جزيرة كورسيكا.. جوهرة فرنسا المتوسطية التي تغزوها عصابات الجريمة المنظمة
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
توصف جزيرة كورسيكا الفرنسية ذات المناظر الطبيعية الخلابة البكر والسواحل الوعرة بأنها جوهرة في البحر المتوسط.
وتجذب الجزيرة -التي تقع على مسافة أقل من 13 كيلومترا شمال جزيرة سردينيا الإيطالية- ملايين السياح كل عام، لكن عددا قليلا جدا منهم يدركون مدى سطوة عصابات المافيا على كورسيكا.
وبالنسبة للسكان المحليين أصبحت التهديدات ودفع الرشاوى جزءا من الحياة اليومية، بل قد يتعرض البعض للقتل على يد المافيا.
ويطلق على كورسيكا من آن إلى آخر لقب "جزيرة الجمال"، وتشير الإحصائيات إلى أنها الإقليم الوحيد في فرنسا باستثناء الأراضي التابعة لها في ما وراء البحار الذي يعاني من معدل جرائم قتل مرتفع مقارنة بعدد السكان.
الجريمة المنظمة تنتشر في كورسيكاوالعام الماضي، سجلت كورسيكا معدل 3.7 جرائم قتل من بين كل 100 ألف من السكان، وكانت المافيا مسؤولة عن كثير منها وفقا لبيانات وزارة الداخلية.
وتقول الناشطة المناهضة للمافيا جوزيت دالافا سانتوتشي "أسوأ شيء هو أن قضايا القتل هذه لم تحل لعدم وجود شهود"، وتعزو سانتوتشي هذه الظاهرة إلى عرف سائد في أوساط المافيا يعرف باسم "أومريتا" تفرضه هذه العصابات في الجنوب الإيطالي ويتطلب عدم التعاون مع السلطات.
ودار خلاف لفترة طويلة بشأن ما إذا كانت هناك بالفعل عصابات للمافيا تعمل في الجزيرة المتوسطية، وفي هذا الصدد يرى المدعي العام نيكولاس بيسوني المسؤول عن الجريمة المنظمة في كورسيكا أن هذا السؤال ليس له معنى، وقال مؤخرا لمحطة "بلو" الإذاعية الفرنسية "أعتقد أننا بحاجة لأن نكون واضحين، عصابات المافيا موجودة في كورسيكا".
ونقلت وسائل الإعلام الفرنسية عن تقرير داخلي أعدته وحدة لمكافحة المافيا في الشرطة وقوات الدرك الفرنسية أن 25 عصابة إجرامية تزاول نشاطها في الجزيرة.
وتوضح دالافا سانتوتشي أن المافيا بدأت نشاطها الإجرامي لأول مرة في كورسيكا في الثمانينيات من القرن الـ20 عندما تم وضع خطط للاستثمار في هذه الجزيرة ذات الطابع الجبلي، ثم تسللت العصابات الإجرامية إلى سوق الإنشاءات المربحة وتجارة العقارات المغرية، وسيطرت على تهريب المخدرات والاتجار فيها، وفقا لما تقوله سانتوتشي، وهي طبيبة تبلغ من العمر 82 عاما أسست عام 2019 مع زملائها النشطاء منظمة مناهضة للمافيا تسمى "مافيا نو"، أي "لا للمافيا".
وتضيف أنه يصعب وصف حجم نشاط المافيا في كورسيكا، حيث إن كثيرا من أنشطتها تمارس في الخفاء.
وتشير تقديرات سانتوتشي إلى أن عدد أفراد كل عصابة من العصابات الـ20 أو نحو ذلك العاملة في الجزيرة يبلغ 10 أعضاء، ورغم أن ذلك الرقم لا يبدو كبيرا فإنه يمثل أهمية نظرا لأن تعداد سكان كورسيكا يبلغ 350 ألفا فقط.
وتقول إن الأكثر أهمية من ذلك هو وجود أفراد في السلطات القضائية والضريبية وفي نظام الإشراف على السجون وحتى في أوساط الشرطة أحيانا يتلقون رشاوى من المافيا.
ويشتبه المدعي العام بيسوني في أن المافيا لديها علاقات مع السياسيين أيضا.
ويرى المحامي في محكمة الاستئناف ببلدة باستيا الشمالية جان جاك فاجني أن العصابات لا تعمل في مناطق منفصلة، ويقول مع بيسوني إن المنظمات الإجرامية المختلفة تتعاون أحيانا عبر مناطق الجزيرة.
وتحدثت دالافا سانتوتشي مع كثيرين من ضحايا المافيا الكورسيكية، مشيرة إلى أنه في بعض الحالات يفرض المجرمون عقوبات على السكان في حالة تأخرهم عن دفع الإيجارات، وفي حالات أخرى يحاولون الاستيلاء على منازلهم بأكملها، وأحيانا يتم تفجير المخازن ومعدات التشغيل التي تمتلكها شركات منافسة، إلى جانب فرض إتاوات على تصاريح البناء المطلوبة، كما تعمل العصابات على خفض أسعار العقارات لتحقيق مكاسب لها عند شرائها.
وتقول إن "جيلا كاملا يعرف المافيا بصفة موظفين أو مديري شركات"، مضيفة أن العصابات تتسبب في رفع تكلفة الخدمات العامة وتنفذها بإهمال، وأحيانا تدير الشركات رغم افتقارها إلى القدرة على ذلك.
جرائم لا يراها السياحومن ناحية أخرى، لا يلاحظ أي من السياح الذين يزورون كورسيكا -والذين يبلغ عددهم 3 ملايين سنويا- أي شيء مريب في الجزيرة، وفقا لما تقوله دالافا سانتوتشي.
وتضيف أنه على العكس من ذلك يسود الجزيرة جو من الأمان التام، ولا يكاد تكون هناك حوادث سرقة أو أسباب أخرى تدعو للخوف من أن يسير السائح بمفرده ليلا.
ولا يلاحظ السائح أن المافيا تمتلك مكان الإقامة الذي قام بتأجيره لتمضية العطلة، أو الحانة التي يقضي فيها وقتا طيبا، والعلامة الوحيدة المرئية على وجود العصابات الإجرامية السرية هي رسم بالغرافيتي في بعض شوارع بلدة باستيا يدعو إلى "طرد المافيا".
وفي المعركة ضد العصابات تتطلع سانتوتشي إلى تعبئة السكان ونواب البرلمان والسلطات أيضا، وتدعو بشكل أكثر تحديدا إلى زيادة أفراد الشرطة، وإلى سن قانون جنائي منفصل يتعلق بجرائم المافيا، والاستعاضة عن القضاة غير المحترفين بآخرين مهنيين مدربين، إلى جانب المصادرة الفورية للسلع التي يشتبه في أن العصابات تسيطر عليها.
وهي ترى أن تشديد العقوبات بالسجن لا يساعد على تحسين الأوضاع، وتقول "السجن هو المكان الذي تنظم فيه المافيا صفوفها، وأعضاؤها يفعلون ما يحلو لهم داخله".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فی کورسیکا فی الجزیرة
إقرأ أيضاً:
جزيرة “سرية” يذهب إليها الأثرياء لـ”العيش للأبد”!
الكاريبي – تحولت جزيرة غير معروفة نسبيا في الكاريبي بسرعة إلى وجهة للأثرياء الذين يسعون إلى “العيش للأبد”، وذلك بفضل غياب القوانين التي تنظم العلاجات الجينية التجريبية فيها.
وتقع جزيرة “رواتان” على بعد 40 ميلا من الساحل الشمالي لهندوراس. وتحتضن الجزيرة مدينة خاصة تسمى “بروسبيرا”، وتتميز المدينة بعدم وجود قوانين أو ضوابط تنظيمية تحكم الممارسات الطبية المتطورة وغير المعتمدة رسميا في هذا المكان.
ولذلك، يمكن للشركات أو العيادات في هذه المنطقة تقديم علاجات أو تقنيات طبية حديثة ومبتكرة دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من هيئات تنظيمية (مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA). وهذا يعني أن هذه الممارسات قد تكون غير مثبتة علميا بالكامل أو لم تخضع لاختبارات صارمة لتأكيد سلامتها وفعاليتها.
وإحدى العيادات الموجودة في بروسبيرا، وهي Minicircle، تقدم علاجا جينيا يعتمد على بروتين فوليستاتين (Follistatin)، والذي تم اختباره من قبل عالم البيولوجيا التطبيقية براين جونسون. وهذا العلاج، الذي لم تتم الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) وهو غير قانوني في الولايات المتحدة، يكلف حاليا 25 ألف دولار.
ويتضمن العلاج حقنا بسيطا بجزيئات الحمض النووي التي تحفز الجسم على إصلاح نفسه، ويقال إن آثاره تدوم من عام إلى عامين.
وتفتخر Minicircle، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية مسجلة في ولاية ديلاوير، بأنها واحدة من الرواد في مجال التحسين الجيني البشري.
وعلى الرغم من أن الشركة أكملت فقط المرحلة الأولى من التجارب السريرية لعلاج الفوليستاتين، إلا أنها تدعي أن العلاج أظهر “نتائج واعدة”.
ويعرف الفوليستاتين أيضا بالبروتين الرابط للأكتيفين، وهو بروتين يساعد على تنظيم التمثيل الغذائي ويلعب دورا في وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك نمو العضلات، صحة العظام، والجهاز التناسلي.
وفي الدراسات التي أجريت على الحيوانات، وجد أن العلاج الجيني بالفوليستاتين يزيد من عمر الفئران بنسبة 32.5%.
وتصف Minicircle العلاج بأنه “مدروس جيدا، وآمن، وفعال بشكل استثنائي”.
وخضع براين جونسون، الذي ينفق ملايين الدولارات في محاولة لإبطاء الشيخوخة، والذي لطالما ظهر في فيديوهات ترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي بوصفه الرجل الذي يحاول مقاومة الموت، لعلاج الفوليستاتين في أوائل عام 2024 وأعرب عن إعجابه بالنتائج.
وفي فيديو تم تصويره خلال زيارته لعيادة Minicircle، يظهر جونسون وهو يحقن بجين ينتج الفوليستاتين في معدته وأردافه. وبعد ستة أشهر من العلاج، أظهرت الاختبارات أن سرعة شيخوخته انخفضت إلى 0.64.
ووفقا لـ Minicircle، فإن العلاج الجيني بالفوليستاتين يزيد من الكتلة العضلية، ويقلل الدهون، ويقلل الالتهابات، ويطيل التيلوميرات (أجزاء من الحمض النووي ترتبط بالشيخوخة)، ويعكس بشكل كبير تسارع العمر الجيني. ومع ذلك، يحمل العلاج الجيني مخاطر محتملة، مثل التسبب في السرطان بسبب طفرات الخلايا الجذعية الدموية. لكن جونسون يؤكد أن علاج Minicircle فريد من نوعه لأنه قابل للعكس في حالة حدوث أي مشاكل، حيث يمكن إيقاف نشاط الجينات المحقونة باستخدام مضاد حيوي يسمى تتراسيكلين.
وبالإضافة إلى العلاج الجيني، تقدم العيادة في بروسبيرا علاجات بالخلايا الجذعية، والتي تعد أحدث تقنيات الطب التجديدي.
وهذه العلاجات، التي تستخدم لإصلاح الأنسجة التالفة، تحدث ثورة في مجالات علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية والاضطرابات العصبية. ومع ذلك، فإن تكلفة العلاج بالخلايا الجذعية مرتفعة جدا، حيث تصل إلى 20 ألف دولار لكل جلسة، ما يحد من قدرة معظم الناس على الخضوع لها أكثر من مرتين أو ثلاث مرات في السنة.
المصدر: ديلي ميل
Previous جورج كلوني وأمل علم الدين في طريقهما للطلاق.. كم سيكلف؟ Related Postsليبية يومية شاملة
جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results