عقب طوفان الأقصى صراع محتدم على هوية الجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
القدس المحتلة– يعكس السجال داخل الحكومة الإسرائيلية -بشأن التعيينات الجديدة في الجيش التي صادق عليها وزير الدفاع يوآف غالانت بتوصية من رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي– عمق الخلافات داخل المؤسسة العسكرية.
وتفاقمت هذه الخلافات على وقع تداعيات "طوفان الأقصى" وكشفت عن صراع سياسي محموم يخوضه اليمين المتطرف من أجل إعادة صياغة الهوية العسكرية للجيش الإسرائيلي.
ويبدي معسكر اليمين المتطرف وأحزاب المستوطنين في الحكومة معارضة شديدة للتعيينات الجديدة برئاسة الأركان، حيث طالب وزير الأمن إيتمار بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعزل غالانت وإقالة هاليفي، ومنعهما من إحداث تغييرات في الهيكل القيادي للجيش، وتفويض المستوى السياسي صلاحيات أكثر بالتعيينات.
تأتي التغييرات في قيادة هيئة الأركان وأجهزة الاستخبارات ومنها جهاز الأمن العام "الشاباك" وسط الاستقالات المتتالية بالمنظمة العسكرية لفشلها الاستخباراتي في منع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي بدأت باستقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" أهارون حاليفا.
وأمام هذه الاستقالات والتحقيقات الداخلية -التي يجريها مراقب الدولة متنياهو أنغلمان، في الإخفاقات العسكرية والفشل الاستخباراتي الذي سبق السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ورفض رئيس الوزراء ورئيس الأركان التعاون مع التحقيقات- يسعى ضباط وقادة عسكريون لتوكيل محامين تحسبا لمحاسبتهم عن أحداث "طوفان الأقصى".
ويعتقد المحلل العسكري للإذاعة الإسرائيلية آيال عليمه أن الخارطة العسكرية والأمنية بدأت تشهد تغييرات عقب معركة "طوفان الأقصى" وتجلى ذلك من خلال إقرار كافة القيادات العسكرية وبضمنها رئاسة الأركان بالفشل في منع الهجوم المفاجئ بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتحملهم المسؤولية عن الإخفاق الاستخباراتي، وهو ما انعكس في سلسلة الاستقالات التي بدأت عند رئيس الاستخبارات العسكرية.
وأوضح عليمه -للجزيرة نت- أن استقالة حاليفا سيتبعها المزيد من الاستقالات في رئاسة الأركان، والجيش وجهاز "الشاباك" لكنه استبعد أن تكون الاستقالات جماعية خلال فترة الحرب، وذلك منعا للمساس بصورة ومكانة الجيش وأجهزة الاستخبارات.
رغم ذلك، يتساءل المحلل العسكري عن "مَن سيحل مكان الضباط الذين يستقيلون أو ينهون ومهامهم، وما هي الجهة التي ستتولى مهمة الإشراف على التعينات العسكرية الجديدة؟".
ويقول "هناك الكثير من القادة العسكريين شرعوا بالاستعانة بمحامين في سياق التحقيقات الداخلية بإخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يعكس أزمة الثقة والخشية من تحميلهم المسؤولية، وكذلك هي خطوة استباقية لتدارك أية ملاحقات قانونية دولية".
وأشار إلى أن اليمين الحاكم أبدى معارضة منح غالانت وهاليفي صلاحيات تعيين الضباط والقادة العسكريين الجدد، بذريعة أنهما يتحملان مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث يطالب اليمين بإقالة رئيس الأركان، ويعارض أن يشرف على التعيينات الجديدة والهيكلة العسكرية المستقبلية للجيش.
ويعكس هذا الطرح لليمين -برأي عليمه- تطلعات بعض الوزراء للإشراف على التعيينات للضباط والقيادة العسكرية بالجيش، مما يعني التوجه نحو تعيين ضباط محسوبين على معسكر اليمين "بغية أن يفضي ذلك إلى تغيير جوهري في هوية الجيش".
بدأت تتشكل
القضية الأخرى التي لا تقل أهمية وتطرح الكثير من علامات الاستفهام -كما يقول المحلل العسكري- هي "الاستقالات والتغييرات في منظومة الاستخبارات، واستبدال رئيس الجهاز الشاباك رونين بار الذي يعتبر صاحب المنصب الأكثر حساسية على مستوى الجبهة الداخلية، بسبب دوره الأساس في الحفاظ على النظام الديموقراطي إلى جانب مهامه الأمنية والاستخباراتية".
ولفت إلى أن أوساطا كثيرة في الائتلاف الحكومي ومنهم نتنياهو، يسعون لاستغلال حالة الفراغ والاستقالات المرتقبة في جهاز المخابرات، من أجل اختيار وتعيين شخصيات تحمل أفكار وأجندة اليمين، وتكون موالية للأحزاب الشريكة بالحكم، وبالتالي الهيمنة والسيطرة على كافة مؤسسات ومفاصل الحكم.
ويخشى المحلل العسكري من تداعيات هذه التدخلات للسياسيين في التعيينات العسكرية والاستخباراتية، لافتا إلى أن التعينات من شأنها أن تفضي إلى تغييرات بالخارطة العسكرية، وأيضا العقلية العسكرية بالجيش التي ستحتكم لمصالح الأحزاب والقيادات السياسية وليس لاعتبارات مهنية عملياتية.
ويشير إلى أن هذه المستجدات تضع علامات استفهام حول ملامح وهوية إسرائيل التي بدأت تتشكل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يشير إلى بداية تغييرات في أجهزة الدولة وهويتها والمنظومة السياسية والأمنية والعسكرية.
لا تغيير جوهريا
أما على صعيد الخارطة السياسية والحزبية، فيعتقد المحلل السياسي عكيفا إلدار أن الخارطة السياسية قد تشهد تغييرات واصطفافات حزبية داخل المعسكرات والتيارات السياسية، لكنها لن تفضي إلى تحولات وتغييرات جوهرية، حيث إن أيديولوجية اليمين ستبقى المهيمنة.
ورجح المحلل السياسي -في حواره مع الجزيرة نت- أن الخارطة السياسية وبسبب الحرب قد تشهد تغييرات في بعض الشخصيات والقيادات، لكن دون أن يشكل ذلك اختراقا أو تغييرا جوهريا بكل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، حيث إن هناك إجماعا واسعا لدى الجمهور الإسرائيلي برفض أية تسوية سياسية مع الفلسطينيين من شأنها أن تؤدي لإنهاء الصراع وإقامة دولة فلسطينية.
وقدر أنه بموجب استطلاعات الرأي التي تجري في ظل الحرب، فإنه في حال أجريت انتخابات مبكرة قد يتغير رئيس الوزراء، وقد تكون هناك تحالفات جديدة بين الأحزاب التي تعتمد بالأساس على فكر وطرح اليمين.
وبالتالي، فإن التغيير بالأيديولوجية والفكر بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية -من وجهة النظر الإسرائيلية- لن يحدث دون ضغوطات خارجية.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي، فإن جل اهتمام المجتمع الإسرائيلي يتركز حول توفير الأمن والأمان واستعادة الردع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وعليه، فإنه يقول "لا يوجد زعيم بإمكانه إحداث تغييرات جوهرية بالفكر المتجذر بالمجتمع الإسرائيلي الرافض لإنهاء الصراع والتوجه لتسوية سياسية مع الفلسطينيين، حيث يرون في أي تسوية تهديدا وجوديا لإسرائيل".
ولفت إلى أن التغيير في العقلية الإسرائيلية يكون من خلال ممارسة ضغوطات خارجية على إسرائيل، ومنع المساعدات الأميركية، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، وعزلها من خلال وقف كلي للطيران، وعدم حمايتها بالمحافل الدولية، وهذه الضغوطات يمكن أن تمارسها الإدارة الأميركية التي تنتظر حسم الصندوق بانتخابات مفصلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات السابع من أکتوبر تشرین الأول المحلل العسکری طوفان الأقصى تغییرات فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما الدروس التي استخلصتها شعبة الاستخبارات الإسرائيلية من فشل السابع من أكتوبر؟
قال مراسل إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، دورون كادوش، إن جيش الإسرائيلي سيقدم في الأيام المقبلة سلسلة طويلة من التحقيقات الصعبة، تتناول أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والفشل النظامي والاستخباراتي الذي سبقها، بالإضافة إلى معارك الاحتواء الصعبة في غلاف غزة خلال الأيام الأولى من الحرب.
وأشارت مصادر اطّلعت على تفاصيل التحقيقات لإذاعة الجيش٬ إلى أن هذه التفاصيل ستكون صعبة القراءة، وأن الجمهور الإسرائيلي سيتعرض لأول مرة للصورة الكاملة والظروف التي أدت إلى الفشل العسكري الكبير.
פרסמנו אצל @efitriger:
לקראת הצגת התחקירים: הלקחים שאגף המודיעין מפיק בעקבות לקחי 7/10 – והמהפכות הפנימיות בארגון
בימים הקרובים יציג צה"ל לציבור הישראלי שורה ארוכה של תחקירים קשים, על אירועי 7 באוקטובר, המחדל המערכתי והמודיעיני שקדם להם, וקרבות הבלימה הקשים בעוטף ביממות… — דורון קדוש | Doron Kadosh (@Doron_Kadosh) February 25, 2025
وقد أنجز قسم الاستخبارات الجزء الأكبر من تحقيقاته منذ عدة أشهر، وبدأ في تنفيذ عدد من التغييرات التنظيمية والإصلاحات الاستخباراتية الداخلية أثناء الحرب، مستفيدًا من الدروس المستفادة من أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
ونشرت الإذاعة التغييرات الرئيسية التي نفذتها مديرية المخابرات العسكرية بعد الحرب، والتي تشمل التالي:
أولا: زيادة كبيرة في دراسة اللغة العربية والدين الإسلامي والثقافة العربية: اعترفت الاستخبارات العسكرية بأنه على مدى فترة طويلة، تم التخلي تدريجيًا عن دراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية بين العديد من العناصر المهنية في القسم.
وباستثناء المتخصصين في اللغة، الذين يشكلون جزءًا من دورهم الاستخباراتي، فإن العديد من العناصر داخل العملية الاستخباراتية لم يدرسوا الإسلام بعمق. وستخضع العناصر القيادية في وحدة 8200، وضباط الاستخبارات في الكتائب والألوية والفرق، وحتى أفراد الإنترنت والتكنولوجيا، لتدريب مكثف في مجالات الدين والثقافة وفقًا لأدوارهم.
ثانيا: ثقافة "تعدد العملاء"٬ سيتم استخدام مصادر استخباراتية متنوعة بخلاف الاستخبارات الإلكترونية، مع تعزيز تبادل المعلومات بين الهيئات المختلفة داخل قسم الاستخبارات، بما في ذلك العاملين في مجال الاستخبارات الإلكترونية ومشغلي العملاء، وجامعي المعلومات من المصادر العلنية، ومحللي صور الأقمار الصناعية.
ثالثا: تعزيز عنصري الاستخبارات البشرية والاستخبارات الطبية٬ اللذين تم إضعافهما بشكل كبير في مديرية الاستخبارات العسكرية على مر السنين. ولم تقم الوحدة 504 (وحدة تشغيل العملاء) بتشغيل أي عميل في غزة حتى السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وفي أعقاب الحرب، فتحت الوحدة 504 منطقة جنوبية، وبدأت في تشغيل عملاء ومصادر استخبارات بشرية في قطاع غزة، كما تمت ترقية قائد الوحدة إلى رتبة عميد. وفي مجال الاستخبارات من المصادر المفتوحة، تم إغلاق وحدة "هاتساف" قبل عدة سنوات، ويتم حاليًا افتتاح وحدة جديدة لتحل محلها.
رابعا: تعزيز العلاقة بين الاستخبارات العسكرية وجمع المعلومات القتالية من الميدان: حتى الآن، لم تصل التقارير من المقاتلين الذين جمعوا المعلومات من الميدان إلى رئيس الاستخبارات العسكرية.
وستدرس مديرية الاستخبارات العسكرية إمكانية وضع ضباط منتدبين منها في فرق جمع المعلومات الاستطلاعية في كل قطاع، حيث سيعمل باحثو الاستخبارات على تشكيل فرق العمليات الميدانية وربط المعلومات الاستخباراتية الميدانية بالمعلومات الواردة من مصادر أخرى.
خامسا: تعزيز مجال الإنذار الاستخباراتي٬ حيث تقوم الاستخبارات العسكرية حاليًا بأعمال واسعة النطاق في المقر الرئيسي لتعزيز مجال الإنذار، مع تركيز وتخصص أكبر لأفراد الاستخبارات في قضايا الإنذار الاستخباراتي في القيادات والفرق والألوية.
سادسا: توسيع "منصة إيبكا"٬ كان قسم الرقابة في مديرية الاستخبارات العسكرية، المعروف باسم "منصة إيبكا"، يضم شخصين فقط في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وكانت صلاحياتهما محدودة بتقييمات قسم الأبحاث فقط.
ومن المتوقع أن يتوسع القسم عدة مرات، مع توسيع صلاحياته ليشمل جميع أجهزة الاستخبارات العسكرية، وسيرأسه ضابط برتبة عميد بدلاً من عقيد.