الجزيرة:
2025-03-16@17:32:23 GMT

ضعف الإنسان وتَبَدُّل أحواله

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

ضعف الإنسان وتَبَدُّل أحواله

دفعني موتُ والدي – رحمه الله تعالى – قبل نحو أسبوعين إلى تأمل ظاهرة الموت مجددًا، وهو الحدث الذي خبره كثير منا بأشكال مختلفة وبمعانٍ وانفعالات متباينة ترجع إلى أحوال نفسانية واجتماعية وعائلية.

ولكن الموتة الأحدث أوقفتني – هذه المرة – أمام آية خِلتُ أنني أقرؤها للمرة الأولى على بداهتها، مستعيدًا فيها شريطًا من الذكريات محورُه الثابت هو تَغيّر أحوال الإنسان.

تقول الآية: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقكم من ضعف، ثمّ جَعَلَ من بَعد ضَعْف قوّة، ثمّ جَعَلَ مِن بَعد قوّة ضعْفًا وَشَيْبَةً. يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وهُو الْعَلِيمُ القَدير)، وهذا الضعف الذي يُحيط بالإنسان من مبدئه إلى منتهاه وإن تخلله قوةٌ، تؤكده آية أخرى فتقول: (وخُلق الإنسان ضعيفًا)، وآية ثالثة فتقول: (وَمنكم مَن يُردّ إلى أَرذل العمُر لكيلا يَعلم من بَعد علمٍ شَيئًا). تلحّ هذه الآيات الثلاث على وصف الضعف الذي يَلف الإنسان لفًّا، وتقرر حقيقة أن أحواله في تغير مستمر.

وإذا وسعنا الدائرة قليلًا، فسنجد آيات كثيرة في القرآن تتناول جوانب مختلفة من الإنسان كالجوانب الوجودية والنفسية والخُلقية وغيرها، وكأنها – بمجموعها – تكتب سيرة للإنسان تختلف عن نمط السير التي يكتبها الإنسان عادة عن نفسه، وإذا ما حملنا (أل) الواردة في لفظ "الإنسان" – في هذه الآيات – على الجنس أو النوع، فستكون هذه السيرة هي سيرة النوع الإنساني، وإذا حملناها على (أل) العهد وقصرناها على سياقات مخصوصة لتلك الآيات فستكون هذه السيرة هي سيرة نمط أو نوعٍ معين من أنواع البشر.

أحد ملامح هذه السيرة المختلفة – كما تبدو في القرآن – هو أنها تتناول جوانب نفسية الإنسان وتَذَبذب انفعالاته السلوكية، وتكشف عن طبائعه وأخلاقه في أحواله المتبدلة باستمرار. فمن الآيات التي تتحدث عن جوانبه النفسية: (وإذا مسّه الشّرّ كان يئُوسًا) (إنّ الإنسان خلق هلوعًا)، ومن الآيات التي تتحدث عن طبائعه وأخلاقه: (خلق الإنسان من عجل) (وكان الإنسان عجولًا)، (وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا) (ولئن أذقنا الإنسان منّا رحمةً ثمّ نزعناها منه إنّه ليئُوسٌ كفورٌ) (إنّ الإنسان لظلومٌ كفّارٌ) (وكان الإنسان كفورًا) ( إنّه كان ظلومًا جهولًا) (فإذا مسّ الإنسان ضرٌّ دعانا ثمّ إذا خوّلناه نعمةً منّا قال إنّما أوتيته على علم) (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسّه الشّرّ فيئوسٌ قنوطٌ) (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض) (قتل الإنسان ما أكفره) (كلّا إنّ الإنسان ليطغى) (وكان الإنسان قتورًا) (وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا).

 

ولكن الآية المفتاحية – لنسمِّها آية الضعف – التي استدعت مني كل هذا التأمل في سيرة الإنسان التي يرسمها القرآن، ترسم خطًّا بيانيًّا لوجوده الدنيوي، وتفصح عن أن وجود نوع الإنسان معجونٌ بالضعف؛ سواءٌ لجهة مادة إيجاده أم لجهة المراحل والتبدلات التي يمر بها خلال عمره القصير، وأن قوته العارضة محاطة بضعفين؛ ضعف البداية وضعف النهاية الذي تُختم به حياته الدنيوية التي انطوت على كبدٍ (لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) و(يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إنَّكَ كَادحٌ إِلَى ربّكَ كَدحًا فَمُلَاقِيهِ).

ولكن ما ملامح هذا الضعف الذي يَسِم سيرة نوع الإنسان؟

من الناحية اللغوية والنحوية نلاحظ أمرَين في الآية: أولهما أن الضَعف والضُّعف لغتان في العربية وقراءتان في الآية، وثانيهما: أن كلمة "ضعف" تكررت بصيغة التنكير. ويمكن لهذين الأمرين اللغويين أن يشكلا مفتاحًا لفهم الضعف وأبعاده المتراكبة كما سنوضح. فالضُّعف بالضم هو لغة قريش، والضَّعف بالفتح هو لغة تميم، والمعنى العام لكلا اللفظين هو أنهما خلاف القوة، ولكن كثيرًا من اللغويين ميز بين اللفظين لجهة المعنى، وأن الفرق بينهما ليس مجرد فرق لفظي، وذلك أن الضَّعف – بالفتح – يكون فيما يخص العقل والرأي، والضُّعف – بالضم – يكون في الأمور الجسدية. وقد ذهب بعضهم إلى تفسير الضعف هنا تفسيرًا قرآنيًّا، وأنه يُحيل إلى مادة الخَلق، وهي النطفة وأنها (ماء مَهين).

أما تنكير ضعف فقد خرج هنا عن القاعدة التي قررها النحاة، وهي أن النكرة إذا أعيدت نكرةً كان معنى النكرة الثانية غير معنى النكرة الأولى، وآية الضعف مثالٌ من أربعة أمثلة تخرج عن تلك القاعدة النحوية؛ لأن الضعف هنا هو نفسه وإن تكرر بصيغة التنكير؛ فهو يحيل إلى الضعف بوصفه نوعًا لا فردًا، فيشمل ألوانًا متنوعة من الضعف كما سنوضح، كما أن القوة التي تتوسط بين ضعفين هي للنوعية أيضًا.

وكون الضعف الذي يُحيط بالمسار الوجودي للإنسان في هذه الحياة ضعفًا نوعيًّا، يفتح آفاقًا دلالية رحبة لمفهوم الضعف في القرآن، وخصوصًا إذا استحضرنا الآية الأخرى التي تقول: (وخُلق الإنسان ضعيفًا)، بحيث يصبح الضعف ملازمًا لخَلق الإنسان وتقلب أحواله الوجودية، ويمكن أن نتحدث هنا عن أربعة مستويات للضعف:

الأول:أن ضعفه هو بالمقارنة بالملأ الأعلى، وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: (أَأنتم أَشَدُّ خَلقًا أَم السّماءُ). الثاني: الضعف البنيوي، أي باعتبار الإنسان بنفسه استقلالًا من دون ما يقوّيه من فيض الله ومعونته، ومن ثم زاد الإمام الراغب الأصفهاني نوعًا من الفضائل سماه "الفضائل التوفيقية" ثم تابعه على ذلك الإمام أبو حامد الغزالي، وهذا النوع أحد الإضافات الإسلامية على مصفوفة الفضائل اليونانية. وإلا فإذا "اعتُبر الإنسان بعقله وما أعطاه الله من القوة التي يتمكّن بها من خلافته في أرضه ويتبلّغ بها في الآخرة إلى جواره – تعالى – فهو أقوى ما في هذا العالم"، كما قال الراغب. الثالث: الضعف باعتبار كثرة حاجات الإنسان في وجوده الدنيوي، ومن ثم يفتقر بعض الناس إلى بعض، ومن هذا الباب جرى علماء الإسلام على القول: إن الإنسان مدنيّ بطبعه (نسبة إلى المدينة)، أي أنه اجتماعيّ، ومن ثم جرت تقويته بالعبادات والشعائر الجماعية (كالجماعة والجمعة والعيدين وغير ذلك) من جهة، وبمنظومة من الأحكام الفقهية والأخلاقية التي تنظم علاقته بغيره وتصون حقوقه وحقوق غيره من جهة أخرى. ومن هذا الباب يمكن رد الفقه الإسلامي – بكل تفصيلاته – إلى منظومة ثلاثية هي: حقوق العباد، وحقوق الله، والحقوق المشتركة بين الله والعباد، ويمكن إضافة رابع لها وهو حقوق الحيوان. الرابع: الضعف باعتبار مبدأ الإنسان ومنتهاه، وآية الضعف هي نصّ في هذا النوع من الضعف الذي يتعلق بتبدل أحوال الإنسان بحسب الجسم والروح والمكان والزمان. فخَلق الإنسان من نطفة أو من ماء مَهين يؤكد مبلغ الضعف في نشأته منذ البداية (خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُطفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ)، كما أن الشيبة التي قُرنت بالضعف الأخير الذي يَعقب القوة، إيماءٌ إلى أن هذا الضعف لا قوة بعده، وأن بعده العدم، ولهذا شاع أن الشيب نذير الموت وهو نهاية أحوال الإنسان وتبدلاته، وهو ما أشار إليه القرآن في موضع آخر بعبارة "أرذل العمر" بدل الشيبة (وَمِنكُم مَن يُرَدُّ إِلَى أَرذَلِ العُمُرِ لِكَيلا يَعلَمَ مَن بَعدِ عِلمٍ شَيئًا)، حيث يحصل للإنسان – في هذه السن – ضعف القوى البدنية والعقلية والنفسية، ولهذا قال: (لِكَيلا يَعلَمَ مَن بَعدِ عِلمٍ شَيئًا)، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يدعو: اللهم أعوذ بك من البخل والكسل والهرم، وأرذل العمر، وعذاب القبر، وفتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات.

ومن المهم أن هذا الضعف الذي يحيط بالإنسان من كل جانب في سيرته الوجودية في الحياة الدنيا، قُدّم في آية الضعف على أنه دليلٌ على أمرَين:

الأول:أنه دليل على علم الله – تعالى – وكمال قدرته التي لا يلحقها إعياء ولا ضعف ولا نقص بوجه من الوجوه، وقد أظهر الله – تعالى – هذا الدليل من خلال ذكر أحوال الإنسان التي تنتمي إلى دلائل الأنفس، ومن خلال أحوال الريح التي جاء ذكرها قبل ذكر أحوال الإنسان والتي تنتمي إلى دلائل الآفاق وهي قوله: (اللَّهُ الَّذِى يُرسِلُ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا)، كما لفت إلى ذلك غير واحد من المفسرين منهم الإمام فخر الدين الرازي. الثاني:إمكانية البعث يوم القيامة، وتقريب حصوله إلى عقول منكريه؛ لأن تعدد صور إيجاد المخلوقات وكيفياته من ابتدائها عن عدم، أو من إعادتها بعد انعدامها، بتطور ومن دونه، مما يزيد إمكان البعث وضوحًا عند منكريه، كما قال الشيخ الطاهر بن عاشور.

ورغم أن الآية تقرر حقائق قد تبدو بديهية؛ إذ إنها تتصل بسنن الله في الأنفس، إلا أن الغاية من تقريرها والإفصاح بها أمران:

الأول: التذكير بالضعف والوعظ به أيضًا؛ لأن نزوع الإنسان نحو النسيان والطغيان والتسلط قد يُنسيه ضعفه وأن أحواله لا تستقر على حال، لا في القوة ولا في المكان والمكانة، ولذلك كان من حكمة الله – سبحانه – أن يُري العبد ضعفه، وأن قوة العبد تتوسط بين ضعفين، ولولا تقوية الله له لما وصل إليها، بل لو استمرَّت قوة الإنسان في الزيادة لطغى وبغى وعتا. الثاني: الإخبار عن الدنيا بأنها دار زوال وانتقال، لا دوام فيها ولا اسقرار، والحثّ على التعقل وترك التهور، ولهذا قال – عز وجل -: (أَفَلا يَعقِلُونَ)؛ أي يتفكرون في سيرتهم وتبدل أحوالهم ثم صيرورتهم إلى مرحلة الضعف الأخير والشيبة، وذلك أنهم إنما خُلقوا لدار أخرى لا زوال لها ولا انتقال منها ولا محيد عنها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات أحوال الإنسان الضعف الذی ی الإنسان من هذا الضعف

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: 3 منح أعطاها الله لكل إنسان للعبور من ابتلاء الدنيا

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، مفتي مصر الأسبق، أن الحياة الدنيا هي دار ابتلاء وامتحان، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل والاختيار والقدرة على الفعل أو الترك، كما بيّن له طريق الهداية من خلال الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال تصريحات له، اليوم الجمعة، أن الدنيا دار ابتلاء، والابتلاء معناه الامتحان والاختبار، والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل، وأعطاه أيضًا الاختيار، وأعطاه القدرة، إذن، فلديه ثلاثة: عقل، واختيار، وقدرة على أن يفعل أو لا يفعل، وهديناه النجدين، قدرة على أداء التكاليف، ثم أعطاه أيضًا البرنامج في سورة الوحي، الذي ختمه بالكتاب، وبتفسير ذلك الكتاب من السنة النبوية المشرفة: "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى". 

وتابع: "رسول الله ﷺ معه وحي متلو، وهو القرآن، ووحي مفسر لهذا المتلو، وهو السنة: خذوا عني مناسككم، صلوا كما رأيتموني أصلي، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، برنامج متكامل، واضح، جلي، بيّن، وأسهل من شربة ماء في يوم حر، عقل، واختيار، وطاعة، وقدرة، وأيضًا أعطانا البرنامج: افعل ولا تفعل، وهو حقيقة التكليف، عندما يتبع الإنسان هذا البرنامج، يفهم كل يوم أن الله قد أنقذه في هذه الحياة الدنيا بقوانين وضعها سبحانه وتعالى". 

حكم ترك صلاة الجمعة والتكاسل عن أدائها.. الأزهر العالمي للفتوى يحذردعاء ثاني جمعة في رمضان.. مكتوب ومستجاب للصائم

وأضاف: "أيضًا، يقول له: قم صلِّ الفجر، فيقوم، سواء كان بدويًا في الصحراء، أو في الريف، أو حضريًا في المدينة، فيصلي الفجر، عندما يقوم الإنسان من النوم قد يكون ذلك ضد راحته أو رغبته، أو ربما لديه شهوة بأن ينام، لكنه يخالف ذلك، ومن هنا سُمي هذا التصرف مشقة، الطبع يقول عنها إنها مشقة، لكنه يؤديها امتثالًا لله، ثم، لا يجد شيئًا يدفئ به الماء، والدنيا شتاء فيتوضأ، وعندما يطس وجهه بالماء البارد، وهو لِتَوِّهِ قد استيقظ، يشعر بالثقل، فيقال: الوضوء على المكاره، أي الأمور التي لو خُيِّر الإنسان، لما اختارها، فقد أعطاني الله العقل والاختيار، ولو كنت مخيرًا، لبحثت عن وسيلة لتدفئة الماء قبل أن أتوضأ". 

واستطرد "انظر إلى نعم الله، نحن الآن نعيش في ترف زائد، فمن لديه سخان ماء، يستطيع تسخين الماء، وبدل أن يطس وجهه بالماء البارد، يستخدم الماء الدافئ، فيشعر بالانتعاش، وهذا جائز، وليس فيه مشكلة، فالدين لم يُلزمك بالوضوء بالماء البارد، لكن غالبية البشر ليس لديهم سخان، لذا علينا أن ننتبه على نعم الله التي اعتدناها حتى نسيناها، لقد اعتدنا نعمة البصر، ونسينا أن مجرد القدرة على الرؤية نعمة عظيمة، ولو حُرِمنا منها، لشعرنا بقيمتها، وهكذا، الوضوء على المكاره مشقة، لكنه في النهاية امتثال، وبعد الوضوء، أذهب لأصلي، لأن أبي علمني ذلك، ولأنني أعلم أن الصلاة ترضي الله، وأن تأخيرها أو التهاون فيها لا يرضي الله، وأنا أريد رضا الله". 

وتابع: "لماذا أريد رضا الله؟ لأن هناك تجربة بيني وبينه، كلما دعوته، استجاب لي، وأحيانًا أدعوه فلا يستجيب، فأشعر بالخوف، وأتساءل: هل هو غاضب مني؟ ثم أجد أنه لا يغضب، ولكنه يختبرني، يمتحنني، يريد أن يرى: هل أصبر وأقول كما قال سيدنا يعقوب: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، أم أنهار؟ هو لا يريدني أن أنهار، بل يريدني أن أصبر، وفي مقابل هذا الصبر، سيمنحني أجرًا عظيمًا يوم القيامة، أضعاف ما دعوت به، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، إذن، هذه هي الحياة الدنيا: دار ابتلاء، دار اختبار، دار يقول لي فيها: "اعبد الله، عمّر الأرض، زكِّ النفس، نفّذ هذه التكاليف". 

وأكد أنه "إذا قلت: لا أستطيع، سيقول لي: ماذا تعني بعدم استطاعتك؟ إذا قلت: الطبيب منعني من الوضوء بالماء، سيقول لي: طاوع الطبيب، وتيمم بضربة على الحجر، وامسح بها وجهك ويديك، ثم صلِّ، الأمر بهذه السهولة! إذا ضاقت، تسعَّت، فقد جعل لنا الله يسرًا: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا".

مقالات مشابهة

  • الإنسان مفتقرٌ إلى هداية الله الواسعة
  • هل الإنسان مجبر على أفعاله أم يمتلك حرية الاختيار.. أحمد عمر هاشم يوضح
  • اللهم امنحني نورك الذي يضيء لي الطريق.. دعاء اليوم 15 رمضان 2025
  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
  • أمر لا يحبه الله.. تحذير قرآني من الإسراف في الأكل والشرب
  • علي جمعة يكشف كيفية شفاعة الرسول لنا يوم القيامة
  • لماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعة
  • علي جمعة: 3 منح أعطاها الله لكل إنسان للعبور من ابتلاء الدنيا
  • السوداني يعلن قتل الإرهابي عبد الله مكي الذي يشغل منصب والي العراق وسوريا
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك