سواليف:
2025-02-07@10:28:28 GMT

اغتيال الفاصلة المنقوطة من صفحات اللغة العربية

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

اغتيال #الفاصلة_المنقوطة من صفحات #اللغة_العربية

أ.د رشيد عبّاس

من بين الضربات التي تلقتها اللغة العربية, ضربة #اغتيال الفاصلة المنقوطة من صفحات اللغة العربية, والمتتبع لهذه العلامة يكاد لا يلمحها هذه الأيام في فنون الأدب العربي الممتدة عبر صفحات اللغة العربية, مع يقيني أن المؤامرة كانت وما زالت تُحاك لجميع علامات الترقيم المعروفة لدى الجميع, إلا انهم استفردوا بهذه العلامة أولاً, وذلك من اجل ابعاد جميع هذه العلامات لاحقاً عن جمل وفقرات ونصوص لغتنا العربية الجميلة, وبالتالي ضياع فهم معاني ودلالات ومقاصد ما هو مكتوب عند القارئ والمستمع.

نتساءل هنا, ما الذي يغيظ أولئك العابثين في #علامات_الترقيم؟ أيغيظهم تنظيم النص وتجميله وتحسين عرضه على القارئ, أم يغيظهم تفسير معاني الكلمات وتوضيح المقصود منها, أم يقلقهم تجنب إهدار الوقت في فهم النصوص ومعرفة مواضع السكون والفصل, أولئك العابثون في علامات الترقيم لا يروق لهم جمالية النص وجعل التعبيرات أكثر دقة ودلالة وصدق من خلال هذه العلامات اللطيفة الجميلة.

مقالات ذات صلة بالقانون … القوائم المحلية … صراع وجود بلا حدود . 2024/05/02

لقد عرضت الكاتبة الأمريكية (إيميلي تيمبل) في مقالتها “علامات الترقيم التي أحَبها وكَرهها مجموعة من الكتّاب المشهورين”, والتي ركزت فيها على الفاصلة المنقوطة, فمن الذين كرهوا الفاصلة المنقوطة كرها مطلقاً كل من: الكاتب دونالد بارثيملي, والكاتب إدوارد آبي, والكاتب كيرت فونيجت, وذلك لإعاقتها وتقييدها للنصوص, في حين أن هناك بعض الكتّاب الذين احبوها مثل: الكاتبة لورين أويلر, والكاتب ابراهام لينكُلن, والكاتبة أروسولا كي لي غوين, والكاتب كليرمسعود, وذلك لبيانها مقاصد النصوص.

نقول للذين يتربصوا بعلامات الترقيم بشكل عام, والفاصلة المنقوطة بشكل خاص, أن علامات الترقيم هي حركات تستعمل في تنظيم الكتابة وفي الفصل بين كلمات أو أجزاء من الجملة توضع في النصوص المكتوبة؛ بهدف تنظيمه وتيسير قراءته وفهمه, فإذا ما رأينا نصّاً خالياً من علامات الترقيم, فإننا سنكون حتماً أمام ضياع المعنى.. فلا يُعرف انتهاء الفقرة من مواضع الاستفهام من التعجب, فجمال اللغة يكمن في  علامات الترقيم.     

  لقد باتت أيادي بعض الكتّاب تمتد نحو علامة التعجب كخطوة ثانية بعد أن اغتال هؤلاء الفاصلة المنقوطة من بين علامات الترقيم الأخرى وتركوا أهمية مكانتها بين كل عبارتين فأكثر بينهما ارتباط في المعنى دون استخدامها, وتركوا أيضاً أهمية مكانتها بين الجمل المعطوفة بعضها على بعض, إذا كان بينهما معنى مشترك, وتناسوا عن قصد مكانتها قبل المفردات المعطوفة التي بينها مقارنة أو مشابهة أو تقسيم أو تعديد وما شابه ذلك, نعم.. لقد أوغر هؤلاء صدورنا منها وسحبوها من بين كل جملتين.. الثانية منها سبباً في الأولى أو العكس, وحرّضوا فينا عدم الوقف المتوسط في الكلام من خلالها, وقللّوا من أهمية وضعها بين الجمل الطويلة والتي تُشكل في مجموعها معنى تام.

اعتقد جازماً أن خلوّ كتابة النصوص من علامات الترقيم سيؤدي حتماً إلى عناء في فهمها, وإلى غموض واضطراب في الكلام, وتداخل الألفاظ والجمل وخلطها, وتغيير في المعنى, وعدم التمييز بين كلام الكاتب والكلام المنقول؛ ومع ذلك نجد اليوم بعض الكتّاب يدعوا إلى التحرر من كتابتها أو عدم مراعاتها وجعل النصوص خاليه من قيودها على حد تعبيرهم, متناسين أن مهارة استخدام علامات الترقيم من أهم المهارات التي ينبغي على كتّاب المحتوى تعلمها واستخدامها وممارساتها.

إلى أولئك الذين تغافلوا عن علامات الترقيم أقول لهم: كيف نعبّر عن مشاعرنا؟ وكيف ننهي خطابنا المكتوب؟ وكيف نقتبس من الآخرين بعض النصوص؟ وكيف نتعجب من موقف ما؟ وكيف لنا أن نتوقف وقفة مؤقتة أو طويلة؟  وكيف نقوم بعملية التخصيص؟ وكيف نربط الجمل الطويلة فيما بينها في النصوص؟

تحية لـ(زينب فوّاز) رحمها الله المفكرة والكاتبة اللبنانية والملقبة بدرة الشرق, على اعتبارها أو من تحدث عن ضرورة وأهمية إدخال علامات الترقيم على اللغة العربية عام 1910م, وتحية إجلال وإكبار للعلامة المصري (أحمد زكي باشا) رحمه الله والملقب بشيخ العروبة, على اعتباره أول من أدخل علامات الترقيم على نصوص الكتابة العربية وطوّرها من اللغات الغربية عام 1912م وأسماها الترقيم, مع معارضة بعض المفكرين والكتّاب العرب له وقتها حفاظاً على قدّسية اللغة وأصولها على حد قولهم.   

سنُحيي ذكرى اغتيال الفاصلة المنقوطة من على صفحات اللغة العربية, سنُحيي ذلك من خلال الدعوة إلى إعادة كتابتها في النصوص, مؤكدين هنا أن الفاصلة لم ولن تنوب عن الفاصلة المنقوطة في النصوص, وسنُجددُ ولاءنا وانتماءنا لجميع علامات الترقيم دون التقليل من اهمية أي منها.

ما أجمل التعجب حين نلمحها في قصيدة (لن أبكي) لفدوى طوقان, وما أروع الاستفهام حين يفاجئُنا في رواية (قصة مدينتين) للكاتب تشارلز ديكنز, وما أجرأ النقطة حين توقفنا في مقالة (الغرفة المظلمة) لآركي نارايان, وما أكرم الفاصلة المنقوطة حين تربط جملتين تفرقا.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: اللغة العربية اغتيال فی النصوص

إقرأ أيضاً:

لاكروا: لماذا لا أحد يقرأ الكتاب المقدس؟

استعرضت ماري غران، أستاذة الفلسفة ومديرة المدرسة العليا في ليون في عمودها الأسبوعي بصحيفة لاكروا كتاب توماس رومر "الكتاب المقدس، ماذا يغير؟"، الذي يؤكد فيه بشكل خاص على تعدد الأصوات والرسائل الموجودة في الكتاب المقدس.

وتنطلق الكاتبة من ملاحظة الروائي أمبرتو إيكو أن الكتاب المقدس واحد من الكتب العظيمة التي لا تقرأ، مشيرة إلى أن توماس رومر لا يطرح هذا السؤال بشكل مباشر، ولكن كتابه يجيب على ذلك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2في مقابلة مع إيكونوميست.. الشرع يتحدث عن رؤيته لإعادة بناء سوريا وعن أميركا وإسرائيلlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: حماس حققت هدفها بغزة وإمكاناتها الإعلامية فائقةend of list

والغريب أن أستاذ علوم الكتاب المقدس في كوليج دو فرنسا يفسر عدم قراءة الكتاب المقدس بأنه غير موجود، بل "هناك كتب مقدسة"، إذ لدى كل من اليهودية والكاثوليك والبروتستانت مكتبة ضخمة، بها عدد كبير من الكتب التي يختلف عددها وتصنيفها حسب التقاليد.

وكل كتاب -حسب الكاتب- عبارة عن منتدى، يتعاقب فيه المحررون وتتداخل الكتابات المتعاقبة، وفي بعض الأحيان تتناقض، وبالتالي من المستحيل استخلاص رسالة كتابية منها، كما أنه مستحيل أن نجعل النصوص تقول كل شيء وأي شيء.

أخطاء المنهج

وفسر الكاتب أيضا عدم قراءة الكتاب المقدس، بكون القراء السيئين جعلوا الوصول إليه أمرا صعبا، بسبب استغلاله لتبرير العبودية والاستعمار وسيطرة الذكور وكراهية المثلية الجنسية، وما إلى ذلك، وبسبب الأخطاء المنهجية كعزل آية أو فصل مع تجاهل السياق وتعدد الأصوات.

إعلان

أما "القراءة الذكية" فتحترم هذا التنوع دون أن تسعى إلى تنظيمه وإقامة تسلسلات هرمية تعسفية داخله، "لذلك من الضروري في بعض الأحيان الدفاع عن الكتاب المقدس ضد مفسريه" -كما يلاحظ توماس رومر- مع أن النصوص قد تدافع عن نفسها وتجد قراءها الحقيقيين من تلقاء نفسها.

 

وقد وجد سفر يشوع المثير للمشاكل قراءه -حسب الكاتب- لأن الغزو غير المحتمل لأرض كنعان على يد العبرانيين وما تلاه من إبادة السكان الأصليين، يخدم إضفاء الشرعية على الحروب الصليبية ووجود "إسرائيل الكبرى" دون فلسطينيين، ونحن نعلم الآن أن هذا الفتح لم يحدث قط، لأن شعب يهوذا الصغير الذي لم تكن لديه قوة عسكرية حقيقية، غير قادر على القيام بمثل هذه الحملة.

وهناك قراءة تعطي النص عدالة أكبر -حسب الكاتب- تشير إلى غناء العبيد السود "جوشوا في معركة أريحا"، حيث رأوا في سقوط الأسوار انعكاسا لرجائهم، أي تحرير أقلية مضطهدة وليس احتفالا لجيش قوي واثق من حقوقه، ولكن التاريخ المضاد كان يحتاج إلى هذه المعركة الخيالية، ليتمكن أخلاقيا من مقاومة الآشوريين الذين كانوا يسيطرون على بلاد الشام آنذاك.

وأشار الكاتب إلى أننا نريد غالبا أن نقرأ الكتاب المقدس بشكل أصيل ولكننا لا نستطيع، لأننا نقرأ ما نقرؤه، ويضرب المثال بأننا نعتقد أننا نرى بولس يسقط من فوق حصانه على الطريق إلى دمشق، في حين أنه لا يوجد في الواقع ذكر لحصان في النص، كما لا يوجد ذكر لتفاحة ولا خطيئة أصلية في قصة "السقوط" المزعومة.

وبالتالي، يرى الكاتب أن الجانب السلبي لهذه النصوص هو أننا نقرؤها من خلالها، لأن الصور والتراكيب اللاهوتية تسبق قراءتنا وتربكها، خاصة أن "الكتاب المقدس كان ولا يزال مجالا عظيما للإسقاطات".

وخلص توماس رومر إلى أن من يكتفي بالاعتقاد أنه قرأ الكتاب، ومن يقرؤه ليجد الإجابة على أسئلته وهو يهمس بالإجابات عليها، فلن يجد شيئا ولذلك لا بد من الوقوف بشكل أصيل أمام النصوص حتى نسمح لها بتغييرنا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر يشارك في افتتاح مجالس تقريب التراث بكلية اللغة العربية بالقاهرة
  • الحرب في ولاية الخرطوم محسومة تماماً، قبل ما تبدا المعركة الفاصلة
  • استعدادا لمبادرة " مدرستي تكتب وتقرأ بطلاقة " مدير تعليم مطروح تتابع ورش العمل لمعلمي اللغة العربية
  • جدول توزيع منهج اللغة العربية للصف الأول الإعدادي الترم الثاني
  • مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ينظم زيارة لمعرض الكتاب
  • معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية
  • رؤية مستقبلية للغة العربية.. ندوة بمعرض الكتاب عن دور الذكاء الاصطناعي في التطوير
  • مركز تعليم اللغة العربية ينظم زيارة للطلاب الوافدين إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • د.حماد عبدالله يكتب: قراءة فى صفحات تاريخ الوطن !!
  • لاكروا: لماذا لا أحد يقرأ الكتاب المقدس؟