الجزيرة:
2024-12-25@19:25:08 GMT

لماذا تعمد إمام أوغلو التطاول على حماس؟!

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

لماذا تعمد إمام أوغلو التطاول على حماس؟!

في تصريحات له على قناة "سي إن إن إنترناشيونال" أعلن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو أن ما قامت به حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو عمل إرهابي، وأن أي كيان يقوم باستهداف المدنيين وذبحهم هو منظمة إرهابية من وجهة نظره، وهي التصريحات التي تصدرت العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية، وأفردت لها وسائل إعلام الكيان الصهيونيّ المسموعة والمرئية مساحات واسعة من ساعات بثّها.

حرب إعلامية وسياسية

تصريحات إمام أوغلو أدّت في الوقت نفسه إلى اشتعال حرب إعلامية واسعة النطاق داخل تركيا، حيث رحّب بها التيار المؤيد له، إذ حاول بعضهم الدفاع عنه، وعن موقفه من الحرب على غزة، عبر تقديم تفسيرات وتحليلات لما قصده وما عنيه بكلماته، التي فُهمت – وفق طرحهم- على غير المراد منها، بل وسعوا جاهدين لتبرير ما ذهب إليه في تصريحاته، بل ونفي توصيفه حماس بأنها منظمة إرهابية، وأن التوصيف كان على الفعل وليس الفاعل!.

بينما رفض التياران: القومي والإسلامي كل ما تفوّه به إمام أوغلو، معلنين عن الغضب من تخطي الرجل حدود منصبه ووظيفته التي اختير من أجلها كرجلٍ خدمي لا سياسيٍّ، وبالتالي كان عليه الاحتفاظ بوجهة نظره لنفسه ولا يخرج بها هكذا إلى العلن.

الحرب المشتعلة بسبب هذه التصريحات لم تتوقف عند هذا الحد، بل تخللتها تصريحات أدلى السياسيون والحزبيون على اختلاف توجهاتهم الأيديولوجية بدلوهم فيها، منهم من عبّر عن أسفه لصدور مثل هذه التصريحات من أحد المسؤولين داخل تركيا، حتى وإن كان مسؤولًا خدميًا لا علاقة له بالسياسة العامة للدولة.

ومنهم من اعتبر تصريحاته مسيئة تستوجب الاعتذار لكل من الشعبَين: الفلسطيني والتركي، وهناك من شن عليه هجومًا شديدًا، واصفًا إياه بصديق إسرائيل في تركيا، وفريق آخر اعتبر الأمر برمته زلة لسان، وخطأ غير مقصود.

حملة رئاسية مبكرة

وبغض النظر عن التبريرات التي أطلقها مؤيدوه أو الهجوم الذي شنه معارضوه، يبدو أن الرجل قرر المضي قدمًا في خططه الرامية إلى إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2028، وأنه بهذا التصريح يدشّن على ما يبدو حملته الانتخابية.

وذلك بعد أن حقق فوزًا في الانتخابات المحلية، واستطاع الاحتفاظ بمنصبه كرئيس لبلدية إسطنبول الكبرى للسنوات الخمس المقبلة، وهو الفوز الذي لم يكن هو نفسه يتوقعه بعد فشله في إدارة المدينة، وزيادة حجم معاناة قاطنيها نتيجة قراراته المتضاربة.

وفي سبيل تحقيق هذه الرغبة قرر البدء مبكرًا بإطلاق حملته، مستغلًا الأحداث الجارية، والاختلاف الواضح في وجهات النظر تجاه أحداث غزة بين الدولة التركية والدول الغربية، إذ من الواضح للعيان أنه يستهدف بهذا التصريح التقرب من الدول الأوروبية  – والولايات المتحدة الأميركية تحديدًا – من خلال تبنيه وجهة نظرها بشأن القضايا الدولية والإقليمية، وإعلانه السير على دربها حتى وإن خالف هذا الدرب توجهات السياسة الخارجية التركية في مجملها.

وهو بهذه التصريحات المسيئة التي أطلقها بشأن حماس أراد تقديم نفسه للغرب على أنه رجلهم المنشود الذي يمكن أن يكون الشخص المناسب لخلافة أردوغان في حكم تركيا، وأنه يمثل بالنسبة لهم الخيار الأمثل، الذي يؤمن بتوجهاتهم، ويتبنّى وجهات نظرهم، ويسعى لتحويل بوصلة السياسة الخارجية في الاتجاه الذي يريدونه ويطمحون إليه.

وذلك بهدف ضمان دعمهم له لتحقيق رغبته في تبوُّؤ منصب الرئيس والعودة بقاطرة البلاد والعباد إلى مرحلة التبعية، والسير على النهج الذي يريدونه، من خلال تنفيذ توجهاتهم، وتبني وجهات نظرهم، والالتزام بتعليماتهم، وهذا لن يتأتى بطبيعة الحال إلا من خلال إصداره التصريحات التي توافق هواهم، وتنال رضاهم، وتضمن دعمهم له في معركته المنتظرة.

حماس والتصدي للاحتلال

نسي إمام أوغلو في خضم محاولاته استرضاء الغرب وواشنطن بوصف حماس بالمنظمة الإرهابية، أنه لم يجرؤ على وصم الكيان الصهيوني بنفس الصفة، الذي ارتكب منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مذابح وحشية، وشن حرب إبادة جماعية ضد المدنيين، وقتل أكثر من أربعة وثلاثين ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ودمر المدارس، والمستشفيات، والجوامع والكنائس، وحتى المخيمات على رؤوس قاطنيها.

وأن حماس ومقاتليها في كتائب القسام هم من يتصدون لهمجية الاحتلال، ويقومون بالدفاع عن الشعب الفلسطيني ومحاولة استعادة حقوقه المهدرة من الكيان المحتل، الذي يمارس أبشع أنواع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مستخدمًا جميع الأسلحة المحرمة دوليًا بما فيها سلاح التجويع.

تساؤلات منطقية مشروعة

ولعل التساؤل الذي يجب أن يوجه لرئيس بلدية إسطنبول وحزبه الشعب الجمهوري الذي يتبنّى نفس وجهة النظر، التي ترى أن أي تنظيم يقتل المدنيين هو منظمة إرهابية، لماذا لم تقوموا باتهام إسرائيل بأنها دولة إرهابية على خلفية تسببها في استشهاد أكثر من أربعة وثلاثين ألف مدني في غزة منذ اندلاع المواجهات في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقط، واستخدامها الغذاء سلاحًا لقتل الأطفال وسكان غزة، خلافًا لكافة الأعراف الدولية.

نسي إمام أوغلو وحزبه أن مصطفى كمال أتاتورك قام خلال حرب الاستقلال بتنظيم المقاومة الشعبية ضد قوات الاحتلال، وأنشأ تنظيمًا مسلحًا لم تعترف به الحكومة العثمانية آنذاك نتيجة لضغوط بريطانيا، واعتُبر التنظيم في نظر الجميع إرهابيًا، وهو نفس الموقف الذي تواجهه حماس اليوم من جانب حكومة محمود عباس، التي لا تدعم حماس، ولا ترى فيما تقوم به نضالًا ضد الغاصب المحتل.

فلو كان أكرم إمام أوغلو وقادة حزب الشعب الجمهوري موجودين أيام أتاتورك الذي يفتخرون بأنهم حزبه، ويدينون له بالولاء، ويقدسون نهجه السياسي، ويعتبرونه نبراسًا يضيء لهم الطريق، فهل كانوا سيعتبرونه مناضلًا أم كانوا سينظرون له على أنه ورفاقه إرهابيون كما هي نظرتهم لحماس الآن!

مواقف غريبة ومتضاربة

الغريب والمثير للدهشة في موقف إمام أوغلو وحزبه أنهم اعتبروا حماس منظمة إرهابية، بينما لا يرون غضاضة في عقد تحالف انتخابي مع حزب يتهمه القضاء التركي رسميًا بالتعاون مع عناصر مسلحة خارجة على القانون، وبأنه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربًا انفصالية ضد الدولة التركية منذ عقود مضت، وسقط بسببها العديد من المدنيين الأتراك!

أخطأ إمام أوغلو حينما قرر الزجّ بنفسه في أحداث سياسية خارجية، والخوض فيها بتصريحات تمثل وجهة نظره الشخصية، التي تخالف في مجملها توجهات الدولة التركية المعلنة رسميًا، حتى وإن اختلف معها، فمنصبه كرئيس لبلدية إسطنبول هو منصب خدمي في المقام الأول، وكان يجب عليه الالتزام بما يمليه عليه هذا المنصب، ولا تخرج تصريحاته عن حدود تلك الوظيفة، حتى وإن كان الدافعُ وراء هذا السلوك أسبابًا سياسية، فهي تخصّه وحده.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات منظمة إرهابیة إمام أوغلو حتى وإن

إقرأ أيضاً:

مقتل 11 شخصًا على الأقل في انفجار مصنع ذخيرة في شمال غرب تركيا

قُتل 11 شخصًا على الأقل وأُصيب سبعة آخرون بجروح الثلاثاء، في انفجار وقع في مصنع ذخيرة في شمال غرب تركيا، وفق حصيلة جديدة للسلطات.
وجاء في تصريح لوزير الداخلية التركي علي يرليكايا من موقع الانفجار "هناك للأسف 11 قتيلا... ثماني نساء وثلاثة رجال. وهناك سبعة جرحى".
أخبار متعلقة وباء محتمل.. حمى "لاسا" تقتل 190 شخصًا في نيجيرياهل يمثل الرئيس الكوري الجنوبي لطلب استجوابه غدًا؟ محاميه يجيبوكانت حصيلة سابقة أفاد بها وزير الصحة التركي، كمال مميس أوغلو، على منصة إكس أشارت إلى مقتل 12 شخصا ونقل خمسة جرحى إلى المستشفيات.
وقال حاكم ولاية باليكسر (بالي قصر) إسماعيل أوستا أوغلو "إنّ الانفجار وقع قبيل الساعة 8,30 صباحًا (05,30 بتوقيت جرينتش) الثلاثاء، بسبب "خلل فني" على خط إنتاج.ليست خطيرة
وأوضح أوستا أوغلو أنّ الموظفين المصابين جراء الانفجار نُقلوا إلى المستشفى ولكن حالتهم ليست خطرة.
وبحسب السلطات المحلية، فإنّ المصنع الذي وقع فيه الانفجار يُنتج ذخائر ومتفجّرات للاستخدام المدني.
وأظهرت صور بثّتها محطات تلفزيونية تركية، قسما من المصنع وقد دمر كليا وألواحًا معدنية وقطعا من الزجاج متطايرة على بعد عشرات المتار.
ووصف شاهد الموقع بأنه "ساحة معركة" على قناة إن تي في الإخبارية.إخلاء المصنع
وأشار المصدر ذاته إلى أنّ عناصر الإطفاء تمكّنوا من إخماد حريق اندلع بعد الانفجار، كما تمّ إخلاء المصنع بشكل كامل.
ويقع المصنع على بعد حوالى كيلومتر من أقرب قرية شمال مدينة بليكسر، بحسب صور الأقمار الصناعية التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعازيه وأرسل وزيري الداخلية والعمل إلى الموقع.عمل تخريبي
فُتح تحقيق في الحادث، وتمّ استبعاد احتمال وقوع عمل تخريبي، وفق السلطات.
في يونيو 2023، لقي خمسة أشخاص حتفهم جراء انفجار في مصنع متفجّرات في العاصمة التركية أنقرة.
وفي يوليو 2020، قُتل سبعة أشخاص وأصيب نحو 130 بجروح في انفجار وقع في مصنع للألعاب النارية في ولاية سكاريا (شمال غرب).
ووقع في المصنع ذاته انفجاران في العامين 2009 و2014، أسفرا عن مقتل شخصين وإصابة نحو 40 شخصًا بجروح، وفقا لوسائل الإعلام التركية.

مقالات مشابهة

  • هل يعود داود أوغلو إلى حزب العدالة والتنمية؟
  • اليمن وفلسطين.. تحالف تعمد بالدم ضد طغيان أمريكا و”إسرائيل”
  • إمام أوغلو ومنصور يافاش يعلقان على قيمة الحد الأدنى للأجور
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • إيطاليا تعلن تفكيك خلية إرهابية تدعو لدعم القاعدة وداعش
  • لماذا عاد رامي إمام للمسرح بعد غياب 14 عاما؟ السر في «الباشا».. فيديو
  • مقتل 11 شخصًا على الأقل في انفجار مصنع ذخيرة في شمال غرب تركيا
  • تركيا تعلن خطة عمل عاجلة في سوريا
  • ضغوط إسرائيلية لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
  • خالد الغندور يوجه نصيحة لـ إمام عاشور: حافظ على النعمة التي تعيش فيها