شكاوى إسرائيلية من تأثيرات عدوان غزة على الاقتصاد وانخفاض تصنيفه الدولي
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
ما زالت تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة تتواصل، وتضرب الاحتلال في كل الاتجاهات، آخرها على المستوى الاقتصادي، حيث تبشر عناوين الصحف بين حين وآخر بتصنيف عالمي آخر تظهر فيه دولة الاحتلال في مكانة منخفضة، نتيجة لما قامت به شركات التصنيف الائتماني العالمية لدولة الاحتلال، فيما تتصاعد تخوفاتها من أن العدوان الجاري على غزة يساهم في صعود موجة لا تنتهي من ارتفاع الأسعار في الأسواق الإسرائيلية.
عيران هيلدسهايم الخبير الإسرائيلي في الشؤون الاقتصادية، أكد أن "عدم وجود أفق سياسي لحرب غزة لا يؤدي إلى تآكل الإنجازات الأمنية الإسرائيلية فحسب، بل يخلق أيضًا وضعًا قد تكون فيه الزيادات الحالية في الأسعار في الاقتصاد مجرد ترويج سيء لما يمكن أن نتوقعه في المستقبل، من حيث انهيار أسعار المواد بنسبة عشرات في المائة، مما قد يدفع الحكومة لتقديم تبريراتها غير المقنعة لأرباب الاقتصاد للتحضير لمزيد من الزيادات في الأسعار، وسيحدث ذلك إذا استمر في الإبقاء على حالة الحرب القائمة دون إعطاء أفق لحل الصراع".
وأضاف في تقرير مطول نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "السبب الأول لهذا الارتفاع الجنوني في الأسعار بسبب حرب غزة هو الشيكل، فالمستثمرون لا يحبون حالة عدم اليقين السياسي، واستمرار حالة القتال في غزة بجانب عدم وجود أفق سياسي هي أم كلّ الشكوك، والشيكل هو عادة ما يتفاعل أولا مع حالة عدم اليقين، باعتباره العملة المحلية، الذي بلغ سعر صرف الدولار حتى بداية شهر مارس أقل من 3.6 شواكل، بسبب التفاؤل الذي انتشر بين المستثمرين، وكأن حرب غزة ستنتهي تلقائياً".
وأشار إلى أن "مجيء شهر أبريل شكل فرصة لاستيقاظ المستثمرين، وإدراكهم أنه في هذه المرحلة لا توجد رغبة في إنهاء القتال، وبدأوا في التخلص من الشيكل الذي يملكونه، والنتيجة أن الشيكل ضعف بنسبة تزيد على ستة في المئة خلال شهر ونصف، ويعني ضعف الشيكل أن الشركات والمستوردين يحتاجون للمزيد من الشيكل لشراء نفس المادة الخام، أو المنتج من الخارج باليورو أو الدولار، حيث ترتفع تكلفة المواد الخام أو المنتجات المستوردة في مثل هذه الحالة، وتنخفض بسرعة كبيرة على المستهلك، الذي سيضطر لدفع المزيد".
وأوضح أن "المشاكل لا تنتهي عند ضعف الشيكل الذي يؤدي لارتفاع سعر أهم مورد في الصناعة وهو الوقود، وحتى هنا، إذا ضعف الشيكل، فإن الإسرائيليين مطالبون بإنفاق المزيد منه لشراء الوقود، الذي يتم تسعيره بالدولار، وهناك سبب آخر في أن الوقود أصبح أكثر تكلفة ويتعلق بأن الأموال في الخزينة تنفد حتى بداية عام 2024، وكانت الضريبة على الوقود تحت السيطرة نسبياً، لكن ارتفاع العجز بسبب الحرب، اضطر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى إلغاء الدعم نتيجة لمزيج من ضعف العملة، مع رفع الدعم، حيث ارتفع سعر الوقود من 6.94 شواكل للتر الواحد إلى مساحة 8 شواكل".
وأكد الكاتب أن "هذه الزيادات ستترك تأثيراتها السلبية على ارتفاع ذروة الأسعار، إضافة للنفقات الشهرية المباشرة للأسرة، وتقفز بنحو 200 شيكل بسبب ارتفاع أسعار الوقود في الأشهر الأخيرة، من شأنها أن تزيد من تكلفة النقل والإنتاج والكهرباء ونقل العاملين في الصناعة، وكلها نفقات إضافية ستنتقل بالتأكيد للمستهلك الإسرائيلي في القطاعات التي لا توجد فيها منافسة، مما سوف يستدعي من الإسرائيليين تجهيز جيوبهم بالفعل عند دخولهم إلى سلاسل التسويق في الأشهر المقبلة بسبب ارتفاع الأسعار المتوقع بسبب ضعف الشيكل".
وشدد على أن "الحرب على غزة تجلب معها ضربة أخرى للمستهلكين، هذه المرة من الحكومة، وهذا من شأنه أن يوازن العجز الضخم الذي تراكم في الموازنة بسبب الزيادة الحادة في نفقات الحرب من جهة، وانخفاض الإيرادات من جهة أخرى، مما يعني احتمال أن يتم تقديم زيادة ضريبة القيمة المضافة المخطط لها لعام 2025 إلى الموازنة في أشهر الصيف إلى نسبة 18%، مما سيؤدي تلقائيا لارتفاع أسعار جميع المنتجات والخدمات في الاقتصاد".
في سياق متصل، أعرب البروفيسور آساف إفرات الأستاذ المشارك بكلية لودر للحكم والدبلوماسية والاستراتيجية في جامعة رايخمان ورئيس معهد الحرية والمسؤولية، عن "شكوكه في قدرة دولة الاحتلال على الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، مما يجعلها ذات جودة أقل، ومرتبة متدنية، مما يعني تضرّر سمعتها الاقتصادية، مما يدفع الإسرائيليين للخشية من أن يُنظر إليهم على أنهم دولة متخلفة".
وأكد في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "هذا الفشل الاقتصادي الذي مُنيت به دولة الاحتلال يجب أن يعطي صناع القرار فيها حافزًا للعمل على تحسين تصنيفها وصورتها الدولية، لأن التصنيف المنخفض يعتبر نتيجة لاعتبارات وعوامل أخرى، أهمها أن هناك نسبة لا بأس بها بين الإسرائيليين يعتقدون أنه في عام 2023 ضعف مستوى الديمقراطية بينهم بسبب محاولات الحكومة الانقلاب على النظام القانوني".
لا يمتلك الإسرائيليون إجابات واضحة لتساؤلات وكالات التصنيف الائتماني التي قررت تخفيض تصنيفها، باستثناء مزاعمهم حول ارتفاع التصنيف مباشرة بعد انتهاء الحرب، لكن المشكلة أن بقاء حكومة اليمين الحالية يعتمد على استمرار الحرب، والقضاء على أي حل سياسي، وهو ما لن يتغير قريبا، مما يعني بقاء حالة عدم اليقين قائمة، الأمر الذي سيزيد من عدم ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإسرائيلي، ويؤدي لمزيد من التخفيضات في قيمة الشيكل، وبالتالي استمرار ارتفاع الأسعار، وطالما استمر العدوان على غزة، فإن الضغوط سوف تستمر من أجل زيادة المزيد من الضرائب بهدف سدّ العجز الذي سيتفاقم كلما بقيت الحرب مستمرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال الاقتصاد الإسرائيلي فلسطين غزة الاحتلال الاقتصاد الإسرائيلي صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال على غزة
إقرأ أيضاً:
صحف إسرائيلية: استقالة هاليفي تعزز الدعوات لرحيل نتنياهو
تنوعت ردود الفعل في الصحافة الإسرائيلية على استقالة هرتسي هاليفي رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ففي حين دعا كُتّاب، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تقديم استقالة حكومته لأنها شريكة في الفشل، اعتبر آخرون الاستقالة جزءا أساسيا من حالة الاعتراف الإسرائيلي بالفشل في توقع هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وسلط البعض الآخر الضوء على أن حكومة نتنياهو ستستغل هذه الخطوة وما يليها من استقالات لضباط كبار آخرين للقيام بتعيينات جديدة تكرس المنهج اليميني المتطرف للحكومة في القضايا السياسية والعسكرية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: كابوس الضفة يغذيه حقد المستوطنين وإفلاتهم من العقابlist 2 of 2توماس فريدمان لترامب: لديك فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسطend of list
هزيمة كاملة
وانطلق وزير العدل الإسرائيلي الأسبق حاييم رامون في مقالِه بصحيفة معاريف من خطاب استقالة هاليفي، والذي قال فيه إن "أهداف الحرب لم تتحقق بالكامل، وإن الجيش الإسرائيلي سيواصل القتال من أجل القضاء على حركة حماس"، ليقول "بعد 15 شهرا لم تتحقق الأهداف، لأن رئيس الأركان قدم خطة عسكرية لم يكن لها فرصة لتحقيق أهدافها، وعارض بشدة تولي إسرائيل المساعدات الإنسانية وتوليها مسؤولية توزيع الخبز والماء.
وكانت النتيجة أن حركة حماس لا تزال تسيطر على المدنيين في قطاع غزة، ونتيجة لذلك حافظت على جزء كبير من سيطرتها العسكرية.
إعلانوكان هاليفي الذي ستدخل استقالته حيز التنفيذ في 6 مارس/آذار المقبل، قال في خطابه إن الجيش الإسرائيلي فشل في مهمة الدفاع عن إسرائيل، والدولة دفعت ثمنا باهظا". وأعلن رئيس الأركان بوضوح "أتحمل المسؤولية عن فشل الجيش في 7 أكتوبر 2023.. مسؤوليتي عن الفشل الفظيع ترافقني يوما بيوم وساعة بساعة".
ويعتبر رامون أن هناك 3 أشخاص مسؤولين عن هذا الفشل وهم بالإضافة إلى هاليفي، وزير الدفاع يوآف غالانت الذي قدم استقالته في وقت سابق، ورئيس الوزراء نتنياهو.
ويقول "نتيجة لذلك، اضطررنا إلى إبرام صفقة تبادل كانت هزيمة كاملة" ولكنه يستدرك على ذلك قائلا "حتى لا يكون هناك سوء فهم، أعتقد أنه في ظل الظروف الحالية لم يكن هناك خيار سوى السعي للتوصل إلى اتفاق، وعلى الأقل سنحقق هدف إعادة المحتجزين حتى بثمن إنهاء الحرب وأن تظل السيادة في غزة بيد حماس".
ويختم مقاله بدعوة نتنياهو إلى الاستقالة، لأنه "المسؤول الوحيد عن المجزرة والفشل في إدارة الحرب، ولا يمكنه الاستمرار في العمل كرئيس للوزراء وكأن شيئا لم يحدث، وإذا كان لا يريد الاستقالة، فعليه أن يذهب ويطلب استعادة ثقة الشعب بالانتخابات، إذا كان يعتقد أنه يستحق ذلك".
من جانبه، يذهب بن كسبيت الكاتب البارز في الصحيفة ذاتها إلى نفس ما ذهب إليه رامون من الدعوة لاستقالة نتنياهو، ولكنه يضيف إليها أيضا الدعوة لاستقالة الحكومة بأسرها، ويقول "لا جدوى من التوضيح والإثبات هنا مرة أخرى أن المسؤولية العليا الشاملة عن الفشل الذريع في 7 أكتوبر، تقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية.
ويضيف "حقيقة أن دولة إسرائيل لا تزال تدار من قبل هذه الحكومة الدموية، وأنه بعد عام وثلاثة أشهر من الكارثة الكبرى التي حدثت لنا على الإطلاق، لا يزال هؤلاء الناس في مناصبهم، ولا يخجلون من الاستيقاظ كل صباح والقدوم إلى مكاتبهم، هي شهادة فقر بالنسبة إلى الإسرائيليين، وستظل وصمة عار ثقيلة علينا إلى الأبد. علينا جميعا".
إعلان
العودة للحرب
وعلى نفس الخط يمضي نداف أيال، المحلل السياسي والصحفي الاستقصائي في صحيفة يديعوت أحرونوت في الدعوة لاستقالة نتنياهو، ولكنه يحذر أيضا من استغلال الحكومة للاستقالات العسكرية للقيام بتعيينات تؤدي إلى تكريس الفشل الإسرائيلي في 7 أكتوبر.
وفي هذا السياق يحذر المحلل السياسي من أن نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس يخططان في ضوء استقالة قائد القيادة الجنوبية، لإطلاق جولة من التعيينات في هيئة الأركان العامة تساعدهما على العودة إلى الحرب والتخلي عن حياة المحتجزين الآخرين في غزة، بعد أن يتعرض نتنياهو لضغوط من اليمين المتطرف لخرق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس.
ويتساءل أيال "هل سيختار نتنياهو ضباطا من أفضل الناس من أجل دولة إسرائيل وأمنها؟، أم أولئك الأكثر ولاء لجميع رغباته؟ وإذا عين أشخاصا مناسبين لهذه المهمة، ألن يحاول شل قدراتهم؟".
أما المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنياع، فيرى أن رئيس الأركان المستقيل قرر استباق خطوة إقالته من وزير الدفاع، في إطار سعي حكومة نتنياهو لتجنب تحمل المسؤولية عن فشل الحملة العسكرية على غزة، وخطأ الاتجاه الذي تسير فيه إسرائيل في التعامل مع المقاومة الفلسطينية.
ويؤكد برنياع أن رفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق حكومية في فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول كان هدفه تجنب توجيه الإدانة له، ولذلك أصر على تشكيل لجنة تابعة للجيش الإسرائيلي بهدف حصر المسؤولية على الجانب العسكري دون السياسي.
ولكن المحلل يقرر تسليط الضوء على جانب خطير لم يتطرق له كثير من الكتاب الإسرائيليين، وهو عقلية الانتقام التي قادت الجيش الإسرائيلي طوال 15 شهرا من الحرب، والتي يرى أنها كانت أحد أسباب فشل الجيش الإسرائيلي في غزة.
ويختم المحلل العسكري بنقض الهدف الذي أعلنته حكومة نتنياهو بالقضاء على حماس، ويقول "تخيلوا أن الحرب في غزة ستنتهي باستبدالنا ليحيى السنوار بمحمد السنوار!".
إعلانويخلص إلى القول "يجب أن نقبل بوجود حماس، لأنه بدون حماس لا يوجد إطلاق سراح الرهائن".
أهداف نتنياهو
أما الكاتب يوسي فيرتر في صحيفة هآرتس فيرى أنه باستقالة هاليفي، فإن الحكومة لم تنجُ من الفشل فحسب، بل نجحت أيضا في تعزيز أهدافها، وعلى رأسها تطهير القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي، وتعزيز الرواية التي بموجبها يتحمل الجيش وحده المسؤولية عن الإخفاقات.
ويقول "استقالة هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان بالأمس، ومن سيأتي بعدهما، ستساعد آلة السم البيبية (نسبة إلى نتنياهو) واليمينية على الاستمرار بل وتكثيف الرواية الكاذبة التي بموجبها يتحمل كبار الجيش فقط المسؤولية، وبالتالي هم وحدهم الذين يجب أن يدفعوا الثمن، أما القيادة السياسية، فلا يتم استبدالها إلا من خلال الشعب".
ويؤكد فيرتر أن المهمة الرئيسية التي تم تعيين وزير الدفاع كاتس من أجلها كانت دفع هاليفي للاستقالة بهدف إحكام السيطرة على الجيش الإسرائيلي، وتسهيل إقرار قانون تجنيد الحريديم، الذي كان يعارضه هاليفي ومن قبله وزير الدفاع المستقيل يوآف غالانت، وكذلك إلغاء القيود على المستوطنين الإرهابيين الذين يعتدون على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويشير في هذا السياق إلى قرار كاتس بإلغاء مذكرات الاعتقال بحق هؤلاء، الأمر الذي تسبب في اعتداءات المستوطنين الأخيرة على قرية الفندق في الضفة الغربية.
ويحذر الكاتب من أن نتنياهو سيسعى لاتخاذ إجراءات وتعيينات في الجيش الإسرائيلي شبيهة بما تم في الشرطة من خلال تعيين ضباط موالين للوزير المستقبل إيتمار بن غفير.
ويختم بالتأكيد على أن "تحمل المسؤولية يجب أن يتم بداية من الأعلى في الهرم السياسي، وإلا فإن ميزة الاستقالة من الضباط ستظل محدودة في إحداث التغيير المطلوب".