.

And don't worry! The uni employs the local "Palestine Solidarity Campaign" leader. Hatred is fine. No problem. https://t.co/XjSG3USpc7pic.twitter.com/Vg2bmjSb9C

— habibi (@habibi_uk) May 2, 2024

وشملت الاحتجاجات عدة جامعات كبرى كجامعة مانشستر وليدز وبريستول وشيفيلد ونيوكاسل، حيث نصب الطلاب الخيام ووضعوا لافتات مناهضة لإسرائيل، ودعوا إلى إنهاء العمل العسكري في قطاع غزة.

#Gaza Students at Britain's Cambridge University set up a solidarity camp with Palestine. pic.twitter.com/XALAPemESx

— Vladimir Volcic (@veritasillusio) May 3, 2024

أما في فرنسا، فقد نظم الطلاب في جامعة السوربون الشهيرة في باريس، وقفة تضامنية مع فلسطين، واعتصموا في حرم الجامعة، وأصدروا بيانا نددوا فيه بتحركات الإدارة والسلطات بحق المعتصمين، ونددوا باعتبارهم أقلية مؤكدين أن تحركهم يمثل أغلبية في الكلية.

وانتشر مقطع فيديو لقمع قوى الأمن الداخلي للطلاب المشاركين في الاحتجاجات.

????Press coverage: “Scenes of French security forces suppressing a mass march against genocide in Gaza by Sorbonne University students” #Palestine#Francepic.twitter.com/YG98Yp7MbM

— ⚡️???? World News ????⚡️ (@ferozwala) May 3, 2024

كما استنكر الطلبة في بيانهم أن إدارة كلية العلوم السياسية سواء في بياناتها أو نقاشاتها مع الطلبة لا تذكر كلمة "فلسطين".

وأغلقت الشرطه الفرنسيه الشوارع المؤديه إلى معهد العلوم السياسية حيث يعتصم الطلبه وتمنع الصحفيين من الوصول إلى المعهد.

وقال مراسلنا: "نسمع هتافات الطلبة المعتصمين من داخل حرم الجامعة ولا يستطيع الصحفيون الاقتراب منهم، تقوم الشرطة في هذه الأثناء باقتحام الجامعة لفض الاعتصام".

ويعلق الطلاب لافتات داعمة لفلسطين، مؤكدين على حقهم في التعبير عن دعمهم لحقوق الإنسان في فلسطين.

▶️ French students from several Paris campuses gather at Place de la Sorbonne square to show their support for Palestinians in Gaza. @PressTV - #Palestinepic.twitter.com/M5GHUkj4jQ

— Suat Kılıçtaş (@Suatklcts) May 3, 2024

أما في أستراليا، فقد أقام الطلاب مخيمات في جامعات بالمدن الأسترالية الكبرى خلال الأسبوعين الماضيين احتجاجا على الهجوم الإسرائيلي على غزة.

Demonstrations in Melbourne, Australia: march for solidarity with Palestine and protest against the Israeli occupiers#FreePalestine#Colombiauniversitypic.twitter.com/jDsbOVtHU9

— Mohammad_Norozifar (@NaderRahay78751) May 2, 2024

واندلعت اشتباكات بين تجمعين، الأول كان يندد بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والآخر مؤيد لإسرائيل، في جامعة سيدني، أقدم جامعة في أستراليا، وتراجع أنصار الجانبين جراء الوجود الأمني المكثف، ولم يتم إجراء أي اعتقالات.

At the University of #Sydney, students occupied the building where Mark Scott was inside, the vice chancellor of USYD's office, demanding the university to fully divest from #Israel companies.#ColumbiaUniversity#HarvardUniversity#YaleUniversity#Netanyahupic.twitter.com/6uYeRQ2OSF

— Palestine Info Center (@palinfoen) April 29, 2024

كما انضمت أكبر جامعة في المكسيك للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين، حيث نصب عشرات الطلاب والناشطين المؤيدين للفلسطينيين في مكسيكو خياما أمام "جامعة المكسيك الوطنية"، احتجاجا على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

At the University of #Sydney, students occupied the building where Mark Scott was inside, the vice chancellor of USYD's office, demanding the university to fully divest from #Israel companies.#ColumbiaUniversity#HarvardUniversity#YaleUniversity#Netanyahupic.twitter.com/6uYeRQ2OSF

— Palestine Info Center (@palinfoen) April 29, 2024

ووضع الطلاب فوق مخيمهم الاحتجاجي أعلاما فلسطينية ورددوا شعارات من بينها "عاشت فلسطين حرة!"، و"من النهر إلى البحر، فلسطين ستنتصر".

MPLS turned it up for international workers day.

From Palestine to Mexico all the walls have got to go! pic.twitter.com/jM8ozRyoyA

— DavidGilbertPederson (@NotoriousDGP) May 2, 2024

ورفع المحتجون مطالب عدة، من بينها أن تقطع الحكومة المكسيكية العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل.

وفي جامعة لوزان في سويسرا، نظم الطلاب وقفة تضامنية تنديدا بالحرب على غزة ودعما للاحتجاجات الطلاب في الجامعات حول العالم.

 

المصدر: RT

 

 

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الحرب على غزة طوفان الأقصى قطاع غزة هجمات إسرائيلية الإسرائیلیة على قطاع غزة the University على غزة twitter com

إقرأ أيضاً:

لا تخدعوا أنفسكم بأن الأمر سيقتصر على جامعة كولومبيا

جامعة كولومبيا الآن بؤرة الحرب الثقافية الأمريكية، إذ تستهدف إدارة ترامب طالبا سابقا في جامعة كولومبيا ـوتستهدف الجامعة نفسهاـ على سبيل اختبار نظامها الاستبدادي الجديد.

ولا تقتصر قصة جامعة كولومبيا على محمود خليل، طالب الدراسات العليا السابق في الشؤون الدولية، الذي كان أحد قادة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التي برزت إثر هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، ولكن عندما داهم مسؤولو الهجرة الفيدراليون شقته في نهاية الأسبوع الماضي واقتادوه إلى منشأة في لويزيانا لبدء إجراءات الترحيل، كاشفين بوضوح ما يعتري إدارة ترامب من حقد وعجز.

بدا العجز واضحا منذ البداية. فعند اعتقال خليل، يبدو أن الضباط الفيدراليين كانوا يعتقدون أنه موجود في الولايات المتحدة بتأشيرة طالب، وهذا غير صحيح؛ فهو يحمل البطاقة الخضراء «جرين كارد» أي أنه مقيم دائم في الولايات المتحدة بصفة شرعية.

وكان الحقد واضحا هو الآخر. فبرغم إقامته الدائمة، التي يبدو أن رجال الأمن الموجودين في موقع الحدث قد علموا بها مبكرا، لم تسمح الحكومة لخليل بإجراء محادثة سرية مع محاميه إلا بعد أن تلقت أمرا بذلك من قاض فيدرالي. وقد تم إبعاد خليل عن عائلته بينما زوجته، المواطنة الأمريكية، حامل في شهرها الثامن.

فما السبب في اعتقاله، واحتمال ترحيله، وعزله عن محاميه؟ وفقا لإشعار المثول الذي قدمته وزارة الأمن الداخلي لخليل، «قرر وزير الخارجية أن وجودك أو أنشطتك في الولايات المتحدة ستكون لها عواقب وخيمة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة».

وبرغم ما في هذا البيان من إدانة ظاهرة، فالحقيقة هي أنه تم احتجاز خليل بسبب نشاطه الاحتجاجي، وليس لتقديمه دعما غير قانوني لإرهابيين. وكما صرح مسؤول في الإدارة لـ«ذي فري برس» فإن «الادعاء هنا ليس بمخالفته للقانون».

وفي مقابلة مع إذاعة أمريكا الوطنية أوضح تروي إدجار نائب وزير الأمن الداخلي، أن الإدارة تستهدف حرية خليل في التعبير، إذ قال إدجار: «لقد دعونا الطالب وسمحنا له بدخول البلد، فوضع نفسه وسط نشاط مؤيد للفلسطينيين، وفي هذه المرحلة، كما ذكرت، يمكن أن يراجع وزير الخارجية إجراءات منحه التأشيرة في أي وقت وإلغائها».

غير أنه ما من تأشيرة لتراجع. فخليل مقيم دائم الآن. ولا مجال للظن الخاطئ بأن اعتقال محمود خليل واحتجازه ليسا اعتداء مباشرا على حرية التعبير.

ومع أنني أشعر بالفزع من تصرفات الإدارة، فإنني غير مندهش من أن القضية نشأت مما كان يفعله شخص ما في جامعة كولومبيا. فالجامعة تشهد اضطرابات سياسية متفاوتة منذ عقود.

فالواقع أنه حدث قبل عشرين عاما أن اضطررت للمرة الأولى للمرور عبر أجهزة الكشف عن المعادن لإلقاء خطاب في جامعة كولومبيا. كنت في ذلك الوقت رئيسا لمؤسسة الحقوق الفردية في التعليم (التي تعرف الآن بـ«مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير»)، وذهبت إلى الحرم الجامعي للدفاع عن حق الطلاب اليهود في الاعتراض على معاداة السامية في قسم لغات وثقافة الشرق الأوسط وآسيا في الجامعة.

لن أنسى أبدا مناخ التهديد الذي ساد الحرم الجامعي والفعالية نفسها. كان الحاضرون يصيحون في وجهي ويهتفون ضد بعضهم بعضا. والمتظاهرون يهتفون في القاعات.

لكن تلك كانت تجربة تافهة بالمقارنة مع ما حدث في الحرم الجامعي عقب هجمات حماس.

فقد واجه الطلاب اليهود محنة في جامعة كولومبيا وفي العديد من جامعات النخبة الأمريكية الأخرى. ففي حين كان العديد من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين ينتقدون الرد العسكري الإسرائيلي سلميا وقانونيا، غالبا ما كانت المظاهرات تتخذ منعطفا قاتما.

إذ احتفل أنصار حماس بالهجمات، وخرجت المظاهرات ضد إسرائيل عن السيطرة. فاحتل المتظاهرون مساحات كبيرة من حرم الجامعة لأيام متواصلة، وفي جامعة كولومبيا، استولى فصيل من المتظاهرين على قاعة هاميلتن، وهي مبنى إداري مركزي.

ووفقا لشكوى من ٢٣٤ صفحة تقدم بها تحالف من الطلاب اليهود والمنظمات اليهودية ضد جامعة كولومبيا، فإن «الطلاب اليهود والإسرائيليون تعرضوا للبصق والاعتداء الجسدي والتهديد والاستهداف في الحرم الجامعي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بالتعبيرات القاسية»، ومن بينها عبارات مثل «الموت لليهود» و«الخنزير الصهيوني» و«قاتل الأطفال».

وفي حين أنه يصعب تحديد صدق كل ادعاء ضد جامعة كولومبيا بالتمييز أو التحرش المعادي للسامية، فقد كان الوضع خطيرا بحيث أجرت إدارة بايدن تحقيقا بموجب الباب السادس ضد الجامعة في نوفمبر 2023، حتى قبل احتجاجات عامي 2024 و2025 الخارجة عن القانون.

ويوجب الباب السادس من قانون الحقوق المدنية لعام 1964 على المؤسسات التعليمية الممولة فيدراليا حماية الطلاب من التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنسية الأصلية. وقد فسرت إدارتا بايدن وترامب هذا الباب السادس باعتبار أنه يحظر التمييز والمضايقة المعادية للسامية.

غير أنه في الوقت نفسه، ليست حماية الطلاب من التمييز هي الأولوية الوحيدة لجامعة كولومبيا. إذ ينبغي أن تولي الجامعة أيضا اهتماما بالغا بحرية التعبير والحرية الأكاديمية.

وليست جامعة كولومبيا بالجامعة العامة، ولذا فهي غير ملزمة بالتعديل الأول للدستور (الذي يقتصر على الحماية من الرقابة الحكومية)، ولكنني مقتنع بالقوة الأخلاقية لكلمات المحكمة العليا في قضية سويزي ضد نيو هامشير عام 1957: «يجب أن يظل المعلمون والطلاب أحرارا دائما في التساؤل والدراسة والتقييم، واكتساب النضج والفهم الجديدين، وإلا ستركد حضارتنا وتموت».

بعبارة أخرى، ثمة التزام مزدوج يقع على عاتق الجامعات، وهو حماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين من التمييز والتحرش، مع حماية حرية التعبير في الحرم الجامعي أيضا. وليست هذه بالمهمة اليسيرة. فهي تتطلب مزيجا من الحكمة والشجاعة.

وإدارة ترامب لا تمتلك الحكمة أو الشجاعة، وهي الآن بصدد استخدام مزاعم معاداة السامية في الحرم الجامعي مبررا لانتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة وحرية التعبير. وهكذا تحل محل المخاوف الحمراء التي سادت فترة معاداة الشيوعية في القرن العشرين موجة جديدة من الجنون المستعر ضد مؤيدي القضية الفلسطينية من اليسار.

ولست أول من يعقد هذه المقارنة، ويرجع ذلك جزئيا إلى وجود تشابه واضح، ففي كلتا الحالتين، كانت للرقابة جاذبية سياسية. فالشيوعية أيديولوجية بغيضة، وعدم شعبية الشيوعيين وأفكارهم (خاصة في ذروة الحرب الباردة) جعلهم أهدافا تجتذب الشعبويين والديماجوجيين. فكان بإمكان الحكومة فرض الرقابة على الشيوعيين وسط تصفيق حار.

والتعاطف مع حماس (ناهيكم بدعمها) بغيض بالقدر نفسه. وثمة حشد من الناس في الجامعات قالوا أشياء بغيضة فعلا بحق إسرائيل والصهيونية واليهود. فدعوا إلى تدمير الدولة اليهودية وإلى العنف ضد اليهود. ومعاقبة هذه الأصوات تجلب هي الأخرى تصفيقا حارا، وخاصة من قطاعات في قاعدة الرئيس ترامب الانتخابية، دون أن تقتصر عليها.

ومع ذلك، وفي حين ننظر بخجل إلى تجاوزات المكارثية في الماضي، فإننا سوف ننظر في خجل إلى تجاوزات اللحظة الراهنة، إذا سمحنا للغضب من مظاهرات الحرم الجامعي أن يطغى على التزامنا بالإجراءات القانونية الواجبة وحرية التعبير.

ولنبدأ بحرية التعبير. من الصعب أن أحصي جميع أوجه اختلافي مع نشاط خليل المناهض لإسرائيل. فالمخيمات تعارضت مع حقوق الطلاب الآخرين في الحرم الجامعي. وهناك أيضا أدلة على أن جماعة مؤيدة للفلسطينيين كان خليل ينتمي إليها قد أيدت الهجمات العنيفة على إسرائيل، ومن ضمن ذلك نشر مقال يصف هجمات السابع من أكتوبر بأنها «نصر أخلاقي وعسكري وسياسي».

لكن مشاعري تجاه جوهر هذه الآراء لا تمت بصلة لدستوريتها. فالواقع إن الهدف الأساسي من بند حرية التعبير في التعديل الأول من الدستور هو حماية التعبير الذي يسعى مواطنون آخرون إلى قمعه. أما التعبير ذو الشعبية فلا يحتاج إلى حماية قانونية.

ثم إنه من الثابت منذ أمد بعيد أن التعديل الأول للدستور لا يقتصر على حماية حقوق المواطنين الأمريكيين فحسب. فقد قضت المحكمة العليا في قضية «بريدجز ضد ويكسون» عام 1945 بأن «حرية التعبير والصحافة مكفولة للأجانب المقيمين في هذا البلد».

غير أن هذا لا ينهي التحقيق. إذ يتبين أن القوانين الفيدرالية تعكر صفو الأمور وتخول للمسؤولين الفيدراليين ترحيل المقيمين الدائمين القانونيين أنفسهم إذا ما ثبت أنهم يمثلون تهديدا للأمن القومي أو يدعمون منظمات مصنفة ضمن المنظمات الإرهابية. ونادرا ما يتم الاحتجاج بهذه القوانين، لدرجة أنه لا توجد سوابق قضائية كافية لتحديد كيفية تطبيق المحاكم لها على خليل تطبيقا دقيقا.

ومن المهم أن نتخذ منعطفا تقنيا موجزا للتوضيح. في الوقت الحالي، تعتمد الإدارة على المادة 1227 من قانون الولايات المتحدة رقم 8 التي تنص على أن «أي أجنبي تتوافر أسباب معقولة للاعتقاد بأن وجوده أو أنشطته في الولايات المتحدة قد تستتبع عواقب وخيمة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يكون قابلا للترحيل».

وتنص مادة أخرى، هي المادة 1182 من الباب الثامن في قانون الولايات المتحدة، على أن أي أجنبي «يؤيد أو يتبنى نشاطا إرهابيا أو يقنع آخرين بتأييد أو تبني نشاط إرهابي أو بدعم منظمة إرهابية» يمكن منعه من دخول البلد. ويمكن لانتهاك هذه المادة نفسها أن يشكل سببا للترحيل.

لكن الاستناد إلى هذه القوانين يثير تساؤلات إضافية. فهي، أولا، فضفاضة للغاية. ففكرة أن احتجاج طالب دراسات عليا داخل الحرم الجامعي يمكن أن يفضي إلى «عواقب وخيمة محتملة على السياسة الخارجية» تكاد تكون فكرة عبثية في ظاهرها، وحتى لو أن خليل أيد الهجمات الإرهابية على إسرائيل، يظل ذلك في نطاق حرية تعبير التي يحميها الدستور. والتعديل الأول في الدستور يسمح بمناصرة العنف، والعنف غير القانوني، ما دام المتحدث لا يحرض على عمل وشيك خارج عن القانون.

يحمي هذا المعيار متظاهري الحرم الجامعي الذين هتفوا داعين إلى «عولمة الانتفاضة»، ويحمي أيضا من يطالبون بالتهجير القسري للفلسطينيين من غزة. ففي كلتا الحالتين، يؤيد المتظاهرون أعمالا عنيفة غير قانونية. ومع ذلك، في كلتا الحالتين، يحمي الدستور حريتهم في التعبير.

والاعتداء على الإجراءات القانونية الواجبة لا يقل خطورة عن الاعتداء على حرية التعبير. ففي هذا الشهر، أعلنت إدارة ترامب إلغاء عقود ومنح فيدرالية تقدر قيمتها بنحو أربعمائة مليون دولار لجامعة كولومبيا. وجاء في بيان الإدارة أن عمليات الإلغاء جاءت «بسبب تقاعس الجامعة المستمر في مواجهة التحرش المستمر بالطلاب اليهود»، و«من المتوقع أن تتبعها عمليات إلغاء أخرى».

للوهلة الأولى، يبدو الإجراء قانونيا. ففي نهاية المطاف، يلزم الباب السادس المدارس بحماية الطلاب من التحرش، وهناك أدلة كافية على أن الطلاب اليهود واجهوا محنة في الحرم الجامعي.

لكن ثمة مشكلة، فالقوانين واللوائح الفيدرالية لا تسمح بإنهاء المساعدة المالية الفيدرالية إلا عندما «يتعذر ضمان الامتثال بالوسائل الطوعية» وعندما «يكون هناك استنتاج صريح مسجل، بعد فرصة الاستماع، بعدم الامتثال».

ولم تعقد جلسة استماع. بل تصرفت الإدارة ببساطة. وكقاعدة عامة، لا تتبع أمتنا نهج ملكة القلوب في «أليس في بلاد العجائب»: «العقوبة أولا، ثم الحكم». أو هذا ما يفترض على الأقل.

ولزيادة الطين بلة، أرسلت إدارة ترامب يوم الخميس رسالة إلى جامعة كولومبيا تطالبها فيها بإجراء تغييرات في حوكمتها، وإجراءات القبول فيها، وبرامجها الأكاديمية «كشرط مسبق للمفاوضات الرسمية» مع الإدارة. غير أن الإدارة لا تملك السلطة القانونية أو الدستورية لفرض هذه المطالب. فلا تزال جامعة كولومبيا جامعة خاصة تتمتع بحقوقها الدستورية الخاصة.

وتقول الإدارة إن هذا أول الغيث. في العاشر من مارس، أخطرت وزارة التعليم ستين جامعة باحتمالية مواجهتها إجراءات من جراء عدم حمايتها للطلبة اليهود من التحرش المعادي للسامية. وكتب الرئيس نفسه أن احتجاز خليل هو «الأول ضمن اعتقالات عديدة قادمة».

والتأثير المرعب على حرية التعبير هنا تأثير عميق. فحتى لو تم الدفاع عن حقوق خليل في نهاية المطاف، وحتى لو نجحت جامعة كولومبيا في مقاومة جهود الإدارة لإلغاء المنح والعقود والتحكم فيما تدرّسه ومن يدرسون فيها، فلن يكون غير القليل للغاية من الأشخاص أو المؤسسات مستعدين لمواجهة الإدارة، لو أن للمواجهة هذه الثمن الباهظ.

ومثلما قال جيلاني كوب، عميد كلية الصحافة بجامعة كولومبيا، لحشد من الطلاب كثير منهم من دول أجنبية: «لا أحد يستطيع حمايتكم».

يتردد أن الجامعة بدأت في التدقيق في الخطاب الذي من الواضح أنه محمي دستوريا في جامعة عامة. ففي السادس من مارس، ذكرت وكالة أسوشييتد بريس أن جامعة كولومبيا تجري تحقيقا مع طالبة تدعى مريم علوان بتهمة التحرش التمييزي. ومن جرائمها المزعومة كتابة مقال يدعو إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل.

والمفارقة المريرة في لحظتنا غير الدستورية الراهنة هي أن آراء الطلاب الأجانب قد تكون ذات قيمة خاصة عندما تهيمن الشؤون الخارجية على الخطاب الأمريكي. فلماذا لا نرغب في الاستماع إلى آراء الإسرائيليين والفلسطينيين، الذين غالبا ما يكون لديهم معرفة مباشرة بالأوضاع القائمة على الأرض؟ وهل حقا لا نريدهم أن ينعموا بالتعبير عن آرائهم بحرية عندما يفعلون ذلك؟

إنه لأمر مريع أن نقول للمهاجرين أو الطلاب الأجانب: «مرحبا بكم في أرض الأحرار، لكن انتبهوا لما تقولونه».

لقد أشرت إلى قضية سويزي ضد نيو هامشاير سابقا. لقد نشأت هذه القضية من قانون صدر عام 1951 في نيو هامشاير بهدف قمع ما يسمى بالأنشطة التخريبية. وعلى حد تعبير المحكمة العليا: «تم وضع برنامج ولاء للقضاء على « الأشخاص التخريبيين » بين موظفي الحكومة. إذ طولب جميع الموظفين القائمين، والمرشحين لمناصب انتخابية مستقبلا، بالإدلاء بتصريحات تحت القسم بأنهم ليسوا «أشخاصا تخريبيين».

ولقد تغيرت هوية «الأشخاص التخريبيين»، فبعد أن كانوا الشيوعيين أصبحوا المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، لكن دافع الرقابة لا يزال على حاله.

ومع ذلك، وكما ذكرت المحكمة العليا في قضية سويزي، فإنه «لا تنبغي إدانة محض الخروج عن المألوف أو المعارضة للأعراف السائدة. فغياب هذه الأصوات سيكون علامة على مرض خطير في مجتمعنا».

لقد ظننا أننا عالجنا هذا الداء عندما تجاوزنا فترة «الخوف الأحمر» والحرب الباردة مع بقاء التعديل الأول على حاله دونما مساس. ولكن المرض يعاودنا. ولقد أصبحت جامعة كولومبيا هي المريض رقم صفر في تفشي الرقابة والقمع. وما لم يتم إيقاف الأمر عند هذا الحد، فلكم أن تتوقعوا خضوع المزيد من الجامعات لسيطرة ترامب. ولكم أن تتوقعوا انتشار القمع السياسي ليتجاوز حدود الجامعة. ولكم أن تتوقعوا استماع المزيد من المعارضين لطرق على الباب وسؤال: «هل أنت فلان؟»

ومرة أخرى، نرى الحرية الأمريكية في الميزان. لقد سلم دستورنا سابقا من موجات من القمع الحكومي، ولا ضمانة لأن يسلم من موجات أخرى.

ديفيد فرينش من كتاب الرأي في نيويورك تايمز

** خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • حماس.. المهمة الصعبة في إقليم يتغير
  • لا تخدعوا أنفسكم بأن الأمر سيقتصر على جامعة كولومبيا
  • أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين في باب المندب
  • إنجاز جديد.. الأمم المتحدة تختار مصر لتنفيذ مبادرة وقائية عالمية للأطفال |فيديو
  • صحف عالمية: الحواجز الإسرائيلية تفرض واقعا معيشيا صعبا بالضفة الغربية
  • مظاهرة حاشدة في لوس أنجلوس للتضامن مع طلبة جامعة كولومبيا (شاهد)
  • عشرات الآلاف يتظاهرون ضد الحكومة الصربية في بلغراد
  • احتجاجات حاشدة في بلغراد لمحاربة الفساد
  • ريهام حجاج: الذكاء الاصطناعي في الفن سيكون منظمًا بعقود وشركات عالمية| فيديو
  • جامعة بني سويف من أفضل 300 مؤسسة عالمية في العلوم الصيدلانية