«شهيد العنصرية».. وأهالي «ميزوري» الشرفاء!!
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
التعامل الهمجى للسلطات الأمريكية مع طلاب الجامعات ومظاهراتهم السلمية، والمداهمات والاعتقالات في عدد من الجامعات والولايات، يكشف من جديد الوجه الأمريكى «الحقيقى»، الذى لا يعرفه الكثيرون، والمسألة هنا لا تتعلق فقط بـ «إسرائيل»، لكننا أمام نظام عنصرى بطبعه لا يقبل الآخر، يرتدى «مسوح الملائكة»، عندما يتعلق الأمر بالأخرين، يتغنَّى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ليقتل البسطاء فى العراق وليبيا وسوريا واليمن.
لقد أعاد ما يحدث إلى ذاكرتى، مقال بعنوان: «شهيد العنصرية» وأهالى «ميزورى» الشرفاء!!، كنت قد نشرته قبل عشر سنوات، للحديث عن وقائع مشابهة جرت فى ولاية أمريكية. وأعيد نشره حتى لا تخدع البعض كلمات تجار «الدين والدم»، وما يردده سكان «البيت الأسود»، عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
«رحت أسأل نفسى: هل لا تزال هناك بلاد يُـقتَـل فيها المواطن بسبب لونه؟!!.. إذا كان الإنسان يستطيع أن يخفى ديانته، أو يغـيِّر عقيدته أو يتنازل عن رأيه، أو حتى يتظاهر بذلك ليحمى نفسه من سلطة بلاده العنصرية القمعية، فكيف له أن يغيِّـر لون بشرته الأسود، ليحافظ على حياته؟!.. لقد شعرت بمزيد من الحزن المشوب بالتوتر والقلق، وأنا أتابع أخبار احتجاجات المواطنين الأمريكيين السلمية فى ولاية «ميزورى».. وما يعانيه السود هناك من ظلم وقهر وبطش واغتيال معنوى، لا لشىء ســوى أن بشرتهم سوداء!!.
لم أكن أتصـوَّر - ونحن نعيش فى القرن الـ21، قرن حقـوق الإنسان - أن تعــود بنا السلطات الأمريكية إلى قرون سحيقة وتتعامل بهذه الوحشية والهمجية مع مواطنين عـزل يمارسون حقهم الإنسانى فى الاعتراض على مقتل مواطن من ولايتهم، أو بالأحرى اغتيال طفل لم يتجاوز الــ«18» عامـًـا، يدعى «ميشيل براون»، على يـد ضابط شرطة.
المواطنون الأمريكيون، لم يرتكبوا جرمـًـا.. فقط انتابهم شعور بالغضب، بعد قيام الشرطة باستهداف طفل أسود البشرة بست رصاصات غادرة: اثنتين فى الـرأس وأربع فى مناطق مختلفة من جسده، وكلها أُطلقت من مسافة بعيدة، فى الوقت الذى لم يكن فيه الطفل مسلحـًـا، ولم يبـد أى مقـاومة، ولم يحاول الهرب.
غضب مشروع.. خاصة أن السلطات الأمريكية لم تكتف بالقتل بسبب لون البشرة، بل حاولت «الطرمخة» على القضية، فشوهت سمعة الطفل، ولفقت له تهمة «سرقة سجاير» من أحد المتاجر بالولاية لتبرر عملية قتله.. وقالت: «إنه استولى على علبة سيجار ورفض أن يدفع ثمنها»!!.. ثم سربت الشرطـة مقطع فيديو ــ زعمت أنه من كاميرا للمراقبة ــ يظهر فيه الطفل القتيل وهو يسرق الـمتجر!!.. وهو ما أثار غضب أسـرة «شهيد العنصرية» وأهالى ولايته.
ولا أدرى، هل تمتلك الشرطة الأمريكية سلطة توجيه الاتهام، وإصدار الحكم، وتنفيذه فى ثوان معدودة؟!.. وهل سرقة علبة سيجار عقوبتها القتل؟!!.
إذا كانت الشريعة الأمريكية، أو الدستور هناك يسمح بذلك، فما هو العقاب يا تـرى لو سرق المواطـن علبة سيجار، وولاعة وطفاية ــ لزوم التدخين ــ وقام بالسطو على علـبة عصير «يـرطب بيها على قلبه» بعد شرب السيجار؟!!.
كانت الواقعة - قتل طفل أمريكى بسبب بشرته السـوداء - ستبدو حادثــًـا عنصريـًـا فرديـًـا، لو أحالت السلطات الأمريكية الضابط للتحقيق، ثم اعتذرت عن القتل.. لكنها للأسف رفضت الإفصاح عن اسم الشرطى القاتل فى البداية، وتعاملت بقسوة مفرطة مع المظاهرات السلمية، التى خرجت للتعبير عن رفض القتل بسبب اللون.
لقد انتهجت السلطات الأمريكية ممارسات غير آدمية ضد المتظاهرين السلميين دون أدنى اعتبار للحزن الكامن فى الصدور، ليخيم على الولاية دوى إطلاق النيران، والاستخدام الكثيف لقنابل الدخان، والرصاص المطاطى.
ويبدو أن أمريكا تعانى أزمة مياه طاحنة، حالت دون استخدام الشرطة لخـراطيم المياه فى تفريق المتظاهرين الذين قدَّرتـهم السلطات الأمريكية بالعشرات، الأمر الذى دفع حاكم الولاية لحظر التجوال، وارتكاب أعمال عنف ضد المحتجين السلميين أودت بحياة مواطن آخر.
وكما حدث مع الطفل «شهيد العنصرية»، حاولت السلطات الغاشمة فى الولايات المتحدة تشويه صورة المتظاهرين لتبرير التعامل الوحشى مع المظاهرات السلمية التى اندلعت فى ضاحية «فيرجسون» الواقعة فى مدينة «سانت لويس»..
وقالت: «إن المحتجين كانوا متوجهين إلى أحد مراكز قيادة للشرطة، يحاولون اختراق الموقع الشرطى، وقذفوا رجال الأمن بزجاجات «المولوتوف» الحارقة، واعتدوا على المارة، مما استدعى الرد»!!.
كذب واضح وتزييف فاضح.. فالمحتجون فى هذه التظاهرة وفق وسائل الإعلام الأمريكية لم يتجاوز عددهم 400 شخص أغلبهـم من الأطفال ــ أصدقاء وجيران «شهيد العنصرية» ــ كانوا متوجهين إلى أحد مراكز للشرطة للإعلان عن غضبهم بشكل سلمى وحضارى وراق بعد قتل الطفل صاحب البشرة السوداء.
ليس هذا فقط، بل اتهمت السلطات الأمـريكية المتظاهرين السلميين، الذين راحوا يعبِّرون عن رأيهم بطريقة سلمية تكفلها الأعراف والمواثيق الدولية، بارتكاب أعمال سرقة وسلـب ونهـب للمحلات التجاريـــة، وأعلن حاكم ولايـة «ميـزورى» أنـه وقَّـع أمـرًا بإعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال فى المدينة، لأن التظاهرات تطورت إلى أعمال نهب استهدفت المراكز التجارية.. وقال: «إن المتظاهرين يعتزمون ارتكاب الجرائم وتعريض المواطنين للخطر.. وهذا غير مقبول»!!.
أعرف أن التطور العلمى والتكنولوجى فى الولايات المتحدة الأمريكية كبير.. لكن هل يتيح ذلك للسلطات هناك «قراءة الطالع» أو معرفة الغيب؟!!، وهل فى أوربا والدول المتقدمة يعرف المسئول ما يدور فى أذهان المتظاهرين؟!!..
يبدو أن ذلك كذلك، وهو ما دفع الشرطة إلى قمع المتظاهرين ومنعهم من ممارسة حقهم فى التعبير عن رأيهم، ولِـمَ لا؟.. طالما نيتهم «مش صافية»!!.
وعلى طريقة دول العالم الثالث، استخدمت الشرطة الأمريكية بعض المدنيين لمواجهة المحتجين وقالت: إن «المواطنين الشرفاء!» من أهالى ضاحية «فيرجسون» يتصدون لعمليات التحطيم، والنهب، والسرقة، التى تتعرض لها المحال التجارية!!.
ولم يتوقف الأمر عند القتل بسبب اللون، ومصادرة حقوق الشعب الأمريكى الشقيق فى التعبير عن رأيه، بل امتدت الإجراءات القمعية إلى مصادرة حق الأمريكيين فى تداول المعلومات ومعرفة ما يجرى على الأراضى الأمريكية، فحاولت السلطات التغطية على هذه المهزلة التاريخية، بالتضييق على الصحفيين، ومنعهم من ممارسة عملهم، ووصل الأمر لاحتجاز بعضهم، للتعمية على ما يجرى من انتهاكات خطيرة بحق المتظاهرين السلميين.
وهو ما أدانه «الاتحاد الدولى للصحفيين» الذى انتقد بشكل «سلمى» ممارسات السلطات الأمريكية ضد الصحفيين المحليين والأجانب ممن يقومون بتغطية الاحتجاجات، ووصف الاتحاد فى بيان له، الممارسات الأمريكية بـ«الأمر المخجل»، مشيـرًا إلى أن رجال الشرطة «هددوا الصحفيين بالعنف، وطلبوا منهم مغادرة أماكن الاحتجاج».
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السلطات الأمريكية ولاية ميزوري السلطات الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
صندوق مكافحة السرطان يحذر اليمنيين من أمر خطير جداً يحدث بسبب هذا الأمر
يمانيون /
دشن صندوق مكافحة السرطان بصنعاء، الحملة الوطنية السابعة للتوعية بمخاطر الافراط في استخدام المواد البلاستيكية تحت شعار “لحماية صحتك وبيئتك”.
تهدف الحملة التي تستمر من منتصف شهر نوفمبر الحالي حتى نهايته، إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي بمخاطر الإفراط في استخدام الأكياس البلاستيكية في تلوث البيئة، ومخاطر حفظ الأغذية والمشروبات الساخنة في الأوعية البلاستيكية وذلك من خلال الإصابة بالعديد من الأمراض وأبرز هذه الأمراض الإصابة بالسرطان.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الصندوق الدكتور عبدالسلام المداني لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن الكثير من الأوعية البلاستيكية مصنعة من مادة الفينيل كلورايد التي أثبتت الكثير من الدراسات العلمية بأنها مادة مسرطنة، وأشار إلى أن هذه الدراسات أكدت بأن متوسط الجسيمات البلاستيكية التي تتسرب داخل الجسم عن طريق الشرب من كوب بلاستيكي بلغت حوالي 3 مليغرامات لكل كوب.
كما بين أن هذه الحملة تهدف إلى عملية رفع مستوى الوعي المجتمعي بهذه المخاطر والتي يجهلها غالبية أفراد المجتمع، ويأمل أن يدرك الجميع أهمية الموضوع ويتعاطى معه بمسئولية تامة لينقذ حياته وصحته من خطر قاتل يحيق به دون أن يدري.
وأفاد بأن الكارثة ليست محصورة فقط على استخدام الأكواب والأوعية البلاستيكية، بل الافراط في استخدام الأكياس أيضاً يشكل خطراً أولاً على البيئة وبدوره يؤثر على صحة الانسان فهذه الأكياس غير قابلة للتحلل، حتى لو مر عليها مئات السنين، وجزيئات هذه الأكياس يختلط بالتربة وبمصادر المياه لتشكل تهديداُ لصحة الانسان وبنفس الدرجة من المخاطر التي تحدثنا عنها في استخدام الانسان للأوعية والأكواب البلاستيكية في حفظ وتناول الأغذية والمشروبات الساخنة.
وناشد الدكتور المداني، جميع الجهات المعنية بالتعاون في مواجهة هذه الظاهرة التي تشكل خطراً كبيراً وتهديداً حقيقياً لسلامة البيئة وسلامة صحة الإنسان وذلك من خلال التكاتف والتكامل في إيجاد البدائل لهذه المواد وجعلها سلوكاً مجتمعياً دائماً يصحح به مسار الحياة العامة.
ودعا رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة السرطان، كافة أفراد المجتمع ومؤسساته إلى التفاعل الإيجابي مع الحملة والإسهام الفاعل في إنجاحها من خلال نشر الرسائل التوعوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية للحفاظ على البيئة وعلى صحة الجميع.