تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في الأراضي المقدسة في حوار مع "البوابة":

القضية الفلسطينية هي قضيتنا كمسيحيين كما هي قضية المسلمين وقضية الشعب الفلسطيني كله

هناك تراجع في أعداد المسيحيين في فلسطين

فلسطين هي أرض الميلاد والتجسد والفداء والقيامة

نرفض الفكر الصهيوني الذي لا علاقة له بالمسيحية ويتبني تفسيرات مغلوطة للعهد القديم

حاوره: مايكل عادل

قال المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في الأراضي المقدسة، إننا ونحن سائرون في طريقنا نحو القيامة، سنحتفي بانبلاج النور المقدس من قبر الخلاص، هذا النور الآتي إلينا من السماء لكي يبدد ظلمات هذا العالم.

وأضاف "حنا"، في حوار خاص لجريدة «البوابة»: وبمناسبة قرب الاحتفال بعيد القيامة المجيد والذي يعتبر من أهم الأعياد المسيحية، حدث القيامة هو حدث مركزي في إيماننا ونحن في مدينة القدس نعيش هذا الحدث بشكل دائم ومستمر لأننا نرى أمامنا كنيسة القيامة والقبر المقدس.

وتابع: ومن هنا ومن قلب مدينة القدس مدينة القيامة والنور نبعث برسالة تهنئتنا إلى كل العالم متمنين بأن يكون هذا العيد العظيم والمجيد فاتحة خير على هذا المشرق وعلى الإنسانية كلها، نرفع الدعاء وإياكم من أجل أن تتوقف الحرب.

ومن أجل أن تتوقف لغة الدمار والخراب والموت والقذائف والسلاح فأهلنا في غزة يستحقون أن يعيشوا في سلام مثل باقي شعوب العالم، والفلسطينيون جميعا يستحقون أن يعيشوا بحرية في وطنهم مثل كل إنسان في هذا العالم، الكثيرون في عالمنا يتحدثون عن السلام فكيف يمكن أن يحل السلام مع الحروب والقمع والاستبداد واستهداف الفلسطيني في كل تفاصيل حياته…

مزيد من التفاصيل في نص الحوار التالي:

* نريد أن نتعرف علي آخر التطورات في الأراضي المقدسة، وماذا عن ترتيبات صلوات الجمعة العظيمة وسبت النور وعيد القيامة؟

 ** كما تعلمون أن مدينة القدس هي المدينة المقدسة والتي تمت فيها كل الأعمال الخلاصية، المراحل الأخيرة من حياة السيد المسيح له المجد، وعندما ندخل في أسبوع الآلام العظيم المقدس وصولا إلي الجمعة العظيمة وسبت النور وأحد القيامة المجيد، فإن كل هذه المواسم مرتبطة بالقدس.

وخاصة في كنيسة القيامة حيث الجُلجُثة حيث القبر المقدس حيث هناك الكثير من المواقع والمزارات الشريفة المرتبطة بالمحطات الأخيرة من حياة السيد المسيح وصولا إلي ألمه وصلبه وموته ودفنه وقيامته.

حيث تقام الاحتفالات الكبرى في كنيسة القيامة، طبعا كل الكنائس والرعايا يحتفلون ويقيمون الصلوات في أسبوع الآلام، ومن قبلها في فترة الصوم الكبير، حيث يؤم المؤمنون الكنائس ويشاركون في هذه الصلوات وفي هذه الترانيم والتماجيد تسبيحا للرب الإله.

طبعا في كنيسة القيامة الاحتفالات لها طابع ونكهة خاصة لأننا نتحدث عن المكان المرتبط بالقيامة، مكان القيامة القبر المقدس، ولذلك فإن حقيقة المسيحيين المحليون يشاركون وبكثافة في هذه الاحتفالات والصلوات، ناهيك عن الزوار والحجاج القادمون من الخارج، وطبعا في هذا العام وبسبب الحرب لا يوجد هناك حجاج، أو بالأحرى هناك عدد قليل جدا مما تمكنوا من الوصول.

وبالتالي فإن أغلب المشاركين مسيحيون محليون فلسطينيون والمقيمون للاحتفال بهذا العيد المبارك، نسأله تعالي ونحن الحقيقة نستعد للاحتفال بعيد القيامة بأن يتحنن علي هذه الأرض الجريحة وأن يفتقد إنسانها المتألم والمظلوم والمعذب، وأن تتوقف الحرب، هذه الحرب التي أدت إلي الكم الهائل من الدمار والخراب ناهيك عن الدماء والأحزان والدموع والتشريد، نتمني أن تتوقف الحرب، ونطالب بأن تتوقف الحرب.

 

* ماذا عن القضية الفلسطينية، وما الحل الجذري لما يحدث الآن ليس في الأراضي المقدسة، ولكن في منطقة الشرق الأوسط؟

** القضية الفلسطينية هي قضيتنا كمسيحيين كما هي قضية المسلمين وقضية الشعب الفلسطيني كله، وقضية الأمة العربية كلها، وقضية الأحرار في كل مكان بالعالم، إنها قضيتنا كمسيحيين لأن فلسطين هي أرض الميلاد والتجسد والفداء والقيامة، وعندما يدافع المسيحيون عن فلسطين إنما يدافعون عن أقدس بقعة في هذا العالم، وعن أعرق حضور مسيحي في هذا العالم، مشكلتنا هي غياب العدالة،  الكثيرون في هذا العالم يتحدثون عن السلام.

ولكنهم لا يفعلون ما يجب أن يفعلوه من أجل أن تتحقق العدالة، والعدالة في مفهومنا هي أن تتحقق أمنيات وتطلعات الشعب الفلسطيني الذي يستحق أن يعيش بحرية وسلام مثل شعوب العالم، القضية الفلسطينية هي مفتاح السلام في بلادنا ومنطقتنا والعالم.

ولذلك فإننا في عيد القيامة نقول ونطالب الدول الكبري والدول التي لها تأثير في العالم بأن تعمل من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية، من أجل إنهاء الاحتلال لكي ينعم الفلسطينيون بالحرية والكرامة والسلام والأمن مثل شعوب العالم، الفلسطيني هو إنسان مثل كل إنسان في هذا العالم يحق له أن يعيش في وطنه  بسلام وحرية واستقرار بعيدا عن الحروب، وآلة الموت والدمار والخراب.

ولكن هناك مطلبا أساسيا في هذه الأوقات هو أن تتوقف الحرب، نحن أمام حرب تدميرية غير مسبوقة نتمني أن تتوقف وتنتهي حقنا للدماء ووقفا للدمار .

 

* ماذا عن تزايد الحركات المسيحية الصهيونية في الآونة الأخيرة، كما شاهدنا أيضا تزايد أعداد "الحركة المسيانية أو يهود من أجل المسيح"، وكيف يرى نيافة المطران فكرهم وكيف يكون تأثيرهم علي الكنيسة؟

** لا يوجد شىء اسمه مسيحية صهيونية ولا نعترف بهذا المسمي، وهذا ليس موجودا لا في أدبياتنا ولا في قاموسنا المسيحي الكنسي، ولا يوجد عندنا طائفة اسمها مسيحيون صهاينة، هؤلاء هم مجموعة من الصهاينة الذين يتبنون الفكر الصهيوني وغالبيتهم موجودين في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أماكن أخري، وهم يطلقون علي أنفسهم المسيحيون الصهاينة.

نحن لا نتبني ولا نقبل بهذا المسمي، أي لو هم يطلقون علي نفسهم مسيحيون صهاينة أنا لست مفروضا ولا مطلوبا مني أن أتبني هذا المسمي وليس مطلوبا مني أن أصف هؤلاء بمسمي لا يمكن أن يقبله المسيحي استنادا إلي قيمه وإيمانه وعقيدته.

كيف يمكن أن يكون المسيحي في نفس الوقت صهيونيا، المسيحية هي ديانة المحبة والرحمة وديانة الالتفات إلي المظلموين والمتألمين في الأرض، أما الحركة الصهيونية فهي حركة عنصرية كانت سببا في كل ما تعرض له شعبنا من نكبات ونكسات.

نحن نرفض هذا الفكر الذي تتبناه هذه الجماعات التى تطلق علي نفسها مسيحية صهيونية، نحن نرفض هذا الفكر الذي لا علاقة له بالمسيحية ويتبني تفسيرات مغلوطة للعهد القديم، هؤلاء يسيسون العهد القديم ويفسرونه بتفسيرات بطريقة تنسجم مع الأهواء الصهيونية والمصالح الصهيونية ولكن نحن نرفض هذا.

وصدرت الكثير من الكتب والمنشورات وعقدت مؤتمرات من أجل توضيح موقف الكنيسة الرافض لما تقوم به هذه المجموعات المسخرة في خدمة المشروع الصهيوني، والتي ليست لها علاقة بالمسيحية.

هؤلاء عندما يأتون إلى فلسطين لا يزورون كنيسة القيامة ولا يزورون كنيسة المهد ولا يزورون الأماكن المقدسة المسيحية يذهبون إلي المستوطنات، ويذهبون إلي المستعمرات ويذهبون إلي الأماكن التي فيها يتم التنكيل بالفلسطينيين لكي يعربوا عن وقوفهم إلي جانب ما تقوم به سلطات الاحتلال، فأي مسيحية يتحدثون والمسيحية تحثنا علي أن يكون انحيازنا للحق والعدالة والانحياز لكل إنسان مظلوم ومتألم.

 

* ماذا عن أعداد المسيحيين، وكيف يرى نيافة المطران هجرة أعداد منهم لعدد من الدول المجاورة، وكيف يؤثر ذلك علي القضية؟

** هناك تراجع في أعداد المسيحيين في فلسطين منذ عام 48 وعام 67 كان هناك الكثير من الأحداث التي أدت إلي هجرة المسيحيين وتراجع أعدادهم، وللأسف الهجرة ما زالت مستمرة حتي اليوم بسبب انعدام السلام، وبسبب انعدام حل القضية الفلسطينية، والظروف الاقتصادية والمعيشية وعوامل أخري أيضا.

المسيحيون للأسف ما زال نزيف هجرتهم مستمرا، وخاصة في غزة، غزة حقيقة قبل ثلاثين عاما كان بها "30000" ثلاثين ألف مسيحي لم يبق منهم اليوم سوى 800 شخص أي قبل الحرب كانوا 1000 شخص، اليوم أصبحوا 800 شخص وهذا العدد قد يتراجع، أي ربما يتراجع عدد المسيحيين في غزة أيضا أكثر من ذلك بكثير خاصة أن العدوان الأخير هو الأكثر شراسة.

هذه سادس حرب علي غزة إضافة إلي الحصار، كل هذا أدى إلي هجرة الكثيرين من غزة ومنهم أيضا المسيحيون، الهجرة مستمرة من القدس من الضفة الغربية ومن أماكن أخري، وأنا حقيقة أعتبر أن هجرة المسيحيين وتتضاؤل أعدادهم إنما هي خسارة تماما لكل الشعب الفلسطيني وليس فقط للمسيحيين والكنائس المسيحية.

ولذلك فإني أقول للمسيحيين الباقين ابقوا في بلدكم لا تغادروا وطنكم، هذا وطنكم لن تجدوا مكانا أجمل من فلسطين في هذا العالم، نحن في المسيحية نتعلم أن نحب المحبة ويجب أن نضحي في سبيل من نحب، إذا كنا مسيحيين في قلوبنا المحبة مزروعة.

ويجب أن نحب كنيستنا ونحب وطننا، أن نبقي في وطننا رغم الظروف، أنا أتفهم أن هناك أشخاصا غادروا بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي والحياتي ولأسباب أخري، نحن نتفهم هذا ولكن لا نريد للهجرة أن تستمر، ونريد للمسيحيين الذين غادروا أن تبقي فلسطين حاضرة في قلوبهم، هم خرجوا من فلسطين مرغمين.

ولكن فلسطين يجب أن تبقي في قلوبهم وكنيستهم الأم يجب أن تبقي في قلوبهم، وإن شاء الله تتحقق امنيات الشعب الفلسطيني وان تكون هناك دولة فلسطينية ديمقراطية مدنية تخترم كل التعددية الدينية، نتمنى ان يكون حل القضية الفلسطينية حافزا من أجل عودة الشعب الفلسطيني كله وكذلك المسيحيين الذين يتوقون للعودة إلي بلدهم الأم.

 

* ماذا عن المقدسات وانتهاك البعض منها؟

** للأسف هناك استهداف لمقدساتنا وأوقافنا المسيحية والإسلامية، هناك سياسة إسرائيلية ممنهجة وخاصة في مدينة القدس هدفها تهميش الحضور الفلسطيني وإضعافه.

هناك مؤامرات يتعرض لها المسجد الأقصي وهناك مؤامرات تتعرض لها الأوقاف المسيحية كل الشعب الفلسطيني المستهدف في القدس بكافة مقدساته، ولذلك نحن نتمني من كل المرجعيات الروحية المسيحية والإسلامية في العالم بأن تلتفت للقدس.

القدس هي مدينة  إيماننا وحاضنة أهم مقدساتنا، وعلي الجميع أن يؤازر القدس وأن يدافع عن القدس، وأن يدعم صمود المقدسيين الذين هم في الخطوط الأمامية مدافعين عن مدينتهم المقدسة.

 

* ما هي نتائج زيارة مجلس الكنائس العالمي، وزيارة رئيس أساقفة كانتربري، وقيادات كنسية وعالمية للقضية الفلسطينية؟ وهل هذه الزيارات ستؤثر علي صانعي القرار؟

** نحن نقدر ونثمن حقيقة كل الزيارات التضامنية التي تأتي من الوفود الكنسية، نحن تقريبا وبشكل يومي أو شبه يومي نستقبل الوفود الآتية إلينا من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وأوروبا وغيرها من الأماكن ومن أفريقيا، يأتون إلينا للتضامن مع المسيحيين الفلسطينيين، وللتضامن مع الشعب الفلسطيني كله وللمطالبة بوقف الحرب التي يتعرض لها أهلنا في غزة.

نحن نقدر هذا ونلحظ أن هناك اتساعا في رقعة التعاطف والتضامن مع الشعب الفلسطيني في كل مكان، حقيقة نحن نريد أن تصل رسالتنا لكل مكان، ونريد أن تعرف كل الكنائس وكل المرجعيات الروحية والحقوقية حقيقة المأساة في فلسطين وخاصة في غزة.

يجب أن يكون هناك تحرك من أجل الحرب، تحرك من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية، الفلسطينيون منذ وعد بلفور حتي اليوم وهم يتعرضون للنكبات والنكسات والحروب والتآمر علي مشروعهم الوطني وعلي قضيتهم الفلسطينية.

ونحن نقول إن القضية الفلسطينية هي قضية شعب حي، والدولة الفلسطينية التي نريدها هي دولة ديمقراطية مدنية يعيش فيها كل المواطنين بغض النظر عن انتمائتهم الدينية بحرية وينعمون بالديمقراطية ويعيشون كلهم بالعلاقة الطيبة بين الإنسان وأخيه الإنسان.

لا نريد تطرفا دينيا ولا كراهية ولا عنصرية، نريد لفلسطين أن تكون دولة نموذجية بديمقراطيتها ومدنيتها، وأن يكون الفلسطينيون فيها جميعا إخوة في انتمائهم لبلدهم وأرضهم المقدسة.

وختاما فإني أود أن أقول لكل الذين يحتفلون بعيد القيامة "أخريستوس انستي المسيح قام حقا قام".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأراضي المقدسة الاحتفال بعيد القيامة الشعب الفلسطيني جريدة البوابة مسيحيين وقف الحرب القضیة الفلسطینیة هی فی الأراضی المقدسة الشعب الفلسطینی أن تتوقف الحرب کنیسة القیامة فی هذا العالم مدینة القدس وخاصة فی ماذا عن أن یکون فی غزة یجب أن فی هذه

إقرأ أيضاً:

رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية الدكتور محمد البحيصي لـ”الثورة”: المقاومة بخير وتنتصر كل يوم والموقف اليمني فاق التوقعات

 

الصرخات التي تنطلق في ميدان السبعين وفي كل الساحات اليمنية هي أشد على الكفار من الصواريخ والدبابات ملحمة طوفان الأقصى أسقطت الأقنعة وكشفت العدو من الصديق

أوضح رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية الدكتور الفلسطيني المقاوم محمد البحيصي أن معركة طوفان الأقصى كشفت معدن اليمن الأصيل في الانتصار لفلسطين بقيادة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي ومعه إخوانه المجاهدين الصابرين الذين اقتحموا كل الصعاب ووضعوا كل الحسابات على جانب ولم يتعاملوا إلا مع الله سبحانه وتعالى في دعوته لنصرة المظلوم فاستجابوا لله وللرسول..
وأشاد الدكتور البحيصي لـ”الثورة” بالحشود الشعبية اليمنية التي لها أثر كبير في الإعداد والتعبئة والاستعداد للمعركة الكبيرة مع هذا العدو الآثم، والتي تميزت بها اليمن، وسنت سنتها اليمن وأصبحت ماركة مسجلة لليمنيين، ليس لأحد سواهم…
وأكد المجاهد الفلسطيني أن المقاومة تخوض اليوم المعركة الأطول والأشرس والأكثر مفصلية ومصيرية في تاريخ الشعب الفلسطيني وفي تاريخ المنطقة والعالم العربي والإسلامي وبعد ثمانية أشهر لا زالت ثابتة وتلقن العدو الصفعات المتتالية في جميع المحاور..

/أحمد السعيدي

استعرض الدكتور محمد البحيصي-رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية مسار فعل المقاومة الفلسطينية في كسر هيبة الجيش الصهيوني وقال: “مضى ثمانية أشهر على معركة طوفان الأقصى، ومنذ 7 من أكتوبر تشرين أول 2023، وإلى يومنا هذا وشعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة يخوضان المعركة الأطول والأشرس والأكثر مفصلية ومصيرية في تاريخ شعبنا الفلسطيني وفي تاريخ منطقتنا وعالمنا العربي والإسلامي والعالم بأجمعه، هذه المعركة التي جاءت على قدر بفعل جهادي مستند ومرتكز على رؤية وقاعدة إيمانية ورؤية سياسية جاءت لتقطع الطريق أما ما كان يحاك ضد قضية شعبنا الفلسطيني وأمتنا، كان يحاك ضد هذه القضية أن تعود من جديد في أدراج النسيان وأن يغلق ملفها وإلى الأبد وكان في الضفة الأخرى يراد لإسرائيل أن تكون جزءا طبيعيا وكيانا طبيعيا في المنطقة تنفتح على أنظمة العهر السياسي والردة الدينية في منطقتنا الذين أبوا إلا أن يوالوا الشيطان وأن يكونوا من حزبه الخاسر وكان التطبيع على قدم وساق يركض في الساحة لا يجد من يردعه حتى جاء طوفان الأقصى الذي قطع الطريق على عملاء أمريكا وإسرائيل وفتح الباب واسعا لأحرار العالم لكي يكون لهم دور في قضية فلسطين التي أريد لها أن تكون فلسطينية محصورة في فئة محدودة من الشعب الفلسطيني، أولئك الذين سقطوا وسقط مشروع رهانهم على المساومة وعلى التسوية مع هذا الكيان المجرم الذي لا يعرف لغة إلا لغة القوة، ولغة النزال، ولغة الضد في كل الأحوال.
وأضاف الدكتور البحيصي: منذ يوم طوفان الأقصى الذي حق له أن يسمى طوفانا لأنه وإن كان قد بدأ في غزة وفي غلاف غزة، إلا أن تداعياته قد امتدت إلى الإقليم، بل إلى العالم وها نحن نشهد تداعيات هذا الطوفان ووصول هذا الطوفان إلى حيث أريد له أن يصل وإلى حيث سيره الله سبحانه وتعالى لينجز ما يشبه المعجزة في كيف أن انتصرت الرواية الفلسطينية، وكيف أن الله أظهر الحق الفلسطيني حتى عند أولئك الشعوب والنخب التي ظلت عقوداً طويلة، وقد غسلت أدمغتها، وشوهت أفكارها، وقدمت لها حقائق مزيفة وقدمت لها روايات مكذوبة قدم لها السم في عسل الإعلام الصهيوأمريكي، واستطاعت المقاومة الفلسطينية المقاومة الإسلامية الفلسطينية من جديد أن تكسر هيبة الجيش الإسرائيلي الذي قيل في يوم من الأيام أنه لا يقهر، حطمت هيبة هذا الجيش ورأينا كيف أن فرقة غزة خلال 4 ساعات تنهار هذه الفرقة، كانت في يوم من الأيام لديها الاعتقاد أنها تستطيع اجتياح بلد عربي، واحتلال عاصمة عربية وإذا بها تسقط على يد رجال المقاومة الفلسطينية، وتجثو على ركبتيها على يد ثلة من المؤمنين المجاهدين، وهذا الأمر الذي لم تحتمله إسرائيل ولم تحتمله ربيبة إسرائيل أو رب إسرائيل، كما يقولون أمريكا، لم يحتملوا أن يروا الفدائي الفلسطيني المجاهد الفلسطيني، المحاصر المضيق عليه في معاشه، في حياته، في حركته، أن يقوم بهذا الفعل، وهو يستمد العون من الله سبحانه وتعالى، فكان أن رأيناه ردة الفعل الصهيونية هذه العنيفة المدمرة المتوحشة التي لم تبق ولم تذر في غزة.
اليمن تنتصر لفلسطين
وعن مواقف الأمة العربية والإسلامية أضاف الدكتور البحيصي: في الملحمة ملحمة الطوفان الأقصى، استبان العدو من الصديق، انكشفت الحقائق، وسقطت الأقنعة، وظهرت الأنظمة السياسية العربية المطبعة الخانعة على حقيقتها الصهيونية، فهم صهاينة العرب، كما أن هناك صهاينة مسيحيين وصهاينة يهود، كذلك، هناك صهاينة يدعون الإسلام ويدعون العروبة، وبمقدار ما كشفت عن هوية أولئك حزب الشيطان، فإنها كشفت عن أولياء الرحمن، كشفت عن أولئك الرجال، الذين أبوا إلا أن ينحازوا إلى داعي الله، إلى كلمة الحق، إلى مظلومية الشعب الفلسطيني، وكان في طليعة هؤلاء اليمن، اليمن قيادة حكيمة، راشدة، مجاهدة، صابرة بصيرة، والشعب اليمني المؤمن الحكيم، الشعب الذي يرفع شعار الإيمان يمان، والحكمة يمانية ويرفع شعار الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل. هذا الشعب، نعم، كان من بركات طوفان الأقصى أن كشف عن معدن هذا الشعب ومعدن هذه القيادة في اليمن ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي رعاه الله وحفظه الله ونصره الله ومعه إخوانه من المجاهدين الصابرين الذين اقتحموا كل الصعاب والذين وضعوا كل الحسابات على جانب ولم يتعاملوا إلا مع الله سبحانه وتعالى في دعوته لنصرة المظلوم فاستجابوا لله وللرسول، وقد أصابهم القرح طويلا ثمان من السنين العجاف، وهم يتعرضون للعدوان، ولا زال الحصار قائما ومفروضا على اليمن، ومع هذا كانوا مصداقاً لقوله تعالى ” الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»، ورأينا الإعجاز اليمني ورأينا المراحل الأربع التي تطورت فيها مواجهة أبناء اليمن الميامين المباركين المجاهدين وكيف تطورت من استهداف أم الرشراش في جنوب فلسطين إلى أن وصلت إلى التصعيد الذي نشهده في المرحلة الرابعة والذي توج بضرب أحدث وأضخم وأقوى حاملة طائرات في العالم في الولايات المتحدة الأمريكية، حاملة طائرات إيزنهاور.
وقال: ضرب ايزنهاور لم يكن أحد حتى يحلم به في المنام ولم تكن أمريكا في يوم من الأيام سيدة البحار التي تجوب بوارجها وأساطيلها البحار، تتوقع ذلك.. أهل اليمن اليوم نصرة لفلسطين ومظلوميتها، يواجهون أمريكا، ويواجهون بريطانيا كما يواجهون إسرائيل وصدقت مقولة السيد القائد الشهيد رضوان الله عليه حسين بن بدر الدين الحوثي عندما تحدث عن خطورة التدخل الأمريكي في اليمن، وكان الناس يوم ذاك الوقت يتعجبون، إذ لم تكن أمريكا بشكل مباشر، قد وجدت بهذا الشكل الوقح والفج، وها هي قد جاءت اليوم بكل كبريائها المزعوم، وبكل عنجهيتها، وبكل إبليسيتها وشيطانيتها لكنها تفاجأت وهم يتكلمون، كل قادة أمريكا العسكريين وغير العسكريين، والبريطانيين، والأوروبيين، يتكلمون أنهم يواجهون أعقد معركة بحرية في تاريخهم مع هؤلاء البسطاء اليمنيين، الذين ما كانوا يقيمون لهم وزناً، ولكن وزنهم زاد عند الله سبحانه وتعالى فزاد في أعين الناس.
نعم، اليمن اليوم تنتصر لفلسطين، وفلسطين تنتصر لليمن وهي تواجه أعتى قوى الأرض في الحركة الصهيونية، أي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وباتت جبهة المقاومة وجبهات المقاومة في لبنان حزب الله المقاوم، وفي سوريا وفي العراق حيث المقاومة الإسلامية، وفي اليمن العزيز وأبعد من هذا في إيران الإسلام والقلب، من هذا كله فلسطين، لأن فلسطين هي كما كانت قبلتنا الأولى، هي الآن قبلة الجهاد الأولى لأبناء هذه الأمة، وهي التي فرقت العالم فرقين، فرقة مع الإيمان، وفرقة مع الكفر، حتى برز الإيمان كله للشرك وللكفر كله، وكان لليمن العزيز الحظ الوافر الذي كرمه الله به وهو يواجه هذا السفه وهذا الشطط، وهذا الإجرام الصهيوني، ليكون يد الله، ويكون قوة الله، وصوت الله في الأرض الذي يعذب الله به كل معتد أثيم، المجد للشهداء، الشفاء للجرحى، فلسطين تنتصر واليمن ينتصر «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».
تحرك شعبي رهيب
وواصل الدكتور البحيصي حديثه عن عظمة التحرك الشعبي اليمني المستمر لنصرة الشعب الفلسطيني دون كلل أو ملل: بعيداً عن الدور العسكري التي تقوم اليمن لنصرة شعب الفلسطيني والذي أوجع إسرائيل وأمريكا وأصبح حديث العالم، سوف أتحدث عن المجهود الشعبي اليمني فهو أبعد من هذا بكثير، وهنا لا بد أن أتحدث عن ذلك الجهد الشعبي الذي يأتي في سياق قوله تعالى «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل» هذه الحشود المليونية التي لها أثر كبير في الإعداد والتعبئة والاستعداد للمعركة الكبيرة مع هذا العدو الآثم، الاستكبار الأمريكي ومعه أدواته القريبة والبعيدة، هذه الحشود المليونية التي تميزت بها اليمن، والتي سنت سنتها اليمن والتي أصبحت ماركة مسجلة لليمنيين، ليس لأحد سواهم، بعض الدول تقوم بعملية استدعاء الاحتياط في فترات ما قبل الحرب، والأزمات الكبرى، اليمن كل أسبوع له دعوة احتياط، يستجيب الناس جميعا لهذا. الداعي داعي الله، فيخرجون بمئات الألوف بالملايين في عشرات الساحات في كل محافظات اليمن يخرجون وهذا له أثر عظيم في الإعداد النفسي للإنسان اليمني وللكشف عن الجهوزية والقابلية الكبيرة للاستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى في مواجهة أعداء الأمة، إن هذه الصراخات التي تنطلق في ميدان السبعين، وفي كل الساحات اليمنية، هي أشد على الكفار من الصواريخ والدبابات والمدافع، لأنهم يدركون جيدا أن وراء هذه الصرخات يقف الإيمان، تقف العزة، تقف الكرامة، يقف اليقين، تقف البصيرة الإيمانية، تقف المعرفة بالله، والثقة بالله، لهذا فإن هذه الصراخات التي تصل إلى عنان السماء، وتملأ الدنيا بأركانها، لانها صرخات الحق، وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.
وأضاف: هذه الجماهير التي تستجيب كل جمعة لدعوة السيد القائد، حالة نادرة لربما غير مسبوقة أبدا في التاريخ، ونحن والله نفخر بهذه الحشود ونفخر بهذا الجهاد الكبير الذي يبديه أهل اليمن في خروجهم الأسبوعي نصرة لفلسطين ونصرة للحق، ونصرة لأنفسهم، ونصرة قبل ذلك كله لله سبحانه وتعالى الذي يحب الصابرين، ويحب المرابطين، ويحب المجاهدين، ولهذا فإن عملية الحشد المليوني كما هي عملية التعبئة والمدارس والمعسكرات الصيفية وكل أشكال التعبئة التي يقوم بها الشعب اليمني، هذه ظاهرة تستحق التوقف عندها طويلا، لأن هذه الظاهرة هي التي تؤسس للأمة القوية وللأمة الممتنعة عن الأعداء، للأمة القادرة على كسر شوكة الأعداء، للأمة القاهرة بإذن الله سبحانه وتعالى، لا شيء يشبه هذا الحال الذي تعيشه اليمن إلا حال المسلمين الأوائل عندما كانوا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هم في حالة استعداد دائم، هم في حالة مرابطة دائمة مع الله سبحانه وتعالى، كل ما سمعوا صيحة مظلوم، استجابوا لها وكلما رأوا مستكبرا مضوا إليه، وفلقوا هامته، هذا هو الإسلام، هذا هو الإسلام العزيز، الإسلام المحمدي الأصيل الذي لا يعرف الخنوع، لا يعرف الذلة، لا يعرف الاستسلام، لا يعرف الموالاة لأعداء الله، ولا يستجيب للسلاطين والطغاة والفراعنة، بل هو يستجيب ويستجيب فقط لداعي الله، هذه الحشود المليونية لا شك أن من يراها يدرك يقينا أن المستقبل لهذا الدين العظيم، وأن المستقبل للمجاهدين، وأن المستقبل لتلك الأيدي والقلوب السليمة، والأيدي والسواعد القوية التي تقبض على جمر الحق نصرة لله سبحانه وتعالى. ولهذا فإن هذه الحشود التي قدم اليمن نموذجها الأعلى والأرقى وغير المسبوق في التاريخ، هي شكل جديد من أشكال الجهاد، ونعتز نحن في فلسطين بأننا واليمن في هذا الخندق المبارك نعلي كلمة الله ونقاتل أعداء الله ونستجيب لله حتى يأذن الله سبحانه وتعالى لنا وللمؤمنين بالنصر العزيز، وبالفتح المبين».

مقالات مشابهة

  • علاقة حزب الله والمسيحيين.. الضرورة والحاجة!
  • أبو مرزوق : هناك 3 عوامل ستجبر نتنياهو على وقف حرب غزة
  • سموتريتش يطالب بشرعنة بؤر استيطانية مقابل خمس دول اعترفت بفلسطين
  • المكاري من تونس: ندعو العالم ليشاهد بعينين اثنتين لا بعين واحدة جرائم اسرائيل
  • لماذا تكتفي السلطة بموقف المتفرج أمام محاولات الاحتلال لتقويضها؟
  • رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية الدكتور محمد البحيصي لـ”الثورة”: المقاومة بخير وتنتصر كل يوم والموقف اليمني فاق التوقعات
  • البيت الأبيض: قيود بايدن تؤدي إلى تراجع أعداد المهاجرين
  • الصفدي: لا يوجد شريك للسلام في إسرائيل ونحن أمام الحكومة الأكثر تطرفًا في التاريخ
  • اليونيسف: هناك 9 أطفال من 10 يقتربون من دائرة انعدام الأمن الغذائي بغزة
  • وفد فلسطيني في ضيافة حزب الحمامة