الجزيرة:
2025-02-06@03:26:50 GMT

لماذا تعمد إمام أوغلو التطاول على حماس؟!

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

لماذا تعمد إمام أوغلو التطاول على حماس؟!

في تصريحات له على قناة "سي إن إن إنترناشيونال" أعلن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو أن ما قامت به حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو عمل إرهابي، وأن أي كيان يقوم باستهداف المدنيين وذبحهم هو منظمة إرهابية من وجهة نظره، وهي التصريحات التي تصدرت العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية، وأفردت لها وسائل إعلام الكيان الصهيونيّ المسموعة والمرئية مساحات واسعة من ساعات بثّها.

حرب إعلامية وسياسية

تصريحات إمام أوغلو أدّت في الوقت نفسه إلى اشتعال حرب إعلامية واسعة النطاق داخل تركيا، حيث رحّب بها التيار المؤيد له، إذ حاول بعضهم الدفاع عنه، وعن موقفه من الحرب على غزة، عبر تقديم تفسيرات وتحليلات لما قصده وما عنيه بكلماته، التي فُهمت – وفق طرحهم- على غير المراد منها، بل وسعوا جاهدين لتبرير ما ذهب إليه في تصريحاته، بل ونفي توصيفه حماس بأنها منظمة إرهابية، وأن التوصيف كان على الفعل وليس الفاعل!.

بينما رفض التياران: القومي والإسلامي كل ما تفوّه به إمام أوغلو، معلنين عن الغضب من تخطي الرجل حدود منصبه ووظيفته التي اختير من أجلها كرجلٍ خدمي لا سياسيٍّ، وبالتالي كان عليه الاحتفاظ بوجهة نظره لنفسه ولا يخرج بها هكذا إلى العلن.

الحرب المشتعلة بسبب هذه التصريحات لم تتوقف عند هذا الحد، بل تخللتها تصريحات أدلى السياسيون والحزبيون على اختلاف توجهاتهم الأيديولوجية بدلوهم فيها، منهم من عبّر عن أسفه لصدور مثل هذه التصريحات من أحد المسؤولين داخل تركيا، حتى وإن كان مسؤولًا خدميًا لا علاقة له بالسياسة العامة للدولة.

ومنهم من اعتبر تصريحاته مسيئة تستوجب الاعتذار لكل من الشعبَين: الفلسطيني والتركي، وهناك من شن عليه هجومًا شديدًا، واصفًا إياه بصديق إسرائيل في تركيا، وفريق آخر اعتبر الأمر برمته زلة لسان، وخطأ غير مقصود.

حملة رئاسية مبكرة

وبغض النظر عن التبريرات التي أطلقها مؤيدوه أو الهجوم الذي شنه معارضوه، يبدو أن الرجل قرر المضي قدمًا في خططه الرامية إلى إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2028، وأنه بهذا التصريح يدشّن على ما يبدو حملته الانتخابية.

وذلك بعد أن حقق فوزًا في الانتخابات المحلية، واستطاع الاحتفاظ بمنصبه كرئيس لبلدية إسطنبول الكبرى للسنوات الخمس المقبلة، وهو الفوز الذي لم يكن هو نفسه يتوقعه بعد فشله في إدارة المدينة، وزيادة حجم معاناة قاطنيها نتيجة قراراته المتضاربة.

وفي سبيل تحقيق هذه الرغبة قرر البدء مبكرًا بإطلاق حملته، مستغلًا الأحداث الجارية، والاختلاف الواضح في وجهات النظر تجاه أحداث غزة بين الدولة التركية والدول الغربية، إذ من الواضح للعيان أنه يستهدف بهذا التصريح التقرب من الدول الأوروبية  – والولايات المتحدة الأميركية تحديدًا – من خلال تبنيه وجهة نظرها بشأن القضايا الدولية والإقليمية، وإعلانه السير على دربها حتى وإن خالف هذا الدرب توجهات السياسة الخارجية التركية في مجملها.

وهو بهذه التصريحات المسيئة التي أطلقها بشأن حماس أراد تقديم نفسه للغرب على أنه رجلهم المنشود الذي يمكن أن يكون الشخص المناسب لخلافة أردوغان في حكم تركيا، وأنه يمثل بالنسبة لهم الخيار الأمثل، الذي يؤمن بتوجهاتهم، ويتبنّى وجهات نظرهم، ويسعى لتحويل بوصلة السياسة الخارجية في الاتجاه الذي يريدونه ويطمحون إليه.

وذلك بهدف ضمان دعمهم له لتحقيق رغبته في تبوُّؤ منصب الرئيس والعودة بقاطرة البلاد والعباد إلى مرحلة التبعية، والسير على النهج الذي يريدونه، من خلال تنفيذ توجهاتهم، وتبني وجهات نظرهم، والالتزام بتعليماتهم، وهذا لن يتأتى بطبيعة الحال إلا من خلال إصداره التصريحات التي توافق هواهم، وتنال رضاهم، وتضمن دعمهم له في معركته المنتظرة.

حماس والتصدي للاحتلال

نسي إمام أوغلو في خضم محاولاته استرضاء الغرب وواشنطن بوصف حماس بالمنظمة الإرهابية، أنه لم يجرؤ على وصم الكيان الصهيوني بنفس الصفة، الذي ارتكب منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مذابح وحشية، وشن حرب إبادة جماعية ضد المدنيين، وقتل أكثر من أربعة وثلاثين ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ودمر المدارس، والمستشفيات، والجوامع والكنائس، وحتى المخيمات على رؤوس قاطنيها.

وأن حماس ومقاتليها في كتائب القسام هم من يتصدون لهمجية الاحتلال، ويقومون بالدفاع عن الشعب الفلسطيني ومحاولة استعادة حقوقه المهدرة من الكيان المحتل، الذي يمارس أبشع أنواع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مستخدمًا جميع الأسلحة المحرمة دوليًا بما فيها سلاح التجويع.

تساؤلات منطقية مشروعة

ولعل التساؤل الذي يجب أن يوجه لرئيس بلدية إسطنبول وحزبه الشعب الجمهوري الذي يتبنّى نفس وجهة النظر، التي ترى أن أي تنظيم يقتل المدنيين هو منظمة إرهابية، لماذا لم تقوموا باتهام إسرائيل بأنها دولة إرهابية على خلفية تسببها في استشهاد أكثر من أربعة وثلاثين ألف مدني في غزة منذ اندلاع المواجهات في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقط، واستخدامها الغذاء سلاحًا لقتل الأطفال وسكان غزة، خلافًا لكافة الأعراف الدولية.

نسي إمام أوغلو وحزبه أن مصطفى كمال أتاتورك قام خلال حرب الاستقلال بتنظيم المقاومة الشعبية ضد قوات الاحتلال، وأنشأ تنظيمًا مسلحًا لم تعترف به الحكومة العثمانية آنذاك نتيجة لضغوط بريطانيا، واعتُبر التنظيم في نظر الجميع إرهابيًا، وهو نفس الموقف الذي تواجهه حماس اليوم من جانب حكومة محمود عباس، التي لا تدعم حماس، ولا ترى فيما تقوم به نضالًا ضد الغاصب المحتل.

فلو كان أكرم إمام أوغلو وقادة حزب الشعب الجمهوري موجودين أيام أتاتورك الذي يفتخرون بأنهم حزبه، ويدينون له بالولاء، ويقدسون نهجه السياسي، ويعتبرونه نبراسًا يضيء لهم الطريق، فهل كانوا سيعتبرونه مناضلًا أم كانوا سينظرون له على أنه ورفاقه إرهابيون كما هي نظرتهم لحماس الآن!

مواقف غريبة ومتضاربة

الغريب والمثير للدهشة في موقف إمام أوغلو وحزبه أنهم اعتبروا حماس منظمة إرهابية، بينما لا يرون غضاضة في عقد تحالف انتخابي مع حزب يتهمه القضاء التركي رسميًا بالتعاون مع عناصر مسلحة خارجة على القانون، وبأنه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربًا انفصالية ضد الدولة التركية منذ عقود مضت، وسقط بسببها العديد من المدنيين الأتراك!

أخطأ إمام أوغلو حينما قرر الزجّ بنفسه في أحداث سياسية خارجية، والخوض فيها بتصريحات تمثل وجهة نظره الشخصية، التي تخالف في مجملها توجهات الدولة التركية المعلنة رسميًا، حتى وإن اختلف معها، فمنصبه كرئيس لبلدية إسطنبول هو منصب خدمي في المقام الأول، وكان يجب عليه الالتزام بما يمليه عليه هذا المنصب، ولا تخرج تصريحاته عن حدود تلك الوظيفة، حتى وإن كان الدافعُ وراء هذا السلوك أسبابًا سياسية، فهي تخصّه وحده.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات منظمة إرهابیة إمام أوغلو حتى وإن

إقرأ أيضاً:

شهادات حيّة ترصدها الجزيرة نت عن مجازر حافظ الأسد في حماة

حماة- 5 عقود، وقصص وحكايات مروعة كانت طيّ الكتمان في مدينة حماة، آلاف الضحايا قتلوا على يد قوات الأسد في عهد الرئيس الراحل حافظ وشقيقه رفعت عام 1982، في عشرات المجازر التي لم يشهد لها العالم في التاريخ الحديث مثيلا، حسب وصف الأهالي.

وبعد التحرير وسقوط حكم عائلة الأسد، بدأت ذكريات المجازر وما عاشه أهالي حماة تُروى بشكل علني وبدون خوف، للمرة الأولى.

فمنهم من نجا من مجزرة، ومنهم من شاهد مجازر، ومن قتلت كل عائلته، شهود يروون للجزيرة نت حكايات مجازر قوات الأسد في مدينة حماة، ويتذكرون تفاصيلها بأسى من قتل بالرصاص الحي وحرق للجثث واللحى في الوجوه، والدفن أحياء في الخنادق.

بعض شهداء مجزرة حماة 1982 (ناشطون-أرشيف) صراع قديم

عبد الجبار جزماتي، ناشط إعلامي في حماة، قال إن تاريخ معارضة حماة لحكم الأسد ليس وليد الثورة عام 2011، وإن مجازر نظام الأسد لم تتركز فيها فقط عام 1982، وإنما بدأ صراع معارضة حماة للأسد منذ إعلان الراحل حافظ لتعديل الدستور عام 1973، وخروج كل أهالي حماة حينها ضدّه، بمن فيهم طلبة المدارس الإعدادية.

ومع تصاعد وتيرة الصراع في حماة ضد الأسد الأب ومع حركات الاغتيالات عام 1979، بدأت عائلة الأسد فرض طوق أمني، إلى بداية المجازر عام 1981 التي راح ضحيتها أكثر من 200 مواطن خلال 3 أيام، كما يقول الناشط.

ويروي جزماتي كيف غابت المجازر عن أعين الإعلام حينها ولم تُوثق إلى الآن، وصولا إلى المجزرة الشهيرة عام 1982 التي قامت بها "قوات سرايا الدفاع" وقوات من الجيش بأوامر من رفعت الأسد، حيث قتلت رجالها وشبّانها وأطفالها، ودمرت المدينة وغيرت معالمها، ومسحت حيي الكيلانية والزنبقي بالكامل، وما زالت معالم القصف والدمار حيّة إلى اليوم.

إعلان

ناج من المجزرة

الجزيرة نت رافقت المواطن الستيني حيان عبد القادر القرن، من حماة مواليد 1962، إلى الحي الذي حصلت فيه مجزرة عام 1981 وهو حي بستان السعادة قرب قلعة حماة الأثرية، والذي شهد 3 مجازر متتالية على أيدي قوات حافظ الأسد عامين متتاليين، إحداها نجا منها حيّان بأعجوبة وكان الناجي الوحيد من هذه المجزرة من بين 16 شخصا من أهالي الحي.

وفي المكان ذاته وبعد 44 عاما، يقف حيّان في الموقع ذاته للمجزرة التي نجا منها، ليروي للجزيرة نت تفاصيلها وما حصل حينها.

فيقول "في 24 أبريل/نيسان 1981 يوم الجمعة، حصل إطلاق رصاص كثيف من طرف واحد من قبل قوات الأسد، دون أن نعرف السبب، وبقي الناس في منازلهم، وبعد ساعة تقريبا دُقّ باب المنزل، لتفتح والدتي وطلب منها عنصر من عناصر الجيش إخراج الشباب الموجودين".

ويتابع حيان "خرجت مع أخي عمار (مواليد 1964) وكان العنصر الأمني يريد أن يأخذ أخي الأصغر تمّام، ولكن أمي رفضت بسبب صغر سنّه فتركه في المنزل، بعدها تم إخراج جميع أبناء الحي والجيران وصفّهم على شكل رتل، وكان عمّار الشخص الأخير الموجود في الرتل، وضربه أحد عناصر الأسد بالبندقية على ظهره، فتألم بشكل كبير وهو صغير لم يتجاوز عمره 16 عاما، فطلب منّي مبادلته لأقف مكانه نهاية الرتل من الجهة اليسرى".

قتل بالرصاص الحي

تم أخذهم هؤلاء جميعا إلى جانب معمل "بلاط" كان على أطراف قلعة حماة الأثرية قرب الحي، وتم إيقافهم على حائط المعمل، ليبدأ بعدها إمطارهم بالرصاص بشكل مباشر من عناصر الأسد على المدنيين برشاش ثقيل من الجهة اليمنى إلى اليسرى، كما يروي حيان.

ويضيف الشاهد على المجزرة "قُتل أخي على كتفي، وأصبت أنا في فخذي الأيسر، وبقيت على قيد الحياة. لكن من هول المنظر، فقدت الوعي، واستيقظت من غيبوبتي عند شعوري بالنيران التي أشعلتها عناصر الجيش بالجثث لإحراقنا، وعند محاولتي الهرب من النار المشتعلة، انتبه أحد العناصر الأمنية الموجودين، وعند محاولته قتلي سألته سؤالا واحدا قبل أن يقتلني: نحن ماذا فعلنا، نحن مع مين؟ فأنزل بندقيته وطلب مني بشكل خفي واضعا يده أمام بطنه بالسماح لي بالزحف والهرب". 

إعلان

ويقول "بعد استطاعتي الزحف إلى داخل معمل البلاط، والدماء تسيل من قدمي، اختبأت بين الأكياس، مدّة ساعتين تقريبا، ولم يعد بقدرتي الحركة بشكل نهائي بسبب نزفي المستمر، لكنّ نساء شاهدن المجزرة من خلف ستارات شرفاتهن، وقد شاهدن دخولي إلى المعمل سرّا، فطلبن أن يساعدنني، وتم إسعافي على باب خشبي إلى منزلي، وبقيت حتى صلاة المغرب دون إسعاف للمشفى لعدم قدرتهن على الخروج خوفا من الجيش".

وتحدّث حيان عن مجازر أخرى حصلت عام 1981 أيضا لـ4 مواطنين من عائلة الشامي، فقد قتلوا قرب جامع النوري في حي بستان السعادة، بالرصاص الحي عند حائط منزلهم. كما تحدث شاهد العيان عن مجازر أخرى متفرقة باليوم نفسه.

حرق اللحى

أما بسام محمد خميس وناجِ آخر من مجازر الأسد في حي بستان السعادة، من مواليد 1957، فقد قال "نادت الوحدات الخاصة وسرايا الدفاع في الحي على جميع الشبّان للخروج من منازلهم مصطحبين بطاقاتهم الشخصية، وكان لي أخ ملتحِ، وكان كل شخص له لحية تقوم عناصر الأسد بحرق لحيته حيّا، ثم ذبحه بشكل مباشر، كما حصل أيضا مع شخص من عائلة المصدّر من الحي ذاته".

وحكى خميس عن سماعه عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي ما دار بين عناصر الأسد والضبّاط، وحديثهم عن مقتل 75 شخصا في 24 أبريل/نيسان عام 1981، في حي بستان السعادة، وطلب الضابط حينها الانسحاب وترك من تبقى فيه، في تأكيد من المواطن على علم قيادة نظام حافظ والمسؤولين حينها عن المجازر وأعداد الضحايا بشكل تام.

وشاهد خميس يوم 2 فبراير/شباط 1982 القصف العشوائي على حي الكيلانية التي هدمته المدافع الميدانية لقوات رفعت بشكل كامل. وروى مشاهدته لانتشار القتلى على الأرض، وجرحى من النساء. وقال إنه بعد 3 أيام بدأ الجيش بتمشيط المناطق، وتم أخذه مع آخرين يقدّر عددهم بـ29 شخصا من الحي باتجاه وسط المدينة "ساحة العاصي" من أجل إعدامهم ميدانيا، لكنّه نجا بسبب أن ضابطا كان موجودا هناك قال لهم "لدي ولد مريض، لن أقوم بقتلكم، عسى أن يشفي الله ولدي بحسنتكم" ثم خبّأهم جميعهم داخل دكّان صغير لمدة 3 أيام.

إعلان

مجازر في كل مكان

وحكى خميس للجزيرة نت أنه عمل موظفا في شركة الطرق والجسور، وأن المحافظة طلبت منهم -بعد انتهاء مجازر 82 في 30 فبراير/شباط- تنظيف الطرق وعلامات القتل، حيث شاهد حينها بشكل مباشر 4 مجازر، ويقول إنه لن ينساها أبدا:

إحداها مجزرة قرب الفرن الآلي في شارع صلاح الدين، وكانت منجرة خشب بداخلها نحو 30 شخصا محروقا بعد قتلهم. وأخرى في سوق النجارين وجد بداخلها 15 شخصا تم قتلهم وحرقهم أيضا لإخفاء معالم الجثث. وعلى أطراف نهر العاصي وجدوا ما يقارب 10 جثث تم إلقاؤها بعد قتلها وحرقها. والمشهد الأكبر هو ما وجدوه في حمام الشيخ الذي كان بمثابة مشفى ميداني للجرحى من القصف، حيث وضعت متفجرات من قبل عناصر الجيش داخل المشفى وفجّروه بمن فيه من الجرحى، وهدموا الحمّام على رؤوس من فيه، متحدثا عن مقتل أكثر من 20 قتيلا من النساء والأطفال، بخلاف مقتل جميع الرجال في حي الكيلانية بعد تفجيره بشكل كامل فوق رؤوس أهله.

الاغتصاب وقتل الأجنة

سامر المدني من أهالي حماة مواليد 1968، شاهد آخر على مجازر الأسد عام 1982، تحدّث للجزيرة نت وهو يقف على أنقاض حي الزنبقي الذي دمرته مدافع الجيش ذلك العام، وهدمتّه بشكل كامل.

وأكّد شاهد العيان أن عدد ضحايا مجزرة 82 أكبر بكثير من الأرقام والأسماء الموثقة لدى الشبكات الحقوقية، وأعداد المفقودين وصلت إلى 100 ألف مفقود لم يعرف مصيرهم إلى الآن. وأضاف "المجازر لم تخلف طفلا أو امرأة في حماة، فقد قاموا ببقر البطون، وقتل الأجنّة بعد إخراجها من بطون أمهاتها، واغتصاب النساء بشكل مريع، ولم يشهد التاريخ الحديث مجزرة كالتي حدثت في حماة.

وعما رآه وهو ابن 13 عاما، قال المدني إن أحياء الشيخ عنبر والعجزة ووادي الحوارنة شهدت اجتياحا لقوات الأسد في 25 فبراير/شباط 1982، وخلف مدرسة المرأة العربية تم إخراج الأهالي من الكبار والصغار وإعدامهم جميعا على أبواب المنازل، كما شوهد حينها قتلى من أبناء الديانة المسيحية لعدم تفرقة النظام بالقتل بين المدنيين.

إعلان

وفي السياق ذاته، قال الشاهد "علمنا حينها عن حملات اعتقال قامت بها قوات أفرع المخابرات حينها من أحياء مختلفة، وتم أخذهم إلى مدرسة الصناعة الواقعة بداية طريق حماة حمص الدولي، ووضع رؤوس المعتقلين على ملازم الحديد والضغط عليها حتى فسخها نصفين، وقد ثقبت الأيادي والرؤوس والعيون والأرجل بمثاقب حديدية، وتم إعدام الناس البريئة عبر طرق تعذيب وحشية".

دفن بالخنادق

ويروي عادل عبد المعين جتّو ابن مدينة حماة (مواليد 1964) وهو يقف قرب أكبر المقابر الجماعية لضحايا المدينة المكلومة إثر مجازر 82 -في مقبرة سريحين جنوبي حماة- إثر مجزرة سريحين أو ما يعرف بمجزرة جنوب الملعب، حيث أتى أمر للجنود حينها من قيادات الوحدات الخاصة باعتقال جميع الشباب والرجال خلف مشفى حماة الوطني جنوب الملعب بحماة والذي كان حديثا حينها، وتم جمع عدد كبير من أهالي الحي وأخذهم إلى مقبرة سريحين، وقتلهم جميعا.

وتُقدر أعدادهم بـ5 آلاف ضحية حينها، وحُفرت خنادق ودفنوا فيها، وبعضهم دفن حيّا.

إن "أهالي حماة فقدوا آباءهم وأجدادهم في أحداث الثمانينيات" وذلك بعد مقتل والده وأعمامه وأعمام والده، كما يقول محمد ابن عائلة المراد (من مواليد 1970) وهو شاهد عيان على مجازر حماة.

وتحدّث الشاهد عن سبب مقتل والده وأعمامه وعمّ والده الشيخ بشير المراد الذي كان يشغل منصب مفتي حماة حين رفض المساومة وتهدئة الأوضاع في حماة -خلال مقابلته لحافظ الأسد يوم 27 رمضان في دمشق- رغم التهديد وعرض المناصب. لكنّه رفض، مما أدى إلى نقمة الأسد عليه وعلى علماء حماة.

ويروي ابن عائلة المراد أنه مع أحداث 1982، أشار أحد المسؤولين في حماة بمقابلة تلفزيونية إلى عدم تعاون الشيخ المراد مع الحكومة، وعندها تنبّهت أفرع الأمن إلى أفراد العائلة، أرسلوا اليوم التالي حملة عسكرية كبيرة مدججة بالسلاح جاءت إلى منزل الشيخ وكان يضم عائلته، وتم اقتيادهم إلى مطار حماة العسكري، وبحسب المعلومات التي وردتهم فإن المخابرات حينها نقلتهم إلى مكان مجهول لم يعرف حتى الآن.

إعلان

ويحكي محمد إحدى هذه الروايات، وهي قصص من بين أكثر من 140 ألف قصة، لكل ضحية ومفقود قُتلوا على أيدي قوات "الأسد حافظ".

مقالات مشابهة

  • ثلثا سكان سانتوريني يغادرون الجزيرة في ظل استمرار الزلازل
  • عمدة إسطنبول يواجه خطر السجن 7 سنوات!
  • شهادات حيّة ترصدها الجزيرة نت عن مجازر حافظ الأسد في حماة
  • الجزيرة ترصد عودة مظاهر الحياة في مدينة الخرطوم بحري
  • حكومة الجزيرة: تشغيل جميع الخدمات في المناطق والمدن التي تم تحريرها
  • هل يقرر ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا؟.. جدل داخلي وضغوط إسرائيلية
  • هجوم من ماسك وترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: "منظمة إرهابية" تدار من "مجانين متطرفين"
  • بزشكيان: تطوير قدراتنا الدفاعية لردع الاعداء عن التطاول علينا
  • الجزيرة ترصد وصول شاحنات الغاز إلى شمال غزة
  • عاجل | مراسل الجزيرة: 12 قتيلا في انفجار سيارة مفخخة في مدينة منبج شرقي حلب