سواليف:
2025-03-18@13:36:01 GMT

الشيخ كمال الخطيب يكتب .. غـزة جامعة الحمد

تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT

#غـزة #جامعة_الحمد

#الشيخ_كمال_خطيب

✍️ما أكثرها وما أغزرها نعم الله التي تنهمر على الناس ويتقلّبون فيها من المهد إلى اللحد، وفي الليل والنهار خلال طاعتهم له، وخلال معصيتهم له سبحانه. تلك النعم التي لو قدروها حق قدرها وأحسنوا استغلالها لمُلئت قلوبهم بالحمد وانطلقت ألسنتهم بالثناء على رب العالمين المنعم المتفضل والذي يعطي ولا يأخذ، والذي يطعم ولا يطعَم، والذي يجير ولا يجار عليه {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} آية 14 سورة الأنعام.


✍️وإن الكلمة والمصطلح الشائع والأكثر شهرة في التعبير عن الشكر لله تعالى والاعتراف بفضله، هي “الحمد لله رب العالمين”، فالحمد لله يرددها المسلم وهو شاعر بالمنة والجميل مقرّ من أعماقه بأن الله سبحانه هو مصدر كل خير، وإنه أهل لكل شكر، فيرددها مع كل طرفة عين ومع كل نبضة قلب {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} آية 1 سورة الكهف. {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} آية 1 سورة الأنعام. {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} آية 59 سورة النمل.
✍️ولقد أمر الله سبحانه الناس أن يشكروه لأن قلة الشكر خسة يجب أن يتنزّه عنها الإنسان ولا يفعلها. إنك لو أطعمت أحدًا من الناس يومًا أو يومين، شهرًا أو شهرين، إنك لو قضيت عنه دينًا ولو رفعته درجة ومكانة ثم وبعد هذا الفضل والعطاء منك عليه، ثم لاقاك عابسًا متجهمًا معرضًا لقلت في نفسك إنه لا يستحق العطاء وإنه جاحد للنعمة ولمنعت عنه عطاءك.
✍️فكيف برب العالمين، وما ظنكم بالله سبحانه الذي خلق الإنسان من عدم، والذي أطعم وستر، والذي أمد وأعطى بل وأغدق بالعطاء، العام تلو العام، ثم يقابله العبد بالكنود والجحود والنكران ومع ذلك فإنه سبحانه يستمر بالعطاء ولا يمنعه جحود العبد ونكرانه وقلة شكره، قال سبحانه،: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} آية 4 سورة النحل. {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} آية 53 سورة النحل. {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ*قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ} آية 63-64 سورة الأنعام.
✍️وقد ذكر المناوي في فيض القدير: “يا ابن آدم خيري ينزل إليك، وشرك يصعد إلي، وأتحبب إليك بالنعم، وتتبغض إلي بالمعاصي، ولا يزال ملك كريم، قد عرج إليّ منك بعمل قبيح”. وعن وهب قال: “رأيت في بعض الكتب الإلهية أن الله يقول: “يا ابن آدم ما قمت لي بما يجب لي عليك، أذكرك وتنساني، وأدعوك وتفر مني، خيري إليك نازل، وشرك إلي صاعد”.

مقالات ذات صلة 3 مطالب للسنوار في مفاوضات تبادل المحتجزين / تفاصيل 2024/05/03

????من أعماق القلب
✍️إن أمر الله تعالى للإنسان بشكره والإقرار بفضله ليست مهمة صعبة ولا تكليفًا يصعب على الإنسان أن يقوم به، وإنما الشكر والحمد لله سبحانه هو سلوك يعبّر عن استقامة صاحبه، وسلامة فطرته، وصفاء قلبه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} آية 172 سورة البقرة.
وإن الإقرار بالجميل والفضل والاعتراف به يجعل صاحبه أهلًا للمزيد، لأن النعمة تشعر فيها كما يثمر الماء في الأرض الخصبة، فلا يبخل عليها المعطي سبحانه لا بالقليل ولا بالكثير. أما الأرض السبخة والقاحلة والتي لا أمل في ريّها، فإن إرسال ونزول الماء عليها يكون عبثًا بلا جدوى. ولأنها كذلك فإنه سبحانه يقطع عنها عطاءه {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} آية 7 سورة إبراهيم.
✍️فما على الإنسان منا وهو يسرح يمرح ويتقلب في نعم الله الكثيرة، إلا أن يعترف بالجميل لله سبحانه ويهتف من أعماق قلبه وليس من لسانه يقول: “الحمد لله الشكر لله”. وها هو الحبيب محمد ﷺ في سيرته الشريفة العطرة تظهر كل مظاهر الشكر والحمد والثناء والاعتراف والإقرار بالفضل له سبحانه على آلائه ونعمه وعطاياه.

الشيخ كمال خطيب, [5/3/2024 5:52 AM]
كان إذا استيقظ من نومه ﷺ قال: “الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور”. وإذا كان قد انتهى من طعامه ﷺ قال: “الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا من المسلمين”. واذا كان خرج من الخلاء قال: “الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيّ قوته وأذهب عني أذاه”. وكان إذا لبس ثوبًا جديدًا حمد الله وشكره وقال: “الحمد لله الذي كساني هذا من غير حول مني ولا قوة”.
✍️ولقد اختصر ﷺ هذا الخلق الأصيل لما قال لأصحابه رضي الله عنهم: “أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا بالدعاء؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: قولوا اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”.
????فنون في الحمد
✍️وإذا كان رسول الله ﷺ قد علم أصحابه كيف يتقربون إلى الله تعالى بشكر نعمه والاعتراف بفضله، فإن أصحابه رضي الله عنهم قد أبدعوا في كلمات الثناء والرد الجميل والشكر والحمد، والاعتراف بالفضل لصاحب الفضل عليهم هو الله سبحانه. فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: “لأدخلن المسجد فلأصلين ولأحمدن الله لمحامد لم يحمده بمثلها أحد. فلما صليت جلست لأحمد الله وأثني عليه، فإذا بصوت من خلفي يقول: اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسرّه. لك الحمد أنك على كل شيء قدير. يقول أبيّ: فجئت رسول الله ﷺ أحدثه فقال: ذاك جبريل عليه السلام”.
▪️وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ حدثهم: “أن عبدًا من عباد الله قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك فعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى السماء وقالا يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها، قال الله عز وجل وهو أعلم بما قال عبده: ماذا قال عبدي قالا: يا رب إنه قال: يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فقال الله عز وجل لهما: اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها”.
▪️وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: “قال رجل عند رسول الله ﷺ الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فقال رسول الله ﷺ من صاحب الكلمة فسكت الرجل وظنّ أنه أخطأ أو قال ما لا يليق، فقال رسول الله ﷺ من قالها فإنه لم يقل إلا صوابًا، فقال الرجل: أنا قلتها يا رسول الله ما أبغي إلا الخير، فقال رسول الله ﷺ: والذي نفسي بيده لقد رأيت ثلاثة عشر ملكًا يتبدرون كلمتك أيهم يرفعها إلى الله عز وجل”.

????️حسن أدب منهم أم قلة أدب منا
✍️إن إبليس عليه اللعنة وبعد أن طُرد من الجنة، فقد اجتهد وجعل همه الأكبر أن يغوي ابن آدم بالجحود وعدم الشكر لنعم الله تعالى. لقد أراد أن يشغلهم بالغفلة فيأكلون من رزق الله ولا يشكرونه ولا يحمدونه، ويرون آيات الله في الكون فلا يمجدونه ولا يعظمونه سبحانه.
✍️أراد إبليس عليه اللعنة أن يجعل بني آدم كالبهائم تلتهم رزقها إذا جاعت، وإذا شعرت بالشبع جرت ووثبت، وإذا مرضت استكانت وهمجت لا تعرف شيئًا غير ذلك. إنه الشيطان أراد لنا أن نكون كالأنعام بل أضلّ سبيلًا {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} هذه 16-17 سورة الأعراف.
✍️وإن من أسوأ ما تكون عليه أمة من الأمم أو فرد من البشر هو الجحود والنكران وعدم الشكر على نعم الله تعالى. ولقد تحدث القرآن الكريم عن قوم عاد بما كانوا عليه من هذا السلوك السيء والجحود والنكران لنعم الله تعالى عليهم وكانت كثيرة {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آية 69 سورة الأعراف. إنهم لم يذكروا آلاء الله ولا نعماءه وإنما جحدوها مع أن الله سبحانه أمر عباده بالقول: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} آية 52 سورة البقرة. {وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ} آية 3 سورة فاطر. وبيّن سبحانه أن القليل من عباده سيذكرونه ويشكرونه {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} آية 13 سورة سبأ.
✍️خرج رسول ﷺ وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال ﷺ: قرأت على الجن فكانوا أحسن ردّ منكم، كنت كلما أتيت على قوله سبحانه: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد”. فهل هو حسن أدب من الجن أم أنه سوء أدب من بني آدم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ دخل عليها فرأى كسرة خبز ملقاة فأخذها وقال: “يا عائشة أحسني جوار نعم الله فإنها قل ما نفرت عن أهل بيت فكادت ترجع إليهم”.

الشيخ كمال خطيب, [5/3/2024 5:52 AM]
????جامعة الحمد في غزة
✍️لعلّ ما يجري لأهلنا وأبناء شعبنا في قطاع غزة منذ سبعة أشهر من قتل وتشريد وتجويع وتدمير للبشر والشجر والحجر من قبل الإحتلال الإسرائيلي الغاشم والدموي الذي كشف لنا عن المعدن الأصيل والتربة الإيمانية المباركة لأبناء شعبنا هناك، ولقد ظهر ذلك جليًا بما رأيناه وما شاهدته الدنيا كلها كيف أن أهل غزة قد أصبحوا مدرسة بل جامعة للحمد بما هم عليه من صبر وثبات وجلد وحمد لله تعالى، رغم كل الذي أصابهم ونزل بساحتهم.
▪️لقد شاهدنا من قُتل أبوه وأمه وإخوته وأخواته والعشرات من أقاربه، بينما هو يردد: الحمد لله.
▪️ولقد شاهدنا وشاهدت الدنيا كلها تلك التي قُتل زوجها وأبناؤها وأحفادها بينما لسانها لا يفتر عن قول: الحمد لله.
▪️ولقد شاهدنا وشاهدت الدنيا بأسرها من هدمت عمارته بعشرات الشقق فيها ومن هدم بيته ومن رحل مرة بعد مرة وبات لا يسكن إلا في خيمة من قماش بينما هو يبتسم ويقول: الحمد لله.
▪️ولقد شاهدنا من لم يأكلوا كسرة خبز منذ أشهر، ومن أكلوا ما يشبه الخبز صنعوه من علف الحيوانات، وشربوا الماء المالح والملوث وما غيّروا ولا بدلوا عن قول: الحمد لله.
▪️لقد رأيناهم أبناء شعبنا في غزة وقد أجرم بهم الأعداء وطعنهم وخذلهم الإخوة والأشقاء فلم ينسوا الحمد لله.
✍️اللهم يا من لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله، اجعل أهلنا وإخوتنا الحامدين لك في غزة ممن يعمّهم عطاؤك ويشملهم قولك {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِدَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آية 8+9 سورة يونس. ✍️اللهم يا من لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، اجعل أهلنا وإخوتنا الحامدين لك في غزة ممن يقولون يوم القيامة: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَوَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آية 54+55 سورة الزمر.
✍️فلأن أهلنا في غزة من الذين عرفوا نعم الله عليهم فلم ينكروها بل شكروها، بل ولأنهم أدركوا أنهم في مكانة الاصطفاء والاختيار والاجتباء الرباني فكانوا مدرسة بل جامعة الحمد يعلّمون الدنيا كلها معاني الإسلام الحقيقية، فلأنهم كذلك فيقيني أن الله سبحانه لن يخزيهم وإنه جاعل لهم مما هم فيه فرجًا ومخرجًا.
✍️اللهم اجعل لهم مما هم فيه فرجًا عاجلًا غير آجل يعجب له أهل السماوات وأهل الأرض يا رب العالمين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: غـزة الحمد لله الذی رضی الله عنه رسول الله ﷺ رب العالمین الله سبحانه الله تعالى الشیخ کمال لله سبحانه لله تعالى له سبحانه لک الحمد نعم الله ال ح م د أن الله أدب من فی غزة

إقرأ أيضاً:

عبد الله مشنون يكتب..إستفحال مظاهر العنصرية في الجزائر ضد ذوي البشرة السمراء

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم بايطاليا

تُعاني الجزائر من تفشٍّ واضح للعنصرية ضد ذوي البشرة السمراء، سواء كانوا من أبناء الجنوب الجزائري أو من المهاجرين الأفارقة. رغم الخطاب الرسمي الذي يُنادي بالمساواة ومناهضة التمييز، إلا أن الواقع يُظهر أن هذه الفئة ما زالت تواجه العديد من مظاهر الإقصاء، سواء في الحياة السياسية أو الاجتماعية، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب العميقة لهذه الظاهرة وتأثيراتها على تماسك المجتمع الجزائري.

في المؤسسات الرسمية، لا يزال حضور الجزائريين ذوي البشرة السمراء في المناصب العليا محدودًا. فرغم تعيين شخصيات بارزة من هذه الفئة، مثل عبد القادر مساهل ونور الدين بدوي، إلا أن ذلك يبقى استثناءً وليس القاعدة. كما أثار تعيين حسن دردوري ردود فعل عنصرية، ليس بسبب مؤهلاته، ولكن بسبب لون بشرته، ما يعكس استمرار النظرة الدونية تجاه أبناء الجنوب. أما في المؤسسة العسكرية، التي تُعد من أكثر المؤسسات نفوذًا في البلاد، فيندر أن نجد تمثيلًا لهذه الفئة، مما يعمق الشعور بالتهميش لدى الجزائريين السود ويؤكد أن الفرص ليست متساوية للجميع.

إلى جانب الإقصاء السياسي والمؤسسي، يواجه أبناء الجنوب الجزائري مظاهر تمييز صارخة عند انتقالهم إلى مدن الشمال. كثيرون يعانون من مضايقات يومية، وأحيانًا إساءات لفظية بسبب لون بشرتهم ولهجتهم المختلفة. حتى في الجامعات، طُلب من بعض الطلاب القادمين من الجنوب الخضوع لفحوصات طبية قبل استلامهم غرفهم في الإقامات الجامعية، في إجراء لم يُفرض على غيرهم، وهو ما يعكس وجود تمييز مؤسساتي قائم على أساس العرق والانتماء الجغرافي. هذه الممارسات جعلت الكثير من أبناء الجنوب يترددون في الاستقرار في الشمال، خوفًا من مواجهة معاملة غير عادلة أو شعور دائم بالغربة داخل وطنهم.

في الإعلام، لا يختلف الوضع كثيرًا، حيث يبدو أن الوجوه ذات البشرة السمراء غائبة إلى حد كبير عن البرامج التلفزيونية، وكأنها لا تمثل جزءًا من الهوية الجزائرية. حادثة عارضة الأزياء والمؤثرة الجزائرية بركة مزراية تُجسد هذا التهميش، حيث تعرضت لتعليقات عنصرية مؤلمة جعلتها تبكي بحرقة، ما كشف عن حجم التنمر الذي يواجهه الجزائريون السود في الفضاء العام. غياب التمثيل العادل في وسائل الإعلام يعزز الصورة النمطية السلبية عن هذه الفئة، ويُكرّس فكرة أنها ليست جزءًا من النسيج الوطني، رغم أنها من أقدم المكونات السكانية في الجزائر.

العنصرية لم تقتصر على أبناء الجنوب، بل امتدت أيضًا إلى المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، الذين يُنظر إليهم أحيانًا على أنهم عبء أو تهديد ديموغرافي. كثير منهم يعملون في ظروف صعبة دون أي حماية قانونية، ويواجهون رفضًا اجتماعيًا واضحًا. في بعض الحالات، تعرض هؤلاء المهاجرون لاعتداءات عنيفة وحوادث قتل وخطاب كراهية متصاعد، دون أن يكون هناك رد فعل رسمي حازم لحمايتهم أو الحد من هذه الظاهرة.

حتى في الخارج، حمل بعض الجزائريين معهم هذه النزعات العنصرية، كما ظهر مؤخرًا في حادثة جزائرية في باريس قامت بتصوير الجناح المغربي في معرض الفلاحة، ووصفت المشاركين فيه بأنهم “مجموعة من السود”، في مشهد يعكس كيف تسربت هذه العقلية إلى بعض فئات المجتمع الجزائري حتى خارج حدوده. هذه التصرفات لا تسيء فقط إلى صورة الجزائر على المستوى الدولي، بل تعكس مشكلة عميقة تتعلق بالهوية والتقبل الاجتماعي.

على الجانب الآخر، يبدو أن المغرب الجار يقدّم نموذجًا أكثر انفتاحًا وتسامحًا فيما يتعلق بالتنوع العرقي. لا تشهد المملكة نفس الحدة من الممارسات العنصرية، حيث تتعامل الثقافة المغربية بشكل أكثر طبيعية مع التنوع العرقي واللغوي. هذا الاختلاف لا يعود إلى عوامل اقتصادية أو جغرافية، بل إلى سياسات اجتماعية وثقافية عززت التعددية والتعايش بشكل أكثر فاعلية.

تاريخيًا، تعود جذور العنصرية في الجزائر إلى الحقبة الاستعمارية، حيث سعى المستعمر الفرنسي إلى تطبيق نموذج فصل عنصري يشبه ما حدث في جنوب أفريقيا. رغم الاستقلال، لم تختف هذه الذهنية بالكامل، بل استمرت في بعض مؤسسات الدولة والمجتمع، مما جعل التمييز العرقي أمرًا شائعًا وإن كان غير مُعلن بشكل رسمي. والمفارقة أن النظام الجزائري، الذي يدّعي الدفاع عن حقوق سكان جنوب المغرب، لم يُبدِ نفس الحرص تجاه سكان جنوب الجزائر أنفسهم، الذين يعانون من الإقصاء والتهميش المستمر. هذا التناقض يثير تساؤلات جدية حول مدى مصداقية الشعارات التي يرفعها النظام في قضايا حقوق الإنسان.

إن تفشي العنصرية في الجزائر يُشكل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق مجتمع أكثر عدالة وانسجامًا. معالجة هذه الظاهرة تتطلب وعيًا جماعيًا، وإصلاحات قانونية تضمن المساواة الفعلية بين جميع المواطنين، وتجريم التمييز بكل أشكاله. من دون هذه الخطوات، ستبقى الفجوة قائمة، وسيستمر الجزائريون السود في مواجهة عراقيل غير مبررة داخل وطنهم، في تناقض صارخ مع المبادئ التي قامت عليها الثورة الجزائرية، والتي كان أحد أهدافها القضاء على كل أشكال الظلم والتمييز.

مقالات مشابهة

  • هل الدعاء في صلاة التراويح بقول اللهم لا تخيب فيك يا رب رجاءنا حرام؟
  • اقرأوها بصدق وإخلاص.. خالد الجندي: سورة قرآنية تحقق سرعة الاستجابة للدعاء
  • قاسم الظافر يكتب: بلد أكبر من وعي أهله به !
  • بالفيديو.. محمد مختار جمعة: عظمة القرآن الكريم ليس لها حد وبلاغته إعجاز علمي
  • الشيخ الرزامي يبعث رسالة لقائد الثورة
  • سورة تمنع الفقر وتوسع الرزق في رمضان.. أوصى النبي بقراءتها
  • سحر البيان في تناسب آي القرآن
  • عبد الله مشنون يكتب..إستفحال مظاهر العنصرية في الجزائر ضد ذوي البشرة السمراء
  • سورة تفتح خلايا مخك.. داوم عليها فى رمضان وسترى العجب
  • رمضان.. شهر البركة