ما زالت تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة تتواصل، وتضرب الاحتلال في كل الاتجاهات، آخرها على المستوى الاقتصادي، حيث تبشر عناوين الصحف بين حين وآخر بتصنيف عالمي آخر تظهر فيه دولة الاحتلال في مكانة منخفضة، نتيجة لما قامت به شركات التصنيف الائتماني العالمية لدولة الاحتلال، فيما تتصاعد تخوفاتها من أن العدوان الجاري على غزة يساهم في صعود موجة لا تنتهي من ارتفاع الأسعار في الأسواق الإسرائيلية.



عيران هيلدسهايم الخبير الإسرائيلي في الشؤون الاقتصادية، أكد أن "عدم وجود أفق سياسي لحرب غزة لا يؤدي إلى تآكل الإنجازات الأمنية الإسرائيلية فحسب، بل يخلق أيضًا وضعًا قد تكون فيه الزيادات الحالية في الأسعار في الاقتصاد مجرد ترويج سيء لما يمكن أن نتوقعه في المستقبل، من حيث انهيار أسعار المواد بنسبة عشرات في المائة، مما قد يدفع الحكومة لتقديم تبريراتها غير المقنعة لأرباب الاقتصاد للتحضير لمزيد من الزيادات في الأسعار، وسيحدث ذلك إذا استمر في الإبقاء على حالة الحرب القائمة دون إعطاء أفق لحل الصراع".

وأضاف في تقرير مطول نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "السبب الأول لهذا الارتفاع الجنوني في الأسعار بسبب حرب غزة هو الشيكل، فالمستثمرون لا يحبون حالة عدم اليقين السياسي، واستمرار حالة القتال في غزة بجانب عدم وجود أفق سياسي هي أم كلّ الشكوك، والشيكل هو عادة ما يتفاعل أولا مع حالة عدم اليقين، باعتباره العملة المحلية، الذي بلغ سعر صرف الدولار حتى بداية شهر مارس أقل من 3.6 شواكل، بسبب التفاؤل الذي انتشر بين المستثمرين، وكأن حرب غزة ستنتهي تلقائياً".


وأشار إلى أن "مجيء شهر أبريل شكل فرصة لاستيقاظ المستثمرين، وإدراكهم أنه في هذه المرحلة لا توجد رغبة في إنهاء القتال، وبدأوا في التخلص من الشيكل الذي يملكونه، والنتيجة أن الشيكل ضعف بنسبة تزيد على ستة في المئة خلال شهر ونصف، ويعني ضعف الشيكل أن الشركات والمستوردين يحتاجون للمزيد من الشيكل لشراء نفس المادة الخام، أو المنتج من الخارج باليورو أو الدولار، حيث ترتفع تكلفة المواد الخام أو المنتجات المستوردة في مثل هذه الحالة، وتنخفض بسرعة كبيرة على المستهلك، الذي سيضطر لدفع المزيد".

وأوضح أن "المشاكل لا تنتهي عند ضعف الشيكل الذي يؤدي لارتفاع سعر أهم مورد في الصناعة وهو الوقود، وحتى هنا، إذا ضعف الشيكل، فإن الإسرائيليين مطالبون بإنفاق المزيد منه لشراء الوقود، الذي يتم تسعيره بالدولار، وهناك سبب آخر في أن الوقود أصبح أكثر تكلفة ويتعلق بأن الأموال في الخزينة تنفد حتى بداية عام 2024، وكانت الضريبة على الوقود تحت السيطرة نسبياً، لكن ارتفاع العجز بسبب الحرب، اضطر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى إلغاء الدعم نتيجة لمزيج من ضعف العملة، مع رفع الدعم، حيث ارتفع سعر الوقود من 6.94 شواكل للتر الواحد إلى مساحة 8 شواكل".

وأكد الكاتب أن "هذه الزيادات ستترك تأثيراتها السلبية على ارتفاع ذروة الأسعار، إضافة للنفقات الشهرية المباشرة للأسرة، وتقفز بنحو 200 شيكل بسبب ارتفاع أسعار الوقود في الأشهر الأخيرة، من شأنها أن تزيد من تكلفة النقل والإنتاج والكهرباء ونقل العاملين في الصناعة، وكلها نفقات إضافية ستنتقل بالتأكيد للمستهلك الإسرائيلي في القطاعات التي لا توجد فيها منافسة، مما سوف يستدعي من الإسرائيليين تجهيز جيوبهم بالفعل عند دخولهم إلى سلاسل التسويق في الأشهر المقبلة بسبب ارتفاع الأسعار المتوقع بسبب ضعف الشيكل".

وشدد على أن "الحرب على غزة تجلب معها ضربة أخرى للمستهلكين، هذه المرة من الحكومة، وهذا من شأنه أن يوازن العجز الضخم الذي تراكم في الموازنة بسبب الزيادة الحادة في نفقات الحرب من جهة، وانخفاض الإيرادات من جهة أخرى، مما يعني احتمال أن يتم تقديم زيادة ضريبة القيمة المضافة المخطط لها لعام 2025 إلى الموازنة في أشهر الصيف إلى نسبة 18%، مما سيؤدي تلقائيا لارتفاع أسعار جميع المنتجات والخدمات في الاقتصاد".


في سياق متصل، أعرب البروفيسور آساف إفرات الأستاذ المشارك بكلية لودر للحكم والدبلوماسية والاستراتيجية في جامعة رايخمان ورئيس معهد الحرية والمسؤولية، عن "شكوكه في قدرة دولة الاحتلال على الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، مما يجعلها ذات جودة أقل، ومرتبة متدنية، مما يعني تضرّر سمعتها الاقتصادية، مما يدفع الإسرائيليين للخشية من أن يُنظر إليهم على أنهم دولة متخلفة".

وأكد في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "هذا الفشل الاقتصادي الذي مُنيت به دولة الاحتلال يجب أن يعطي صناع القرار فيها حافزًا للعمل على تحسين تصنيفها وصورتها الدولية، لأن التصنيف المنخفض يعتبر نتيجة لاعتبارات وعوامل أخرى، أهمها أن هناك نسبة لا بأس بها بين الإسرائيليين يعتقدون أنه في عام 2023 ضعف مستوى الديمقراطية بينهم بسبب محاولات الحكومة الانقلاب على النظام القانوني".

لا يمتلك الإسرائيليون إجابات واضحة لتساؤلات وكالات التصنيف الائتماني التي قررت تخفيض تصنيفها، باستثناء مزاعمهم حول ارتفاع التصنيف مباشرة بعد انتهاء الحرب، لكن المشكلة أن بقاء حكومة اليمين الحالية يعتمد على استمرار الحرب، والقضاء على أي حل سياسي، وهو ما لن يتغير قريبا، مما يعني بقاء حالة عدم اليقين قائمة، الأمر الذي سيزيد من عدم ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإسرائيلي، ويؤدي لمزيد من التخفيضات في قيمة الشيكل، وبالتالي استمرار ارتفاع الأسعار، وطالما استمر العدوان على غزة، فإن الضغوط سوف تستمر من أجل زيادة المزيد من الضرائب بهدف سدّ العجز الذي سيتفاقم كلما بقيت الحرب مستمرة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال الاقتصاد الإسرائيلي فلسطين غزة الاحتلال الاقتصاد الإسرائيلي صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال على غزة

إقرأ أيضاً:

ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..

 

ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟

محاولات للفهم ..

شمس الدين ضوالبيت

 

كتب الأستاذ أحمد عثمان عمر مقالاً مهماً في تقديري، حاول الإجابة فيه على هذا المسالة المحيرة. وللحقيقة كانت هذه واحدة من أكثر المسائل المثيرة للارتباك والحيرة، بعدما تكشفت لي من وسائط التواصل الاجتماعي عقب انقطاع طويل عنها أثناء وجودي في الخرطوم..

 

قال أحمد عثمان عمر إن الحجة الرئيسية لهؤلاء المثقفين التقدميين هي ان دعمهم للجيش في وجه المليشيا سيعيد الجيش للصف الوطني ويفك ارتباطه بالحركة الإسلامية، بما يسمح بالحفاظ على الدولة الوطنية ووحدتها وسلامة مؤسساتها. يصف الكاتب هذه الحجة بأنها (تسويق للوهم)، ويرد عليها بأن (محاولة استعادة الجيش المختطف للصف الوطني فشلت والحركة الجماهيرية في عنفوانها وقمة تقدمها لحظة الصعود الجماهيري خلال ثورة ديسمبر.. فكيف سيتسنى للحركة الجماهيرية استعادة الجيش المختطف للصف الوطني بدعمه خلال حرب صنعتها الحركة الإسلامية المختطفة له، وفي ظل انحسار حركة الجماهير وتفتتها؟ وكيف يمكن لجيش مختطف أشعل حربا من أجل السيطرة وحماية تمكين الحركة الإسلامية، أن يعود إلى حضن حركة الجماهير في حال دعمه من قبلها؟).

ما بين الحدثين: ثورة ديسمبر وإشعال الحرب، يعدد أحمد عثمان عمر محطات انحياز الجيش للحركة الإسلامية ووقوفه ضد الحركة الجماهيرية: انقلاب القصر؛ مجزرة فض الاعتصام مع الع*م ال*س*يع؛ تخريب فترة الانتقال؛ انقلاب أكتوبر 21‘؛ ليصل إلى إشعال الحرب (بسبب خروج المليشيا عن طاعة الحركة الإسلامية).

وللحقيقة فهذه الوقائع التي أوردها الكاتب هي ما حدث على الأرض بكل تفاصيلها. وزادت عليها الحرب بالجرائم المروعة التي حدثت أثناءها. والمؤكد أن جميع المثقفين التقدميين يعلمون كل هذه التفاصيل، بل إن كثيرين منهم كانوا هم من نبه إليها وكشف مستورها قبل الحرب.

فما الذي حدث !!؟؟

يقدم أحمد عثمان عمر عدة إجابات بدءا من العنوان وفي ثنايا المقال، على الوجه التالي:

– العجز والخوف من المليشيا (بمعنى شلل في الفكر بسببهما)

– أوهام وطنية (عودة الجيش للصف الوطني)

– حسن النية (المؤدي إلى جهنم)

– دعم أخف الضررين (يتجاهل أن ذلك يعني إعادة الحركة الإسلامية بأجندة تصفوية شاملة للثورة والثوار بدأت معالمها، في الحلفايا)

– وقوع في مستنقع الانتهازية (عدو عدوي صديقي، يتجاهل أن العدو المدعوم هو الأسوأ مقارنة بالعدو من صنعه)

….

كما ذكرتُ في البداية هذه واحدة من أكثر المسائل إثارة للحيرة، ولست أدري إن كانت الأسباب المذكورة تفسرها، كما أنني لا أعتقد أنها يمكن أن تغيب عن أذهان وعقول لا يتطرق شك لرجاحتها وقدراته التحليلية.

إن كان لي أن أضيف عاملاً إلى القائمة المذكورة كأسباب لهذه الظاهرة العجيبة، فهو العنصرية والانتماءات الجهوية القاتلة المغروسة عميقاً في ثقافتنا، فلها أيضاً القدرة الفائقة على شل التفكير وتغبيش الوعي، لا سيما إبَان الاستقطابات المجتمعية الحادة..

 

#بالمعرفة_نصنع_السلام_والتنمية

الوسومالجهوية العنصرية تقدميين شمس الدين ضو البيت ظاهرة

مقالات مشابهة

  • ما الذي ينمو في راحة يدك؟ يفوز بجائزة الجمهور بالمهرجان الدولي لفيلم المرأة
  • عام على حرب غزة.. زلزال خسائر يضرب الاقتصاد الإسرائيلي
  • خبير اقتصادي:سعر برميل النفط سيصل إلى (200)دولار في حال إتساع الحرب إلى دول الخليج العربي
  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • التوم هجو يستنكر صمت الأفارقة على التآمر الدولي والإقليمي الذي حدث للسودان
  • لاصيفر: الأسعار ستواصل الارتفاع أكثر إذا لم تذهب ليبيا نحو حل الأزمة السياسية والأمنية
  • لماذا تزايدت شكاوى المواطنين من رداءة الوقود في حضرموت؟
  • عاجل | "الشيكل يصل القاع".. سيناريوهات تأثير استمرار الحرب على اقتصاد إسرائيل
  • "ميقاتي" يدعو المجتمع الدولي إلى وقف عدوان الاحتلال على لبنان
  • أنباء عن اغتيال حسن جعفر قصير صهر حسن نصر الله فى غارة إسرائيلية على دمشق