صحوة الشعوب والانتفاضة العالمية ضد نظام الهيمنة
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
لقد استيقظ ضمير العالم واشتعلت الانتفاضة العالمية، يمكن الآن تطبيق هذا الكلام على مظاهرات الجامعات الأمريكية على المستوى الوطني؛ حيث يواصل الطلاب تظاهراتهم المنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
كشفت وحشية الشرطة الأمريكية ضد الطلاب، والتي دعمها مسؤولون في الحكومة الفيدرالية، عن الوجه الحقيقي للدول الغربية، والآن علينا أن نسأل: “أين حرية التعبير والديمقراطية التي كنتم تتحدثون عنها”؟
باختصار، صحوة الأمم ستدمر نظام الهيمنة الذي تقوده أمريكا و”إسرائيل”، فبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، يواصل الکيان الإسرائيلي عمليات القتل الوحشية في قطاع غزة، وقد وصل الوضع إلى حد لم تعد فيه عبارة الإبادة الجماعية كافيةً للتعبير عن الجرائم التي تحدث.
كل يوم نستيقظ على جرائم جديدة هي وصمة عار على جبين الإنسانية، ومن بينها اكتشاف مقابر جماعية بالقرب من مستشفى ناصر في خان يونس؛ حيث تم التعرف على جثث الفلسطينيين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والجرائم، وتبيّن فيما بعد أن بعض الشهداء دفنوا أحياءً بعد تعرضهم للتعذيب.
إن القوى الخاضعة لهيمنة الدول الإمبريالية الغربية، تدعم علناً الأعمال الهمجية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية؛ في حين أن بعض الدول الجبانة التي لا تملك الشجاعة للتفكير في استخدام القوة لوقف المجازر، تفشل حتى في اتخاذ موقف واضح ضدها، وبالتالي، نكتشف أن قادتها ليس لديهم رغبة في إدانة الفظائع والجرائم، لكن الضمير العالمي استيقظ واشتعلت الانتفاضة العالمية.
لقد كُشف للجميع أن “العالم الوردي” الذي دغدغ مشاعر شعوب العالم هو في الواقع سخيف، والبنية العالمية التي وُصفت بأنها “النموذج الأمثل للإنسانية” بعد قيام الحرب العالمية الثانية، ليست إلا نظاماً يطبق معايير مزدوجة.
والشعارات التي على شكل القيم الغربية المزعومة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ما هي إلا أدوات للدعاية، لكن عندما يتعلق الأمر بالمسلمين والعالم الثالث، فلا وجود لها في واقع الأمر.
وأظهرت الدول الإمبريالية أن شعاراتها ما هي إلا وسيلة لتحقيق مصالحها، ومن هنا انكشف الوجه الحقيقي للدول الغربية التي دعمتها، ومن الواضح أيضًا أن المفاهيم الخاطئة التي خلقها الغرب لم تكن للإنسانية، بل كانت منذ البداية أداةً لخدمة مصالح الغرب.
لقد أصبح من الواضح للعالم أن الکلمة هي أداة تستخدمها الدول الإمبريالية في الأوقات المناسبة، والآن ينكشف الوجه الحقيقي للدول الغربية ومن يواليها، ويتضح أن الأفكار الخاطئة التي اخترعها الغرب كانت في الحقيقة لأنفسهم ولمصالحهم، وليست للإنسانية.
إن “نار الانتفاضة العالمية” نشأت من دماء راشيل كوري، التي قُتلت في الـ16 من مارس/آذار 2003 في مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة، على يد قوات الاحتلال بجرافة، ونشهد مظاهرات في الجامعات الأمريكية تنديداً بعمليات الإبادة الجماعية، والقتل التي تقوم بها “إسرائيل” في قطاع غزة.
المظاهرات الأمريكية المناهضة لـ “إسرائيل” ودعماً لفلسطين وغزة، والتي انطلقت من جامعة كولومبيا في نيويورك، امتدت إلى عشرات الجامعات في ولايات أمريكية مختلفة، ثم إلى كندا وعدد من الدول التي تدعم “إسرائيل” بشكل علني، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
ويأتي كل هذا على الرغم من الإجراءات التعسفية والقمعية التي تمارسها القوات الأمنية والشرطة ضد المتظاهرين، الذين يعتقلون الطلاب والأساتذة على نطاق واسع.
ورغم أن دعم فلسطين والاحتجاج ضد “إسرائيل” أمر محظور ويعاقب عليه بشدة في هذه البلدان، إلا أن طلاب الجامعات الأمريكية مصممون على إشعال الانتفاضة العالمية، ومواصلة احتجاجاتهم.
ويشهد العالم كيف يتم طرد الأكاديميين من الجامعة بطريقة وحشية، وتقييد أيديهم خلف ظهورهم، بغض النظر عن وجود النساء وكبار السن بينهم؛ فقط لأن الطلاب انتقدوا العنف ضد زملائهم بسبب إدانتهم للکيان الإسرائيلي.
ألم تكن الولايات المتحدة الأمريكية “أرض الحريات”؟ أين حرية التعبير والديمقراطية التي كانوا يتبجحون بها؟ أين حقوق الإنسان؟ أين حقوق المرأة؟ أين حرية التعبير والفكر؟
وبالطبع، يساء استخدام كل هذه المفاهيم للضغط على الدول الإسلامية والعالم الثالث، ولكن عندما يتعلق الأمر بـ “إسرائيل” أو النظام العالمي، فإن كل هذه الحقوق يتم تجاهلها ولا محل لها من الإعراب.
سرعان ما ستنتشر الانتفاضة الجديدة التي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى جميع أنحاء العالم، وستتحول صحوة الأمم والشعوب والاحتجاجات المستمرة منذ أشهر في جميع أنحاء العالم، إلى انتفاضة عالمية ستدمر عرش الصهاينة والقوى العظمى التي تدعمهم، وتتسبب في انهيار نظام القمع الذي تقوده الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
التصنيف الأمريكي.. تخبط وفشل واضح للسياسة الأمريكية
تحليل:
تتخبط الإدارة الأمريكية في سياساتها، ليس ضد دول أو أشخاص أو كيانات بعينها وإنما ضد كل من يناهض مشروعها الاستعماري، ما يعكس مدى تراجع النفوذ الأمريكي في الهيمنة على المنطقة والعالم.
القرار الأمريكي بإعادة تصنيف مكون أنصار الله في قائمة ما تسمى المنظمات الإرهابية الأجنبية، يأتي ترجمة لمواقف واشنطن المتضاربة والمؤكدة على فشلها في إقناع العالم بمثل هذه العقوبات التي لا تقدّم ولا تؤخر بقدر ما تعمق مشاعر العداء للسياسة والهيمنة الأمريكية التي يرفضها أحرار العالم جملة وتفصيلًا.
مع الأسف الشديد معظم الدول والكيانات المتماهية مع الهيمنة والمشروع الأمريكي الصهيوني، رحبت بالقرار بالرغم من إدراكها أنه ليس في صالحها لا من قريب ولا من بعيد، وإنما المستفيد الأول من مثل هكذا قرارات، هو العدو الصهيوني الساعي إلى تنفيذ مشروعه الاستيطاني حسب بروتوكولات أو قواعد حكماء صهيون المعلنة منذ عقود تحت مسمى “إسرائيل الكبرى”.
ولعل الخريطة التي رفعها المجرم نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة، والمتضمنة إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالح كيانه، لم تكن مجرد خريطة أو رسم جغرافي وإنما تمثل رؤية نتنياهو لما وصفه بـ “محور النعمة”، الذي يضم الدول المطبّعة، و”محور النقمة”، الذي يشمل الدول المناهضة للسياسية الأمريكية الصهيونية بالمنطقة.
موقف الشعب اليمني، أحزاباً ومنظمات وكيانات وفعاليات شعبية وجماهيرية، كان حازماً وصريحاً وواضحاً بعكس ما كان يتوقعه البعض، خاصة ممن يتماهون مع السياسة الأمريكية والصهيونية وذلك باستهجان القرار الأمريكي، واعتباره ليس انتهاكاً للسيادة والقانون الدولي وإنما صفعة لقوى الهيمنة بقيادة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والدول المتحالفة معها، لفشلها في تحقيق مشروعها المتضمن إخضاع الدول والشعوب الحرة.
ولعل القرار الأمريكي الذي أصدره ترامب، غير بعيد عن قرار بايدن الذي سبق ووقع على قرار مماثل، سيكون مآله الفشل الذريع، سيما والموقف اليمني فيما يتعلق بمناصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، سيظل هو الموقف الذي لن يتغير ولن يتبدل مهما كان حجم التضحيات، وهو ما أكده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابات متكررة بهذا الشأن.
ما تتخذه أمريكا، من قرارات عشوائية أو إجراءات ضد الدول المناهضة لسياساتها ومنها اليمن، يؤكد فشل سياساتها في فرض الهيمنة على المنطقة.
مجمل القول، القرار الأمريكي الذي وقعه ترامب فور تسلّمه الإدارة الأمريكية، لن يثني اليمن عن موقفه المناصر للشعب والقضية الفلسطينية، خاصة وأن تداعيات القرار لن تؤثر على موقف اليمن المبدئي والثابت، وإنما تفاقم من تقويض سيادة القانون في العلاقات الدولية وتهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
تبقى آلية التصنيف الأمريكي ضد مكون أنصار الله، أداة سياسية ووسيلة ضغط تُدرك أمريكا أنها لا تؤثر على قوة اليمن العسكرية المناصرة لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بقدر ما تؤثر على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للشعب اليمني وحرمان الملايين من الخدمات، وفقاً لرؤية مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية.