بعدما وصل مجلس الأمن.. من يكسب الصراع: أبوظبي أم بورتسودان؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
تقدمت حكومة الأمر الواقع، لمجلس الأمن بأول شكوى ضد أبوظبي في أواخر مارس الماضى، تطالب فيها المجلس، باتخاذ ما يلزم لإجبار الإمارات على الامتناع الفوري عن تقديم الرعاية والدعم والإسناد
كمبالا: التغيير: سارة تاج السر
اتخذت التوترات بين الخرطوم وأبوظبي، منحى دوليًا باتجاه مجلس الأمن، مع تصاعد الاتهامات، بدعم الإمارات لقوات الدعم السريع.
مواجهة
منذ بدء الحرب في السودان قبل نحو عام بين الجيش والدعم السريع، تقدمت حكومة الأمر الواقع، لمجلس الأمن بأول شكوى ضد أبوظبي في أواخر مارس الماضى، تطالب فيها المجلس، باتخاذ ما يلزم لإجبار الإمارات على الامتناع الفوري عن تقديم الرعاية والدعم والإسناد للقوات شبه العسكرية التي يتزعمها محمد حمدان دقلو، غير إن سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب، كتب إلى مجلس الأمن في 25 أبريل الماضي، قائلاً : “الإمارات لا تقدم أي أسلحة أو ذخيرة لأي فصيل منخرط في الصراع الدائر في السودان”.
تدخل.. وإرجاء
الشكوى التي كان من المقرر مناقشتها في جلسة أمس الأول، (الثلاثاء) أرجئ اتخاذ أي قرار بشأنها لشهر يونيو القادم. ووفق مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، فان بريطانيا تدخلت لتغيير طبيعة الجلسة التي طالبت بها بلاده بشأن الشكوى، وقال:” التدخل البريطاني حوّل الجلسة من جلسة يحق للسودان المشاركة فيها إلى جلسة تشاور خاصه بأعضاء المجلس حصراً”.
وتاسفت وزارة خارجية حكومة الأمر الواقع، من تنكر بريطانيا لواجبها الأخلاقي والسياسي بصفتها عضوا دائما بمجلس الأمن وما تلزم به نفسها للتصدي لقضايا السودان في المجلس، وذلك مقابل مصالحها التجارية مع الدولة الخليجية. واعتبرت أن حماية بريطانيا لأكبر ممولي الحرب في السودان، مقرونة مع ما كشفته صحافة بلادها من أن حكومة ريشي سوناك أجرت لقاءات سرية مع الدعم السريع، مما تجعلها شريكة في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكب وداعمة للإفلات من العقاب.
والتدخل البريطاني الذي تحدث عنه مندوب السودان جاء بعد ما ذكرته صحيفة التايمز اللندنية، يوم الأحد، أن أبوظبي “ألغت 4 اجتماعات وزارية مع لندن بسبب عدم إيقاف جلسة مجلس الأمن ” التي طالبت بها حكومة السودان.
وقال المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمساعد الأول في برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “CSIS Africa” كاميرون هدسون، إن مصادر مطلعة على الأمر أخبرته أن الإمارات تضغط على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء آخرين في مجلس الأمن لإلغاء الاجتماع الطارئ بشأن دور الإمارات بالسودان.
كاميرون هدسون: إذا كانت الإمارات مصرة إلى هذا الحد في إنكار دعمها لحميدتي، فلماذا تنفق الكثير من رأس المال الدبلوماسي لمنع المناقشة؟
وتساءل هدسون في تصريح لموقع Middle East Eye البريطاني: “إذا كانت أبوظبي مصرة إلى هذا الحد في إنكار أنها تدعم الدعم السريع، فلماذا تنفق الكثير من رأس المال الدبلوماسي لمنع المناقشة؟”.
بالمقابل تحدثت بلومبيرغ نقلا عن مصدر مطلع، عن إلغاء، زيارة العمدة الفخري لمدينة لندن إلى دولة الإمارات في اللحظة الأخيرة، التي كانت مجدولة الأسبوع الجاري، ضمن مخطط لعقد اجتماعات مع مسؤولين ظبيانيين، مثلما تم وبشكل منفصل، إلغاء دعوة لوزير العلوم البريطاني أندرو غريفيث لزيارة الإمارات لمناقشة التعاون في مجال الفضاء، وعزت مصادر بلومبيرغ الخلاف الدبلوماسي، الى انضمام لندن إلى واشنطون في زيادة الضغط على أبوظبي بغية سحب دعمها لقوات دقلو .
أدوات التأثير وأوراق اللعب
وفقا لآراء محللين سياسيين استنطقتهم «التغيير» فإن ما يحكم مجلس الأمن من قواعد لعب دولية، وتوازنات تقوم على المصالح، يجعل من الصعب علي الدول الأعضاء ترجيح كفة العاصمة المؤقتة “بورتسودان” على أبوظبي التي تمتلك الكثير من أدوات التأثير، وأوراق اللعب الفاعلة، على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل لـ«التغيير»: لا يوجد تكافؤ في فرص التأثير علي مجلس الأمن، وأشار إلى أن هذا بدا جليا في التغيير المباغت الذي طرأ على رزنامة وأجندة المجلس الذي أنحى جانبا وعلى نحو مفاجئ شكوى حكومة الأمر الواقع في السودان ضد دولة الإمارات، لينخرط في جلسة مغلقة دون حضور مندوب السودان، لبحث ما يكتنف أوضاع مدينة الفاشر المحاصرة من قبل الدعم السريع، مما يعكس توازنات القوى والمصالح الدولية التي تحكم قرارات المجلس.
محلل سياسي: أي منازلة مكشوفة بين بورتسودان وأبو ظبي على المستوى الدولي، ستكون خسارة للطرف الأضعف في المعادلة
وأوضح الفاضل إنه وبغض النظر عن صحة حيثيات الشكوى من عدمها، فإن أي منازلة مكشوفة ومباشرة بين بورتسودان وأبوظبي على المستوى الدولي الأرجح أنها ستكون منازلة خاسرة للطرف الأضعف في هذه المعادلة.
سذاجة سياسية
خطاب مندوب السودان الدائم إلى رئيس مجلس الأمن في 26 أبريل كان محاولة فاشلة بحسب تقدير المفكر والباحث السياسي النور حمد. وفي مقابلته مع «التغيير»، أوضح أن الطلب الذي قدمه المندوب لعقد اجتماع عاجل لمناقشة ما أسماه “العدوان الإماراتي” يعبر عن سذاجة سياسية، مشيرًا إلى أنها لم تحقق أي كسب دبلوماسي على مدى السنوات الـ35 الماضية.
النور حمد: خطاب حكومة الأمر الواقع لمجلس الأمن يعبر عن سذاجة سياسية
واشار إلى أن المجتمع الدولي يقف على مسافة واحدة من قيادة الجيش والدعم السريع التي تقاتلها. وأضاف حمد أن النزاعات في المنطقة تشهد تدخلات ودعمًا ماليًا وعسكريًا من مختلف الأطراف العربية، مشيرًا إلى الأحداث في سوريا، ليبيا، اليمن، والسودان.
وأكد أن النظام الحالي في السودان فاقد للشرعية، لأنه نشأ عن انقلاب على الوثيقة الدستورية، وبالتالي لا يمثل الأمة السودانية كما أن المجتمع الدولي لا يفوته ان حكومة بورتسودان تستورد السلاح من روسيا وإيران، مما يفسر فشل محاولتها في مجلس الأمن.
بينما يعتقد الكاتب الصحفي علاء الدين بشير، إن التصعيد فى الجانب السوداني ضد الإمارات له علاقة بخلافات وجهات النظر داخل قيادات الجيش وحكومة الأمر الواقع حيال مفاوضات جدة وترتيبات ما بعد الحرب، وبالنسبة للإمارات فإن دعمها لحميدتي والدعم السريع هو استثمار في خططها الإستراتيجية وتكتيكاتها من أجل البقاء رغم إنكارها لهذا الدعم، كما ذكر في حديثه لـ«التغيير».
الوسومأبوظبي الامارات الدعم السريع السودان بريطانيا حميدتي مجلس الأمن
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أبوظبي الامارات الدعم السريع السودان بريطانيا حميدتي مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
اعتقال رياك مشار يهدد السلام في جنوب السودان وتحذيرات دولية من تجدد الصراع
يشهد جنوب السودان أزمة سياسية متصاعدة بعد اعتقال النائب الأول لرئيس البلاد، رياك مشار، ووضعه قيد الإقامة الجبرية، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انتهاك صارخ لاتفاق السلام المبرم عام 2018، مما يهدد بانهياره وعودة البلاد إلى دوامة الحرب الأهلية.
ووفقًا لرويترز، فقد تم اعتقال مشار مساء الأربعاء في العاصمة جوبا، حيث اقتحمت قوات الأمن منزله تحت قيادة وزير الدفاع ورئيس جهاز الأمن الوطني، وسلمته أمر اعتقال بتهم غير واضحة. ووفقًا لريث موتش تانج، المسؤول في الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، فقد جُرد حراس مشار من أسلحتهم، كما تم احتجاز زوجته معه.
وأكد حزب مشار، الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة (SPLM-IO)، أن هذا الاعتقال يُعد خرقًا خطيرًا لاتفاق السلام ويفقده شرعيته بالكامل. وقال نائب رئيس الحزب، أويوت ناثانيال بيرينو، إن هذه الخطوة "أدت فعليًا إلى انهيار الاتفاق، مما يضع فرص السلام والاستقرار في جنوب السودان في خطر بالغ".
إزاء هذه التطورات، دعت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) جميع الأطراف إلى ضبط النفس واحترام اتفاق السلام. وأكد رئيس البعثة، نيكولاس هايسوم، أن البلاد تقف على مفترق طرق حاسم، فإما أن تعود إلى "صراع واسع النطاق"، أو تمضي قدمًا نحو السلام والاستقرار والديمقراطية، مشددًا على ضرورة الالتزام بروح التوافق التي أُبرم بها الاتفاق عام 2018.
وأضافت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان أن عمليات الاعتقال الأخيرة تُعد مؤشرًا خطيرًا على تفكك عملية السلام، محذرة من أن استهداف قادة المعارضة والمدنيين يُظهر تجاهلًا متهورًا للقانون الدولي ولمستقبل البلاد.
"لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان: "عمليات الاعتقال الأخيرة تُعد مؤشرًا خطيرًا على تفكك عملية السلامالصراع العرقي وتجدد المواجهات المسلحةويأتي اعتقال مشار بعد تصاعد التوترات بين قواته وقوات الرئيس سلفا كير، حيث اندلعت اشتباكات بين الجيش الحكومي وميليشيا "الجيش الأبيض"، وهي جماعة مسلحة يُزعم أنها موالية لمشار، في منطقة ناصر بولاية أعالي النيل. وقد نفت الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة أي علاقة حالية لها بهذه الجماعة، رغم أن الجانبين كانا متحالفين خلال الحرب الأهلية السابقة.
ردًا على تلك الاشتباكات، شنت الحكومة غارات جوية على المنطقة، محذرة المدنيين من البقاء فيها وإلا "سيواجهون العواقب". وأسفرت الغارات، التي بدأت في منتصف مارس/ آذار، عن مقتل أكثر من 12 شخصًا، مما زاد من المخاوف بشأن اندلاع حرب أهلية جديدة على أسس عرقية، خاصة مع تصاعد خطاب الكراهية في البلاد.
Relatedمشاهد مؤثرة لسكان غرب "أم درمان" عقب استعادة الجيش السوداني السيطرة على المنطقةمسلسل الفظاعات بالسودان: العثور داخل بئر على جثث أطفال ونساء قتلوا على يد الدعم السريعالجيش السوداني يعلن سيطرته على القصر الرئاسي بعد معارك طاحنة مع قوات الدعم السريع امتدت لأسابيعإدانات دولية ودعوات للإفراج عن مشاركما ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة دعت إلى الإفراج الفوري عن مشار، كما حذرت الأمم المتحدة من أن جنوب السودان يقف على حافة حرب أهلية جديدة، مع تصاعد الاشتباكات بين القوات الحكومية وجماعات مسلحة موالية للمعارضة. كما دعت كل من كينيا، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) إلى التهدئة وضبط النفس.
وفي الوقت الذي تعاني فيه حكومة الوحدة الوطنية من صعوبات في تنفيذ اتفاق السلام، يتخذ الرئيس سلفا كير خطوات لتعزيز سلطته، حيث اعتقل عددًا من حلفاء مشار البارزين في وقت سابق من مارس/ آذار. كما استعان بالجيش الأوغندي لتعزيز أمن العاصمة جوبا، وعين بنيامين بول ميل نائبًا ثانيًا للرئيس، وسط تكهنات بأنه يُعده لخلافته، خاصة أن بول ميل، وهو رجل أعمال، مدرج على قائمة العقوبات الأمريكية بسبب شبهات تتعلق بغسيل الأموال عبر شركات البناء.
ومنذ توقيع اتفاق السلام عام 2018، لم يتم تنفيذ بنود رئيسية مثل توحيد القوات الوطنية وإجراء الانتخابات العامة، مما أدى إلى استمرار حالة عدم الاستقرار. ومع اعتقال مشار، تتصاعد المخاوف من انهيار الاتفاق بالكامل، مما قد يعيد البلاد إلى مربع الصراع الدموي الذي استمر خمس سنوات وأدى إلى مقتل 400 ألف شخص قبل أن يتم التوصل إلى هدنة هشة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية انعطافة ميدانية في الصراع السوداني: الجيش يقترب من الحسم في العاصمة الأمم المتحدة تحذر: قيود الدعم السريع على تسليم المساعدات قد تؤدي إلى أسوأ أزمة إنسانية في السودان مبعوث الأمم المتحدة يحذر: الوضع "المزري" في جنوب السودان ينذر بتجدد الحرب الأهلية قوات الدعم السريع - السودانإتفاقية سلاماعتقالجنوب السودانقوات عسكرية