الأولويات الفلسطينية أمام تحديات العدوان!
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
يستمرّ التهديد الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح جنوبي غزة ما لم توافق حماس والمقاومة على صفقة أسرى لا تلبي كل المطامح الفلسطينية، فيما يرفض الاحتلال الموافقة على وقف العدوان والانسحاب الشامل من قطاع غزة في ظلّ مناداة نتنياهو بالنصر الكامل الذي يوجب عدم وقف الحرب حتى اجتياح رفح.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى فهم واقع العدوان بعد أكثر من 200 يوم على بدئه، والأولويات الفلسطينية لمواجهته، في ضوء المعطيات الفلسطينية والعربية والدولية.
يريد العدو وحليفه الأميركي؟
لقد تعرّض الكيان في 7 أكتوبر/تشرين الأول لهزيمة غير مسبوقة في تاريخه، فقدَ بها مكانته الإستراتيجية كحصن متقدم للغرب، وعلى الأخصّ الولايات المتحدة، كما تعرّضت الكرامة الوطنية للإسرائيليين للطمة كبيرة لم يصحُ منها المجتمع الإسرائيلي حتى الآن. ولذلك، وبصرف النظر عن الخلافات والتباينات، ووجود مطالبات متصاعدة من أهالي الأسرى لدى المقاومة بوقف الحرب، فإن الغالبية العظمى من الشارع هي مع استمرار القتال إلى حين تتحقّق صورة نصر، يلعب عليها نتنياهو ويستغلها للبقاء في الحكم أطول فترة ممكنة، حتى لا يتعرض للمحاكمات.
ولكن في المقابل واجه جيش الاحتلال فشلًا ذريعًا في تحقيق هدفَي القضاء على حماس وتحرير الأسرى، وهو الأمر الذي لا يزال ينخر في المجتمع، ويعمّق الخلافات السياسية داخل الحكومة، وبينها وبين المعارضة وأوساط السياسيين والخبراء العسكريين، لجهة استبدال أولويات الحرب بالتركيز على إنجاز صفقة تبادل، وتأجيل هدف القضاء على حماس.
ومع مرور الزمن، تترسّخ القناعة داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية، ولدى الداعمين الأميركيين، أنه لا يمكن القضاء على حركة متجذرة في الأرض الفلسطينية وخارجها، بما يعزز الخلافات الداخلية والخلافات مع الداعم الأميركي.
وتؤكد شهادات أجهزة استخبارات الولايات المتحدة أن الاحتلال واجه فشلًا حقيقيًا بغزة، وأن الزمن لا يعمل لصالح هدف تفكيك حماس، وأنه لا بد من العمل على حل سياسي (الدولة المستقلة)، الذي سيمكن السلطة الفلسطينية من خلافة حماس في غزة، ويهيئ الأجواء لعملية التطبيع في العالم العربي.
وليس ذلك فقط، بل إن الكيان واجه مشكلة نزوح باضطراره لإجلاء نحو 100 ألف إسرائيلي من مستوطنات غزة ومستوطنات الشمال، فضلًا عن الخسائر البشرية الفادحة، ما بين قتلى وجرحى يحاول التقليل من أعدادهم، إضافة للخسائر الاقتصادية، وتخفيض مكانته الائتمانية العالمية، واستمرار حاجته للذخائر والقذائف من الولايات المتحدة، مع قيام بعض الدول الأوروبية بحظر تصدير الأسلحة له، الأمر الذي يحدّ من إمكانية استمراره بالحرب على هذه الوتيرة!
أما إدارة بايدن، فترى أنه من الضروري تهيئة الأجواء لوقف نار مستدام (وليس دائمًا)؛ لإنجاح عملية التطبيع في المنطقة، التي تشكل إنجازًا مهمًا يستطيع بايدن أن يقدمه بين يدي الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، هذا العام.
وهذا يعني الوصول لفترة هدوء طويلة نوعًا ما تؤدي إلى امتصاص الغضب الجماهيري في الغرب وأميركا ضد ممارسات الاحتلال، وتمنع تطور الحرب إلى حرب إقليمية، ولتمرير موضوع التطبيع، وإيجاد دور معين للدول العربية أو هيئة دولية تحكم قطاع غزة تحت الإدارة الأمنية الإسرائيلية، واستمرار دور الاحتلال في استهداف المقاومة على المدى الطويل.
ويقتضي هذا عدم القبول بمطالب المقاومة لوقف الحرب والانسحاب الكامل من غزة، والسعي لهدنة مؤقتة يتم من خلالها تحرير عدد من الأسرى في المرحلة الأولى، وكل الأسرى في المرحلة الثانية، وهو ما يعد بمثابة فخّ يراد نصبه للمقاومة؛ لحرمانها من تحقيق أي انتصار سياسي، يحقق المحافظة على حقوق الشعب الفلسطيني، والعودة بالقضية إلى ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول على الأقل، ويسمح باحتفاظها بسلاحها، واستمرار دورها السياسي المؤثر في الساحة الفلسطينية.
خلافات
غير أنّ من المهم ملاحظة الخلافات الأميركيّة الإسرائيلية في طريقة إدارة الحرب. إذ أصرّ نتنياهو على تعطيل التوصل لاتفاق تبادل من خلال التشدد في المفاوضات، ودفع المقاومة لرفض مقترحاته، بما يرسل رسالة لجمهور أهالي الأسرى الغاضبين بأن حماس هي من تعطل الصفقة، وأنه في كل مرة يقدم التنازل دون جدوى.
كما تمادى نتنياهو في استهداف المدنيين، رغم التحذيرات الأميركية، فاستهدف الفلسطينيين الذين هُرعوا لتسلُّم المساعدات ليقتل منهم أكثر من 100، ثم ما لبث أن استهدف قافلة المطبخ المركزي العالمي ليقتل منهم 7، والذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
والحقيقة أن الإدارة الأميركية دعمت وما زالت تدعم الحرب على حماس، ولكنها وجدت أن نتنياهو باستمرار ارتكابه جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية، وضربه عرض الحائط بمطالبها، إنما يزيد من حدة الانتقادات الدولية للحرب، ويغذّي المعارضة الكبيرة في الحزب الديمقراطي لاستمرار الدعم العسكري اللامحدود للكيان، بما يؤثر على القاعدة الانتخابية لبايدن.
ومن المهم الإشارة إلى أن بايدن لا يختلف مع إسرائيل كدولة، وهو الذي اعتبر نفسه صهيونيًا، وإنما يختلف مع نتنياهو كشخص يقود هذه الدولة. فضلًا عن أن نتنياهو يسعى لإحراجه والإطاحة به على أمل أن يفوز غريمه دونالد ترامب الذي يعتقد أنه سيتماهى أكثر مع الحكومة الإسرائيليّة.
وبايدن على قناعة أن هذه الحكومة التي يهيمن فيها المتطرفان بن غفير وسموتريتش لن تتمكن من السير مع المنهج الأميركي الداعي لتأمين المنطقة بعملية سياسية تهيئ للإدارة الأميركية التفرغ لمواجهة الصين وروسيا، ولكنه لا يبدو قادرًا على التأثير عليها من الداخل لتفكيكها وإسقاطها، وهذا ما يجعل الأزمة مستمرة بين الطرفين، خصوصًا مع عدم تمكن شخصية مثل رئيس معسكر الدولة غانتس المقرب من واشنطن والمنافس لنتنياهو من إحداث الخلخلة المطلوبة لإسقاط نتنياهو.
وفي هذا السياق، جاءت انتفاضة الجامعات الأميركية التي زادت من إحراج بايدن، وشكلت ضغطًا إضافيًا عليه للسعي لإنجاح صفقة تبادل وهدنة. غير أن نتنياهو لا يبدو أنه سيقلع عن ألاعيبه وتشدده في المفاوضات، وإن كان أبدى مرونة شكلية.
غير أن التعامل بعنف مع الاحتجاجات المتصاعدة في الجامعات، سيؤدي إلى المزيد من التراجع في شعبية بايدن، الذي بدا وكأن إدارته تستجيب لضغوط حكومة نتنياهو بالتصدي لهذه الاحتجاجات، تحت حجة معاداة السامية.
كما أن تصاعدها واستمرارها سيكون لهما تأثير سلبي على إدارة بايدن في حال استمرار العدوان واجتياح رفح، فضلًا عن التأثير المستقبلي لهؤلاء الشبان، خصوصًا في نخبة الجامعات الأميركية التي تخرج قيادات ومسؤولين أميركيين، بما يؤشر على تراجع نفوذ اللوبي اليهودي الذي ينفق مئات المليارات من الدولارات لتكريس رواية المظلومية للشعب اليهودي.
الأولويات الفلسطينيةألحق العدوان خسائر فادحة في الأرواح (أكثر من 34 ألف شهيد وأكثر من 77 ألف جريح) وترك جرحًا غائرًا في الواقع والذاكرة الفلسطينية لا يمكن الاستهانة به، كما ويستمر في إحداث معاناة فلسطينية مستمرة، فضلًا عن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية التي ستحتاج سنوات طويلة لإعادة بنائها، غير أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه الكبرى بإخضاع المقاومة، أو تركيع الشعب الفلسطيني، أو حتى دفعه للتمرد على المقاومة. وظهر ذلك واضحًا من خلال فشله في استمالة العشائر أو حتى تمكين عناصر من المخابرات الفلسطينية التابعة لسلطة رام الله من العمل على توزيع المساعدات في غزة، تمهيدًا لتسليمها الأمن هناك.
ويؤكد ذلك أن المقاومة رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها لا تزال تمسك بزمام الأمور على الأرض، بما يحبط أي محاولة لتمكين أي جهة فلسطينية أو غير فلسطينية للحلول محلها.
وتأتي محاولات ترتيب صفقة أسرى من قبل الإدارة الأميركية؛ لقناعتها أن العدوان لم يحقق أهدافه، فيما تتحدث تقديرات إسرائيلية أن جيش الاحتلال يلعب في الوقت الضائع؛ لأنه لم ينجح في إنهاء المقاومة التي تعود للتصدّي له في كل مكان يخرج منه.
وبالنسبة للمقاومة فهي تتعامل مع أي جهد سياسي يخفّف عن أبناء الشعب الفلسطيني، ولكنها تتعامل مع المبادرات بحذر شديد، وتحاول التأكيد في كل مرة أنها لن تتنازل عن وقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، بالإضافة إلى تأكيدها على مطالب الإغاثة وإعادة بناء غزة، ولا تنسى السعي لإطلاق سراح الأسرى من سجون الاحتلال.
وتبرز هنا بعض الأصوات التي تطالب بمراعاة الأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني، والموافقة على أية صفقة معقولة لوقف الحرب، وهو مطلب عادل ومفهوم. ولكن المقاومة تتحسب من الأفخاخ التي تنصب لها، والتي يحاول الاحتلال من خلالها الحصول على أسراه ومحاولة تفريغ المقاومة من عناصر قوتها ثم استئناف العدوان.
يصرّ العدو حتى الآن على اجتياح رفح بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي تشمل الإفراج عن عدد أقل من المدنيين، و5 جنديات، مقابل إفراج الاحتلال عن مئات المدنيين ومعتقلين من ذوي الأحكام العالية، بالإضافة إلى السماح بعودة النازحين إلى شمال غزة، والتوسع في إدخال شاحنات الإغاثة وتوفير الكرافانات والخيم اللازمة لإيواء الفلسطينيين الذين دُمرت منازلهم.
تراجع مكانة الاحتلال ستؤدي حتما لتراجع مكانة من يرعاه، وهي الولايات المتحدة خصوصا وأن زمن القطبية الواحدة انتهى. وبإمكان الفلسطينيين الاستفادة من التنافس الدولي، ودور كل من روسيا والصين في تأمين غطاء للحقوق الفلسطينية
ولذلك تصرّ المقاومة على مطلبين أساسيين؛ هما وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وهي لا تقبل بمجرد وعود، وتصر على وجود ضمانات بتحقيق ذلك من الوسطاء والرعاة؛ لأن التهاون في هذا المطلب يعني تضييع مكاسب 7 أكتوبر/تشرين الأول، والسماح للعدو بالاستمرار باحتلال غزة، وجعلها مثل نموذج الضفة الغربية.
كما أن المقاومة لا تتفاوض من موقع ضعف، فهي تستمر في ملاحقة جيش الاحتلال وتنفيذ الكمائن القاتلة له على طول وعرض القطاع، وتستمر بقصف آلياته وتجمعاته، وتطلق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة. وإن أقدم الاحتلال على اجتياح رفح في ضوء القيود الأميركية المفروضة عليه، فلن ينجح في كسر شوكة المقاومة، كما لم ينجح في ذلك في بقية مناطق غزة. وسيفشل مخطط التهجير؛ بسبب صمود الفلسطينيين ومعارضة مصر لذلك؛ لأسباب تخص أمنها القومي، وإن كانت ستتعامل مع موجات نزوح محدودة.
وحماس وإن كانت معنية بالتخفيف عن حاضنتها الشعبية، لكنها لا تنسى الأهداف الكبرى للشعب الفلسطيني بالتخلص من الاحتلال، وحماية الشعب الفلسطيني.
ولا شك أن المراهنة هي على صمود الشعب الفلسطيني الذي أظهر صلابة وصبرًا كبيرَين، فضلًا عن دعم المقاومة وتأييدها، مقابل انقسام وهزيمة نفسية وعملية في صفوف الاحتلال، الذي لن يستطيع إكمال العدوان إلى ما لا نهاية أمام صمود وبطولة فلسطينية منقطعة النظير، واستمرار تكبده الخسائر على كل الصُّعد، وخسارته التأييد الدولي الذي كسبه بعد "طوفان الأقصى".
كما أنَّ الوقت المتاح للاحتلال لإنجاز أهدافه يضيق أمام حليف يريد منه إنجاز المهمة وبأقل الخسائر وفي مهلة لا تتعدى شهورًا، وأمام تراجع الدعم الغربي له وانقلاب الرأي العام العالمي عليه، واستدعائه لمحكمة العدل الدولية، واحتمال طلب اعتقال قادته بأوامر من المحكمة الجنائية الدولية.
وقد رأينا كيف أن المتغطرس نتنياهو اضطر للتراجع مرات عن مواقفه المتشددة في مفاوضات الأسرى أمام تمسك المقاومة بموقفها، مع مرونة مناسبة في القضايا التي لا تؤثر على مطالب وقف الحرب والانسحاب إلى حدود ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول.
المقاومة وزمام المبادرةليس أمام الشعب الفلسطيني الذي خاض ويخوض ملحمة بطولية أمام عدو غاشم مجرم إلا الصبر والعض على الجراح والاستمرار بالصمود والتمسك بحقوقه، وعدم تفويت الفرصة التي تحققت بـ "طوفان الأقصى"، والتي وضعت القضية الفلسطينية وبقوة على الأجندة الدولية، وأظهرت مشروعية مقاومته، واستحالة تجاوز حقوقه ومطالبه، مع تراجع مكانة الاحتلال، وتصاعد الضغوط عليه للتعامل مع حقوق الشعب الفلسطيني.
غير أن التحدي الداخلي الفلسطيني يظل كبيرًا، أمام سلطة خذلت نضال الشعب وبقيت في صف المتخاذلين والمتآمرين على المقاومة والمتربصين بها، ومنعت الشعب الفلسطيني في الضفة من الالتحام مع المقاومة بغزة.
ويتطلب هذا من القوى الفلسطينية التي تؤمن بالمقاومة أن تحسم أمرها وتتسلّم زمام المبادرة لتشكيل جبهة وطنية، سواء كان ذلك تحت غطاء منظمة التحرير أو بغيرها في حال تعذر ذلك؛ بغية تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وتفعيل دور الضفة في المقاومة، والتصدي لكل محاولات تمييع النضال الفلسطيني أو التساوق مع مشاريع تصفية القضية التي يسوق لها بغطاء من عربي.
لقد انتهى ذلك العهد الذي تتحكم فيه فئة من الشعب الفلسطيني تحت مظلة الاحتلال، وحان الوقت للبناء على ما حققه "طوفان الأقصى" والمقاومة الباسلة؛ لرفع سوية النضال الفلسطيني، بالاستفادة من الغطاء الشعبي العربي، والتفاعل الدولي مع قضية الشعب الفلسطيني العادلة.
وسيكون ذلك كفيلًا بمنع أي تجاوز للشعب الفلسطيني، والقفز عن حقوقه لصالح عملية التطبيع التي قد تنتهي بتحالف عربي صهيوني.
إن تراجع مكانة الاحتلال سيؤدّي حتمًا لتراجع مكانة الراعي له، وهي الولايات المتحدة، خصوصًا أن زمن القطبية الواحدة انتهى. وبإمكان الفلسطينيين الاستفادة من التنافس الدولي، ودور كل من روسيا والصين في تأمين غطاء للحقوق الفلسطينية، وتشكيل حائط صد للتغول الأميركي. ودعونا نتذكر أن الفيتو الروسي مدعومًا من الصين حال دون شنّ حرب كونية على حركة حماس، كان من شأنها أن تحولها لـ "داعش" جديد، وذلك على الرغم من الأمل بدور أكثر فاعلية لكل من روسيا والصين.
ومن المؤمل أن يعزز "طوفان الأقصى"، الحراك في الشارع العربي باتجاه تفعيل الحراك الشعبي الداعم للمقاومة، بعد أن نجحت المقاطعة للكيان وداعميه، وباتجاه تكثيف الضغوط على الأنظمة؛ لتعديل وتحسين مواقفها تجاه المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما قد يفتح نافذة كبيرة لتعزيز الموقف الفلسطيني المساند للمقاومة، ويعطيها دفعة كبيرة للأمام.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات أکتوبر تشرین الأول الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی طوفان الأقصى وقف الحرب قطاع غزة فضل ا عن أکثر من غیر أن
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: العدوان الجوي للاحتلال على غزة لن يتحول لعمل بري.. هذه الأسباب
أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن عودة العدوان على قطاع غزة، وفور إعلانه قصف جيش الاحتلال فجر الثلاثاء عدة مناطق في القطاع، كما هدد بتوسيع حرب الإبادة عبر الاستعداد لقصف مكثف وعدم استبعاد الخيار البري.
وقال نتنياهو إن القصف الجوي والغارات التي بدأت فجر الثلاثاء ما هو إلا البداية، وأكد أن "الحرب ستتواصل حتى تحرير جميع المختطفين، والقضاء على حماس، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل".
من جهتها قالت حركة حماس إن "نتنياهو وحكومته المتطرفة يأخذون قرارا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول"، وطالبت الوسطاء بتحميل نتنياهو والاحتلال المسؤولية الكاملة عن خرق الاتفاق والانقلاب عليه.
كما حملت الحركة في بيانها نتنياهو وحكومته "النازية" المسؤولية الكاملة عن "تداعيات العدوان الغادر على قطاع غزة وعلى المدنيين العزل والشعب الفلسطيني المحاصر، الذي يتعرض لحرب وحشية وسياسة تجويع ممنهجة".
ولم يظهر رد عسكري من الحركة ذو قوة إلى الان، بالمقابل الاحتلال ألمح الاحتلال إلى تنفيذ عمليات برية وبحرية، ما يثير تساؤلات عن كيف سيكون شكل هذه المعركة، وهل ستطول؟.
خيارات محدودة
الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، قال إن "خيارات جيش الاحتلال فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التقليدية البرية محدودة، حيث لن يستطيع العودة للقتال بالشكل الذي كان موجودا في قطاع غزة طيلة الـ 471 يوم من العمليات العسكرية".
وأرجع أبو زيد في حديث لـ"عربي21"، رأيه هذا إلى أن "الاحتلال لم يعد يملك ترف الخيارات العسكرية، وليس لديه الوحدات الكافية، كذلك لديه مشاكل في الاحتياط والقوى البشرية، وقد أعلن عن ذلك صراحة، أيضا هناك حالة من الاضطراب عند جنود الاحتلال من العودة للقتال البري".
ويعتقد أن "أنسب الخيارات التي وجدها الاحتلال للعودة للقتال في قطاع غزة هو خيار العملية العسكرية الجوية، وتحديدا العمليات الانتقائية، بمعنى أن يتم جمع المعلومات عن أهداف معينة وتغذية بنك الأهداف، وبعد ذلك استخدام سلاح الجو أو المدفعية للقيام بعمليات القصف".
وتابع أبو زيد، "أما العودة لعمليات اجتياح بري تقليدي لن تحدث وإن حدثت لن تكون حسب المؤشرات العسكرية، ولو حدثت سيكون ذلك مغامرة عسكرية".
تصدير الأزمة الإسرائيلية الداخلية
وربط الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد العملية العسكرية الجارية "بنقطتين رئيستين، أولا، أن هذه العملية قد تكون المخرج لنتنياهو من مأزقه السياسي، وإسرائيل تحترف وتمتهن تصدير الأزمات".
وأضاف، "ثانيا، هذه العملية قد تكون مخرجا لنتنياهو من الاصطدام بسموتريتش الذي يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا لم يعد القتال في قطاع غزة".
ويكمل، "كذلك هي خطوة من شأنها ترطيب العلاقة مع بن غفير لإعادته إلى الحكومة، خاصة أن نتنياهو يريد ترميم شكل حكومته قبل الانتخابات القادمة، وبالتالي هناك حراك انتخابي قد بدأ بين الأحزاب الإسرائيلية، ونتنياهو يريد ترميم وضع ائتلافه الحكومي بعودة بن غفير من خلال هذه العمليات العسكرية".
وأردف، "وبالتالي أستطيع القول بأن الشكل الحالي للعمليات العسكرية لن يتجاوز العمليات الجوية لأن الجنرالات في جيش الاحتلال يدركون مدى المغامرة العسكرية إن ذهبوا إلى عملية تقليدية برية".
وأوضح سبب توقعه هذا "أنه كما أن جيش الاحتلال يحاول إعادة ترميم وحداته، هناك تقرير نشر الأثنين مفاده أن المقاومة أعادت ترميم نفسها، وأشار التقرير ذاته إلى أن المقاومة جندت 25 ألف مقاتل في القسام وكذلك سرايا القدس جندت 5 آلاف مقاتل، بالإضافة للقيادات الجديدة".
لهذا وفقا للخبير العسكري أبو زيد، "لن يذهب الاحتلال لمحاولة الاصطدام البري"، مضيفا: "لكن كما قلت نتنياهو يحاول من هذه العملية ترميم ائتلافه الحكومي، والخروج من مأزق إقالة رئيس الشاباك رونين بار وتصدير الأزمات الداخلية إلى عملية عسكرية على قطاع غزة".
كما أن أبو زيد "لا يعتقد أن العملية الجوية قد تنتهي قبل أن يتم الانتهاء من ملف إقالة رونين بار، لأن نتنياهو يريد الاستمرار بإشغال الشارع الإسرائيلي بالعملية الجوية والمحتجزين بدلا من انشغالهم بإقالة بار، خاصة أن هناك تهديدات بالتظاهر ضدها".
ويكمل، "اعتقد بحسب ما نشر بأنه سيتم الإعلان رسميا الثلاثاء عن إقالة بار، وبالتالي العملية الجوية ضد قطاع غزة قد تستمر خلال الـ 24- 48 ساعة القادمة لكن أكثر من ذلك لن يستطيع السلاح الجوي الاستمرار بالعملية لأنه لا يحسم معركة أو الأرض".
تريث المقاومة
وحول كيف سيكون موقف المقاومة وما هي احتمالات ردها على هذا العدوان عسكريا، قال أبو زيد، "قد نسمع في الساعات القادمة تصريحات من المقاومة أو مقاطع تبثها لأسرى إما تم قتلهم بسبب العملية الجوية، وهذا سيحد من الاندفاعة الإسرائيلية نحو العملية الجوية ويشوش الإسرائيليين فيما يتعلق بها".
ويعتقد أن "المقاومة لن تتسرع في ردها، فهي تريد الاستمرار في التفاوض، ولكنها تريد مفاوضات بمقاسات عادلة وليس بفرض إرادة إسرائيلية على هذه المفاوضات، لذلك لن تستعجل بالرد وستنتظر خلال الـ 48 ساعة القادمة".
والسيناريو المتوقع حدوثه خلال الـ 48 ساعة القادمة وفقا لأبو زيد، "هو تصعيد المقاومة إعلاميا، والقول بأن العملية الجوية والقصف استهدف أحد المحتجزين الموجودين لديها".
وأضاف، "الأمر الأخر أنها ستلوح بالخيار العسكري لكنها لن تستخدمه لأنها تريد اشتباكا مباشر بري، والاحتلال لا يريده، ليس لأنه لا يريد ذلك بل لأنه لا يملك القدرة على الاشتباك البري المباشر".
وأوضح "إن استمرت العملية العسكرية أكثر من 48 ساعة فإن المقاومة سترد بخيارات متعددة، ومن المبكر أن نحكم على هذه الخيارات، وقد يكون إحداها أن تقوم المقاومة بشن عملية أو ما يعرف بالعمل العسكري المعاكس أو الهجمات المعاكسة".
وتابع، "لكن لا اعتقد أن ذلك قد يستمر في ظل وجود المبعوث الأمريكي ويتكوف والذي يريد ضبط المسار التفاوضي ضمن التفاوض بالقوة من خلال العملية الجوية".
وأكد أبو زيد أن "هناك نقطة جديرة بالاهتمام، وهي أن المفاوضات لا تزال جارية، والوفد الإسرائيلي لا يزال في القاهرة ووفد المقاومة لا زال في الدوحة، وبالتالي لو أن نتنياهو لا يريد الاستمرار بالتفاوض لسحب وفده، ولكن هو يريد بقاء المسار التفاوضي لأنه يدرك أنه أفضل الخيارات".
ولفت إلى أن "الإدارة الأمريكية ومبعوثها ويتكوف يدركون أن أفضل الخيارات هو الخيار الدبلوماسي، ولكن نتنياهو بدعم من ترامب يريد التصعيد حتى يجبر المقاومة على التفاوض بالقوة وبالتالي تقديمها تنازلات".
وحول تعمد الاحتلال اغتيال قيادات حكومية ومدنية، قال أبو زيد، "القيادات التي تم اغتيالها هي قيادات مدنية، وبالتالي هذا يعيدنا إلى بداية عملية البيجر واستهداف قيادات حزب الله".
وتابع، "بمعنى أن الاحتلال عندما فقد القدرة الاستحواذية على الوصول إلى قيادات ميدانية قام بهذه العملية من الاستهداف المكثف تجاه 5 قيادات مدنية لعل وعسى يحقق ما يسمى بالعرف العسكري بعامل الصدمة والترويع".