الجزيرة:
2024-06-29@23:11:59 GMT

ضعف الإنسان وتَبَدُّل أحواله

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

ضعف الإنسان وتَبَدُّل أحواله

دفعني موتُ والدي – رحمه الله تعالى – قبل نحو أسبوعين إلى تأمل ظاهرة الموت مجددًا، وهو الحدث الذي خبره كثير منا بأشكال مختلفة وبمعانٍ وانفعالات متباينة ترجع إلى أحوال نفسانية واجتماعية وعائلية.

ولكن الموتة الأحدث أوقفتني – هذه المرة – أمام آية خِلتُ أنني أقرؤها للمرة الأولى على بداهتها، مستعيدًا فيها شريطًا من الذكريات محورُه الثابت هو تَغيّر أحوال الإنسان.

تقول الآية: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقكم من ضعف، ثمّ جَعَلَ من بَعد ضَعْف قوّة، ثمّ جَعَلَ مِن بَعد قوّة ضعْفًا وَشَيْبَةً. يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وهُو الْعَلِيمُ القَدير)، وهذا الضعف الذي يُحيط بالإنسان من مبدئه إلى منتهاه وإن تخلله قوةٌ، تؤكده آية أخرى فتقول: (وخُلق الإنسان ضعيفًا)، وآية ثالثة فتقول: (وَمنكم مَن يُردّ إلى أَرذل العمُر لكيلا يَعلم من بَعد علمٍ شَيئًا). تلحّ هذه الآيات الثلاث على وصف الضعف الذي يَلف الإنسان لفًّا، وتقرر حقيقة أن أحواله في تغير مستمر.

وإذا وسعنا الدائرة قليلًا، فسنجد آيات كثيرة في القرآن تتناول جوانب مختلفة من الإنسان كالجوانب الوجودية والنفسية والخُلقية وغيرها، وكأنها – بمجموعها – تكتب سيرة للإنسان تختلف عن نمط السير التي يكتبها الإنسان عادة عن نفسه، وإذا ما حملنا (أل) الواردة في لفظ "الإنسان" – في هذه الآيات – على الجنس أو النوع، فستكون هذه السيرة هي سيرة النوع الإنساني، وإذا حملناها على (أل) العهد وقصرناها على سياقات مخصوصة لتلك الآيات فستكون هذه السيرة هي سيرة نمط أو نوعٍ معين من أنواع البشر.

أحد ملامح هذه السيرة المختلفة – كما تبدو في القرآن – هو أنها تتناول جوانب نفسية الإنسان وتَذَبذب انفعالاته السلوكية، وتكشف عن طبائعه وأخلاقه في أحواله المتبدلة باستمرار. فمن الآيات التي تتحدث عن جوانبه النفسية: (وإذا مسّه الشّرّ كان يئُوسًا) (إنّ الإنسان خلق هلوعًا)، ومن الآيات التي تتحدث عن طبائعه وأخلاقه: (خلق الإنسان من عجل) (وكان الإنسان عجولًا)، (وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا) (ولئن أذقنا الإنسان منّا رحمةً ثمّ نزعناها منه إنّه ليئُوسٌ كفورٌ) (إنّ الإنسان لظلومٌ كفّارٌ) (وكان الإنسان كفورًا) ( إنّه كان ظلومًا جهولًا) (فإذا مسّ الإنسان ضرٌّ دعانا ثمّ إذا خوّلناه نعمةً منّا قال إنّما أوتيته على علم) (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسّه الشّرّ فيئوسٌ قنوطٌ) (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض) (قتل الإنسان ما أكفره) (كلّا إنّ الإنسان ليطغى) (وكان الإنسان قتورًا) (وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا).

 

ولكن الآية المفتاحية – لنسمِّها آية الضعف – التي استدعت مني كل هذا التأمل في سيرة الإنسان التي يرسمها القرآن، ترسم خطًّا بيانيًّا لوجوده الدنيوي، وتفصح عن أن وجود نوع الإنسان معجونٌ بالضعف؛ سواءٌ لجهة مادة إيجاده أم لجهة المراحل والتبدلات التي يمر بها خلال عمره القصير، وأن قوته العارضة محاطة بضعفين؛ ضعف البداية وضعف النهاية الذي تُختم به حياته الدنيوية التي انطوت على كبدٍ (لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) و(يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إنَّكَ كَادحٌ إِلَى ربّكَ كَدحًا فَمُلَاقِيهِ).

ولكن ما ملامح هذا الضعف الذي يَسِم سيرة نوع الإنسان؟

من الناحية اللغوية والنحوية نلاحظ أمرَين في الآية: أولهما أن الضَعف والضُّعف لغتان في العربية وقراءتان في الآية، وثانيهما: أن كلمة "ضعف" تكررت بصيغة التنكير. ويمكن لهذين الأمرين اللغويين أن يشكلا مفتاحًا لفهم الضعف وأبعاده المتراكبة كما سنوضح. فالضُّعف بالضم هو لغة قريش، والضَّعف بالفتح هو لغة تميم، والمعنى العام لكلا اللفظين هو أنهما خلاف القوة، ولكن كثيرًا من اللغويين ميز بين اللفظين لجهة المعنى، وأن الفرق بينهما ليس مجرد فرق لفظي، وذلك أن الضَّعف – بالفتح – يكون فيما يخص العقل والرأي، والضُّعف – بالضم – يكون في الأمور الجسدية. وقد ذهب بعضهم إلى تفسير الضعف هنا تفسيرًا قرآنيًّا، وأنه يُحيل إلى مادة الخَلق، وهي النطفة وأنها (ماء مَهين).

أما تنكير ضعف فقد خرج هنا عن القاعدة التي قررها النحاة، وهي أن النكرة إذا أعيدت نكرةً كان معنى النكرة الثانية غير معنى النكرة الأولى، وآية الضعف مثالٌ من أربعة أمثلة تخرج عن تلك القاعدة النحوية؛ لأن الضعف هنا هو نفسه وإن تكرر بصيغة التنكير؛ فهو يحيل إلى الضعف بوصفه نوعًا لا فردًا، فيشمل ألوانًا متنوعة من الضعف كما سنوضح، كما أن القوة التي تتوسط بين ضعفين هي للنوعية أيضًا.

وكون الضعف الذي يُحيط بالمسار الوجودي للإنسان في هذه الحياة ضعفًا نوعيًّا، يفتح آفاقًا دلالية رحبة لمفهوم الضعف في القرآن، وخصوصًا إذا استحضرنا الآية الأخرى التي تقول: (وخُلق الإنسان ضعيفًا)، بحيث يصبح الضعف ملازمًا لخَلق الإنسان وتقلب أحواله الوجودية، ويمكن أن نتحدث هنا عن أربعة مستويات للضعف:

الأول:أن ضعفه هو بالمقارنة بالملأ الأعلى، وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: (أَأنتم أَشَدُّ خَلقًا أَم السّماءُ). الثاني: الضعف البنيوي، أي باعتبار الإنسان بنفسه استقلالًا من دون ما يقوّيه من فيض الله ومعونته، ومن ثم زاد الإمام الراغب الأصفهاني نوعًا من الفضائل سماه "الفضائل التوفيقية" ثم تابعه على ذلك الإمام أبو حامد الغزالي، وهذا النوع أحد الإضافات الإسلامية على مصفوفة الفضائل اليونانية. وإلا فإذا "اعتُبر الإنسان بعقله وما أعطاه الله من القوة التي يتمكّن بها من خلافته في أرضه ويتبلّغ بها في الآخرة إلى جواره – تعالى – فهو أقوى ما في هذا العالم"، كما قال الراغب. الثالث: الضعف باعتبار كثرة حاجات الإنسان في وجوده الدنيوي، ومن ثم يفتقر بعض الناس إلى بعض، ومن هذا الباب جرى علماء الإسلام على القول: إن الإنسان مدنيّ بطبعه (نسبة إلى المدينة)، أي أنه اجتماعيّ، ومن ثم جرت تقويته بالعبادات والشعائر الجماعية (كالجماعة والجمعة والعيدين وغير ذلك) من جهة، وبمنظومة من الأحكام الفقهية والأخلاقية التي تنظم علاقته بغيره وتصون حقوقه وحقوق غيره من جهة أخرى. ومن هذا الباب يمكن رد الفقه الإسلامي – بكل تفصيلاته – إلى منظومة ثلاثية هي: حقوق العباد، وحقوق الله، والحقوق المشتركة بين الله والعباد، ويمكن إضافة رابع لها وهو حقوق الحيوان. الرابع: الضعف باعتبار مبدأ الإنسان ومنتهاه، وآية الضعف هي نصّ في هذا النوع من الضعف الذي يتعلق بتبدل أحوال الإنسان بحسب الجسم والروح والمكان والزمان. فخَلق الإنسان من نطفة أو من ماء مَهين يؤكد مبلغ الضعف في نشأته منذ البداية (خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُطفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ)، كما أن الشيبة التي قُرنت بالضعف الأخير الذي يَعقب القوة، إيماءٌ إلى أن هذا الضعف لا قوة بعده، وأن بعده العدم، ولهذا شاع أن الشيب نذير الموت وهو نهاية أحوال الإنسان وتبدلاته، وهو ما أشار إليه القرآن في موضع آخر بعبارة "أرذل العمر" بدل الشيبة (وَمِنكُم مَن يُرَدُّ إِلَى أَرذَلِ العُمُرِ لِكَيلا يَعلَمَ مَن بَعدِ عِلمٍ شَيئًا)، حيث يحصل للإنسان – في هذه السن – ضعف القوى البدنية والعقلية والنفسية، ولهذا قال: (لِكَيلا يَعلَمَ مَن بَعدِ عِلمٍ شَيئًا)، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يدعو: اللهم أعوذ بك من البخل والكسل والهرم، وأرذل العمر، وعذاب القبر، وفتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات.

ومن المهم أن هذا الضعف الذي يحيط بالإنسان من كل جانب في سيرته الوجودية في الحياة الدنيا، قُدّم في آية الضعف على أنه دليلٌ على أمرَين:

الأول:أنه دليل على علم الله – تعالى – وكمال قدرته التي لا يلحقها إعياء ولا ضعف ولا نقص بوجه من الوجوه، وقد أظهر الله – تعالى – هذا الدليل من خلال ذكر أحوال الإنسان التي تنتمي إلى دلائل الأنفس، ومن خلال أحوال الريح التي جاء ذكرها قبل ذكر أحوال الإنسان والتي تنتمي إلى دلائل الآفاق وهي قوله: (اللَّهُ الَّذِى يُرسِلُ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا)، كما لفت إلى ذلك غير واحد من المفسرين منهم الإمام فخر الدين الرازي. الثاني:إمكانية البعث يوم القيامة، وتقريب حصوله إلى عقول منكريه؛ لأن تعدد صور إيجاد المخلوقات وكيفياته من ابتدائها عن عدم، أو من إعادتها بعد انعدامها، بتطور ومن دونه، مما يزيد إمكان البعث وضوحًا عند منكريه، كما قال الشيخ الطاهر بن عاشور.

ورغم أن الآية تقرر حقائق قد تبدو بديهية؛ إذ إنها تتصل بسنن الله في الأنفس، إلا أن الغاية من تقريرها والإفصاح بها أمران:

الأول: التذكير بالضعف والوعظ به أيضًا؛ لأن نزوع الإنسان نحو النسيان والطغيان والتسلط قد يُنسيه ضعفه وأن أحواله لا تستقر على حال، لا في القوة ولا في المكان والمكانة، ولذلك كان من حكمة الله – سبحانه – أن يُري العبد ضعفه، وأن قوة العبد تتوسط بين ضعفين، ولولا تقوية الله له لما وصل إليها، بل لو استمرَّت قوة الإنسان في الزيادة لطغى وبغى وعتا. الثاني: الإخبار عن الدنيا بأنها دار زوال وانتقال، لا دوام فيها ولا اسقرار، والحثّ على التعقل وترك التهور، ولهذا قال – عز وجل -: (أَفَلا يَعقِلُونَ)؛ أي يتفكرون في سيرتهم وتبدل أحوالهم ثم صيرورتهم إلى مرحلة الضعف الأخير والشيبة، وذلك أنهم إنما خُلقوا لدار أخرى لا زوال لها ولا انتقال منها ولا محيد عنها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات أحوال الإنسان الضعف الذی ی الإنسان من هذا الضعف

إقرأ أيضاً:

امتلاكُ اليمن الصواريخَ فرط صوتية.. ما أهميتُها وكيف ستغيِّــرُ خارطةَ المواجهة؟

يمانيون – متابعات
في إطار التصنيع وَالتطوير المُستمرِّ للقدرة الصاروخية، حقّقت قواتنا المسلحة -بعون الله تعالى-، ثورةَ تطوير متقدِّمةً على المستوى التقني والتطبيقي والعلمي؛ لإنتاج منظومات متنوعة من الصواريخ الهجومية،

التي وصل بعضها حَدَّ منافَسةِ النظائر الصاروخية التي تصنعها الدول الرائدة عالميًّا؛ فخلال المراحل الأخيرة حقّقت دائرة الصناعات الدفاعية -بفضل الله تعالى، وتسديده- اختراقاً تكنولوجياً في صناعة أجيال من نُظُمِ الصواريخ الباليستية أرض – أرض التي تنافس إصدارات (روسيا – الصين – كوريا الشمالية)، منها صواريخ ذات الدقة العالية والمجنَّحة والصواريخ النقطية والصواريخ فرط صوتية، التي تعتبر أحدث تكنولوجيا.

ماذا يعني صاروخ فرط صوتي؟

من المعلوم تقنياً وعسكريًّا أن الصواريخ بشكلها العام أخذت أطوارًا متفاوتة في تطور تقنياتها وخصائصها كالسرعة والمناورة ودقة الاستهداف، وكان التسلسل المرحلي لسباق التسلح بدأ في صناعة صواريخ ذات سرعات عند مستوى سرعة الصوت 1235 كم /ساعة كأول تقنية صاروخية بدأت ترى النور بعد الحرب العالمية الثانية.

أما الفترة الثانية فكانت صناعة صواريخ فوق سرعة الصوت 2 إلى 4 ماخ وهو النوع الجديد المتطور الذي تم تصنيعه خلال 20 سنة الماضية.

أما الفترة الأخيرة كانت صناعة صواريخ فرط سرعة الصوت؛ أي 9 إلى 10 ماخ وهذا آخر إصدار للصناعات الصاروخية التي رأت النور خلال عامَي 2021-2022، حَيثُ أنتجت روسيا ثلاثة طرازات مختلفة من هذه الصواريخ وكانت الدولة الأولى التي وصلت لهذا الإنجاز وتبعتها دولة الصين والجمهورية الإسلامية في إيران.

الخصائص التي تتميز بها الصواريخ فرط صوتية ليس فقط السرعة بل القدرة على المناورة وإصابة الأهداف؛ لذا يمكن أن نتحدث عن ميزاتها الرئيسية كالتالي:

1- القدرة على المناورة العالية؛ فالصاروخ فرط صوتي يتخذ مسارات تحليق موجية يمكنها تفادي نطاق الرادارات وأنظمة الاستشعار الجوية.

2- القدرة على التسارع من 1 ماخ إلى 10 ماخ وهي سرعة كافية بأن تجعل ذرات الهواء المحيطة تتأين بشكل كبير؛ ما ينتج طبقة من البلازما التي تغطي الرأس الحربي أثناء تحليقه، وهذه الطبقة تمنح الصاروخ الإفلات بشكل فعال من الرادارات وأجهزة الإنذار المبكر الجوية والأرضية.

3- ضرب الأهداف بدقة عالية وبهوامش خطأ قد تصل للصفر، ومن خلال شحنة المتفجرات الكبيرة والسرعة العالية التي قد تصل 9 ماخ يمكن للصاروخ فرط صوتي الانقضاض على الهدف بقوة نيران مدمّـرة.

لذلك هذه الخواص الاستثنائية هي ما تجعل الصواريخ فرط صوتية تتصدَّرُ قائمةَ أهم الأسلحة الاستراتيجية في مضمار التنافس الدولي، وتمنحها الرقمَ الصعبَ في موازين القوة، حَيثُ نجحت روسيا والصين وكذلك إيران من الوصول لإنتاج هذه التقنيات وطوَّرت أجيالاً وأنواعاً ضاربة من الصواريخ التي تبلغ سرعات من 6 ماخ إلى 20 ماخ، فيما أمريكا التي تدَّعي نفسها بأنها الدولة المهيمنة تقنياً فشلت في التوصل لأي نجاح في هذا التنافس، وقد حاولت شركاتُ التصنيع الأمريكية، في مقدمتها شركة لوكهيد مارتن، تجريب نماذج من الصواريخ التي طوَّرتها في المراحل الماضية لتنتهي بفشل تقني ذريع وفضائحي، حَيثُ كانت آخر محطات الفشل هي تجربة صاروخ “إيه جي إم – 183” من على متن الطائرة “بي – 52 إتش” الذي فشل تماماً.

اليمن في نادي سباق التسلح الدولي:

إنّ وصول اليمن لعتبة امتلاك وتطوير هذه الصواريخ الاستراتيجية يعتبر أمرًا استثنائيًّا واختراقاً تكنولوجياً كبيراً يجعل اليمن الدولة السادسة عالميًّا في النادي الصاروخي الذي يجمع الدول العظمى فقط.

أما على مستوى موازين القوة فاليمن -بعون الله تعالى- أصبح يمتلك ذراعاً نارية أكثر قدرة وفاعلية.

ففي ظل الحرب البحرية التي تخوضها القوات المسلحة اليمنية ضد تحالف الشر الأمريكي البريطاني الإسرائيلي صارت تمتلك عنصرَ قوة يخوِّلُها تحقيقَ ضربات دقيقة وَمدمّـرة في نفس الوقت ضد أساطيل وسفن هذا التحالف.

فالصاروخ فرط صوتي وبالتحديد صاروخ حاطم 2 الذي تم الكشف عنه مؤخّراً يمكنه -بعون الله تعالى- توجيه ضربات قاتلة للسفن والمدمّـرات وكذلك حاملات الطائرات الأمريكية؛ فالبُعْدُ التقني لهذا الصاروخ يجعله ذا كفاءة عالية للإفلات من أحدث نُظُم الدفاع الجوي وتحقيق استهدافات ناجحة ودقيقة وتدميرية جدًّا.

لذا نؤكّـد -بفضل الله تعالى- أن اليمن اليوم لم يعد يمنَ الأمس، وَإذَا لم يتوقف العدوان الصهيوني الأمريكي على قطاع غزة وتتوقف حرب الإبادة والحصار والتجويع للفلسطينيين في غزة فالعمليات القادمة ستكونُ مؤثِّرة لدرجة إغراق السفن والمجموعات البحرية وتصل مفاعيلُها إلى عظم العدوِّ الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني.

زين العابدين عثمان_ باحثٌ في الشأن العسكري

مقالات مشابهة

  • سرد الزمن.. في لوحات عبد الله إدريس
  • امتلاكُ اليمن الصواريخَ فرط صوتية.. ما أهميتُها وكيف ستغيِّــرُ خارطةَ المواجهة؟
  • كيف نقرأ واقع المجتمعات الإنسانية؟
  • باسيل: أهم ما في التيار هو الإنسان وكرامته
  • كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي
  • اكتشاف آلية تأثير التطعيم على فقدان الذاكرة الناجم عن عدوى "كوفيد-19"
  • تطوير خوارزمية تكشف بطريقة الكلام احتمال الإصابة بألزهايمر
  • فلسفة الصبر
  • خليل الشكيلي : يتدرج الذاكر لله عبر ثلاث مراحل وهي التخلي والتحلي والتجلي
  • ابتكار مولد نانوي يستخرج الطاقة من دم الإنسان