ألغام الحوثي بالحديدة.. شراكة أممية تفاقم الكارثة وتبرئ ساحة المليشيا
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
لا يكاد يمر أسبوع دون أن نطالع أخباراً عن سقوط ضحايا مدنيين جدد في الحديدة جراء حادث انفجار ألغام أرضية من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية سواءً في مناطق سيطرتها أو في المناطق المحررة.
ويتساءل البعض عن حاجة المليشيا لبقاء وجود الألغام في مناطق سيطرتها بالحديدة بعد توقف المعارك إثر توقيع اتفاق ستوكهولم وإعادة القوات المشتركة تموضعها تنفيذا للاتفاق، إلا أن البحث عن سر العلاقة غير الطبيعية التي تربط جماعة الحوثي بهيئات الأمم المتحدة، ومنها (أونمها) المكلفة بالاشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة، يقود الى الإجابة عن كثير من الاستفهامات المثارة.
أموال مخضبة بالدم..
حتى منتصف العام 2017 كانت جماعة الحوثي تصنع الألغام وتنشرها لهدف وحيد هو عرقلة تقدم قوات الشرعية نحو مواقعها، لكنها أضافت هدفا آخر بعد إطلاق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمشروعه الطارئ لنزع الألغام في اليمن، تمثل في التربح واستثمار معاناة الناس لجني الأموال الطائلة، حيث سارعت لتعيين أحد قيادييها المتهمين بالإشراف على صنع ونشر الألغام الأرضية المدعو علي صفره مديرا للمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام الذي تسيطر عليه المليشيا، وكان أول دعم أممي معلن حصلت عليه الجماعة في أبريل 2018 قدر بـ14 مليون دولار تحت ذريعة التوعية بمخاطر الألغام.
وبعد مرور خمسة أشهر من توقيع اتفاق ستوكهولم بين الحكومة الشرعية والحوثيين نهاية 2018 منحت الأمم المتحدة عبر برنامجها الإنمائي جماعة الحوثي 20 سيارة دفع رباعي بزعم استخدامها في عمليات نزع الألغام، لتظهر هذه المركبات بعد فترة وجيزة وهي تحمل مسلحي الجماعة في استعراض عسكري بالعاصمة صنعاء. ورغم الانتقادات الواسعة لهذه الخطوة الا أن الدعم الأممي للمليشيا الإرهابية استمر بغير انقطاع، حيث تحصل الجماعة على تمويل سنوي بالإضافة إلى تبني البعثة الأممية في الحديدة عملية حشد الدعم الدولي لمركز نزع الألغام الحوثي وإضفاء صفة الشرعية على عمله من خلال عقد اجتماعات دورية مع مسؤوليه كما توضح ذلك في موقعها الرسمي.
على الجانب الآخر، حيث تواجُد السلطات الشرعية في المناطق المحررة جنوب الحديدة، تحضر بعثة الأمم المتحدة ومنظماتها بصورة باهتة ويكتفي مسؤولوها بالتصريحات المشيدة بجهود خبراء نزع الألغام في البرنامج الوطني وبرنامج مسام والفرق الهندسة بالقوات المشتركة، وفي الوقت الذي أوقفت فيه الأمم المتحدة دعم البرنامج الوطني لنزع الألغام في المناطق الشرعية، حسب تصريحات مدير البرنامج علي العقيلي، تبسط يدها بكرم منقطع النظير عندما يتعلق الامر بالكيان الذي أنشأته جماعة الحوثي، فقد وثق تقرير حقوقي أصدرته خمس منظمات حقوقية يمنية أواخر 2022 بعنوان "دعم الموت.. شراكة في الجريمة"، تقديم هيئات أممية 15 منحة مالية لجماعة الحوثي وتسليمها 420 سيارة دفع رباعي تحت يافطة مكافحة الألغام.
إصرار حوثي على إبقاء الألغام
تدعي جماعة الحوثي الإرهابية عدم امتلاكها خرائط انتشار حقول الألغام في الحديدة لكن قيامها بانتزاع حقول محددة بالقرب من موانئ الحديدة وبعض الطرقات والأماكن التي تستخدمها هي بعد توقيع اتفاق ستوكهولم، يفضح هذا الادعاء ويؤكد إصرار وتعمد الجماعة إبقاء حقول الألغام التي زرعتها بشكل هستيري في محافظة الحديدة، وذلك لأسباب عدة أهمها: استمرار الدعم والتمويل الأممي من ناحية ومن ناحية أخرى فإن تسليمها لخرائط الألغام سيمثل اعترافا ضمنيا بمسؤوليتها عن زراعتها وهو ما درجت المليشيا على التنصل منه وإلصاق التهمة بالتحالف العربي وقوات الشرعية، بالإضافة إلى توظيفها لحوادث الألغام المأساوية التي تطال المواطنين في الحديدة لدعم أجندتها الإعلامية وخطاب المظلومية حيث تتناول وسائل اعلامها كل حوادث الألغام باعتبارها انفجارات قنابل عنقودية وذخائر من مخلفات قوات الشرعية والتحالف العربي، في استغلال بشع لمعاناة المواطنين من أجل تحقيق أهداف سياسية.
انسياق أممي خلف الرواية الحوثية
منذ انطلاق عملية عاصفة الحزم في مارس 2015 درجت وسائل الإعلام الحوثية على ترويج معلومات تشير إلى استخدام التحالف العربي لقنابل عنقودية في أماكن مدنية، وهي معلومات زائفة في أغلبها وغير مستندة على أدلة واقعية، حيث نفى التحالف العربي، في حينه، هذه المعلومات، لكن المليشيا ظلت تستخدمها كغطاء تمارس تحته جرائمها وتتنصل منها لاحقا، مستفيدة من التعاطي الغربي الإعلامي غير المنصف مع القضية اليمنية وتماهي منظمات الأمم المتحدة مع المليشيا إلى درجة تبني خطابها حرفيا كما ظهر في تصريح للمدير الإقليمي للّجنة الدولية للصليب الأحمر للشرق الأوسط والأدنى فابريزيو كاربوني على قناة الميادين الإيرانية في سبتمبر 2013، حيث ادعى أن القنابل العنقودية منتشرة في كل أنحاء اليمن، وأن الصليب الأحمر يسعى لمعرفة أماكن وجود هذه القنابل والذخائر غير المنفجرة. حسب زعمه.
وفي تحقيق استقصائي بعنوان "اليمن.. ألغام على الطريق" نشرته قناة الحرة الأمريكية في يونيو 2023 تحدث ليون لوي كبير مستشاري مكافحة الألغام لبعثة الأمم المتحدة، عن سعي البعثة للحصول على خرائط ومعلومات دقيقة "من الطرفين المتحاربين" تبين أماكن وجود الألغام، ما يعني أن بعثة الأمم المتحدة تتهم قوات الحكومة الشرعية بالضلوع في زراعة الألغام دون تقديم أي دليل على ذلك، بينما تتجاهل الإشارة إلى الحوثيين صراحة واتهامهم بارتكاب هذه الجرائم رغم كل الأدلة والتقارير الحقوقية الدولية والمحلية التي تدينهم.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الأمم المتحدة جماعة الحوثی فی الحدیدة الألغام فی
إقرأ أيضاً:
شراكة ثقافية أم لعبة سياسية؟ تحركات العراق في واشنطن تثير التساؤلات!
ديسمبر 23, 2024آخر تحديث: ديسمبر 23, 2024
المستقلة/- في خطوة جديدة نحو تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، أجرى السفير العراقي لدى واشنطن، نزار الخير الله، سلسلة لقاءات مع مسؤولين أمريكيين ركزت على الشراكة في التعليم وحماية الآثار. ولكن هل هذه اللقاءات تمثل تحركًا استراتيجيًا لتعزيز مكانة العراق دوليًا، أم أنها مجرد جهود شكلية لملء الفراغات الدبلوماسية؟
التبادل الثقافي أم سياسة المصالح؟التصريحات التي أدلى بها السفير الخير الله حول تعزيز التعاون في إطار قانون التبادل التعليمي والثقافي (MECEA) تثير التساؤلات حول جدية الولايات المتحدة في دعم هذه المبادرات. فبينما يدعو العراق لتوسيع الشراكات التعليمية، تبرز مخاوف من أن هذه الجهود قد تصطدم بمصالح واشنطن السياسية والإقليمية.
استعادة الآثار: تعاون أم استغلال؟لقاء السفير برئيس وحدة مكافحة تهريب الآثار، ماثيو بوغدانوس، جاء ليؤكد التزام العراق بمكافحة التجارة غير القانونية بالآثار. ولكن هنا يبرز التساؤل: هل ستتعاون الولايات المتحدة بجدية في إعادة الآثار العراقية المهربة، أم أن العراق سيجد نفسه في مواجهة عقبات بيروقراطية قد تعيق استعادة تراثه الثقافي؟
شراكة المتاحف: إبراز التراث أم تهميشه؟اجتماع السفير مع رئيس متحف المتروبوليتان، ماكس هولين، لبحث التعاون مع المتحف الوطني العراقي يحمل طابعًا إيجابيًا، لكن البعض يخشى أن يؤدي هذا التعاون إلى استغلال الولايات المتحدة للتراث العراقي لأغراضها الثقافية دون أن يكون للعراق دور فعّال في الاستفادة الحقيقية من هذه الشراكة.
الأحداث الإقليمية: هل يتم تجاهل صوت العراق؟إلى جانب القضايا الثقافية، ناقش السفير مع عضو الكونغرس سيث مولتون تطورات الأوضاع في سوريا. لكن هل تملك بغداد تأثيرًا فعليًا في هذه الملفات، أم أن دورها يقتصر على الاستماع والتنسيق من دون قدرة على صنع القرار؟
رسالة إلى العراق والعالمعلى الرغم من الإشادة بهذه الجهود، يبقى السؤال الأهم: هل سينجح العراق في تحويل هذه اللقاءات إلى شراكات حقيقية تعزز مكانته الإقليمية والدولية، أم أن هذه الخطوات ستبقى مجرد تحركات بروتوكولية؟
الشارع العراقي ينتظر نتائج ملموسة من هذه الزيارات، فالتاريخ مليء بوعود لم تتحقق، وشراكات لم تسفر إلا عن زيادة التبعية. فهل يمكن للعراق أن يكسر هذه الحلقة؟