بقلم: إبراهيم سليمان
رغم النفي الباهت من وزارة الخارجية السودانية، لما بدر من ضباط الجوازات ضمن بعثة السجل المدني بيوغندا، ثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن هنالك قرارا قد صدر من السلطات السودانية، بحرمان جماعي لمواطنين سودانيين ينتمون إلى اثنيات محددة من غرب السودان، من الحصول أو تجديد جوازات سفرهم؟ إذ أن هنالك أفراد عاديون، لا ترتقي شهاداتهم إلى الشك، قدموا إفادات ومستندات تأكد وقوع هذه التصرفات من بعثة السجل المدني في كمبالا.


حيث كتب الرائد شرطة ياسر محمد النور محمد بخط يده الآثمة، على صورة جواز سفر المواطن عثمان مختار محمدي بشار "حظر: قرار وزاري رقم 54 لسنة 2024م" وهو تأكيد مادي أن القرار 54 قد صدر، وأن وزارة الخارجية، تحاول عبثاً مدارة سوأة تصرفها المشين.
من الغباء الظن أن حرمان أثنيات تصنف أنها حواضن افتراضية لقوات الدعم السريع، سيحقق النصر للجيش السوداني، وتمكن حكومة بورتسودان من حسب معركتها مع الشعب السوداني، لصالح استمرار "سيستم" دولةــ56 الجهوية العنصرية.
رغم أن مصادرة جوازات الساسة المعارضين للأنظمة الحاكمة عبر التاريخ، ليست بجديد، إلاّ أن اتخاذ مثل هذا القرار كعقاب جماعي يسرى ضد أفراد لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب الدائرة الآن، لهو الشطط بعينه، يظهر قبح مآل دولةــ 56 الظالمة.
كيف لمنظومة جهوية تمثل أقلية ضئيلة من مكونات الأمة السودانية، أن تسيطر على القرار السيادي في البلد، وتقرر بمزاجية معيبة لمن تمنح الجنسية، ومن من ينزع الجواز السوداني، ومتى؟ الجواز السوداني الذي منح لكل من هبّ ودبّ، طيلة عهد الإنقاذ، يحرم منه، أبناء من استبسل أسلافهم في دحر الغزاة، وكانوا من صانعي استقلال السودان، من المستعمر الإنجليزي ــ المصري؟ ولهم زادهم المقدر في كافة مراحل بناء الدولة السودانية!
والشيء بالشيء يذكر، وبمناسبة ذكرى رحليه المر، في 24 أبريل 2015م تورد موسوعة الويكيبيديا أن القامة الوطنية الكبير محمد الفيتوري عليه شآبيب الرحمة "أسقطت عنه الحكومة السودانية إبان عهد الرئيس جعفر نميري الجنسية السودانية وسحبت جواز سفره لمعارضته للنظام، فمنحته حكومة طرابلس عام 1974 الجنسية الليبية".
وهو قرار ظاهره سياسي، لكنه لا يخلُ من عنصرية بغيضة، إذ أن شاعرنا الراحل، ظل من منتصف السبعينات بلا جنسية سودانية، إلى أواخر عهد نظام الإنقاذ، رغم تعاقب الحكومات، لذا ليس غريباً أن يرى نفسه أنه ابن أفريقيا، وهو شاعر أفريقيا بكل جدارة. ولا غرو أن من أشهر قصائده: (الحصاد الأفريقي) التي حواها ديوان (عاشق من أفريقيا) في الستينيات. وغناها الراحل محمد وردي وعُرفت في الأدب الثوري السوداني باسم (أصبح الصبح). وذلك بعد ان حوّر وردي الكثير من أبياتها منها (أبداً ما هُنت يا أفريقيا يوما علينا)، فجعلها (يا سوداننا)! حسبما أورده الكاتب مصطفى البطل في أحدى مقالاته (غربا بتجاه الشرق).
ما أقدمت عليه السلطات السودانية، النازحة في بورتسودان، يمثل قمة الإفلاس السياسي، يبرر الإصرار على إنهاء دولةــ56 التي أطرت للفرز الجهوي، والتمييز العرقي التي أوصلت البلاد للحرب الدائرة الآن.
ووزارة الخارجية، واحدة من "الحواكير" شبه المغلقة، على من يتوهمون إنهم الأوصياء على الآخرين، ومن غير الممكن أن يدخلها، أبناء الغبش دون وساطة، "كتمومة جرتق" شأنهم في ذلك شأن كافة المواقع السيادية والتنفيذية الحساسة في الدولة. لذا ليس مستغرباً أن يصدر القرار رقم ــ 54 المشؤوم لسنة 2024م، القاضي بحظر أبناء أثنيات بعينها من الحصول على الجواز السوداني أو تجديده لهم.
على السلطات السودانية، تدارك هذا القرار المشين فورا، وعلى بعثة السجل المدني بيوغندا، الاتصال الفوري بمن حظرت تجديد جوازاتهم، لمراجعتها وإجراء اللازم مع الاعتذار، وإلا فعلى نفسها جنت براقش.
# لا لاستمرار دولة ــ 56 الظالمة.

ebraheemsu@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الإمارات تسلم تقريرها الدوري إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري

جنيف / وام
سلّمت دولة الإمارات، تقريرها الجامع للتقريرين الدوريين الثاني والعشرين والثالث والعشرين، بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، وذلك في سياق التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان.
ويتضمن التقرير، الجهود التي تبذلها الدولة نحو مكافحة التمييز بجميع أشكاله، وإعمال أحكام الاتفاقية على الصعيد الوطني، كما يتناول الأطر القانونية والمؤسسية والسياسات الوطنية التي اعتمدتها الدولة، بما يسهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتعزيز التنوع الثقافي والاجتماعي في دولة الإمارات.
ويؤكد التقرير التزام الإمارات بتحقيق بيئة شاملة وعادلة لجميع أفراد المجتمع، ويعكس التقدم الذي تم إحرازه في مجال تعزيز حقوق الإنسان في الدولة.
جدير بالذكر، أن دولة الإمارات انضمت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في عام 1974.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على أكبر مدينتين بولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يسيطر على مناطق جديدة بالجزيرة
  • يبدو أن قائد مليشيا الدعم السريع لن يفيق من غيبوبته إلا عند تسليمه حيا أو ميتا للشعب السوداني
  • الفيلم السوداني «الخرطوم» يشارك في مهرجانين بأمريكا وألمانيا 
  • الفيلم السوداني ( الخرطوم ) يشارك في مهرجانين بامريكا وألمانيا 
  • تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
  • الإعيسر يبحث مع المشرفين على مشروع حماية التراث الحي في السودان سبل حماية الآثار السودانية
  • الجيش السوداني يعلن استعادته مدينة أم روابة بشمال كردفان جنوب البلاد
  • الهيئة الشعبية لابيي : أبناء المنطقة وحدهم من يحددون مصيرها
  • الإمارات تسلم تقريرها الدوري إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري