بين الخماسية والاعتدال.. أين أصبحت المبادرات الرئاسية؟!
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
بعد فترة طويلة نسبيًا من الأخذ والرد بين حراك سفراء المجموعة الخماسية المعنيّة بالشأن اللبناني، وتحرّك كتلة "الاعتدال" على خط الملف الرئاسي، وجدل "تكامل" الدور بينهما أو "تناقضه"، عاد الاستحقاق إلى مرحلة "الجمود" بأتمّ معنى الكلمة، على وقع الانشغال مجدّدًا بالوضع في الجنوب، وبالتوازي المفاوضات الدائرة في المنطقة على خطّ "ترتيبات" اليوم التالي للحرب، على الصعيدين الفلسطيني واللبناني.
هكذا، تراجع من جديد الاهتمام بالملفّ الرئاسي، في ضوء ما يشبه "الاستراحة غير المُعلَنة" لحراك "الخماسية"، وما يشبه "الانكفاء" الذي تمارسه كتلة "الاعتدال"، التي تبدو مبادرتها "مجمّدة" بانتظار لقاء يجمعها مع "الخماسية" لبحث بعض الآليات، والأفكار المرتبطة ببعض التفاصيل كالحديث عن أن تأتي الدعوة إلى الحوار أو التشاور، من "الخماسية" مباشرة، بدلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري أو غيره.
لكنّ تعليق "الجمود" على مثل هذه التفاصيل التي يراها البعض "شكليّة" ليس إلا، لا يبدو مقنعًا لكثيرين، ممّن يتحدّثون عن أسباب وتفسيرات أخرى لهذا "الجمود"، من بينها اقتناع كلّ الأطراف بأنّ الظروف "غير ناضجة" لانتخاب رئيس للجمهورية، ورفضها في الوقت نفسه الاعتراف "بالفشل والإخفاق"، الذي قد تكون أضراره أكثر من فوائده، فهل يمكن القول إنّ "المبادرات الرئاسية" بالجملة أصبحت "في خبر كان"؟!
"الأولوية" للجنوب
يقول العارفون إنّ القناعة المتزايدة بانّ الظروف "غير ناضجة" لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في الوقت الحالي، تقابلها "قناعة" أخرى آخذة بالترسّخ على المستويين الداخلي والدولي، بأنّ "الأولوية" اليوم ليست لرئاسة الجمهورية، بل للوضع في الجنوب، خصوصًا في ظلّ أجواء توحي بـ"حسم قادم"، سواء لجهة "التهدئة" التي قد تنجم عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أو "السخونة" التي قد تواكب بدء عملية عسكرية في رفح.
ومع أنّ مثل هذه القناعة قد تؤشر في مكان ما إلى "تبنّي" المجتمع الدولي بصورة أو بأخرى، لمعادلة "حزب الله" القائمة على الترابط بين مختلف الجبهات، ولو أنّه "يحيّد" في خطابه الإعلامي الرئاسة عن هذا "الترابط"، يشدّد العارفون على أنّ المعنيّين بالشأن اللبناني وصلوا إلى قناعة بأنّ أيّ "ليونة أو مرونة" لا يمكن أن تُرصَد على خطّ الرئاسة، قبل انتهاء الحرب، في ظلّ رهانات على متغيّرات قد تحدثها نتائجها على هذا الصعيد.
وثمّة من يذهب أبعد من ذلك بالإشارة إلى أنّ المناخ الداخلي المتشنّج يعزّز هذه "القناعة"، إذ إنّ الأفرقاء اللبنانيين "يتصلّبون" أكثر فأكثر بمواقفهم، وكأنّهم "غير مستعجلين"، وهو ما يتجلى في الاشتباك المتصاعد بين معسكر "حزب الله" من جهة، المتمسّك بمرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية حتى الرمق الأخير، والمعارضة التي ما عادت تطلب جلسات انتخابية، بقدر ما تتحمّس لرفع السقف في مواجهة "حزب الله"، قبل أي شيء آخر.
هل فشلت المبادرات؟
بموازاة هذه القناعات الواضحة، يبدو واضحًا أيضًا أنّ القيّمين على المبادرات القائمة، وتحديدًا "الخماسية" و"الاعتدال" يرفضان إعلان انتهاء مساعيهما، وبالتالي الفشل والإخفاق، للكثير من الأسباب والاعتبارات، بينها ما يعني أعضاء "الخماسية" الذين يقول البعض إنّهم وجدوا في تحرّك "الاعتدال" خشبة الخلاص للصمود رغم كلّ الصعوبات والمعوّقات التي اصطدموا بها، ولم تنفع في تبديدها كل الاستراتيجيات والتكتيكات.
وإذا كان البعض ينتقد المبادرات القائمة التي تحوّلت في مكان ما، إلى مجرد "جولات استطلاعية"، يتنقّل خلالها الوسطاء بين مختلف الأفرقاء، فيستمعون إلى وجهات النظر "المتباعدة"، من دون أن يحقّقوا أي "خرق" يمكن البناء عليه، يقول العارفون إنّ الأساس في كلّ ذلك يبقى في "إثبات الوجود" بانتظار أن تأتي "اللحظة المناسبة"، التي تنضج معها الظروف، ليلعب عندها الوسطاء الدور "المسهّل" الذي يريدونه.
وبالموازاة، يلفت العارفون الانتباه إلى حديث وزير الخارجية الفرنسي الأخير خلال زيارته إلى بيروت، حين شدّد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، حتى يكون لبنان حاضرًا على طاولة المفاوضات، وأكّد في الوقت نفسه أنّ الكرة تبقى في ملعب اللبنانيين، لأنّ المجتمع الدولي لا يمكن أن "يملي" عليهم مرشحًا محدّدًا للرئاسة، وهو موقفٌ مكرّر برأي الكثيرين، ممّن يلفتون إلى أنّه يستعيد معادلة "ساعدوا أنفسكم لنساعدكم" الشهيرة.
في النتيجة، يقول البعض إنّ ما يمكن فهمه من "الجمود" على خطّ المبادرات الرئاسية، معطوفًا على كلام وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى بيروت، يدلّ على وجود "قناعة" بأنّ ظروف الانتخابات الرئاسية لم تنضج بعد. إلا أنّه يدلّ في الوقت نفسه، على أنّ الاستحقاق، إن لم يكن يشكّل "أولوية" للمجتمع الدولي الآن، سيصبح "أولوية" بمجرّد التوصل إلى اتفاق في الجنوب، من أجل المضيّ بالمفاوضات بوجود رئيس... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ماذا يقول خبراء لغة الجسد بعد لقاء ترامب وزيلينسكي غير المسبوق؟
أكد محللون للغة الجسد أن قرار عدم استخدام مترجم، واختلال التوازن في القوة بين الأطراف، و"طاقة المحارب" التي أظهرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد ثلاث سنوات من الصراع، كلها عوامل ساهمت في غليان الاجتماع الذي جرى مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن.
وجاء في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، أن الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس اتهما زيلينسكي بعدم الامتنان الكافي، وصحح زيلينسكي لترامب بشأن العام الذي غزت فيه روسيا بلاده وسأل فانس بشكل واضح عما إذا كان قد زار أوكرانيا من قبل.
وأضاف التقرير "يتجادل زعماء العالم، وكان الأمر غير المعتاد في اشتعال الخلاف في المكتب البيضاوي هو أن ترامب وفانس وزيلينسكي دخلوا في مشادة كلامية علنية، في اجتماع أمام كاميرات التلفزيون تم بثه مباشرة أمام الملايين".
وأوضح "غالبا ما يكون ترامب مهذبا مع القادة، لكن العلاقات مع زيلينسكي، التي لم تكن دافئة بشكل خاص، كانت متوترة، فقد ادعى زورا أن زيلينسكي ديكتاتور وأن أوكرانيا بدأت الحرب، وهو ما يتماشى مع خط الكرملين، بينما رد الأخير أن ترامب يعيش في شبكة من التضليل".
وتحدثت كارولين جويدر، التي تدرب السياسيين وقادة الأعمال على التحدث بقوة، عن التبادل بالأداء الذي كان ترامب وزيلينسكي يمثلان فيه مشاهد مختلفة.
وقالت إن ترامب كان في مشهد محكمة: "إنه في مكان آمن، وبلاده مفصولة بالمحيطات، وهو في مكان حيث يمكنه إعادة التركيز بسرعة، وهو في مكان مستقر"، وعلى النقيض من ذلك، كان زيلينسكي في مشهد ساحة معركة، يرتدي ملابس عسكرية، ويحمل ثقل الصراع إلى الغرفة: "عليه أن ينجز الأمور، إنه ديناميكي، وسريع".
وأوضح التقرير "كانت هناك لحظة من البهجة، فعندما سأل براين جلين، كبير مراسلي البيت الأبيض في برنامج Real America's Voice، زيلينسكي عن سبب عدم ارتدائه بدلة، تدخل ترامب قائلا إن الرئيس الأوكراني يرتدي ملابس جميلة".
لكن ترامب قال لاحقا إن زيلينسكي "ليس لديه أي أوراق" واتهمه "بالمقامرة بالحرب العالمية الثالثة".
بالنسبة لدارين ستانتون، الذي يدرس لغة الجسد والسلوك ويعلق عليها، بدا زيلينسكي "غاضبًا للغاية منذ البداية" و"انغمس في غروره"/ وعندما يتحدث فانس، ينتقل زيلينسكي من الانحناء إلى الأمام إلى الانحناء إلى الخلف مع وضع ذراعيه متقاطعتين، مما يُظهر "تغييرًا دراماتيكيًا في المشاعر الداخلية".
قال ستانتون "لقد شعر بأنه لم يتمكن من إيصال وجهة نظره أو لم يُسمح له بذلك".
ويتناقض هذا الاجتماع بشكل حاد مع الاجتماعات الأخرى التي استضافها ترامب منذ عودته إلى منصبه، فقد استضاف زعماء "إسرائيل" واليابان والأردن والهند وفرنسا وبريطانيا في الأسابيع الأخيرة.
وقال ستانتون إن ترامب عادة ما يستخدم مصافحات "سحق العظام"، و"التربيتات القوية" و"دفع الذقن"، ويجلس وقدميه مسطحتين على الأرض وأصابعه مقوسة لإظهار السلطة.
وأكد التقرير أن الزعماء الزائرون بذلوا جهودا مضنية لإطراء ترامب، وتقليد لغة جسده وتكرار خطابه بشأن المفاوضات الصعبة والصفقات التجارية والفوز، وحين سأله ترامب يوم الخميس عما إذا كانت بريطانيا قادرة على الدفاع عن نفسها ضد روسيا، أبدى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "ابتسامة خفية".
وانحرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن هذه القاعدة هذا الأسبوع عندما وضع يده على ساعد ترامب أثناء تصحيح تصريحه الخاطئ بشأن الأموال التي قدمتها أوروبا لأوكرانيا.
وتناقض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ادعاء الرئيس دونالد ترامب بأن أوروبا أقرضت أموالاً لأوكرانيا خلال اجتماع في المكتب البيضاوي في 24 شباط/ فبراير.
وقال ستانتون إن هذه كانت خطوة قوية، "وهي المعادل غير اللفظي للقول: 'اصمت، أنا أتحدث".
يقول جويدر إن ماكرون لاعب فعال في السلطة جزئيًا لأنه ينقل شعورًا "بالراحة الداخلية.. إنه جيد في الحفاظ على هذا الشعور بالخفة والراحة".
زكان فانس قد قال إن الوقت قد حان للدبلوماسية، بينما سأل زيلينسكي عن الدبلوماسية الممكنة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، بالنظر إلى سجله في انتهاك الاتفاقيات، وعندما أشار إلى أن روسيا غزت شبه جزيرة القرم واحتلتها وضمتها في عام 2014، قاطعه ترامب ليقول "إننا في عام 2015 (كان زيلينسكي على حق). واتهمه فانس بأنه لا يظهر الاحترام والامتنان".
وقال ستانتون إن بعض زعماء العالم يتصرفون بطرق لا يتصرفون بها عادة عند زيارتهم للولايات المتحدة. وأضاف: "أي علامة حمراء تشير إلى سلوك مختلف عن سلوكهم الأساسي يمكننا أن نعزوها دائمًا إلى حقيقة مفادها أنهم يشعرون بالإرهاق أو الترهيب".
وعلى النقيض من ذلك، أكد ستانتون وجويدر أن تفاعلات ترامب مع بوتن تظهر احترامه للزعيم الروسي، وقالت جويدر إن لغة جسده تظهر أنه ينظر إلى بوتن باعتباره "رفيقًا من ذوي الظهر الفضي"، أي رجلًا أكبر سنًا يتمتع بالسلطة.
وأضافت أن ترامب امتنع عن استخدام مصافحته "الساحقة للعظام" مع الزعيم الروسي، وعادة ما "تتطابق وتعكس" سلوك كل منهما الآخر.
وأجرى كبير المذيعين السياسيين بريت باير مقابلة مع زيلينسكي بعد الاجتماع يوم الجمعة على قناة فوكس نيوز، وشكر زيلينسكي ترامب والشعب الأمريكي لكنه دافع عن نهجه في المكتب البيضاوي.
وقال "أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون منفتحين وصادقين للغاية، ولست متأكدًا من أننا ارتكبنا شيئًا سيئًا. هناك أشياء يتعين علينا أن نفهم فيها موقف أوكرانيا والأوكرانيين. أعتقد أن هذا هو الشيء الأكثر أهمية لأننا شركاء، نحن شركاء مقربون للغاية".
وكتب زيلينسكي، السبت، على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أنه "ممتن للغاية للولايات المتحدة على كل الدعم"، وشكر ترامب والكونغرس والشعب الأمريكي مرة أخرى.
وأضاف "علاقتنا مع الرئيس الأمريكي لا تقتصر على مجرد زعيمين؛ إنها رابطة تاريخية ومتينة بين شعبينا.. ساعد الشعب الأمريكي في إنقاذ شعبنا، ويأتي الإنسان وحقوق الإنسان في المقام الأول. نحن ممتنون حقًا. نريد فقط علاقات قوية مع أمريكا، وآمل حقًا أن نحظى بها".