مجلة أمريكية: “إسرائيل” تفشل في استعادة الردع أمام غزة ولبنان وإيران
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
الجديد برس:
أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في تقرير مطول أن “إسرائيل” فشلت في استعادة الردع، أمام كل من غزة ولبنان وإيران، حيث شككت بإمكان صمود مفهوم الردع في الحرب الحالية، وهو المفهوم الذي لطالما وجه الاستراتيجية الإسرائيلية وهيمن عليها، منذ تأسيس كيان الاحتلال وحتى الوقت الحالي.
وذكرت المجلة بما قاله رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، أرييل شارون، ومفاده أن الردع هو “السلاح الرئيس لإسرائيل، أي الخوف منا”.
كما لفتت، في الإطار نفسه، إلى ما قاله وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، موشيه دايان، لدى حديثه عن الردع، ومفاده: “يجب أن يُنظر إلى إسرائيل باعتبارها كلباً مسعوراً وخطيراً جداً بحيث لا يمكن إزعاجه”.
ولهذا السبب، بعد الهجوم على “إسرائيل” في الـ7 من أكتوبر الماضي، وُضعت في كيان الاحتلال “ضرورة وجودية غير مسبوقة من أجل إعادة بناء قوة الردع”، التي تضاءلت باطراد منذ انسحاب إسرائيل من لبنان في أيار/مايو عام 2000، بحسب المجلة.
استعراضات إسرائيلية فاشلةوبما أن هجوم الـ7 من أكتوبر كان غير مسبوق، تبعه هجوم إسرائيلي كان لا بد أن يكون بنفس القدر على الأقل، فكانت “نوبة من العنف لا مثيل لها، من حيث النطاق والشدة”.
وعلى الرغم من ذلك، فشلت الحرب على غزة، وفشلت كل استعراضات “إسرائيل” غير المسبوقة لقوتها العسكرية في غزة، والجهود المرتبطة بها في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، في استعادة الردع، كما أكدت “فورين بوليسي”.
وأوضحت المجلة أن السبب الأساس لهذا الفشل هو أن “النصر العسكري الكبير” بالنسبة لـ”إسرائيل”، مثل إصابة حماس بـ”الشلل الحاسم”، لا يزال بعيد المنال.
في غضون ذلك، أثارت الهجمات العدوانية البرية التي شنتها القوات الإسرائيلية إداناتٍ دولية، بينما أدت معدلات الخسائر المرتفعة إلى حدٍ مثير للقلق، والتي كبدتها المقاومة لجيش الاحتلال، إلى تفاقم المخاوف السابقة بشأن ضعف القوات البرية.
حزب الله يهين الردع الإسرائيلي“فورين بوليسي” أكدت أن أياً مما سبق “لم يوصل رسالة قوة إلى أعداء إسرائيل”، وخاصة إلى حزب الله، في إشارة إلى أن العكس هو الصحيح، حيث يظهر الضعف وتأكّل الردع لدى الاحتلال.
وأشارت المجلة إلى أن حزب الله و”إسرائيل” خاضا “تصعيداً مدروساً لتبادل إطلاق النار” على طول الحدود اللبنانية – الفلسطينية، منذ بدء الحرب على غزة، بينما أثبت الحزب أنه متضامن مع الفلسطينيين، مع إبقاء التوترات دون عتبة معينة.
علاوةً على ذلك، تمكن حزب الله من تقييد جزء كبير من القوات البرية للجيش الإسرائيلي في الشمال، من دون الدخول في حرب واسعة النطاق، كما أضافت المجلة.
إضافةً إلى ذلك، دفع حزب الله أكثر من 80 ألف مستوطن إسرائيلي إلى مناطق بعيداً من الشمال، بدلاً من أن ينسحب هو إلى شمالي نهر الليطاني، كما تريد “إسرائيل”.
وأكدت المجلة أن حزب الله فرض الشروط الاشتباك الخاصة به، من خلال إنشاء منطقة عازلة داخل “إسرائيل”، ما أجبر “إسرائيل” على القيام داخلياً بما لم يتمكن “القرار 1701” من إرغام حزب الله على فعله، أي الانتقال بعيداً من جنوبي لبنان.
وبفرضه شروط الاشتباك الخاصة به، وجه حزب الله “إهانةً خطرةً للردع الإسرائيلي”، حتى إنه دفع اللواء في الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، غيرشون هكوهين، إلى وصف سلوك جيش الاحتلال في الشمال بـ”المحرج”، وفقاً لما أوردته “فورين بوليسي”.
ونقلت المجلة عن هكوهين قوله إن حزب الله “يرهن كل ما سيحدث في المستقبل بإنهاء الحرب في قطاع غزة”، أي أن حزب الله “في الواقع هو من يقرر حالياً ما إذا كانت الحرب ستتوقف أم لا”، على حد قوله.
استهداف القنصلية الإيرانية كشف حدود العمليات الإسرائيليةبينما سعى نتنياهو لتصعيد الضغط عبر استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، كشف القصف، “عن غير قصد” حدود نطاق العمليات التي يمكن أن تقوم بها “إسرائيل”، وقدرتها العسكرية، وإفلاتها من العقاب، لا حدود الصبر الإيراني فحسب، بحسب المجلة.
ووفقاً لها، فإن هذه هي عوامل من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم المشكلة بالنسبة لـ”إسرائيل”، وسيكون لها “تداعيات خطرة على تصور إسرائيل للتهديد على المدى الطويل”.
ويبدو رد “إسرائيل” على الانتقام الإيراني “مخيباً للآمال للغاية”، سواء من حيث الجوهر أو العرض المسرحي، وذلك على النقيض من إيران، التي نقلت نواياها من خلال قنوات مختلفة، بما في ذلك الأمم المتحدة، ليبدو الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني مفككاً ومفتقراً إلى الوضوح، وفقاً لـ”فورين بوليسي”.
وفي هذا الإطار، أشارت المجلة إلى أن حتى وزير “الأمن القومي” الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، “لم يستطع إلا أن يسخر من الضربة الإسرائيلية الفاترة”، واصفاً إياها بالمهزلة.
وبعد عقود من سيطرة من خضوع العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية لسيطرة مفهوم فريد من نوعه للردع، أو ما أشار إليه شارون بـ “خوف المنطقة من إسرائيل”، أصبح الحفاظ على هذا الخوف أكثر صعوبةً من أي وقت مضى، بعد أن حُفرت في وعي المنطقة صورة الرؤوس الحربية الإيرانية التي تحلق فوق “إسرائيل”، بحسب المجلة.
وأمام كل ذلك، خلصت الصحيفة إلى أن “ما هو واضح هو أن محاولة إسرائيل لاستعادة أمنها لم تقترب من نهايتها بعد”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فورین بولیسی حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
يوم “السكاكين الطويلة”.. كيف أربكت حماس “إسرائيل” إلى الأبد؟
#سواليف
على الرغم من الاختلال الفادح في توازن القوى العسكرية، بين حركة المقاومة الإسلامية ” #حماس ” و” #إسرائيل “، فقد أدخلت تداعياتُ #حرب_الإبادة على قطاع غزّة (2023-2025)، متغيراتٍ جديدة على الشكل الكلي للعلاقة بين الطرفين، ما قد يعني إمكانية تحوّلها، ضمن عملية صيرورة معقّدة، نحو توازنات مختلفة.
ويعكس هذا تآكل “القيمة النسبية” للأبعاد العسكرية في مستقبل العلاقة، في مقابل تصاعد وزن أبعاد “القوة الشاملة”، بما فيها الأبعاد المعنوية والرمزية والتحررية والسياسية، بما قد يُعزّز، في نهاية المطاف، قدرة حماس على الاستمرار في سياساتها التفاوضية، وربما تسجيلها “أهدافًا متكررة” في المرمى الإسرائيلي، دون أن تضطر لتقديم أشياء إضافية، لم يتم التوافق عليها في اتّفاق وقف إطلاق النار و #تبادل_الأسرى في قطاع #غزة (15/1/2025).
وفي سياق تحليل العوامل/ المحدّدات المؤثّرة في علاقة حماس بـ”إسرائيل”، وسياقاتها الخارجية، ومساراتها، في المدى المنظور، ثمّة أربع ملاحظات:
مقالات ذات صلة بلدية رفح تحذر من كارثة إنسانية جراء انقطاع المياه 2025/03/15الملاحظة الأولى: #العجز_الإسرائيلي
عجزت حكومة بنيامين نتنياهو عن حسم المعركة بالأداة العسكرية، على الرغم من دمجها بكل أدوات حرب الإبادة، مثل: ( استخدام تجويع المدنيين سلاحًا، وإحكام الحصار الاقتصادي عليهم، واستهداف متلقّي المساعدات الإنسانية عدة مرات، وتكرار الاستهداف المتعمّد للمستشفيات والملاجئ والمدارس ومنشآت البنية التحتية، وتنفيذ سياسات “الأرض المحروقة” و”التهجير” و”التطهير العرقي”، ضمن ما عرف بـ “خطة الجنرالات”.. إلخ). كما أخفق نتنياهو وأركان جيشه، في إرغام حماس خصوصًا، وفصائل المقاومة الفلسطينية عمومًا، على “رفع الراية البيضاء”، والنزول على شروط الاستسلام الإسرائيلية، في المفاوضات.
وعلى الرغم من مناورات التفاوض الإسرائيلية المتنوعة واللامتناهية، وقدرة نتنياهو على تعطيل صفقة تبادل الأسرى، عدة أشهر، فقد تصاعدت تدريجيًا ضغوط عائلات المحتجزين في قطاع غزّة، وتعالت الأصوات التي تطالب بتشكيل لجنة تحقيق في إخفاق الدولة في التعامل مع هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ما يعني أمرين:
أحدهما أن نتنياهو وأركان حكومته قد يواجهون، في أمد غير بعيد، يوم “السكاكين الطويلة”، وتبادل الاتهامات بالتقصير والمسؤولية عن الفشل، بين المستويين السياسي والعسكري.
والآخر محدودية أدوات الضغط الإسرائيلية المتبقية، وتآكل جدواها، ضد حماس وقطاع غزّة عمومًا، اللهم إلا في “شراء الوقت” و”التأجيل”، بعد وضوح نتيجة حرب الإبادة في فشل تهجير الغزيين، ناهيك عن كسر إرادة المقاومة.
الملاحظة الثانية: قدرة حماس على #الإرباك
أثبتت حماس قدرتها على “إرباك” الإستراتيجية الإسرائيلية وحرمانها ميزات “المبادرة الاستباقية”، ضد الجانب الفلسطيني؛ إذ يكشف نهج حماس التفاوضي معرفةً عميقة بالعقلية الإسرائيلية، وإمكانية التعويل على المقاومة في تفجير تناقضات الداخل الإسرائيلي وصراعاته، كما تجلّى من الرسائل في العبارات التي وضعتها كتائب القسّام في خلفيات مشاهد تسليم المحتجزين الإسرائيليين، (مثل: “نحن الطوفان… نحن اليوم التالي”، “الأرض تعرف أهلها.. من الأغراب مزدوجي الجنسية”، “اخلع حذاءك، فكل شبر من هذه الأرض روي بدماء الشهداء”، “وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق”، “نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد”، صورة قائد كتائب القسام محمد الضيف التي كُتب عليها: “نستطيع أن نغير مجرى التاريخ”.. إلخ).
ويكشف تحليل هذه الرسائل مهارة حماس على الصعد التفاوضية والإعلامية والدعائية؛ إذ قدمت نموذجًا مختلفًا عن نهج “الاعتدال التفاوضي العربي”، منذ اتفاقيات فض الاشتباك بين كل من مصر وسوريا والجانب الإسرائيلي (1974 – 1975)؛ الذي أوصل الدول العربية إلى مسارات التسوية والتطبيع ( كامب ديفيد 1978، ومؤتمر مدريد 1991، واتفاقات أوسلو 1993)، بكل نتائجها السلبية على تماسك المواقف العربية وخلق التضارب بينها.
لقد نجحت حماس في المزاوجة بين المرونة والالتزام بثوابتها وحقوق شعبها، ودفعت “إسرائيل” إلى تغيير معاييرها في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، على نحو أبرز درجة من “الندية السياسية”، عبر تحسين المركز التفاوضي الفلسطيني عمومًا، والتركيز على قيمة حرية الأسرى، بعد تشكّل طرف فلسطيني مقاوم على الأرض، يستطيع التعبير عن الإرادة الشعبية والتطلعات المجتمعية في تحرير الأسرى من جلاديهم.
وهي قضية تمس كل بيت فلسطيني تقريبًا، وذلك على عكس ما فعله المفاوض العربي والفلسطيني، الذي تجاهل قضية الأسرى، في إطار عملية التسوية، التي ركزت على العملية دون تحقيق السلام الحقيقي، خصوصًا في ظل مسار أوسلو المتعثر.
وعلى الرغم من أن عملية “التفاوض غير المباشر” بين حماس و”إسرائيل”، قد تكون أصعب مفاوضات في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي برمته، فإنها أدّت لثلاث نتائج متداخلة:
أولاها تأكيد “التفوق الأخلاقي” للشعب الفلسطيني على عدوه، وحرص كتائب القسّام على حسن التعامل مع الأسرى الإسرائيليين، (كما تجلّى في صورة المجند المحتجز عومرشيم كوف، الذي قبّل رؤوس آسريه من القسّام في منطقة النصيرات في 22 فبراير/ شباط 2025، ما يؤكّد اهتمام حماس بـ “معركة كسب العقول والقلوب”، بالتوازي مع صمود فصائل المقاومة الميداني.
وثانيتها تكريس مكانة حماس التفاوضية، وإسباغ درجة من “الشرعية الواقعية الإقليمية” عليها، بوصفها “طرفًا مفاوضًا ومسؤولًا وملتزمًا” أمام الوسطاء القطريين والمصريين، على الرغم من تصاعد التهديدات الأميركية، وتكرار المراوغات التفاوضية الإسرائيلية.
وثالثتها أن صمود العامل الفلسطيني وصلابة الإرادة، في مقاومة ضغوط العامل الأميركي الإسرائيلي، قد يحرّكان في نهاية المطاف قدرًا من المساندة العربية والإقليمية، والتوافق حول “الحد الأدنى”، المتمثل في رفض تهجير الشعب الفلسطيني، و”الحد الأقصى” المتمثل في أمرين؛ أحدهما العودة إلى دعم مسار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، بوصفه “مخرجًا واقعيًا” في التعامل مع تداعيات حرب الإبادة.
والآخر الانفتاح الرسمي العربي على قوى المقاومة الفلسطينية، التي تتلاقى مع الأهداف العربية المعلنة، في منع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وبهذا تلعب قضية فلسطين دور “الرافعة”، تمهيدًا لتأسيس حالة من “تماسك” النظام الإقليمي في المنطقة، ضد الضغوط الخارجية، خصوصًا الأميركية.
الملاحظة الثالثة: زيادة مستوى التعقيد
كان لطبيعة الصراع بين حماس و”إسرائيل” انعكاسات على زيادة مستوى التعقيد والتشابك في علاقتهما، خصوصًا بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي جاء في سياق مقاومة تحولات المشروع الصهيوني بعد صعود تيارات “الصهيونية الجديدة”، ذات الطابع القومي/الديني، والتخلّي الإسرائيلي عن سياسات إدارة الصراع أو “تجميده”، والتوجّه نحو مرحلة “حسم الصراع”، بالتهجير والإبادة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزّة، مع استمرار حصار غزّة وعزلها تمامًا عن الجسد الفلسطيني، ومنع أي احتمال لتوحيد الساحات الفلسطينية، (كما حدث إبان عملية سيف القدس في مايو/ أيار 2021).
وبهذا المعنى، تكون حرب غزّة الراهنة، أعادت تشكيل قواعد صراع حماس و”إسرائيل”، وكذا تفسير الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، معاني الانتصار والهزيمة؛ إذ سيعتمد الانتصار على القدرة على إدارة الصراع، والاستمرار في حشد الطاقات المجتمعية لدى الطرفين، في هذا “الصراع الاجتماعي السياسي المصيري الممتد”.
خصوصًا مع دخوله مرحلة الحسم، ربما في المدى المنظور، وتصاعد احتمال حدوث تصدّعات جوهرية في “إسرائيل” ومعسكر داعميها الدوليين والإقليميين، بالتوازي مع احتمال انتقال الصراع تدريجيًا نحو الضفة الغربية والقدس المحتلة، وربما وصولًا إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة، بسبب “التصادم الحتمي”، بين مكوّنات الإستراتيجية الإسرائيلية: (العنف، وإرهاب الدولة، والإبادة، والتهجير)، في مقابل تداعيات مشاهد “العودة الفلسطينية” الملهمة، على الصعيدين الرمزي والسياسي.
إذ تابع العالم عودة المهجّرين قسريًا، إلى منطقة شمال غزة: (محافظتي غزة والشمال)، عبر شارع الرشيد سيرًا على الأقدام، التي أكدت “عظمة الشعب الفلسطيني، ورسوخه في أرضه، وانتصاره، وإعلان فشل وهزيمة الاحتلال ومخططات التهجير”، كما قالت حماس في بيانها في 27 يناير/ كانون الثاني 2025.
الملاحظة الرابعة: أثر البيئة الخارجية
للبيئة الخارجية، الدولية والإقليمية، أثر على علاقة حماس بـ”إسرائيل”، في ظل تفاعل الضغوط الأميركية في موضوع تهجير أهالي قطاع غزّة، والاعتراض الأممي والدولي عليه، وبروز التحفظ المصري، السعودي، التركي، الإيراني على أطروحات الرئيس دونالد ترامب، بالتوازي مع تآكل أوراق الضغط الإسرائيلية على حماس وقطاع غزّة، بعد استنفاد كل أساليب الضغط المتاحة؛ (سواء عبر الضغط العسكري، أم التجويع والحصار والتهجير، أم شنّ الدعاية والحروب النفسية، كما سلف القول).
وليس مبالغة القول إن هذه التفاعلات الدولية والإقليمية المركّبة تؤكد أن تأثير تبادل الأسرى في نمط العلاقة بين حماس و”إسرائيل”، يكشف مفارقة مهمّة، تُظهر تضعضع صورة نتنياهو وحكومته أمام الجمهور الإسرائيلي، خصوصًا عائلات الأسرى، في مقابل تعزيز صورة حماس أمام أهالي غزّة والشعب الفلسطيني، وكذلك أمام العالم، بوصفها “حركة تحرر وطني”، تعمل على تحرير الأسرى والإنسان والأرض الفلسطينية، من سيطرة الاحتلال الغاشم.
يبقى القول إن المحصلة النهائية لتداعيات حرب غزّة تدفع بالعلاقة بين حماس و”إسرائيل” نحو “توازنات مختلفة”، تعكس طبيعة معارك التحرر الوطني، أكثر من معادلات توازن القوى، بالمنظور الواقعي في العلاقات الدولية، علمًا بأن طبيعة “المرحلة الانتقالية” التي يمرّ بها النظامان الدولي والإقليمي، تسمح، أقله نظريًا، للفاعلين الدوليين والإقليميين بتخفيف قيود بنية النظامين الدولي والإقليمي، (كما تفعل تركيا وإيران وقطر وجنوب أفريقيا.. إلخ).
كما أن تمادي دولة الاحتلال في عدوانها على فلسطين ولبنان وسوريا، وإقليم الشرق الأوسط عمومًا، ربما يدفع إلى تصاعد الصراعات الإقليمية، نحو خروج الأمور عن السيطرة، وبروز تياراتٍ راديكاليةٍ، جهاديةٍ، أو حتى فوضويةٍ عنفيةٍ، بالتوازي مع تدشين مسار عمليةٍ عالميةٍ طويلةٍ لعزل “إسرائيل” ومعاقبتها على جرائمها، خصوصًا بعد انضمام دولٍ عدّةٍ إلى قضية الإبادة المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا ضدّ “إسرائيل”.
وكذلك بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقّ كلّ من بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، وهي جوانب هامة تعزز “الانتصارات المعنوية” لقضية فلسطين، وتؤكد أبعادها السياسية والتحررية والإنسانية، في مقابل وضوح فشل “السردية الإسرائيلية/ الأميركية”، التي ستبقى تحاول شيطنة الإنسان الفلسطيني العربي، وتجريم حق الشعوب في المقاومة المشروعة للظلم والإرهاب.