بعد 3 عقود على رأس البنك المركزي اللبناني.. رياض سلامة يغادر منصبه
تاريخ النشر: 31st, July 2023 GMT
كان على مدى سنوات عرّاب استقرار الليرة وانتعاش الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية، فحصد جوائز ونال تكريما في العالم، لكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ينهي اليوم الاثنين ولاية طالت عقود، بعد ضغوط من شرائح واسعة من اللبنانيين وتحقيقات قضائية أوروبية ومحلية حول ثروته وأدائه، ووسط انهيار اقتصادي غير مسبوق في البلاد.
وسلامة (73 عاماً) الذي شغل منصبه منذ العام 1993، يُعتبر أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدا في العالم.
يعدّ سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، يُحمِّل أركان الطبقة الحاكمة وسلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.
وتحمّل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها طيلة السنوات الماضية، باعتبار أنها راكمت الديون وسرّعت الأزمة، إلا أنه دافع مرارا عن نفسه بتأكيده أن المصرف المركزي "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل 3 سنوات، دافع سلامة أيضا عن السياسة النقدية التي اعتمدها، معتبرا أنه حاول "التخفيف من وطأة الأزمة".
وقال خلال مقابلة مع قناة محلية قبل أيام من انتهاء ولايته، "سأطوي صفحة من حياتي وأعتقد أنه بين الأعوام الـ30 هناك 27 عاماً ساهم خلالها البنك المركزي بسياساته النقدية بإرساء الاستقرار والنمو الاقتصادي".
ومنذ عامين، تشكّل ثروة سلامة محور تحقيقات في لبنان وأوروبا. ويصرّ الرجل الذي نال جوائز إقليمية ودولية وأوسمة شرف تقديراً لجهوده في منصبه وكان أول حاكم مصرف مركزي عربي يُقرَع له جرس افتتاح بورصة نيويورك، على أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة "ميريل لينش" المالية العالمية ومن استثمارات في مجالات عدة، بعيدا عن عمله على رأس حاكمية مصرف لبنان.
"هروب إلى الأمام"ورغم الانتقادات التي طالته، يرى الخبير الاقتصادي نيكولا شيخاني أن سلامة "عرف كيف ينعش الاقتصاد ويكسب ثقة المستثمرين".
وتمكّن لبنان بالفعل طيلة سنوات من جذب رؤوس أموال من الخارج، مقابل منح فوائد مرتفعة للغاية للمودعين، وبات القطاع المصرفي ركيزة رئيسية في الاقتصاد المحلي.
ومنذ توليه منصبه، حافظت الليرة على استقرارها بعدما ثبّت سلامة سعر صرفها على 1507 ليرات مقابل الدولار، وهو ما كان يبرّره بوجود "احتياطات مهمة بالدولار الأميركي" لدى المصرف المركزي سرعان ما نضبت منذ بدء الأزمة التي برزت مع امتناع الحكومة اللبنانية عن دفع ديونها المستحقة، فبدأ الانهيار وشحّت السيولة.
ومنذ تعيينه، تم التجديد لسلامة 4 مرات، نال في العام 2006 جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم من مجلة "يورو موني"، ثم من مجلة "بانكر" عام 2009، وحاز أوسمة شرف فرنسية.
رياض سلامة دافع عن السياسة النقدية التي اعتمدها معتبرا أنه حاول "التخفيف من وطأة الأزمة" (رويترز)ومع اندلاع الحرب في سوريا المجاورة بدءا من العام 2011، "بدأت تتراكم الإشارات الحمراء"، وفق شيخاني. وتأثّر الاقتصاد اللبناني سلبا بينما كانت الديون الرسمية تتراكم.
ورغم إحجام الحكومات المتعاقبة عن إعادة هيكلة الاقتصاد وإجراء إصلاحات ملحة، واصل سلامة تمويل الدولة بغطاء سياسي، متبعاً، وفق شيخاني، سياسة "الهروب إلى الأمام".
وبغطاء سياسي، انخرط سلامة منذ العام 2016 في هندسات مالية هدفت إلى الحفاظ على قيمة الليرة ورفع احتياطي المصرف المركزي ورسملة المصارف، لكن خبراء اقتصاديين يعتبرونها من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تعميق أزمة البلاد المالية.
"الليرة بخير"يتكلّم سلامة بصوت منخفض ومن دون أي انفعالات، ولا يبتسم علنا إلا نادرا.
مع بدء أزمة شحّ السيولة وفرض المصارف قيوداً مشددة على سحب الودائع خصوصاً بالدولار في خريف 2019، أصرّ في الأشهر الأولى على أن "الليرة بخير". اليوم وبعد أكثر من 3 سنوات على انهيار صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، فقدت العملة المحلية أكثر من 98% من قيمتها أمام الدولار.
ورغم الانتقادات التي طالت أداءه، وما أُثير من شبهات تلاحقه في لبنان والخارج، بقي سلامة في منصبه.
ويرى البعض أنه كان طامحا للوصول إلى رئاسة الجمهورية، مما يبرّر "عدم رفضه أي طلب من الطبقة السياسية".
رغم التحقيقات التي بدأت تطاله منذ سنتين، أصر سلامة على البقاء في منصبه حتى اللحظة الأخيرة.
ويشتبه محقّقون أوروبيون بأنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأنه أساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان.
وبناء على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونخ مذكرتي توقيف بحق سلامة جرى تعميمهما عبر الإنتربول. لكن سلامة يرفض التهم الموجهة إليه، متحدثا عن "بيانات مزورة" وخلفيات "سياسية".
ولا تعني انتهاء ولاية سلامة أنه سيغيب عن الأضواء، إذ إن التحقيقات بشأنه لن تهدأ قريبا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی العالم
إقرأ أيضاً:
«حمّاد» يعقد اجتماعاً قي مصرف ليبيا المركزي
ترأس رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، اجتماعا موسعا بمقر مصرف ليبيا المركزي في بنغازي.
وبحث حمّاد خلال الاجتماع، “عددًا من المسائل المتعلقة بتنفيذ قانون الميزانية العامة للعام 2024 الصادر عن مجلس النواب، وكذلك مناقشة الحكم الصادر عن محكمة استئناف بنغازي منذ فترة، و الذي يقضي بوقف نفاذ القرار رقم 828 لسنة 2023 الصادر عن حكومة الوحدة منتهية الولاية، واستعراض العواقب القانونية المترتبة على إصرار إدارة المصرف المركزي على الصرف بناء على هذا القرار ، امتناعًا عن تنفيذ هذا الحكم و تجاوزًا لقانون الميزانية العامة”.
وخلال الاجتماع، “تم إعطاء الإذن بصرف مرتبات العاملين بالقطاع العام وعدم السماح بتأخيرها لأي سبب كان لما في ذلك من تأثير في حياة المواطنين، وتم التشاور والتباحث حول بعض المقترحات المتعلقة ببنود الميزانية العامة للعام 2025”.
وخلص الاجتماع “لاتخاذ جملة من القرارات والإجراءات الكفيلة بوضع قانون الميزانية العامة للعام 2024 موضع التنفيذ”.
هذا وحضر الاجتماع، ، رئيس لجنة التخطيط والمالية بمجلس النواب عمر تنتوش، ونائب محافظ مصرف ليبيا المركزي مرعي البرعصي، ومديري الإدارات بالمصرف، ووزير العدل المستشار خالد مسعود، ووزير الصحة د. عثمان عبد الجليل، ووزير الكهرباء والطاقات المتجددة د. عوض البدري، ووزير الاتصالات والمعلوماتية سالم الدرسي، وعضو لجنة الحوار الاقتصادي حاتم العريبي، و مدير مكتب شؤون وزارة التخطيط والمالية أحمد الحاسي، ومستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون العامة سالم الشريف.