الانتخابات الرئاسية التونسية والدرس السنغالي
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
ستكون تونس من بين ما يزيد عن خمسين دولة. في العالم ستقع فيها انتخابات إما رئاسية أو تشريعية أو كلاهما أواخر السنة الجارية 2024 وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والأكيد أن نتائج هذه الانتخابات ستتأثر بالأحداث الدولية والإقليمية الظاهرة الآن على السطح مثل الحرب الروسية الأوكرانية والمحرقة الصهيونية ضد غزة إضافة إلى الأوضاع الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحارقة والتي يزداد لهيبها مع تواصل الأزمات الدولية وانعكاساتها الاقتصادية.
ضمن هذا السياق حصلت الانتخابات الرئاسية في السنغال يوم 24 مارس 2024 وقدمت درسا ديمقراطيا بليغا في منطقة تعيش دوامة من الاضطرابات الناتجة عن الانقلابات المناهضة للنفوذ الفرنسي. وذلك من خلال ما أبداه الشعب السنغالي بكل مكوناته السياسية والعرقية والدينية من تضامن ورفض للانحراف بالسلطة نحو الاستبداد بتجاوز الدستور وتمديد العهدة الرئاسيةحيث تصدى الشارع لذلك في كنف السلمية واليات الديمقراطة رغم استعمال القوة من جانب السلطة .
ولما تعذر التمديد تأجلت الانتخابات لترتيب الأوضاع لصالح المرشح الرسمي بعد أن تم الزج بكل منافسيه المحتملين في السجن بتهم ملفقة وعلى رأسهم عثمان سوكنو زعيم حزب الوطنيين من أجل العمل والأخلاق والأخوة (باستيف) مع قرابة ألفين من أنصاره ومعارضين آخرين.
أولوية كل المعنيين بالمنافسة الانتخابية هي تغيير مزاج الناخب أو في الحد الأدنى تعديله في اتجاه إعادة ثقته في العملية السياسية برمتها وفي الانتخابات خاصة لإعادة الأمل في المستقبل من أجل الإقبال على المشاركة والاختيار الواعي.إلا أن ضغط الشارع وقرار المجلس الدستوري استطاعا إبطال إجراءات الرئيس المنتهية عهدته الثانية ماكي سال وتنظيم الانتخابات بعد إطلاق سراح كل المساجين السياسيين ومن بينهم مؤسس حزب (باستيف) عثمان سوكنو الممنوع قضائيا من الترشح وأمينه العام بشير جماي فاي الذي رشحه الحزب للرئاسة بدلا عن رئيسه والتي خاضها تحت شعار مقاومة الفساد والنفوذ الفرنسي وفاز فيها من الدور الأول .
فكيف يمكن أن تستفيد بلادنا دولة وسلطة ومعارضة ومجتمعا مدنيا ونخبا فكرية وسياسية ومواطنين من هذا الدرس الديمقراطي الذي يشابه سياقه سياقنا وبلاده بلادنا؟
رغم المدة التي تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتي لا تقل عن ستة أشهر فإن دينامكيته قد انطلقت مبكرا بإعلان السلطة التزامها بموعده الدستورى وإنجازه وفق القانون الانتخابي لسنة 2014 مع تغيير طفيف في شروط الترشح وتاكد ذلك من خلال تصريحات هيئة الانتخابات التي من المنتظر أن تعلن الرزنامة الانتخابية إلى جانب دعوة رئاسة الجمهورية الناجبين للتصويت. إلا أن بعض المعنيين بالعملية ومتابعيها يبدون عدة مخاوف في علاقة بامكانية وضع حواجز قانونية أو إجرائية لإقصاء مترشحين جديين من المنافسة وكذلك حول ضمانات حياد الدولة ومؤسساتها تجاه جميع المترشحين .
ويبقى المعني الأول بتبديد هذه المخاوف هو هيئة الانتخابات صاحبة الولاية الكاملة على العملية من بدايتها إلى نهايتها.
هل تستخلص بلادنا بكل مكوناتها وأطيافها ومؤسساتها العبرة من التجربة السنغالية وغيرها من التجارب الديمقراطية التي جمعت بين وحدة الدولة ووحدة المجتمع و جعلت المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار؟أما السياقات والمناخات التي ستقع ضمنها الانتخابات فهي أيضا محل غموض لأن السؤال المتداول اليوم هو هل ستحصل المنافسة فعلا وفق المعايير الدولية لتتمكن البلاد من التفرغ لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب أم لا؟ خاصة وأن كل الطيف السياسي والمتابعين للشأن التونسي يجمعون على ضرورة تنقية المناخات العامة في علاقة باستقلالية القضاء وحياد الإدارة وحق الترشح للجميع دون استثناء وإطلاق سراح المساجين السياسيين فالدرس السنغالي يؤكد أن الحيلة في ترك الحيل خاصة وإننا لسنا إزاء تمديد للعهدة بل إزاء ضمان للالتزام بالمعايير الدولية في عملية تجديد الشرعية على اساس من النزاهة والديمقراطية التي لا مفر منها ولا وجود لطريق غيرها لتحقيق التنمية التي تحتاجها الدولة ومؤسساتها في هذه المرحلة للقيام بدورها في خدمة المجتمع بفاعلية ونجاعة، حيث أكدت تجربة السنوات الماضية ذلك كما يحتاجها المجتمع وكل قواه الحية دون استثناء أو إقصاء للمحافظة على وحدته والالتفاف حول دولته ومؤسساتها لتجاوز المأزق الاقتصادي الحاصل نتيجة مراكمة الفشل لما لا يقل عن نصف قرن من الزمن .
وأمام تعدد الخيارات المطروحة على الناخبين حسب المعلن من الترشحات بشكل غير رسمي وأحيانا غير صريح سواء من في الحكم ولديه حصيلة ستكون إما له أو عليه، أو من جرب الحكم سابقا خاصة ما قبل الثورة أو بعدها وستكون لتجربته السابقة انعكاسا على وضعه التنافسي، أو من لم يجرب الحكم وستكون مصداقيته وخبرته المكتسبة ووعوده ونتائجه في منافسة 2019 إن سبق له أن ترشح معيارا لاختياره .
إلا أن الفيصل في ذلك كله هو الإطار الموضوعي السليم الذي تضمنه الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها هيئة الانتخاباب ثم اختيار الناخب الذي يرتبط أساسا بنسبة مشاركته التي يتحكم فيها مزاجه الذي تصنعه الظروف الذاتية والموضوعية والذي بينت المحطات السابقة أنه محكوم باللامبالاة وفقدان الأمل في تغيير ظروفه والتقوقع حول وضعه الذاتي الاقتصادي والاجتماعي دون الاهتمام بالشأن العام.
لذلك تصبح أولوية كل المعنيين بالمنافسة الانتخابية هي تغيير مزاج الناخب أو في الحد الأدنى تعديله في اتجاه إعادة ثقته في العملية السياسية برمتها وفي الانتخابات خاصة لإعادة الأمل في المستقبل من أجل الإقبال على المشاركة والاختيار الواعي. فهل تستخلص بلادنا بكل مكوناتها وأطيافها ومؤسساتها العبرة من التجربة السنغالية وغيرها من التجارب الديمقراطية التي جمعت بين وحدة الدولة ووحدة المجتمع و جعلت المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار؟
*كاتب وناشط سياسي تونسي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس انتخابات رئاسة تونس انتخابات سياسة رئاسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الصدريون يعقدون اجتماعات غير معلنة استعدادا للمرحلة السياسية المقبلة
بغداد اليوم - بغداد
كشفت مصادر مطلعة داخل الهيئة السياسية للتيار الوطني الشيعي (التيار الصدري) سابقًا، اليوم السبت (16 تشرين الثاني 2024)، عن وجود اجتماعات غير معلنة لمسؤولين في الهيئة من أجل ترتيب أوراق المرحلة السياسية المقبلة.
وقالت المصادر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "عودة الصدريين الى المشهد السياسي امر حتمي، وستكون خلال المرحلة المقبلة، وهذا الامر ربما يكون بأشهر قليلة قبل موعد انتخابات مجلس النواب، والتي يعتزم الصدريون المشاركة فيها بقوة".
وأضافت المصادر، أن" الأيام القليلة الماضية شهدت اجتماعات مختلفة لمسؤولين عن الملف السياسي داخل الهيئة السياسية للتيار الوطني الشيعي لبحث وترتيب أوراق المرحلة المقبلة والاستعداد الى العودة السياسية والانتخابية".
وأكد الباحث في الشأن السياسي المقرب من التيار الوطني الشيعي مجاشع التميمي، يوم السبت (31 آب 2024)، وجود تحرك للتيار بهدف ترتيب عودته السياسية والانتخابية خلال المرحلة المقبلة.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "هناك حوارات ومشاورات للتيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مع أطراف سياسية ومن بينها قوى داخل الإطار التنسيقي رغم أن التيار الوطني الشيعي لم يعلن عنها لكن قيادات من كتل سياسية قالت أنها التقت ممثلين عن التيار الوطني الشيعي".
وبين ان "عودة التيار الوطني الشيعي حتمية لأن الصدر انسحب من الدورة الخامسة لمجلس النواب لفتح المجال أمام قوى الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة والبوادر تشير إلى أن خطوات الصدر واضحة في العودة والمشاركة في الانتخابات المقبلة".
وأضاف التميمي، إنه" في حال عودة التيار الوطني الشيعي إلى المشهد السياسي والمشاركة في الانتخابات المقبلة فإنه سيقلب المعادلة رأسًا على عقب خاصة مع قوة هذا التيار داخل المجتمع العراقي وخاصة في المحافظات الوسطى والجنوبية فضلا عن الانشقاقات والخلافات داخل الاطار التنسيقي وستكون الحصة الأكبر من المقاعد البرلمانية الشيعية لهذا التيار".
وختم المقرب من التيار الوطني الشيعي قوله، بأن "التيار يخطط لسيناريو جديد مختلف عن السابق من حيث القوائم الانتخابية أو التحالفات السياسية لأن الصدر لن يكرر التجارب السابقة ولا نستغرب أن يكون تحالفه المقبل مع أطراف سياسية من أجل المصلحة العليا للعراق".
وفي الخامس عشر من حزيران لعام 2022، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين".
وجاء إعلان الصدر خلال اجتماعه في النجف بنواب الكتلة الصدرية الذين قدموا استقالتهم من البرلمان بعد 8 أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية لم يتمكنوا خلالها من تشكيل حكومة عراقية.
وأضاف الصدر في حديثه "أريد أن أخبركم، في الانتخابات المقبلة لن أشارك بوجود الفاسدين، وهذا عهد بيني وبين الله وبيني وبينكم ومع شعبي إلا إذا فرج الله وأزيح الفاسدون وكل من نهب العراق وسرقه وأباح الدماء".
وتابع مخاطبا أعضاء الكتلة الصدرية "في حال اشتركنا في الانتخابات المقابلة فأبقوا نساء ورجالا على أهبة الاستعداد، ولا تتفرقوا وتكاملوا سياسيا وعقائديا وبرلمانيا وقانونيا وتواصلوا مع الشعب العراقي".