توصف الأميرة المسلمة نور خان بأنها أحد عملاء الاستخبارات الأسطوريين بالحرب العالمية الثانية. هذه المرأة دخلت في صراع مع الشرطة السرية النازية في فرنسا المحتلة عام 1943.

إقرأ المزيد التنين الصيني وحكمة القطتين والفئران!

اسمها الكامل نور أون نيسا، وتنحدر من عائلة ملكية هندية يعود تاريخها إلى أواخر القرن الثامن عشر.

والدها داعية صوفي شهير كان يتنقل في أوروبا وأمريكا، وكان أيضا موسيقيا وفيلسوفا.

الأميرة نور عناية خان ولدت في موسكو في 1 يناير عام 1914، وكانت أسرتها حينها تعيش في العاصمة الثانية للإمبراطورية الروسية، بدعوة من القيصر نيكولاي الثاني.  

الحرب العالمية الأولى دفعت أسرة الأميرة نور إلى مغادرة روسيا إلى فرنسا. هناك نشأت وتلقت تعليمها في جامعة السوربون. كما درست الموسيقى واجتازت دورات في التمريض، وعملت في الإذاعة الفرنسية، وألفت كتبا للأطفال.

هذه الأسرة لاحقتها الحرب مجددا، وأجبرتها الحرب العالمية الثانية على مغادرة فرنسا إلى بريطانيا.

على الرغم من تأثرها بأفكار والدها الصوفية في رفض العنف، إلا أنها وجدت نفسها في خضم معارك وحشية، فقررت المشاركة في الحرب ضد النازية، وتطوعت في القوات الجوية البريطانية المساعدة، وتدربت هناك على تشغيل أجهزة الاتصال بالراديو.   

انتقلت بعد عام ونصف إلى القسم الفرنسي في مديرية العمليات الخاصة، حيث تدربت على أساليب الاستخبارات وفنونها والعمل مع الإشارات المشفرة، وتحسين عملها على أجهزة اللاسلكي.

لإتقانها استخدام أجهزة الاتصال اللاسلكية واللغة الفرنسية أصبحت نور عميلة سرية، وكانت أول مشغل لاتصالات الراديو أرسل إلى فرنسا في مهمة خطيرة خلف خطوط العدو. كان متوسط العمر المتوقع لمشغلي الراديو في فرنسا التي كانت محتلة في ذلك الوقت من قبل النازيين، في حدود ستة أسابيع فقط.

حملت طائرة نقل خفيفة الأميرة المسلمة في 17 يونيو عام 1943، وانزلت بالمظلة داخل فرنسا قرب نهر لوار، لتبدأ مشوارها في العمل السري مع شبكة استخباراتية هناك.

كانت تحمل معها الأشياء الضرورية فقط، جهاز اتصال لاسلكي وزنه 15 كيلو غراما، وأحمر شفاه بداخله سم. أما المسدس الذي سلم لها فقد تركته في منزلها لعدم رغبتها في استعماله.

نور تركت خلفها أيضا رسالة طلبت أن تُسلم إلى والدتها في حال مقتلها. أسرتها في ذلك الوقت كانت تعتقد أن نور حصلت على وظيفة وسافرت إلى مقر عملها الجديد في شمال بريطانيا.

عملت نور مع الخلية الاستخباراتية في مجال جمع المعلومات والتواصل مع جماعات المقاومة الفرنسية، إلا أن الشرطة السرية الألمانية اكتشفت الخلية البريطانية وكان بإمكان نور أن تطالب بإعادتها إلى بريطانيا، لكنها رفضت العودة بعد أن علمت أنها أصبحت حينها مشغل الراديو الوحيد المتبقي.  

حاولت نور البحث عن مخرج لأفراد المجموعات السرية التي لم تكتشف. في ذلك الوقت كان عملاء الغستابو يبحثون عنها في كل أرجاء باريس وضواحيها. تبين أن أحد أعضاء الشبكة جاسوس مزدوج للنازيين.

نجحت نور لفترة في الابتعاد عن مطاردة الغستابو، وكانت تغير مظهرها ومكان إقامتها باستمرار. اختبأت في الحقول والمزارع وفي قنوات الصرف الصحي ونامت في العراء.

في نهاية المطاف تمكنت الشرطة السرية النازية من اعتقالها. بعثوا برسالة مشفرة إلى المقر باسم نور جاء فيها: "يقولون إن اعتقالات تجري هنا، لكني بخير، ومستعدة للعمل". نور سلمتهم الاسم السري، لكنها لم تبح لهم برمز الأمان، ولذلك عرف البريطانيون أن الغستابو هو من اتصل بهم.

نقلت نور عناية خان إلى إلى سجن بفورتسهايم ووضعت في زنزانة انفرادية. كانت مكبلة بالأصفاد طيلة تسعة أشهر، وجرى التحقيق معها بشكل يومي في محاولة لإقناعها بالتعاون مع النازيين. تعرضت لضرب وحشي، حتى أن أحد السجناء السابقين أبلغ شقيق نور في وقت لاحق بأن الأميرة صدر عنها أثناء تعذيبها "صرخات بشكل غير إنساني"!

النهاية جرت في 13 سبتمبر عام 1944، فيما كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال في أوجها. أعدمت نور في معسكر اعتقال "داخاو"، الواقع قرب مدينة ميونخ، برصاصة في مؤخرة الرأس، وأحرق جسدها في الفرن مع أخريات.

كرمت نور مرارا بعد مقتلها. من ذلك حصولها على أوسمة رفيعة، كما نصب تمثال نصفي لها وسط لندن في عام 2012، وظهرت قصتها على شاشات السينما، وأصدر البريد الملكي البريطاني طابعا تذكاريا لها في عام 2014.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أرشيف النازية الحرب العالمیة

إقرأ أيضاً:

بمساعدة من الملك محمد السادس عائلة الأميرة "علياء الصلح" تنتقل من لبنان إلى المغرب

في ظل الأوضاع التي يعيشها لبنان تحت العدوان الإسرائيلي والقصف المستمر لعدد من مدنه، كشف الأمير مولاي هشام عن انتقال عائلة أمه « لمياء الصلح » إلى المغرب.

وكتب الأمير هشام على حسابه في « فايسبوك » « عيناي تدمع وقلبي يعتصر ألماً وروحي تتألم لفقدان الأرواح والدمار الذي يحلّ ببلدي الثاني لبناننا الحبيب. حتى الآن، يوجد مليون نازح »

وأضاف « ما يخفف عنا وسط هذه المأساة هو استقبالنا لعائلتنا اللبنانية بين أهلنا في الرباط. وأنا ممتن للأفراد الشجعان الذين عملوا بلا كلل أو ملل من أجل رحيلهم، وممتن بعمق لجلالة الملك محمد السادس الذي جعل لم شملنا ممكناً ».

معلوم أن لمياء الصلح أرملة الأمير مولاي عبد الله بن محمد الخامسن وأم الأمراء مولاي هشام والأمير ومولاي إسماعيل، تنتمي إلى عائلة الصلح اللبنانية، وهي الإبنة الثانية من بين خمس بنات لرياض الصلح، رئيس وزراء البلاد الأسبق.

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: أكثر من 118 ألف حالة نزوح في لبنان
  • بمساعدة من الملك محمد السادس عائلة الأميرة "علياء الصلح" تنتقل من لبنان إلى المغرب
  • لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات بالنمسا
  • فوز غير متوقع: حزب يميني متطرف يتصدر الانتخابات في النمسا للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية
  • نوستالجيا... تعرف على أجر يوسف شعبان  في أميرة في عابدين
  • فعلها في الحرب العالمية الثانية.. حزب يميني متطرف يتصدر انتخابات النمسا
  • في اليوم العالمي للقلب.. «الصحة العالمية» تطلق حملة «استخدم قلبك من أجل العمل»
  • الحرب سجال.. والقتل والتدمير لن يزيلا أثر الطوفان
  • اليابان: إجلاء 1400 شخص في "أوكيناوا" لتفكيك قنبلة ترجع لزمن الحرب العالمية الثانية
  • محافظ القليوبية يناقش استعدادات المرحلة الثانية بمبادرة «حياة كريمة»