ما مصير الورقة الفرنسية حول تموضع حزب الله وفصل جبهتي لبنان وغزة؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
بيروت- تكثر الطروحات الدولية والإقليمية لإيجاد حل للواقع الحدودي الملتهب بين لبنان وإسرائيل، منذ التصعيد العسكري بين حزب الله وقوات الاحتلال عقب "طوفان الأقصى".
وبعدما كان العنوان تطبيق القرار الأممي 1701 -بشأن وقف القتال في لبنان- وفق رؤية إسرائيل، وهي اقتلاع منظومة الصواريخ والسلاح التابعة لحزب الله، يعمد حلفاؤها راهنا، وفي طليعتهم واشنطن وباريس، إلى الضغط على الدولة اللبنانية في هذا الاتجاه، وتحت عنوان "فصل مسار جبهتي غزة وجنوب لبنان".
قبل أيام، وعقب زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إلى بيروت، تسلم لبنان رسميا "الورقة الفرنسية" التي تتضمن مقترحات لوقف المواجهة الحدودية بين حزب الله وإسرائيل.
وبعدما كانت باريس تتبنى، مثل واشنطن وحلفائهما، المطلب الإسرائيلي بابتعاد الحزب نحو 10 كيلومترات عن جنوب لبنان، عمدت إلى استخدام تعبير أكثر دبلوماسية، وهو "إعادة تموضع" حزب الله.
وتفيد المعطيات بأن الحزب تسلم "الورقة الفرنسية" دون أن يبدي سلبية تجاهها، خصوصا أن لباريس باعا طويلا في محاورته بملفات لبنانية عديدة قبل حرب أكتوبر/تشرين الأول.
لكن أوساط الحزب تؤكد الثبات عند ما أعلنه أمينه العام حسن نصر الله مرارا، وهو الرفض المطلق لوقف إطلاق النار في الجنوب وعملياته العسكرية ضد إسرائيل، قبل وقفها عدوانها على قطاع غزة.
وتوازيًا مع الدعوات المتواصلة إلى فصل مسار ومصير جبهتي لبنان وغزة، حملت "الورقة الفرنسية" للمسؤولين اللبنانيين، وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب (حليف حزب لله) نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اقتراحات عديدة، أبرزها، وفق الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة:
الوقف الفوري للعمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل. إعادة تموضع حزب الله في المنطقة الحدودية، "بمعنى تنفيذ المطلب الإسرائيلي-الأميركي السابق لجهة انسحاب الحزب من جنوب الليطاني بمسافة تتراوح بين 8 و10 كيلومترات". عودة نحو 100 ألف نازح لبناني إلى القرى الجنوبية، وكذلك عودة 100 ألف إسرائيلي إلى المستوطنات الشمالية. وفي مرحلة متقدمة، تشكيل لجنة خماسية مؤلفة من ممثلين عن الجيشين الأميركي والفرنسي وعن قوات الطوارئ (يونيفيل)، وعن الجيش اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، لحل النزاع الحدودي القائم على 13 نقطة. إضافة إلى حل الخلاف حول بلدة الغجر وهوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي احتلتها إسرائيل سنة 1967، وتحديد ملكيتها عبر مباحثات مع الجانبين اللبناني والسوري. ضغوطوتتقاطع "الورقة الفرنسية" مع الورقة الأميركية التي سبق أن طرحها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، بين تل أبيب وبيروت.
ويشير حمادة للجزيرة نت إلى أن من مهام اللجنة الخماسية المتوقعة، تثبيت الحدود بين لبنان وإسرائيل وفقا لخرائط 1926 واستنادا لاتفاق الهدنة بين الطرفين سنة 1949، مع محاولة إنهاء النزاع الحدودي بصورة كاملة من نقطة بي1 "b1" في رأس الناقورة حتى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
كما أن من مهامها الدفع نحو الالتزام بالقرار 1701 كأهم غطاء دولي بين الطرفين. ويتحدث حمادة عن مساع ما تزال خجولة، تعمل على تهيئة الأرضية لتفاوض غير مباشر بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي في باريس، بواسطة فرنسية، على طريقة المفاوضات التي أجريت بين أميركا وإيران في فيينا.
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر (مقرب من حزب الله)، إن الحزب لن يناقش أي طرح، حتى لو تسلَّمه، قبل وقف العدوان على غزة، خصوصا في البند المتعلق بإعادة التموضع جنوب الليطاني.
ويتحدث عن ضغوط إقليمية عديدة تتم ممارستها على لبنان، ذلك أن "السعودية ومصر مثلا، تطالبان لبنان بفصل مصير الجبهتين وإن كانتا لا تجاهران بذلك".
ويضيف عبد الساتر للجزيرة نت أن الأصوات اللبنانية المعارضة لحزب الله والتي تتماهى مع المطالب الدولية، لا وزن لها ميدانيا أمام قوة الحزب وحضوره الحدودي وفي الجنوب.
ويلفت إلى أن حكومة ميقاتي أعربت أكثر من مرة عن التماهي مع ما يريده حزب الله، على قاعدة أنها لا يمكن أن تمضي بأي طرح بمعزل عن رغبته، وهو "صاحب اليد الطولى في الجنوب".
قدرات عسكريةويجد الكاتب عبد الساتر أن باريس وواشنطن تريدان في نهاية المطاف مصلحة إسرائيل وعدم اتساع الحرب باتجاه الساحة اللبنانية، خوفا من انعكاساته الكبيرة على إسرائيل، بفعل إدراكهما قدرات حزب الله العسكرية الهائلة، والتي تتجاوز بأضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية التي لم تتمكن إسرائيل من هزيمتها حتى الآن.
وبرأيه، فإن فرنسا لم تيأس من محاولة حجز موقع وازن بالملف اللبناني، بعد الفشل الذي منيت به مختلف مبادراتها عقب تفجير مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020.
الرد اللبناني على هذه الطروحات؟
بحسب المحلل علي حمادة، فإن الرد، سواء على الطرح الفرنسي أو على الدعوات الإقليمية لفصل الجبهتين، لن يكون لبنانيا، بل هو عمليا رد حزب الله، الذي يُبلغ موقفه للحكومة ورئيس مجلس النواب لاعتماده. ويتوقع كثيرون مواصلة الحزب إصراره على رفض وقف إطلاق النار قبل وقفه في غزة.
ويقول حمادة إن فرنسا قدمت ورقتها منفردة، لكنها شاورت واشنطن حتما قبل تقديمها، وتاليًا تقبل واشنطن بها إذا نجحت باريس بإقناع حزب الله بوقف فوري لإطلاق النار.
وباعتقاده، فإن هذا الملف محصور إقليميا بيد الفرنسيين والإسرائيليين والأميركيين، وإيران بالخلفية، وسيبقى على الطاولة إلى حين تحديد مصير الحرب بقطاع غزة. ومن المفترض أن يجيب رئيس مجلس النواب على الورقة الفرنسية التي تسلمها من السفارة الفرنسية، بين اليوم الجمعة وغدا السبت.
أما الكاتب فيصل عبد الساتر، فيرجح ترقب تل أبيب لهذا الرد، بعدما باتت تريد وقف عمليات حزب الله ضدها بأي ثمن يحفظ ماء وجهها من جهة، ويزيل خطر وجوده على المستوطنين بالشمال من جهة أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الورقة الفرنسیة بین حزب الله عبد الساتر
إقرأ أيضاً:
حوارٌ بلغة الحديد والنار.. قتلى وقصف على الحدود بين سوريا ولبنان أي مصير ينتظر المنطقة؟
لا يبدو أن الاشتباكات على الحدود اللبنانية- السورية ستذهب نحو تهدئة سريعة على غرار المرة الماضية. فبعد ساعات من الهدوء الحذر، عادت قوات أمن الإدارة السورية الجديدة "لاستهداف القرى اللبنانية بصواريخ الكاتيوشا"، حسبما أكدت مصادر لبنانية لـ"يورونيوز".
بعد مقتل ثلاثة عناصر تابعين لوزارة الدفاع السورية على الأراضي اللبنانية، تجددت الاشتباكات بين الأمن السوري والعشائر الشيعية المسلحة بمؤازرة الجيش اللبناني، في ظل اختلاف بين السرديتين حيال أسباب المواجهات واندلاع المعركة.
من جهة، يقول الجانب السوري إن "مجموعة من ميليشيا حزب الله نصبت كمينا أدى إلى خطف ثلاثة من عناصر من الجيش على الحدود السورية اللبنانية، واقتادتهم نحو الأراضي اللبنانية وقامت بتصفيتهم تصفية ميدانية"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السورية "سانا".
كما نددت وزارة الإعلام السورية ما وصفته بـ" الاستهداف المباشر لمجموعة من الصحفيين والإعلاميين أثناء قيامهم بالتغطية قرب الحدود اللبنانية-السورية، وذلك عبر صواريخ موجّهة أطلقتها ميليشيا حزب الله" حسب قولها.
من جانب آخر، نفى حزب الله مسؤوليته حول ما يجري، وقال في بيان: ".نجدد التأكيد على ما سبق وأعلنا عنه مرارا، بأن لا علاقة لحزب الله بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية"
وكانت السلطات اللبنانية قد أعلنت عن تسليم الجثث الثلاثة للإدارة السورية، والقبض على شخص يشتبه في أنه يقف وراء العملية للتحقيق فيما حدث لكن مع ذلك فإن الاشتباكات لم تهدأ بعد.
وبعد ساعات، أعلن الجيش اللبناني، أنه "رد على مصادر نيران أطلقت من الأراضي السورية تجاه قرى وبلدات لبنانية في محيط منطقة القصر - الهرمل الحدودية". مشيرًا إلى أن "الاتصالات مستمرة بين قيادة الجيش والسلطات السورية لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية".
Relatedماذا يجري على الحدود بين سوريا ولبنان؟ محاولة لضبط الأمن أم تصفية حسابات مع حزب الله وعهد بشار الأسدالتوتر يعود إلى الحدود.. الجيش اللبناني يرد على مصادر النيران في سوريا ويسلم دمشق جثامين 3 قتلىبروكسل تستضيف وزير الخارجية السوري.. وألمانيا تدعم سوريا بـ300 مليون يوروفي مقابلته مع "يورونيوز" قال محمد عواد، المستشار في العلاقات السياسية، وأحد المطلعين على الملف أن "الأمور ذاهبة نحو التصعيد"، وأكد على اختلاف طبيعة الاشتباكات عنسابقاتها.
يقول عوّاد: "في المرة الماضية، انتهت الاشتباكات بين العشائر اللبنانية وقوات الأمن السورية بعد انسحاب العشائر من القرى السورية، وأمسك الجانب السوري بزمام الأمور في المنطقة. أما الآن، فالقصف السوري المستمر على القرى اللبنانية الذي خلّف قتلى وجرحى، والغموض المحيط بالدوافع وراء دخول العساكر السوريين إلى الجانب الآخر من الحدود، كل هذا يعطي الأحداث سياقًا مختلفا، خاصة وأن الجانب اللبناني قبض على المتورط بمقتل العناصر".
وتابع عواد: "المتهم، وهو غير تابع للعشائر اللبنانية أو لحزب الله كما قيل، وقد اعترف بأنه قتل العناصر الثلاثة، والقوى الأمنية اللبنانية تستكمل تحقيقها معه كما سلمت الجثث للجانب السوري ".
ويردف: " لكن لا يزال غير واضح ما الذي حدث بين المتهم وبين العساكر السوريين، حيث أن هناك أسئلة كثيرة مثل: ما الذي أتى بهم إلى الأراضي اللبنانية، ما هي دوافعهم؟ كيف دخلوا؟ لذلك لا يمكن القول إن طبيعة المسألة تشبه الاشتباكات الماضية".
كما يؤكد المستشار في العلاقات السياسية لـ"يورونيوز" أن هناك توجهًا لدى العشائر اللبنانية للتصعيد في المنطقة، لأنها تعتبر أن ما يحدث، في ظل إمساك الدولة اللبنانية بالمتهم، وتسليم الجثث السورية، وفي ظل وجود ضبابية حول دوافع العناصر من دخول الأراضي اللبنانية، ناهيك عن استمرار القصف من الجانب السوري، هو بمثابة التعدي عليهم، كما يقول.
وفي الشهر الماضي، شهدت الحدود اللبنانية السورية توتراً أمنياً ملحوظاً، حيث اندلعت اشتباكات دامية بين القوات التابعة للنظام السوري، والعشائر اللبنانية الشيعية التي تسكن منطقة الهرمل من جهة أخرى.
وقد أسفرت المعارك عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وشهدت المنطقة عمليات خطف، فضلاً عن تبادل إطلاق النار باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. كما شارك الجيش اللبناني بالمعركة جزئيًا، حيث رد على مصادر النيران القادمة من الأراضي السورية.
وكما حدث هذه المرة، تضاربت السرديات حول الاشتباكات حيث قالت قوات الأمن السورية إن المعارك على الحدود مع لبنان تأتي في سياق محاولتها لضبط الأمن في تلك المنطقة وأن عملياتها كانت تستهدف "مهربين وأفرادا مطلوبين للدولتين وأشخاصا تابعين لحزب الله"، ولم تكن مع العشائر اللبنانية.
في المقابل، أصدرت العشائر بيانًا قالت فيه إن "قوات النظام السوري بادرت بإطلاق النار على بيوت المدنيين في القرى اللبنانية المتاخمة للحدود مع سوريا"، وهو ما استدعى ردًا ناريًا منها. وأكدت على عدم وجود علاقة تربطها بحزب الله، أو بتجّار المخدرات الذين يعدون حالات فردية لا يصح تعميمها.
وتمتلك منطقة الهرمل التي تجري فيها الاشتباكات خصوصية، فقبل نحو 9 سنوات، شنت جبهة النصرة التي كان يتزعمها أبو محمد الجولاني المعروف حاليا باسم أحمد الشرع، مع تنظيم "داعش"، حملة شرسة على جرود لبنان خلال الحرب الأهلية السورية، سيطروا خلالها على جزء من القرى الحدودية.
واشتعلت في تلك الفترة معارك لتحرير الأراضي من النصرة وداعش، عُرفت في لبنان باسم "فجر الجرود" شاركت فيها العشائر المسلحة وحزب الله إلى جانب الجيش اللبناني الذي كان يقوده آنذاك جوزاف عون وقد أسفرت تلك المعارك عن دحر جبهة النصرة وداعش، وساهمت في تعزيز الروابط ما بين الجيش وحزب الله والعشائر.
أما الآن، وفي ظل التغيرات الكبيرة في البلدين الجارين نتيجة الأحداث الجيوسياسية المتسارعة، مثل الحرب الإسرائيلية على لبنان وتأثيرها على قوة حزب الله العسكرية، وصعود الإسلاميين إلى الحكم في سوريا، وتبعات ذلك على خطوط إمداد السلاح إلى الحزب، تطرح العديد من الأسئلة حول مستقبل العلاقة بين البلدين والعوامل التي ستحدد شكلها، وأبرزها: هل سيكون للتوتر الجاري على الحدود السورية اللبنانية دور في رسم موازين القوى؟
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لماذا يتهم رواد مواقع التواصل الجنود الأوكرانيين بفبركة مشاهد الحرب؟ بعد قضية شركة "هوواي".. كيف يُنظم البرلمان الأوروبي عمل جماعات الضغط؟ التريث و"الفحص الكامل" سيدا الموقف .. كيف ردّت إيران على رسالة ترامب؟ سوريانزاع حدوديحزب اللههيئة تحرير الشام