بحث قطري عن عبء الأمراض الوراثية النادرة في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
إذا كانت الجغرافيا باعدت بين دول منطقة الشرق الأوسط، فإنها لم تنل من الجينوم المتشابه بين سكانها، الأمر الذي ساعد عضو مؤسسة قطر "سدرة للطب" على إجراء دراسة رائدة من شأنها المساهمة في تخفيف عبء الأمراض الوراثية النادرة بالمنطقة.
وجاءت تلك المبادرة عبر دراسة نشرتها في دورية "جينوم ميديسين" استطاعت من خلالها استخدام بيانات تسلسل الجينوم لأكثر من 6 آلاف شخص متوفرة لدى البنك الحيوي القطري، لتحديد المتغيرات الجينية المسببة للأمراض الوراثية النادرة، والتي قال باحثون إنها "ستكون ذات أهمية لتفسير الأسئلة نفسها لدى ملايين الأشخاص في المنطقة وخارجها".
يقول مدير أبحاث الطب السكاني والجينومي في "سدرة للطب" وقائد الدراسة المشارك الدكتور "يونس مكراب" في حديث مع الجزيرة نت: "الحمض النووي عند الإنسان يحمل شفرات تدل على العلاقة بين المجموعات البشرية، وكنا في دراسة سابقة قارنا بين بيانات تسلسل الجينوم المتاحة لدى بنك قطر الحيوي وتلك المتاحة في مجموعات بشرية أخرى في دول الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأميركا، فأثبتنا أن هناك خمس مجموعات رئيسية للعرب في المنطقة تجمعها السلالة الجينية وإن كانت قد تباعدت مكانيا، وهم عرب شبه الجزيرة، والعرب العامين، والعرب الفارسيين، والعرب الآسيويين، والعرب الأفارقة".
وبالبناء على هذا التصنيف الجيني الذي خلصت إليه هذه الدراسة، يوضح الدكتور مكراب بالقول: "عمِلنا في الدراسة الجديدة على إنشاء فهرس شامل للطفرات المرضية المصنفة حسب كل سلالة جينية، مما يجعل النتائج المتحصل عليها موصولة الدلالة لدى ملايين الأشخاص في المنطقة وخارجها".
وكانت أبرز النتائج المرصودة في الدراسة تحديد مجموعة من الطفرات الجينية ذات الصلة بأمراض اضطرابات النمو والتي تصيب الشخص في المراحل المبكرة وحتى قبل الولادة، كما حددت الطفرات المسؤولة عن بعض الأمراض الأيضية (أمراض التمثيل الغذائي)، وهو ما يقود مستقبلا إلى توفير علاجات أكثر نجاعة لهذه الأمراض.
ويذكر الدكتور مكراب أنه "عادة ما يكون علاج الأمراض الأيضية هو الأسهل نسبيا عن طريق توفير المكملات الغذائية التي تعالج النقص في بعض الأحماض الأمينية مثلا، لكن علاج الاضطرابات الأخرى سيحتاج إلى تدخلات علاجية أكثر صعوبة، ومنها على سبيل المثال ما يعرف بالعلاج الجيني".
وتتضمن تقنية "العلاج الجيني" إدخال نسخة سليمة من الجين إلى الخلايا لتحل محل الجين الخاطئ أو المفقود، ويمكن إجراء هذه الخطوة باستخدام فيروس غير ضار لتوصيل الجين إلى الخلايا، أو من خلال طرق أخرى مثل الجسيمات النانوية.
ويدخل هذا العلاج ضمن النهج الذي يعرف بـ"العلاج الشخصي"، و المعروف أيضا باسم الطب الدقيق أو الطب الفردي، والذي لا يمكن تنفيذه دون توافر المعلومات الجينية التي يتيحها فهرس الطفرات المرضية الذي أعدته الدراسة.
ويوضح الدكتور مكراب أن "الطب الشخصي يتيح تصميم العلاج الطبي والتدخلات وفقا للخصائص الفردية لكل مريض عوضا عن اتباع نهج واحد يناسب الجميع، ويأخذ في الاعتبار عوامل مثل الطفرات الجينية التي قد تؤثر في استجابة الشخص لأدوية معينة أو خطر الإصابة بأمراض معينة".
ويضيف أنه "إذا أخذنا مثلا داء الصرع كنموذج، فهناك علاجات شائعة له تستهدف قناة الصوديوم التي ربما تتغير وظيفتها بسبب طفرات معينة، لكنها ليست السبب الوحيد، فالطفرات في جينات أخرى غير قنوات الصوديوم قد تكون المسبب للمرض مثل قنوات البوتاسيوم والكالسيوم، كما يمكن أيضا للجينات المشاركة في النقل التشابكي وتطور الخلايا العصبية أن تساهم في تطور الصرع، وبالتالي فإن علاج المرض الواحد يختلف من حالة لأخرى طبقا لنوع الطفرات، وهذه قيمة المعلومات التي توفرها مثل هذه الدراسات".
فحوص ما قبل الزواجوإذا كان زواج الأقارب يأتي دوما في مقدمة الأسباب المسؤولة عن حدوث طفرات جينية مسببة للأمراض الوراثية، فإن نتائج الدراسة تشير إلى ما هو أبعد من ذلك، فالتقارب الجيني بين المجموعات السكانية في المنطقة يجعل فرص حدوث الطفرات قائمة، حتى لو لم تكن هناك صلة قرابة بين الزوجين.
يقول الدكتور مكراب: "شهدت منطقة الشرق الأوسط هجرات وأنماط حياة خاصة على مدار الحقب الزمنية التاريخية، مما أدى الى نشأة تركيبات بشرية معزولة على مستوى التكاثر، وتَسبب ذلك حاليا باحتمالية التقاء طفرات جينية مرضية حتى لو لم تكن هناك صلة قرابة بين الزوجين".
ويضيف: "لذلك فإن الرسالة المهمة التي يمكن أن توجهها الدراسة في هذا الصدد هو أن فحوص ما قبل الزواج التي تُثبت خلو الزوجين من أي طفرات يمكن أن تنقل أمراض إلى النسل؛ ضرورية للجميع في العديد من المجتمعات وليس فقط عندما يكون الزوجان من الأقارب".
ويعود الدكتور مكراب إلى فهرس الطفرات الوراثية الذي توفره الدراسة، مؤكدا أنه "سيكون مرجعية مهمة للطفرات التي إن ثبت وجودها عند الزوجين، فهذا يمكن أن يؤدي إلى ظهور الأمراض عند النسل".
وبدوره، يشدد رئيس فرع الأبحاث في سدرة للطب والقائد الرئيسي للدراسة الدكتور "خالد فخرو" على المساهمة العالمية للدراسة في فهم البنية الجينية للأمراض.
ويقول في بيان نشره موقع "سدرة للطب": "تؤثر الأمراض النادرة مجتمعة على ما يصل إلى 5.9% من سكان العالم، ولا يزال أغلبها في حاجة إلى الدراسة ويفتقر إلى العلاجات الفعالة، وبالإضافة إلى ذلك ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض النادرة بين سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وتساعدنا مثل هذه الدراسات على فهم البنية الجينية التي تسبب هذه الحالات، مما يسرع مدة التشخيص ويسمح لنا باستكشاف سبل العلاجات الشخصية في المستقبل".
ويضيف أن "تأثير هذه الدراسة يتعدى السكانَ المحليين في دولة قطر، إذ تُقدّم على الصعيد الإقليمي رؤى عن الأمراض الوراثية المؤثرة في دول الخليج التي تتشارك في الأصل الوراثي مع سكان المنطقة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الشرق الأوسط فی المنطقة سدرة للطب
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يلتقي المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم الأربعاء، الدكتورة حنان بلخي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، بمقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك بحضور كل من الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، والدكتور نعمة سعيد، ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، والدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، والدكتور محمد حساني، مساعد وزير الصحة.
وفي مستهل اللقاء، أعرب رئيس الوزراء عن تقديره للتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لاسيما مع اهتمام مصر بقطاع الصحة كأحد الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى جهود الدولة في تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، وكذلك العديد من المبادرات الرئاسية، مثل «حياة كريمة»، و«100 مليون صحة»، وجهود القضاء على فيروس سي، والتي كانت جميعها محل إشادة دولية.
وخلال اللقاء، أشار الدكتور خالد عبد الغفار، إلى التعاون والتنسيق اليومي مع منظمة الصحة العالمية، منوهًا إلى تقدير رئيس منظمة الصحة العالمية للتعاون القائم مع مصر.
ونوه نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، أيضًا إلى الدور البارز لمصر في المحافل الدولية ذات الصلة بمنظمة الصحة العالمية، وكذلك الريادة المصرية في وضع منظومة متكاملة للتعامل مع الأوبئة، مُشيرًا إلى الدور الهام الذي لعبه السفير عمرو رمضان، ممثل مصر في المفاوضات حول اتفاقية منظمة الصحة العالمية للأوبئة.
ومن جانبها، أشارت الدكتورة حنان بلخي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، إلى جهود مصر في تطوير القطاع الصحي، فضلاً عن الخدمات الصحية الهامة التي تقدمها للاجئين والمهاجرين المتواجدين في مصر.
كما أعربت «بلخي» عن تقديرها للدبلوماسية المصرية وجهود السفير عمرو رمضان، في التفاوض على اتفاقية منظمة الصحة العالمية للأوبئة، وكذا تقديرها لدعم مصر لعمل المنظمة بصفة عامة في المحافل الدولية المختلفة.
وأشارت الدكتورة حنان بلخي، إلى اهتمامها بالتعاون مع مصر في تطوير منظومة الدواء، مُهنئةً مصر لحصولها على «مستوي النضج الثالث» من خلال جهود هيئة الدواء المصرية مُؤخرًا.
كما استعرضت «بلخي» خلال اللقاء مجموعة من المبادرات والبرامج الصحية التي يمكن التعاون بشأنها مع مصر خلال الفترة المُقبلة، فضلًا عما أجرته من مقابلات هامة خلال زيارتها الحالية لمصر.
فيما تناول الدكتور نعمة سعيد، نشاط مكتب منظمة الصحة العالمية في مصر، مُشيدًا بالتعاون بين الجانبين، خاصةً مع وجود نماذج مصرية ناجحة في مجال مكافحة بعض الأمراض التي يمكن الاستفادة منها على المستوى الدولي.
وفي ختام اللقاء، أشاد رئيس الوزراء بالتعاون بين الجانبين، مُؤكداً دعمه لاستمرار هذا التعاون مع منظمة الصحة العالمية.
اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يناقش الآليات المقترحة لتطبيق القواعد المنظمة لقانون الإيجار الجديد
رئيس الوزراء يكشف أسباب طرح المطارات أمام القطاع الخاص
رئيس الوزراء: عدد كبير من وحدات وسط البلد تحولت لمخازن واستخدمت لغير الغرض