ديلي تلغراف: يجب على أوكرانيا الاستعداد لخسارة حاكم البيت الأبيض
تاريخ النشر: 31st, July 2023 GMT
يقول الكاتب البريطاني ريتشارد كيمب إن الوقت ليس لصالح أوكرانيا في هجومها المضاد الطويل الأمد، فإنها تقاتل ليس فقط ضد أقوى الدفاعات الروسية ولكن أيضا ضد تقلبات طقس أوروبا الشرقية والسياسات الانتخابية الأميركية.
وأوضح كيمب في مقال له بصحيفة ديلي تلغراف أنه لا يمكن التنبؤ بالحرب أكثر من أي نشاط بشري آخر، ولا يمكن لأحد، ولا حتى أولئك الذين يديرون الأحداث في كييف أو موسكو، معرفة ما إذا كانت أوكرانيا ستنجح أو إلى أي مدى.
وأضاف أن هذا مفهوم جيدا وسيتم بناؤه في خطط القتال من قبل كل من أوكرانيا وروسيا. ولكن هناك مشكلة أكبر من الشتاء، الذي يمكن أن يعمل لصالح أي من الجانبين المتحاربين، وهي الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأوضح أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيتمنى أن تنتهي هذه الحرب قبل بدء موسم الانتخابات، لأنه يعلم أنها لا تحظى بالتأييد بين الكثير من سكان الولايات المتحدة. ومن المرجح أن يؤدي استمرار القتال إلى خسارة الأصوات بدلا من الفوز بها، خاصة إذا ساءت الأمور بالنسبة لأوكرانيا، حيث سيتم إلقاء اللوم على بايدن في صناديق الاقتراع.
قلق آخروهناك بالطبع قلق أميركي آخر ربما يكون أكبر من الخوف من معركة مطولة، وهو مستوى الانتصار الأوكراني الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار الكرملين واحتمال التشرذم والفوضى في جميع أنحاء البلاد مع عواقب جيوستراتيجية كارثية محتملة وأضرار اقتصادية عالمية لا توصف. هذه الرؤية قد تكون أو لا تكون صحيحة، لكنها تبقى في أذهان مسؤولي البيت الأبيض.
وقال الكاتب إن هذا ما يفسر إلى حد ما لماذا كانت واشنطن سخية فقط فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وبما يكفي فقط لتحقيق مستوى معين من النجاح وليس بما يكفي لإلحاق هزيمة صريحة بنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
واقعة البيت الأبيض وأبعادها
لن تسقط المشاجرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضيفه الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من الذاكرة السياسية، وستظل مشاهدها الصادمة مدعاة لتقصي أبعاد هذا الحدث ودلالاته، والتساؤل عما يعنيه بشأن مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، فما حدث مع زيلينسكي في البيت الأبيض يكاد يكون تتويجاً لما حدث سابقاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
كان واضحاً أن العلاقة بين ترامب وزيلينسكي متوترة، ولا تتجه إلى الاتفاق على أي شيء، فالأول، الذي لا يخفي نواياه، صرح بأنه يريد سلاماً ينهي الصراع مع روسيا ويبرم صفقة ضخمة مع كييف حول المعادن النادرة تتمكن من خلالها واشنطن من استعادة مئات المليارات التي قدمتها لدعم التصدي لروسيا، بينما يحاول الرئيس الأوكراني المحافظة على صورته التي رسمتها الدعاية الأوروبية كمناوئ لموسكو ومدافع عن بلده، وهي معادلة لم تعد مجدية، لأن الحرب، التي دخلت عامها الرابع، لم تحقق خلالها أوكرانيا أي شيء عسكرياً، ولكن إذا تم اللجوء إلى المفاوضات، يمكن التوصل إلى حل سياسي يحقن الدماء ويجنب أوروبا حرباً عالمية ثالثة، كما يحذر من ذلك متابعون كثيرون.
وسط هذا الجو المشحون، جاء اللقاء العاصف بين ترامب وزيلينسكي وسط شكوك بأن في الأمر مكيدة أو خطة مسبقة أوقع فيها الرئيس الأمريكي ضيفه الأوكراني، من أجل أن يبعث برسائل إلى من يهمه الأمر. وقد كانت ردود الفعل في العالم الغربي مستاءة ومتعاطفة مع زيلينسكي، وجوبهت الإدارة الأمريكية بانتقادات شديدة، باعتبار أن الملاسنة التاريخية بين رئيسين أمام وسائل إعلام خطأ يتنافى مع أبسط قواعد الدبلوماسية، والمعاهدات والمواثيق، التي تنظم العلاقات بين الدول وتضع الضوابط البروتوكولية التي تصون المناصب القيادية العليا للدول، فحتى عندما يلتقي عدوان، يكون اللقاء وفق أطر معلومة تضمن الاحترام المتبادل لكلا الطرفين، وتحفظ الأسرار والرموز للدول.
من الأهداف الأساسية الدبلوماسية وضع الأطر لإدارة الخلافات والتباينات. وما حدث في البيت الأبيض، بدا أنه أقرب إلى خلاف شخصي بين زيلينسكي وترامب مدعوماً بنائبه جي دي فانس، وفي دقائق معدودة أصبحت المشاجرة قضية الساعة، وذهب بعضهم إلى اعتبارها عنوان مرحلة في النظام الدولي، ستكون فيها الصراعات والرغبات والأهواء السياسية مطروحة على الهواء مباشرة ودون أي اعتبار للأعراف والقيم الديبلوماسية.
وما جرى بين ترامب وزيلينسكي كان يفترض أن يتم داخل غرف مغلقة وبعيداً عن وسائل الإعلام، حتى يظل هناك مجال للفعل السياسي واستمرار التواصل، وبما يسمح للطرفين بحث العلاقة المأزومة واستكشاف فرص تهدئة التوتر، والمساعدة على إنهاء الحرب في أوكرانيا وحفظ الأمن الإقليمي في أوروبا وحفظ أمن جميع الأطراف. ومثلما للدول الكبرى أهداف وخطط، للدول الصغرى والمتوسطة أيضاً مصالح وحقوق في العيش بسلام، دون أن تكون تحت طائلة الابتزاز أو التهديد.
واقعة البيت الأبيض، تؤكد، مرة أخرى، أن العالم مأزوم ويشكو تصدعات مخيفة وكسراً متعمداً لقواعد وسلوكيات حكمت العلاقات بين الدول عقوداً طويلة، وباتت الآن في خطر وأمام تحولات مجهولة العواقب.