كيف جعل الاحتلال الأمومة والأبوة في غزة مختلفة عن بقية أنحاء العالم؟
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
تتصاعد مخاوف أهالي قطاع غزة من تدهور صحة أطفالهم النفسية بسبب العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل للشهر السابع على التوالي، سيما في وقت تتصاعد فيه حدة الكارثة الإنسانية والتهديدات المحيطة بحياتهم، حسبما خلص إليه تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" بعدما تحدثت مع عشرات الآباء والأطفال الغزيين.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد أكثر من ستة أشهر من الحرب، تراود أطفال قطاع غزة أسئلة كثيرة لا يستطيع آباؤهم الإجابة عليها، حول متى سيتوقف القتال؟ وكم عدد الليالي التي سينامون فيها على الأرض؟ ومتى يمكنهم العودة إلى المدرسة؟ ولا يزال البعض يسأل عن زملاء الدراسة الذين استشهدوا.
وأضافت أن الكبار لا يعرفون ماذا يقولون، ويشعرون بالعجز واليأس والإرهاق، وقد أنهكهم التحدي المتمثل في معالجة الجروح الظاهرة وتلك التي يحاول أطفالهم إخفاءها.
وأشارت الصحيفة إلى أنها تحدثت مع 21 أبا وطفلا من 15 عائلة في غزة بين كانون الثاني /يناير ونيسان /أبريل من العام الجاري، في حين أن كل حالة فريدة من نوعها، وصف الرجال والنساء والأطفال جميعا تجارب متشابهة بشكل لافت للنظر؛ حيث تسببت الحرب في خسائر فادحة لأحبائهم وصحتهم العقلية.
وقال محمد النباهين، وهو أب لأربعة أطفال من مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، إن الشعور بالعجز يقتل الأمهات والآباء.
وبحسب حديث النباهين وآباء آخرين للصحيفة، فإنهم كانوا يدركون بشكل مؤلم أن جهودهم لحماية أسرهم قد تكون عديمة الجدوى، وأن التخلي عن وجباتهم الخاصة لن يحمي أطفالهم من الجوع، وأن اتباع أوامر الإخلاء لن يضمن سلامتهم.
وأوضحت الصحيفة، أنه من بين أكثر من 34 ألف فلسطيني استشهدوا، كانت غالبيتهم من النساء والأطفال. وقد فر حوالي 1.7 مليون فلسطيني من منازلهم، 850 ألفا منهم من الأطفال، وفقًا لليونيسف، معظمهم سيرا على الأقدام، مثقلين بحقائب الظهر وحقائب الظهر المملوءة على عجل.
وقال النباهين إن عائلته بالكاد نجت من غارة جوية بالقرب من منزلهم في مخيم البريج في الأسابيع الأولى من الحرب، ولكن مع انتقالهم من مكان إلى آخر، كان أطفاله الأربعة يسألون باستمرار عن الألعاب التي تركوها وراءهم.
وخلال توقف القتال لمدة أسبوع في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، وافق النباهين على اصطحاب أطفاله إلى المنزل لاستعادة ما في وسعهم، لكنهم وجدوا أن كل شيء قد دُمر، وبدأوا في البكاء، وفقا للصحيفة.
وقال ابنه أحمد البالغ من العمر 13 سنة، إنه لا يستطيع أن يصدق أنه لم يمت بعد.
ونقلت الصحيفة عن النباهين، شعوره بالخجل الذي تسرب إلى داخله بينما كان أحمد يتحدث، موضحًا أنه لا يملك سوى ذراعه ليخفيهم به عن الموت، وعندما بلغت ابنته تالا العاشرة من عمرها في كانون الأول/ديسمبر طلبت الهدايا، لكن الأسرة بالكاد كانت قادرة على تحمل تكاليف الوجبة اليومية.
بالنسبة للعديد من أطفال غزة، هذه ليست حربهم الأولى، وقد نجا أشخاص تقل أعمارهم عن 18 سنة من أربع جولات سابقة على الأقل من الصراع، معظمهم لم يغادروا الجيب المحاصر قط، لكن آباءهم حاولوا بناء عوالم مختلفة لهم.
وقالت رشا فرحات (47 سنة) للصحيفة، إنها علمت أطفالها الأربعة الثقافة الفلسطينية وجمال غزة، وقرأوا الكتب معًا، ثم بحثوا في المكتبات العامة، وأضافت أن الرحلات إلى الشاطئ أعطتهم لحظات للتنفس.
وغادرت العائلة مدينة غزة متوجهة إلى خانيونس في 14 تشرين الأول/أكتوبر، آملين أن تصبح المدينة الواقعة في جنوب غزة أكثر أمانًا، والآن في رفح؛ حيث يقيم أكثر من مليون من سكان غزة على طول الحدود المصرية، يقيمون بين أناس بالكاد يعرفونهم، وقد تساءلت الفتيات عن سبب عدم تمكنهن من العودة إلى المنزل، لكنهن توقفن عندما أخبرهن أحد الجيران أن منزلهن قد اختفى.
وأشارت الصحيفة إلى أن حبيبة، 10 سنوات، تتمنى لو أحضرت معها المزيد من الملابس والألعاب. وتحاول رشا فرحات إخفاء خوفها عن أطفالها، لكنهم يلاحظون الخوف.
وقالت رشا فرحات إنها تحاول أن تبقى قوية، لكنها تخشى أن يخونها جسدها مع فقدان الوزن.
وأفادت الصحيفة أنه مع قيام "إسرائيل" بتقييد تدفق المساعدات إلى غزة، والفوضى التي تعيق توزيع الإمدادات التي تصل، واجه 95 بالمائة من سكان القطاع "مستويات أزمة الجوع" في شهر أذار/مارس، وقالت اليونيسف إنه في الشمال المدمر، يعاني طفل واحد من بين كل ثلاثة أطفال تقل أعمارهم عن عامين من سوء التغذية الحاد.
وبحسب أديل خضر، المديرة الإقليمية لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن وفيات الأطفال التي كان يُخشى حدوثها تحدث بالفعل، ومن المرجح أن تتزايد بسرعة ما لم تنته الحرب، وقالت السلطات الصحية المحلية إن 28 طفلاً توفوا بسبب سوء التغذية أو المضاعفات المرتبطة بالجفاف حتى أوائل نيسان/أبريل.
ونقلت الصحيفة عن جانتي سويريبتو، الرئيسة التنفيذية لمنظمة إنقاذ الطفولة، قولها إن الآباء يستيقظون ليقرروا: هل يقفون في طابور للحصول على الخبز لمدة ست ساعات؟ أم يبقوا ويحافظوا على تماسك الأسرة؟
وأوردت الصحيفة أن صفية أبو حبن، وهي جدة لـ12 طفلاً من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة وتعيش الآن في خيمة في رفح، تحاول أن تخلق لحظات من التحرر للأطفال؛ حيث تحكي لهم القصص، وتحاول توفير أقلام تلوين حتى يتمكنوا من الرسم، ولكن لم يعد هناك شيء من هذا القبيل في الأسواق بعد الآن.
وتكافح ميار، حفيدتها البالغة من العمر 12 سنة، للتأقلم مع محيطها الجديد، مؤكدة أنها تشعر بالغربة في هذا المكان.
وأضافت الصحيفة أنه في خيمة مجاورة، كان محمد العرير (33 سنة) يبحث دون جدوى عن طبيب نفسي يمكنه تهدئة الرعب الليلي الذي يعاني منه أطفاله.
وأوضح العرير أنه انتشل أطفاله من تحت الأنقاض، وهم الآن يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، ويصرخون طوال الليل، ولديهم شعور دائم بأنهم ما زالوا تحت الأنقاض.
وأكدت الصحيفة أن بعض الآباء يشعرون بالقلق من أنهم يفقدون أطفالهم بسبب عوالم خاصة بعيدة عن متناولهم، فالأطفال الذين كانوا يثرثرون ذات مرة إلى ما لا نهاية أصبحوا الآن صامتين، ولديهم أفكار لن يشاركوها.
وقالت نوال نتات (47 سنة) في حديثها للصحيفة، إن ابنتها المراهقة بدأت تتبول لا إراديًا، تعيش في ساحة مدرسة البنات في رفح، محاطة بالغرباء، ولا تريد سوى أن تكون بمفردها، متجاهلة إخوتها والضوضاء المحيطة بها، ولا تعرف نتات كيف تتحدث معها.
ونقلت الصحيفة عن محمود الشرقاوي (34 سنة)، أنه هو الذي انسحب من أطفاله الثلاثة الصغار، خوفًا من أسئلتهم وخجلًا من عدم قدرته على إعالتهم، موضحًا أنه كان قريبًا جدًا منهم في السابق، لكن قلبه كان يؤلمه عندما غمرتهم مياه الأمطار وكانت أطرافهم ترتجف، ولم يتمكن من توفير الدفء لهم.
والأسر النازحة بعيدة عن أطبائها المعتادين، وغالباً لا يتوفر علاج للأطفال الذين يعانون من حالات صحية طويلة الأمد، وقد استهدفت إسرائيل العديد من المستشفيات في القطاع، بدعوى أنها تستخدم من قبل المسلحين، الأمر الذي أدى إلى انهيار نظام الرعاية الصحية المهترئ بالفعل، وفقا للتقرير.
وقالت هبة هنداوي (29 عامًا)، إن ابنتها أمل البالغة من العمر 10 سنوات ولدت بثقب في قلبها، ما يجعلها أكثر عرضة لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، وعندما سمعوا الطائرات الحربية، كانت أمل تخبر أمها أنها تعتقد أن قلبها قد يتوقف إذا سقطت القنابل على مسافة قريبة جدا؛ كانت أم الثلاثة تعانق طفلها وتؤكد لها أنها آمنة.
وبحسب هبة فإنها تخبرها بذلك، لكنها متأكدة من أن قلبها قد يتوقف بالفعل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع اقتراب فصل الصيف، بدأ عمال الإغاثة يخشون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة، وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا إن طفلين على الأقل ماتا في الآونة الأخيرة بسبب الحرارة.
وتهدد "إسرائيل" الآن باجتياح رفح، التي تقول إنها المعقل الأخير لحماس، ولكنها أيضًا الملاذ الأخير للعديد من العائلات الفلسطينية.
وقالت نتات في حديثها للصحيفة، إنها استنفدت الطرق لتشرح لأطفالها ما يحدث لهم، ولا يوجد أي مبرر منطقي. موضحة أنهم دائمًا ما يسألون عن سبب مواجهتهم هذا فقط في غزة، ويقولون إنه يجب أن يكون لهم الحق في العيش مثل الأطفال في بقية العالم.
وبالنسبة لنبيلة شنار (51 عاما)، فإن الطريقة الوحيدة لتهدئة الخوف هي أن تكون صادقة مع أطفالها، مشيرة إلى أنه لا يمكن إنكار وجود ضرر عليهم، لذا فهي تحاول أن تجعلهم أكثر شجاعة، حسب الصحيفة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة فلسطيني فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحیفة أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية
ثمة «ثورة» تجتاح العالم الآن بعد نشر أبحاث تقول بأن الأمراض التي ضربت البشرية خلال سبعة عقود كانت نتاج كذبة كبيرة سوّقت لها شركات الغذاء الكبرى والتي اعتمدت على الانتاج الصناعي ومنها «الزيوت المهدرجة والسكر الصناعي» واعتمدت على أبحاث طبية مزيفة للتخويف من الأغذية الطبيعية، والترويج لأخرى صناعية، والهدف اقتصادي؟
الأطباء الذين بدأوا يرفعون الصوت عالياً أن الدهون الطبيعية خطر على الحياة وأنها سبب رئيس للكوليسترول، كذبة كبيرة، فالدهون أساس طبيعي للبقاء في الحياة، وأن ما يمنعونك عنه يتوازع في كل جسمك بما فيه المخ، وأن ما قيل عن خطر الدهون المشبّعة كانت نتاج نقل عن بحث لبرفيسور أمريكي كتبه في نهاية الخمسينيات، حيث عملت الشركات الغذائية الكبرى على سدّ الحاجات البشرية من الغذاء بعد أنّ حصل نقص كبير في الثروة الحيوانية بعد الحرب العالمية الثانية، ولهذا تمّ تلفيق هذه الكذبة الكبيرة، وقد مُنع الصوت الآخر، بل وصل الأمر كما يقول الأطباء المخدوعون: إنهم كانوا يدرسون ذلك كحقيقة علمية، بل إنّهم لا يتوارون عن تحذير مرضاهم من الدهون الطبيعية، في حين أنّ الأمراض التي ضربت البشرية خلال العقود السابقة كانت نتيجة الزيوت المهدرجة، والسكر الصناعي، والوجبات السريعة..
والحل الطبيعي بإيقاف تلك الأطعمة الصناعية، ومنتجات تلك الشركات، والعودة للغذاء الطبيعي، وتناول الدهون الطبيعية بكل أنواعها والإقلال من الخبز والنشويات، ويضيف المختصون : أنّ جسد الإنسان مصمم لعلاج أي خلل يصيبه ذاتيًا، ولكنّ جشع الإنسان في البحث عن الأرباح الهائلة دفع البشرية إلى حافة الهاوية، فكانت متلازمة المال «الغذاء والدواء» والاحتكار لهما، وهكذا مضى العالم إلى أن القوى العظمى من تحوز على احتكار وتجارة ثلاثة أمور وجعل بقية العالم مستهلكاً أو نصف مستهلك أو سوقاً رخيصة للإنتاج، وهي الدواء والغذاء والسلاح، فضلاً عن مصادر الطاقة، ولعل ذلك بات ممثلاً بالشركات عابرة القومية بديلاً عن السيطرة المباشرة من الدول العظمى!
ثمة تخويف للعالم من الكوليسترول، وما يسببه من جلطات وسكر، تخويف ساهم الإعلام فيه، حيث استخدم الإعلام « السلاح الخفي للشركات العملاقة» لتكريس الكذبة بوصفها حقيقة، وهناك من استخدم الإعلام للترويج للزيوت المهدرجة والمشروبات الغازية، على أنّها فتح للبشرية، دون أن يعلم خطورتها، فقد ارتبط بقاء الإعلام بالدعاية للشركات الكبرى حتى يستطيع القائمون عليه تمويله، وبدل أن يقوم الإعلام بكشف تلك الكذبة باتت الشركات الكبرى تفرض عقوبات على كل من لا يغني على هواها بأن تحرم تلك الوسيلة وغيرها من مدخول الإعلان الهائل فيؤدي ذلك لإفلاسها وإغلاقها!
قبل سنوات، وفي مؤتمر عالمي للقلب في الإحساء في المملكة العربية السعودية، قال البرفيسور بول روش إن الكوليسترول أكبر خدعة في القرن العشرين، أو كما يقول د. خالد عبد الله النمر في مقال له بجريدة الرياض في 31 ديسمبر 2014 :
(في مؤتمر عالمي للقلب بالأحساء بالسعودية نظمه مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز لأمراض القلب فجّر الدكتور الأمريكي بول روش رئيس المعهد الأمريكي لأبحاث التوتر العصبي بواشنطن مفاجأة حيث أعلن أن الكولسترول أكبر خدعة في القرن الماضي والحقيقة: أن الطعام الدسم بشحوم الأغنام وتناول دهون الأبقار (سمن البقر) هو الذي يقوم بإخراج السموم من الجسم وإعطاء الليونة والمرونة للشرايين والجلد وتغذية الكبد والأمعاء وكافة الأجهزة بالجسم والدفع بالطاقة لأعلى مستوياتها وهو بريء من كولسترول الدم أو الإصابة بالنوبات القلبية والمتهم الحقيقي هو الزيوت المهدرجة دوار الشمس والذرة وغيرهم والسمن الصناعي من: المارجرين وغيره)
فهل نحن أمام خديعة كبرى قتلت ومازالت ملايين البشر؟ ولصالح من؟ وهل كانت قيادة الإنسان الغربي للبشرية قيادة صالحة وإنسانية أم إن ما قاله العلامة الهندي أبو الحسن الندوي قبل خمسة وسبعين عاماً مازال القاعدة وليس الاستثناء. يقول الندوي: «إنّ الغرب جحد جميع نواحي الحياة البشرية غير الناحية الاقتصادية، ولم يعر غيرها شيئاً من العناية، وجعل كل شيء يحارب من أجله اقتصادياً!» وقد شهد شاهد من أهله إذا يذكر إدوارد بيرنيس أخطر المتلاعبين بالعقل البشري في عام 1928 في كتابه الشهير «بروبوغندا» ما يؤكد ما ذهب إليه الندوي. وكان بيرنيس المستشار الإعلامي للعديد من الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين، وهو من أحد أقرباء عالم النفس الشهير سيغموند فرويد. ويتباهى بيرنيس في مقدمة كتابه الشهير ويعترف فيه بأن الحكومات الخفية تتحكم بكل تصرفات البشر بطريقة ذكية للغاية دون أن يدري أحد أنه مجرد رقم في قطيع كبير من الناس يفعلون كل ما تريده منهم الحكومة الخفية بكامل إرادتهم. ويذكر بيرنيس كيف نجح مثلاً في دفع الأمريكيين ومن بعدهم الأوربيين إلى تناول لحم الخنزير قبل حوالي قرن من الزمان. وهنا يقول إن تجارة الخنازير في أمريكا كانت ضعيفة جداً، وكان مربو الخنازير يشكون من قلة بيع اللحوم، فعرض عليهم بيرنيس خطة جهنمية لترويج لحوم الخنازير. ويذكر الكاتب أنه اتصل بمئات الأطباء والباحثين وأقنعهم بأن يكتبوا بحوثاً تثبت أن الفطور التقليدي للأمريكيين وهو الحبوب والحليب ليس صحياً ولا مغذياً، وبالتالي لا بد من استبداله بفطور جديد يقوم على تناول لحوم الخنزير بأشكالها كافة. وفعلاً نشر بيرنيس كل البحوث التي طلبها من الأطباء والباحثين في معظم الصحف الأمريكية في ذلك الوقت، وبعد فترة بدأ الناس يتهافتون على شراء لحم الخنزير ليصبح فيما بعد المادة الرئيسية في فطور الأمريكيين ومن بعدهم الأوربيين بشكل عام. وقد ازدهرت تجارة الخنازير فيما بعد في الغرب لتصبح في المقدمة بعد أن اكتسحت لحوم الخنازير المحلات التجارية وموائد الغربيين.
هل كانت نصيحة بيرنيس للأمريكيين بتناول لحم الخنزير من أجل تحسين صحة البشر فعلاً أم من أجل تسمين جيوب التجار والمزارعين وقتها؟ وإذا كان الغرب الرأسمالي يتلاعب بعقول وصحة الغربيين أنفسهم، فما بالك ببقية البشرية؟