خبير عسكري: تغيير القيادات العسكرية في الجيش الإسرائيلي لن يؤثر على مسار المعارك
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
استبعد الخبير العسكري العقيد الركن حاتم الفلاحي أن يكون لتغيير القيادات العسكرية في الجيش الإسرائيلي تأثير يذكر على مسار المعارك، لأنه يرى أن العنصر الفاعل في الميدان هو الجيش، مؤكدا أن أداء الجيش الإسرائيلي ضعيف.
وقال الفلاحي -في فقرة التحليل العسكري على شاشة الجزيرة- إن محور نتساريم سيظل منطقة مواجهة ساخنة، لأن فصائل المقاومة تنفذ عمليات لإجبار قوات الاحتلال على الخروج من هذا المحور، وبالمقابل يحاول الجيش الإسرائيلي أن يتوسع باتجاه الجنوب والشمال بهدف تأمين الحماية اللازمة لقطاعاته الموجودة على هذا المحور.
وأضاف أن قوات الاحتلال جاءت إلى هذا المحور لتفصل الشمال عن الوسط والجنوب، ولتتحكم بحركة المدنيين، ولتعزيز موقفها في حال إبرام صفقة لتبادل الأسرى.
وأشار الفلاحي إلى أن محاولات الاحتلال التوغل في المنطقة تواجه بمقاومة شديدة من قبل فصائل المقاومة التي تنفذ عمليات قصف بالهاون والصواريخ على القواعد الإسرائيلية الموجودة هناك، مما أدى إلى ارتفاع الخسائر في صفوف جيش الاحتلال.
وأشار إلى أن الطرفين يحاولان الضغط بشكل كبير جدا، خصوصا من جانب فصائل المقاومة التي تنوع عمليات القصف على جيش الاحتلال، وتركز على استخدام قذائف الهاون التي تسمى "سلاح شل المنطقة"، وذلك بسبب تشظي هذه القذائف بعد سقوطها في دائرة يتراوح قطرها بين 200 و250 مترا، مما يعني أنها مؤثرة في هذه المناطق.
أما الصواريخ فأوضح الخبير العسكري أنها تؤدي دورا كبيرا وفيها طاقة تدميرية، مثل منظومة الرجوم التابعة للقسام وصواريخ 107 من سرايا القدس.
وأضاف أن الخلافات بين الجيش والقيادات السياسية ليست وليدة اللحظة، موضحا أن قيادات جيش الاحتلال سبق أن نبهت إلى عدم وجود رؤية لليوم التالي.
ويرى الفلاحي أن التصعيد في الخطاب الإعلامي من جانب بعض المسؤولين الإسرائيليين وحتى من قبل الولايات المتحدة على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن إسرائيل قدمت العديد من التنازلات وعلى حماس القبول بالعرض يدخل في إطار الضغط الممارس على فصائل المقاومة لإجبارها على الذهاب إلى صفقة لتبادل الأسرى.
ونبه الفلاحي إلى أن حسابات المقاومة العسكرية يجب أن تبني على أن المعركة قائمة طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار والذهاب لصفقة لتبادل الأسرى وخروج قوات الاحتلال من القطاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجیش الإسرائیلی فصائل المقاومة
إقرأ أيضاً:
عدم اختصاص قضاء المحتل بمُحاكمة المقاومة
د. عبدالله الأشعل **
إسرائيل قامت على الأراضي الفلسطينية وفق قرار التقسيم الذي رفضته الدول العربية عام 1947، لكن بريطانيا وأمريكا تمكنتا بالضغوط من أن يستوفي مشروع القرار نصابه اللازم، لكى يتحول المشروع إلى قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستكمالًا للتلبيس فإنَّ بريطانيا التي قدمت مشروع القرار امتنعت عن التصويت عليه.
وكان أبا إيبان مندوب الوكالة اليهودية التي تشكلت عام 1918 وحضرت بهذه الصفة مؤتمر فرساي، ومهمة الوكالة الإشراف على الهجرات الصهيونية وحمايتها بالتعاون مع القوات البريطانية ضد المقاومة الفلسطينية لهذه الهجرات. ورفض أبا إيبان في كلمته اعتبار قرار التقسيم شهادة ميلاد إسرائيل، ولكن القرار هام في جانب آخر وهو أنَّه دليل على إجماع المجتمع الدولي بأن الصهاينة كانوا في فلسطين منذ آلاف السنين بدليل تقسيم فلسطين بين سكانها العرب واليهود.
وبالفعل عمدت بريطانيا والصهاينة إلى صياغة مشروع قرار التقسيم بين اليهود والعرب حسب نص قرار التقسيم، وقال أبا إيبان إن فكرة ملكية اليهود لفلسطين أو لجزء منها كما نص تصريح بلفور، كانت حلماً هبط إلى الأرض والواقع بقرار التقسيم. ورغم أن إسرائيل رفضت القرار إلّا أنها قامت على الجزء الأكبر المخصص لها في القرار ثم أضافت الدول العربية ربع فلسطين خارج قرار التقسيم ظنا منهم أن إعطاء إسرائيل 78% من مساحة فلسطين يمكن أن يُغريها بقبول الجزء الخاص بالفلسطينيين في القرار، فقد قدمت السعودية الصيغة التي أصبحت المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت العربية عام 2002؛ وهي أن توافق إسرائيل رغم أن قرار التقسيم لا يتطلب موافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطين على حدود 4 يونيو 1967؛ أي التنازل الرسمي لإسرائيل عن 21.5% خارج قرار التقسيم، وعاصمة الدولة شرق القدس، فتنازلوا عن غرب القدس واعترفوا بملكية إسرائيل لها، رغم أن القدس شرقها وغربها أراضٍ فلسطينية محتلة، الغرب عام 1949 والشرق عام 1967، كما اعترفوا ضمنيا بتقسيم القدس إلى شرقية وغربية، فاستغلت أمريكا التراجع العربي، واعترقت لإسرائيل بكل فلسطين وشاركت إسرائيل في إبادة سكان فلسطين العرب ونقلت سفارتها من غرب القدس إلى شرق القدس وهي رسميًا أراضٍ فلسطينية محتلة بنص قرار مجلس الأمن رقم 242 في نوفمبر 1967، والآراء الاستشارية من محكمة العدل الدولية.
ولم يكترث ترامب ولا الكونجرس الأمريكي لانتهاك قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 الذي رعاه الرئيس كارتر شخصيا وحصل على إجماع الأعضاء وحظر نقل السفارات إلى القدس الشرقية باعتبارها أراضٍ محتلة.
وفي عام 2004، طلبت الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية الرأي الاستشاري في شأن قانونية بناء إسرائيل جدارًا أسمته جدار الأمن على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأسماه الفلسطينيون جدار الفصل العنصري. قالت المحكمة إنَّ إسرائيل دولة محتلة للأراضي الفلسطينية وليس من سلطة المحتل أن يبنى جدارًا على الأراضي المحتلة وكلفت الأمين العام للأمم المتحدة بمتابعة تطبيق الرأي الاستشاري.
وفي عام 2024 أكدت المحكمة في رأي استشاري جديد أن علاقة إسرائيل بالأراضي الفلسطينية هي أنها سلطة احتلال ويجب أن يزول.
وقضى القانون الدولي بأن السلطة المحتلة احتلالًا عاديًا بخلاف الاحتلال الإسرائيلي وله طابع خاص ليس لها اختصاص قضائي بمحاكمة أعضاء المقاومة، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى الانفراد بفلسطين والاستيلاء على فلسطين كلها تطبيقا للمشروع الصهيوني، وهو بالطبع طويل الأجل. وكانت أحكام القانون الدولي الخاصة بالمقاومة التي وضعتها أوروبا وفق مصالحها تقضي بأن من حق البلاد المحتلة أن تقاوم الفتح (Conquest) فإذا تحول الفتح إلى غزو واحتلال يتوقف الحق في المقاومة. ولما احتلت ألمانيا فرنسا في الحرب العالمية الثانية غيرت أوروبا قواعد الحق في المقاومة فأجازت الحق في مقاومة المحتل، بعد أن كان الحق قاصرًا على مقاومة الغزو، ولكن اتضح بعد ذلك أن أوروبا عنصرية ولا تعترف بالحق في المقاومة لغير الأوروبيين.
وإسرائيل تعتقل المقاومين وهم لهم حصانة في اتفاقية نيويورك عام 1979؛ فالاعتقال والمحاكمة تخرج عن سلطات الاحتلال. ويترتب على ذلك إبطال الاعتقال والمحاكمة والأحكام والقرارات المترتبة عليها والمطالبة بالتعويض.
وإذا جاز للقضاء الإسرائيلي محاكمة بعض أنواع الجرائم فيجب أن يطبق القانون الدولي وليس القانون الإسرائيلي، لأن إسرائيل بذلك تنتهك مبدأ قانونيًا مُهمًا وهو أنه لا يجوز للدولة أن تكون خصمًا وحكمًا في نفس الوقت.
الاحتلال طويل الأجل يضفي حقًا إضافيًا لشرعية المقاومة الفلسطينية ولا حقوق لهذا الاحتلال خاصة إذا كان الاحتلال يهدف إلى توطين الصهاينة. وزعم إسرائيل والغرب بأن لها حق الدفاع الشرعي يعتبر ادعاءً باطلا. فإذا كان الاحتلال غير مشروع يكون كل ما يترتب عليه غير مشروع. بما فيه الاعتقال والتعذيب والأحكام. ولذلك لا يجوز أن تستفيد إسرائيل من هذا الوضع. فيكون اعتقال المقاومة الفلسطينية غير مشروع، ولا يجوز مبادلتهم بمخطوفين صهاينة بل يجب إطلاق سراحهم فورًا.
ثم إن السلطة المحتلة عليها التزامات تجاه السكان المدنيين وفق اتفاقية جنيف الرابعة، فلا يجوز حصار غزة وإبادة أهلها وتجويعهم وتدمير مقومات الحياة لديهم ومنع المعونات، ويجب على مصر أن تفي بالتزاماتها كدولة طرف في اتفاقية جنيف الرابعة خاصة معبر رفح.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر