حمية الصراع الإستراتيجي على السدوان
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
عندما بدأت الحرب في السودان في 15 إبريل 2023م، كان المشهد السياسي يقول أن الحرب جاءت نتيجة للخلافات التي برزت في الخلاف بين المجموعات المدنية و العسكرية في " الإتفاق الإطاري" و كانت الأجندة الأجنبية رغم ظهورها الواضح في المجموعات المختلفة " الرباعية أمريكا و بريطانيا و السعودية و الأمارات" و الثلاثية " البعثة الأممية و الاتحاد الأفريقي و الإيغاد" إلي جانب الاتحاد الأوروبي، كل هؤلاء كانوا يمثلون الداعم الأساسي لعملية " الاتفاق الإطاري" لكن العملية بدأت تأخذ بعدها الأخر، عندما دعت الأمارات رئيس تشاد محمد كاكا في 13يونيو 2023م و قدمت له دعما بمبلغ مليار و نصف دولار حتى يفتح مطاراته لاستقبال الطائرات الأماراتية المحملة بالدعم العسكري و التشوين إلي ميليشيا الدعم السريع، بدأ الدعم الخارجي يظهر بوضوح، بعدها سافر رئيس الأمارات محمد بن زايد إلي روسيا في 16 يونيو 2023م لحضور المؤتمر الاقتصادي في بطرسبرغ، و رغم حضور أبن زايد مبكرا لكن فضل الرئيس الروسي أن يعطى الكلمة بأسم الحضور للرئيس الجزائري عبد المجيد بن تبون متجاهلا محمد بن زايد الأمر الذي أغلق الباب في وجه أبن زايد أن يفتح أي قضية تخص منظمة فاغنر و دورها في السودان و لدعم الميليشيا.
في 27 يوليو 2023م حضرت الدول الأفريقية مؤتمرها مع روسيا، و التي قال فيها رئيس بوركينافاسو ( يجب علينا التوقف نحن كرؤساء الدول الأفريقية كدمي تحركها الإمبريالية.. و يجب علينا طرح الأسئلة الصعبة .. كيف تكون بلادنا غنية بالثروات و شعوبنا جائعة؟ جيلي يقول لماذا نحن نعبر المحيط إلي أوروبا نبحث عن الدعم و هم يتنعمون بخيراتنا؟ و عندما نهب لمطالبة حقوقنا نوصف بالميليشيا؟ جاء اليوم الذي يجب على اجيال الدول الأفريقية أن يتمتعوا بثرواتهم؟) بوركينافسو كانت أحدى منظومة الدول التي تسيطر على ثرواتها فرنسا، و عملت انقلابا عسكريا لكي تغير خارطتها السياسية التابعة للغرب و تبعتها مالي، و بعد مؤتمر بطرسبرغ جاء انقلاب النيجر ثم تبعتها الغابون، هذا التحول في أفريقيا أرق الغرب، و أصبحت فرنسا جاهدة لكي تعيد الوضع الذي كان قبل الانقلاب، و لكنها أجبرت على الخروج من النيجر. و بقيت الولايات المتحدة التي قالت أنها سوف تجتهد للحوار مع القيادة الجديدة، و بعد خروج فرنسا طلب من الولايات المتحدة المغادرة وغادرت.. بعدها طلبت النيجر خبراء روس لتدريب جيش النيجر، ثم تبعت ذلك السنغال التي انتخبت في مارس 2024م رئيسا لها باسيرو ديوماي فاي الذي وعد بعدم خنق السلطة التنفيذية لكل من السلطة التشريعية و القضاء لكي يكون هناك حقيقة نظاما ديمقراطيا، و إصلاح اقتصادي في البلاد، و أن تكون علاقة السنغال مع الخارج لمصلحة الشعب السنغالي، و الأخيرة تبين الموقف من فرنسا. هذا التحول في عدد من الدول الأفريقية يؤكد أن الساخل من القرن الإفريقي إلي الحيط الاطلنطي ذاهب نحو إستراتيجية جديدة دون التي كانت سائدة لمصلحة الغرب و الخاسر الأكبر فرنسا..
لم يبق لفرنسا في أفريقيا إلا تشاد و إفريقيا الوسطى و هما دولتان فقيرتان مقارنة بالدول التي فقدتها و التي كانت تجلب منها خاصة " اليورانيوم" لتشغيل مفاعلاتها النووية، و بالتالى لابد أن تبحث عن البديل قبل أن تضربها الأزمة بقوة، فكانت أعينها على إقليم دارفور المجاور لكل من تشاد و أفريقيا الوسطى، و جاء دخول فرنسا في القضية السودانية بشكل مباشر من خلال الدعوة لعقد مؤتمر باريس لدعم السودان، الذي يظهر بأنه دعما اقتصاديا للمتضررين من الحرب لكنه يعد مدخلا سياسيا و محاولة لفرض أجندة جديدة تمسك خيوطها كل من فرنسا و حليفتها ألمانيا، و صرح ماكرون أنه لا يعترف باالسلطة بعد انقلاب 25 أكتوبر..
كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد سحبت ملف السودان من الخارجية الأمريكية عندما فشلت مساعدة وزير الخارجية " مولي في" في إيجاد حل سياسي، للأزمة السودانية و جاء الملف للرئاسة و عين توم بيرييلو مبعوثا للسودان و طاف على كل الدول المجاورة للسودان و التقى بسودانيين خارج السودان لكنه لم يزور السودان، و يلتقي بالمواطنيين و السلطة داخل السودان.. و أرسلت السلطة في السودان رئيس مخابراتها لموسكو و التقى بالقيادات الروسية، و تم إرسال نائب وزير الخارجية الروسي كمبعوث رسمي من الرئيس بوتين لبورتسودان الذي التقى بالقيادة و تحدث عن علاقات إستراتيجية بين البلدين و أهتمام روسيا بالاستثمار في مجال المعادن في السودان.. هذا الذي أثار حفيظة أمريكا، و استدعاء الكونجرس للمبعوث الأمريكي للسودان لمسائلته عن السودان، و أقر أن الأمارات تعتبر داعما رسميا للميليشيا في الحرب، و وعد أن الجولة القادمة في منبر جدة سوف تكون الأخيرة.. لكن هل القيادة الأمريكية تملك ورقة ضغط على السودان، أم إنها قررت أن يكون الحل مبني على استبعاد الميليشيا عن الساحتين العسكرية و السياسية حتى تعطي فرصة لخدوم حلفائها السياسيين؟. الأخيرة هذه يقررها الشعب السوداني و ليس النفوذ الخارجي...
أن الصراع الإسترايجي في أفريقيا بين الاعبين الدوليين مسألة أصبحت حقيقة واقعة في أفريقيا، الممتدة من القرن الآفريقي للساحل الغربي للاطلنطي، و هذا الصراع سوف تتأثر به شعوب المنطقة، و سوف تراهن دول المصالح على السلطة القوية في الدول، و ليس الضعفاء.. و الملاحظ أن القوى السياسة المتشظي علي نفسها في السودان هي الحلقة الضعيفة في المنظومة، و أن الحرب قد استطاعت فيها قيادة الجيش أن تلف حولها أغلبية الشعب، نتيجة لأفعال الميليشيا ألتي نقلت حرب إلي منازل المواطنين و ممتلكاتهم.. الأمر الذي جعل قيادة الجيش تصرح بالواضح أن الفترة الانتقالية سوف تكون تحت أشراف الجيش، و كل هذه تفرضها الصراعات الإستراتيجية و بها تتغير الأجندات باستمرار.. و يصبح السؤال الذي أكرره دائما من الذي يصنع الحدث و يفرض أجندته للحوار؟ هو الذي سوف يشكل مستقبل السودان... نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدول الأفریقیة فی السودان فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
طرحت فرنسا والمملكة المتحدة فكرة إرسال قوات إلى الميدان كضمان أمني بعد اتفاق السلام. ولكن حتى الآن، يبدو أن قلة من الدول توافق على ذلك.
خلال قمة عُقدت في لندن يوم الأحد، طرحت فرنسا والمملكة المتحدة، مقترحًا لتطوير "تحالف الراغبين"، بهدف تعزيز الدفاع عن أوكرانيا والمساهمة في أي خطة سلام مستقبلية، في إطار الجهود الغربية المستمرة لدعم كييف في مواجهة التحديات الأمنية.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التحالف بأنه مجموعة من الدول "المستعدة لدعم أوكرانيا بقوات على الأرض وبطائرات في الجو، والعمل مع الآخرين ".
لا تزال طبيعة المهمة العسكرية المحتملة للقوات الغربية في أوكرانيا غير واضحة، وسط تساؤلات استراتيجية حول نطاق وأهداف هذا التدخل. ويطرح فيليب بيرشوك، مدير "معهد البحوث الاستراتيجية" في المدرسة العسكرية في أوروبا، سلسلة من التساؤلات الجوهرية حول السيناريوهات المحتملة لنشر القوات.
ويشير بيرشوك ليورونيوز إلى أن هناك فارقًا جوهريًا بين إرسال قوات إلى غرب أوكرانيا للسماح للجيش الأوكراني بإرسال وحدات محلية للقتال على الجبهة، وبين نشر قوات لحفظ السلام، حيث يتطلب هذا الأخير تمركز قوات عند خطوط التماس لمنع استمرار القتال، وهو نهج يختلف تمامًا عن التدخل العسكري التقليدي.
Relatedأوكرانيا تجدد رفضها دخول مفتشي الطاقة الذرية إلى زابوروجيا عبر الأراضي المحتلةرئيس وزراء السويد السابق" يصف مفاوضات ترامب للسلام حول أوكرانيا بأنها مباحثات "هواة" ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامبويقدر الخبراء أن تنفيذ مهمة حفظ سلام موثوقة يتطلب نشر عدة آلاف من الجنود. وفي هذا السياق، صرّح سفين بيسكوب، الباحث في "معهد إيغمونت" في بروكسل، لقناة يورونيوز قائلاً: "قد يكون من الضروري إرسال فيلق عسكري يضم 50 ألف جندي، لإيصال رسالة واضحة إلى روسيا مفادها أننا جادون للغاية في هذا الأمر."
ورغم أن باريس ولندن تبديان استعدادًا لاستكشاف هذا الخيار، إلا أن المواقف الأوروبية لا تزال منقسمة بشكل كبير حيال هذه الخطوة الحساسة، إذ تتحفظ بعض الدول على التصعيد العسكري المباشر، ما يضع مستقبل هذا المقترح أمام اختبار سياسي ودبلوماسي معقد.
الدول المترددةويبدو أن بعض الدول الأوروبية تتجه نحو تأييد المبادرة الفرنسية-البريطانية، لكنها لم تحسم موقفها بعد بشأن مسألة نشر جنود على الأرض في أوكرانيا.
ففي البرتغال، تعهدت الحكومة بدعم الخطة التي ستضعها لندن وباريس، لكنها ترى أن الحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا في إطار عملية حفظ السلام لا يزال سابقًا لأوانه. وأكد الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا أن أي قرار يتعلق بنشر قوات برتغالية يجب أن يُعرض على المجلس الأعلى للدفاع الوطني، المقرر اجتماعه في 17 مارس للنظر في الأمر.
أما في هولندا، فقد أوضح رئيس الوزراء ديك شوف أن بلاده لم تقدم أي التزامات ملموسة بعد، لكنه أكد انضمام هولندا إلى الجهود العسكريةالفرنسية-البريطانية للمساهمة في وضع حلول ممكنة.
بدورها، قد تنضم إسبانيا إلى المبادرة في مرحلة لاحقة، إذ صرّح وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أن مدريد "ليس لديها مشكلة" في إرسال قوات إلى الخارج، لكنه شدد على أن التركيز الحالي بشأن أوكرانيا لا يزال سياسيًا ودبلوماسيًا بالدرجة الأولى. ومع ذلك، يبدو أن الرأي العام الإسباني يدعم هذا التوجه، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "لا سيكستا" أن 81.7% من الإسبان يؤيدون نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا.
إيطاليا وبولندا: المتشككونرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تُعد من أكثر القادة الأوروبيين تحفظًا بشأن فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، حيث وصفتها بعد اجتماع لندن بأنها "حل معقد للغاية وربما أقل حسمًا من الخيارات الأخرى". وأكدت في تصريحاتها أن إرسال قوات إيطالية لم يكن مطروحًا على جدول الأعمال في هذه المرحلة.
وترى ميلوني أن أفضل ضمان أمني لأوكرانيا يكمن في تفعيل المادة 5 من ميثاق الناتو، التي تلزم جميع أعضاء الحلف بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لهجوم. ومع ذلك، يظل تطبيق هذه المادة غير واضح في ظل عدم عضوية أوكرانيا في الحلف، مما يجعل مقترح ميلوني غير محدد المعالم في الوقت الحالي.
Relatedردًّا على ترامب وبوتين: الدنمارك تُطلق صفقة تسليح ضخمة بـ6.7 مليار يوروفون دير لاين تدعو لتسليح أوكرانيا "بسرعة" حتى لا تصبح لقمة سائغة في فم روسياقمة أوروبية تناقش تعزيز تسليح أوكرانيا والحرب في غزةأما في بولندا، أحد أبرز داعمي أوكرانيا منذ بداية الحرب، فلا يزال الموقف حاسمًا برفض إرسال قوات بولندية إلى الأراضي الأوكرانية. وأوضح رئيس الوزراء دونالد توسك أن بلاده تحملت بالفعل عبئًا كبيرًا باستقبال نحو مليوني لاجئ أوكراني خلال الأسابيع الأولى من الحرب، مما يجعلها غير مستعدة للانخراط عسكريًا بشكلٍ مباشر.
وبينما تبدو وارسو مستعدة لتقديم الدعم اللوجستي والسياسي، إلا أنها لا تعتزم نشر قوات على الأرض، ما يعكس الانقسامات داخل أوروبا بشأن هذا الخيار العسكري الحساس.
المجر وسلوفاكيا، غير مستعدتين على الإطلاق للقيام بذلكتتخذ كل من المجر وسلوفاكيا موقفًا أكثر انتقادًا للدعم العسكري الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، إذ تدفعان باتجاه فتح حوارٍ مع روسيا لإنهاء الحرب بدلاً من تصعيد المواجهة العسكرية.
وهاجم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان القادة الأوروبيين المجتمعين في لندن، متهمًا إياهم بالسعي إلى "مواصلة الحرب بدلاً من اختيار السلام"، في إشارة واضحة إلى رفضه لاستراتيجية الدعم العسكري المستمر لكييف.
من جانبه، أعرب رئيس وزراء سلوفاكيا عن تحفظه الشديد تجاه مبدأ "السلام من خلال القوة"، معتبرًا أنه مجرد مبرر لاستمرار الحرب في أوكرانيا بدلًا من البحث عن حلول دبلوماسية حقيقية.
وبناءً على هذه المواقف، يُستبعد تمامًا أن تنضم بودابست وبراتيسلافا إلى أي مبادرة لنشر قوات أوروبية، إذ ترفض حكومتا البلدين بشكلٍ قاطعٍ الانخراط العسكري المباشر في النزاع الأوكراني.
موقف برلينتتوجه الأنظار الآن إلى ألمانيا، حيث يجري تشكيل حكومة جديدة برئاسة المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس.
وقد استبعد المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا، على الرغم من أن وزير دفاعه بوريس بيستوريوس ألمح إلى إمكانية نشر قوات حفظ السلام في منطقة منزوعة السلاح، في حال وقف إطلاق النار.
إلا أن هذا الموقف قد يتغير، حتى وإن كان من الصعب إقناع الرأي العام المحلي بقرار نشر الجنود الألمان في أوكرانيا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من محام إلى مستشار.. شتوكر يتولى رئاسة الحكومة النمساوية الجديدة بعد مشادة البيت الأبيض.. زيلينسكي: مستعدون لتوقيع اتفاق المعادن ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب الغزو الروسي لأوكرانياالمملكة المتحدةالاتحاد الأوروبيقوات عسكرية