حراك الطلاب في أمريكا والغرب ودلالاته
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
فاجأ الطلاب في أمريكا، في جامعة كولومبيا العالم كله بحراكهم تضامنا مع غزة، والقضية الفلسطينية، ولم تكن المفاجأة في أن التظاهرات في أمريكا، بل كانت على عدة مستويات، من حيث مستوى من قاموا بها، ففي أكبر جامعات أمريكا، وطلبة وأساتذة من مستوى النخبة الأمريكية، أي: أنهم في مستوى وعي سياسي لا يمكن التشكيك به، ولا بدوافعه ونواياه وأهدافه.
ومن حيث وجود طلبة وأساتذة من اليهود في أمريكا والغرب، نزلوا تضامنا مع غزة، ومنددين بالتناقض الصارخ في سلوك الأمريكان والغرب تجاه المجازر التي ترتكب ليل نهار، في ظل تواطؤ الغرب، وسقوط دعاواه في الدفاع عن حقوق الإنسان.
وكذلك من حيث آثاره القريبة التي رآها العالم كله، حيث انتشرت المظاهرات في عدة جامعات أخرى، ووصلت إلى جامعات غربية كبرى، منها: جامعة السوربون في فرنسا، والأمر مرشح للاتساع من حيث رقعة التظاهر، ومن حيث الآثار التي ستترتب على هذا الحراك.
وهنا دلالة مهمة من حيث أعمار من قاموا بالحراك، ومن حيث الآثار المرجوة منه، فأما الأولى، وهي المتعلقة بالأعمار كطلبة الجامعات، فإن هذا العمر لا يستهان به في كل بلد، فإذا كان أثره كبير في بلادنا العربية والمستبدة، والتي لا يزال سقفها في الديمقراطية والحرية متدنيا، بل منعدما، فما بالنا بدول يرتفع السقف فيها إلى درجات كبيرة؟
من قبل كانت مظاهرات الطلبة في جامعة القاهرة سببا في وقف الحرب على العراق، وقت أن كانت القاهرة مركزا للحراك العربي والإسلامي لقضايا الأمة، وكانت الجامعات تنتفض طلبة وأساتذة، وكان قلب مصر النابض آنذاك، مفتاحا لكل خير، ولذا انتبه لذلك الحكم العسكري بقيادة السيسي، فكان أول ما قضى عليه الحراك الطلابي، وحول مباني الجامعات إلى ثكنات عسكرية وأمنية، وحول كل أمر يجري بالانتخاب من اتحاد الطلبة إلى عمداء الكليات، إلى التعيين، وإلى ملف أمني يديره الأمن الوطني، وأصبحت أنفاس الطلبة والأساتذة معدودة، وذلك تمهيدا مبكرا لمثل هذه الأحداث.
فكم من حراك طلابي في جامعات مصر من شرقها لغربها، من جامعة الأزهر بكل أقسامها وفروعها، إلى جامعات القاهرة بكل فروعها كذلك، كانت المظاهرات على كل حدث يتعلق بالأقصى وفلسطين، يجوب جنبات الجامعات، ويتردد صداه في الإعلام، والنقابات المهنية: أطباء، ومهندسين، وغيرها.
إذا كان أثر المظاهرات الطلابية في بلادنا بهذا الحجم، فما بالنا بدول كأمريكا والغرب؟ الأثر أقوى وأشد، وهو ما أصاب نتنياهو والكيان الصهيوني بالرعب والهلع، لخسارتهم على أكثر من مستوى، سواء الشعبي، أو السياسي، أو الإعلامي.
ما نراه من بعض المعاملات الشديدة مع الطلبة، والاعتقال، وفض الاعتصامات، لولا هذه المجتمعات القوية، وما بها من مؤسسات، لما فرق أداؤهم عن دول العالم الثالث تماما، وهو ما بدا من عبارة ترامب الرئيس الأمريكي السابق حين قال عن السيسي ممتدحا إياه بقوله: ديكتاتوري المفضل، فهو يعبر عن نفسية معظم الزعماء الغربيين، فهم بداخلهم يتمنون الاستبداد، ولو أتيحت له الفرصة لفعل، ولا يردعه عن ذلك خلق أو تربية سياسية أو حقوقية.أما الدلالة الثانية من هذا الحراك الطلابي، فهي دلالة: أن المجتمعات القوية، تظل حصانة كبرى ضد الاستبداد، فلولا مؤسسات المجتمع القوية في أمريكا والغرب، لفعلوا مثلما يفعل في بلادنا بالمتظاهرين تماما، ولا يتورع سياسي أو أمني عن فعل أي درجة من التجاوز.
فما نراه من بعض المعاملات الشديدة مع الطلبة، والاعتقال، وفض الاعتصامات، لولا هذه المجتمعات القوية، وما بها من مؤسسات، لما فرق أداؤهم عن دول العالم الثالث تماما، وهو ما بدا من عبارة ترامب الرئيس الأمريكي السابق حين قال عن السيسي ممتدحا إياه بقوله: ديكتاتوري المفضل، فهو يعبر عن نفسية معظم الزعماء الغربيين، فهم بداخلهم يتمنون الاستبداد، ولو أتيحت له الفرصة لفعل، ولا يردعه عن ذلك خلق أو تربية سياسية أو حقوقية.
وما كان يردده البعض عن أن ما يفعله الحكام العرب بشعوبهم، أشد فظاعة مما يفعله الكيان بالفلسطينيين، والمقارنة بين عدد الشهداء في غزة، وعدد الشهداء في رابعة، هو كلام عاطفي لا ينطلق من حقائق، فمن يقدم على قتل شخص بريء، دون رداع له، لن يتورع عن قتل آلاف عندما تحين له الفرصة، الذي يمنع أو يترك الباب مفتوحا: هو المساحة المتاحة للإجرام والاستبداد، وهذا أمر يختلف من مكان لمكان، حسب المؤسسات الموجودة في هذا البلد، فكلهم في الإجرام سواء.
وهو ما تجلى في سلوك رئيس جامعة كولومبيا، والتي عاشت سنين عددا في أمريكا، وتركت مصر منذ سنوات طويلة، ولكن ذلك لم يصنع منها أكاديمية حرة، تحترم العرف الأكاديمي، والمجتمع الحر الذي تعيش فيه، ولتنظر إلى العربي والغربي في الغرب، يحترم إشارة المرور، لكنهما عندما يأتيان لبلادنا كلاهما يكسر الإشارة، ويفعل ما يفعله الناس الجهلة بعدم تقدير الأمر.
فالذي يصنع احترام الحقوق والدساتير والقوانين: المجتمعات القوية، وهو ما حرص الغرب على عدم توفره في بلادنا، ودعم المستبدين وبقائهم في سدة الحكم. وهي النقطة المهمة التي أغاظت الكيان الصهيوني، أن قضية غزة وصلت لمثل هذه المجتمعات، وسواء كان للمسلمين والعرب في الغرب فضل في ذلك أم لا، فهي نقطة تحول في القضية، ينبغي السعي لتكبيرها ورعايتها، فإن غزة وأهلها يستحقون أكثر من ذلك، فيكفي أن شعبا عاش أكثر من ستة أشهر يقصف ليل نهار، ويباد بكل ألوان الأسلحة، ومن جنود من شتى بقاع الأرض، ولا يزال صامدا، مستمسكا بحبل الله المتين، وبحقه في البقاء والعيش على أرضه.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كولومبيا الفلسطينية المظاهرات امريكا مظاهرات فلسطين كولومبيا رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أمریکا والغرب فی بلادنا فی أمریکا وهو ما من حیث
إقرأ أيضاً:
السودان: المراحل المبكرة لإطلاق الاسم ودلالاته (3/4)
د. أحمد الياس حسين
المرحلة الثالثة: مرحلة إطلاق اسم السودان باللغة العربية
تبدأ المرحلة الثالثة من مراحل إطلاق اسم السودان ودلالته عند دخول العرب شمال افريقيا في القرن السابع الميلادي. فقد وجد العرب الاسمين اليونانيين " الاثيوبيين واثيوبيا" مستخدمان للدلالة على البلاد الواقعة جنوب الصحراء وسكانها. واستخدم العرب نفس الاسمين بعد أن عربوهما، فأصبح أسم اثيوبيا باللغة العربية "السودان" وأصبح اسم الاثيوبيون باللغة العربية "السود" أو السودان". وهكذا عرفت البلاد الواقعة جنوب مصر بالسودان. كما وجد العرب حين دخولهم مصر النوباديين سكان مملكة مريس "نوباديا" فأطلقوا عليهم النوبة، ثم توسعوا فيما بعد في إطلاق اسم النوبة ليشمل سكان مملكتي مقُرة علوة.
وقد اعتمدت المصادر العربية فيما يتعلق بأصول سكان العالم بصورة أساسية على التراث العبري الذي أرجع كل سكان العالم إلى سلالة أبناء نوح. فقد جاء في الكتاب المقدس.
"وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث. و حام هو أبو كنعان. وهؤلاء الثلاث هم بنو نوح ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض."(سفر التكوين9: 19-18) وجاء عن تناسل القبائل والأمم: "وهؤلاء قبائل بني نوح حسب مواليدهم بأممهم. ومن هؤلاء تفرقت الأمم في الأرض بعد الطوفان"(سفر التكوين10: 30) وبناءً عليه اتفقت المصادر العربية أن سكان العالم كلهم من سلالة أبناء نوح.
يقول القلقشندي:
" أن الطوفان عمّ جميع الأرض، ولا عبرة بما يذهب إليه الفرس من إنكار الطوفان، ولا بما يذهب إليه بعضهم من تخصيصه بإقليم بابل الذي كان به نوح عليه السلام ... وقع الاتفاق بين النسابين والمؤرخين أن جميع الأمم الموجودة بعد نوح علية السلام من بنيه دون من كانوا معه في السفينة ... رُوِي أنهم كانوا ثمانين رجلاً، وأنهم كانوا من غير عقب." (القلقشندي، قلائد، ج 1 ص 27)
ويلاحظ أن القلقشندي وثق ما نقله عن الطوفان بـ "الاتفاق بين النسابين والمؤرخين" ولم يرجع إلى دليل واضح من التراث الاسلامي.
جاء في الكتاب المقدس عن أبناء حام: "بنو حام: كوش ومصرايم وفوط وكنعان" (سفر التكوين6: 10) وذكر اليعقوبي أن اولاد كوش بن حام هم: "الحبشة والسودان". (اليعقوبي ص 20) ونجد عند أبو الفداء بعض التفصيل عن أبناء حام تحت عنوان: "ذِكْر أمم السودان وهم من ولد حام" وذكر منهم الحبش والنوبة والبجا والدمادم والنج والتكرور والكانم. (أبو الفداء ص 210)
ووضح الطبري: "إن نوحا دعا لسام بأن يكون الأنبياء والرسل من ولده، ودعا ليافث بأن يكون الملوك من ولده، وبدأ بالدعاء ليافث وقدمه في ذلك على سام. ودعا على حام بأن "يتغير لونه ويكون ولده عبيدا لولد سام ويافث، قال: وذكر في الكتب أنه رق على حام بعد ذلك فدعا له بأن يرزق الرأفة من إخوته." (الطبري، ج 1 ص 150)
فوطننا السودان كان ضمن بلاد السودان في المصادر العربية، ولكن تلك المصادر استخدمت للرجوع إلى بلدنا السودان أيضاً عبارات عامة مثل "أمم السودان" و "بلاد السودان" أو أشارت إلية بأسماء الممالك المحلية مثل "ممالك النوبة" و "ممالك البجه" أو أشارت إلية باسم سكانه مثل "النوبة والبجة."
ومن أمثلة تناول المصادر العربية العام لسوداننا الحالي تعريف أبو الفداء "أن للبلاد التي تقع جنوب مصر بأنها تعرف ببلاد السودان." (أبو الفداء، ص 214) وكذلك ما ذكره العمري من أن شيخ العربان في صعيد مصر يحارب "أمم السودان" (ابن فضل الله العمري، ص 247) وقصد العمري أن شيخ العربان كان يحارب سكان مملكة مقُرة (المَقُرِّييـن) والبجة. (أحمد الياس حسين، السودان ص 156)
وقد ورد استخدام اسم "بلاد السودان" في مواضع كثيرة في المصادر العربية للإشارة إلى مملكة كوش فقد ذكر ابو صالح أن موسى عليه السلام قبل بعثته نبياً "أرسله فرعون ليغزو بلاد السودان، ويقصد آخر بلادهم. وتلك البلاد التي أمر فرعون أن يغزوها بها أفاعي كثيرة وحشرات مهلكة، فبلغ مدينة تافة .. ففتحها بالأمان" (أبو سالح، ص 146) وتقع مدينة تافة كما ذكر ابن سليم الاسواني على مرحلة واحدة جنوب مدينة أسوان. (ابن سليم، ص 99)
وعن حملة المماليك عام 674 هـ / 1275م ضد مملكة مقرة ذكر النويري عن مسيرة الجيش" فلما قربوا من بلاد السودان خرجوا [أي النوبة] إليهم على النجب الصهب" (النويري، ص 219) وفي حوادث عام 678هـ (1278م) ذكر أبو المحاسن عن حملة الأمير عز الدين أيبك الأفرم على مملكة مقُرة أنه عاد "من غزو بلاد السودان بمغانم كثيرة ورقيق كثير من النساء والرجال وفيل صغير." (أبو المحاسن، ج 2 ص 351)
وذكر المقريزي أثناء حديثه عن الرياح في حوادث عام 724 هـ ( 1323م): "وفيه قدم الخبر بهبوب الريح في بلاد الصعيد، وأنها اقتلعت من ناحية عرب قمولة زيادة على أربعة ألاف نخلة في ساعة واحدة، وأخربت عدة أماكن بأخميم وأسيوط وأسوان وبلاد السودان، وهلك منها كثير من الناس والدواب." (المقريزي، ج 1 ص 345)
ومن الواضح هنا أن الرياح هبت على صعيد مصر وشمال السودان على أراضي مملكة مقرة التي وردت الاشارة إليها بيلاد السودان وفي مكان آحر ذكر المقريزي في حوادث عام 707 هـ (1307م) أنه: "وورد كتاب الأمير كراي المنصوري بالشكوى من والي قوص، ومن غده قدم كتاب متولي قوص بأن كراي ظلم فلاحيه بأدفو، وأخذ دوابهم، وعمل زاداً كبير ليتوجه إلى بلاد السودان، فكتب لكراي بالحضور سريعاً، وكتب لوالي قوص بالاحتراس على كراي وأخذ الطرقات من كل جانب." (المقريزي، ج 1 ص 349)
ومن الواضح هنا أن الطرق المؤدية إلى "بلاد السودان" والتي ينبغي على والي قوص مراقبتها هي الطرق المؤطية إلى حدود مصر الجنوبية، أي إلى مملكة مقرة
وعن منطقة الأبواب على حدود مملكة علوة الشمالية ذكر القلقشندي أن ملك مقرة تقهقر أمام جيش المماليك عام 674 هـ (1275م) "ولحق بمملكة الأبواب من بلاد السودان" القلقشندي، ج 2 ص 314) وبعد حملة المماليك على مملكة مقرة بين عامي 1290-1293م وصلت رسالة من ملك الأبواب إلى السلطان المملوكي عن أسباب تأخره من الحضور للقاهرة قائلاً "أنه ما أخره عن الحضور بنفسه إلا أنه ساق جيشاً خلف الملك آني وأن بلاد العنج تغلب عليها ملك غير ملكها، وأنه متحيل في أخذها منه وإذا أخذها منه صارت جميع بلاد السودان في قبضة مولانا السلطان وطاعته" أبن عبد الطاهر، ص 202) فبلاد السودان هنا مقصودٌ بها مملكة علوة. وكان سكان مملكة علوة يعرفون بالعنج. (أحمد الياس حسين، سكان)
فالمصادر العربية المبكرة أشارت إلى بلدنا الحالي "السودان" الذي كانت تمثله مملكتي مقرة وعلوة وممالك البجه باسم السودان وبلاد السودان. فمفهوم السودان في ذهن مؤلفي المصادر العربية المبكرين الذين عاشوا في مصر مثل أبو صاح الأرمني والنويري والمقريزي والقلقشندي - وبالتالي في الذهن المصري - أصبح يعني - إلى جانب معناه العام - البلاد الواقعة إلى الحنوب من حدودهم.
وحتى في العصر الحديث نجد الجبرتي يسير على نفس خطى المصادر العربية المبكرة. فقد ذكر الجبرتي في حوادث عام 1235 هـ (1819م) "وفيه قوي عزم الباشا على الإغارة على نواحي السودان فمن قائل أنه متوجه إلى سنار ومن قائل إلى دارفور وساري العسكر ابنه إسماعيل باشا وخلافه ووجه الكثير من اللوازم إلى الجهة القبلية وعمل البقسماط والذخيرة ببلاد قبلي والشرقية واهتم اهتماماً عظيماً وأرسل أيضاً بإحضار مشايخ العربان والقبائل." (الحيرتي، عجائب، ج 3 ص 4)
فمفهوم ودلالة السودان على مناطق سنار ودارفور قبل غزو محمد على للسودان واضح فيما ذكره الجبرتي أعلاه. وذكر المؤرخ المصري المشهور محمد فؤاد شكري حول غزو محمد للسودان أن محمد علي" استند على ما يعرف بنظرية الخلو أو الملك المباح ... وفحوى نظرية محمد على أن الأقطار السودانية عند ضمها إلى مصر لم يكن أحد يمتلكها في الحقيقة" (محمد فؤاد شكري، ص 5) فالأقطار السودانية وهي بلاد سنار و دارفور كانت في نظر المؤلف المصري أراضي لا يمتلكها أحد، فملوك وإدارة مملكتي سنار ودارفور لا وجود لهم في ذهن محمد فؤاد شكري، والذي نظر إلى التعبير باسم "عهد التركية في السودان" خطأ، والصحيح "عهد المصرية في السودان" محمد فؤاد شكري، ص 12)
والتعبير بمصطلح السودان والأقاليم السودانية - كما هو معروف - ظل سائداً إبان العصر التركي. ووضحت الوثائق التركية أن "السودان لم يكن من الأراضي الخاصة بمصر، وإنما وضع فقط تحت حكم الخديوية المصرية في إطار بعض الشروط مثل غيرها من الممالك العثمانية." (مركز الأبحاث، ص 57) وقد وردت الإشارة إلى السودان في حدوده الحالية في الوثائق العثمانية بعبارات السودان والأقطار السودانية وبلاد وأقاليم السودان وحكمدارية الأقايم السودانية. (أمنية عامر وآخرون، ج 1 ص 27 و30 و60 وج 2 ص 44 و125و379.)
وهكذا أطلق اسم تا نحسي (أي بلاد السودان باللغة المصرية القديمة) في البداية علما على بلدنا الحالي منذ الألف الثالث قبل الميلاد. ثم ظهر اسم اثيوبيا (أي بلاد السودان في اللغة اليونانية) في البداية علماً على سوداننا الحالي ثم توسع ليشمل بعض سكان افريقيا جنوب الصحراء. ثم جاء العرب وظهر اسم السودان (باللغة العربية) من القرن السابع الميلادي علماً على سوداننا الحالي في عصر مملكتي مقُرة وعلوة وممالك البجة إلى جاني دلالته على سكان افريقيا جنوب الصحراء. وظل الاسم علماً على بلدنا في المخطوطات المحلية قبل العصر التركي.
(من كتاب: مراجعات في تاريخ السودان)
المراجع
أحمد الياس حسين "سكان مملكة علوة: هل "العنج" هو الاسم الذي أطلق على سكان السودان في ذلك الوقت؟" المؤتمر السنوي للدراسات العليا والبحث العلمي، مؤتمر الدراسات الانسانية والتربوية 25 – 28 فبرائر 2013.
أحمد الياس حسين، السودان: الوعي بالذات وتأصيل الهوية ج 1، الخرطوم: مركز بناء الأمة 2018.
أمنية عامر وآخرون (محررين)، الأوامر والمكاتبات الصادرة من عزيز مصر محمد على. القاهرة دار الكتب والوثائق القومية 2010.
الجبرتي، عجائب الآثار، موقع الوراق.
ابن سليم الاسواني، كتاب أخبار النوبة والمقرة وعلوة والبجة والنيل. في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية.
أبو صالح الأرمني، تاريخ الشيخ أبي صالح الأرمني، في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية.
الطبري، تاريخ الرسل والملوك. موقع الوراق،
أبو الفداء، تقويم البلدان، في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية العربية.
ابن فضل الله العمري، التعريف بالمصطلح الشريف. في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية..
القلقشندي، شهاب الدين. قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان، موقع الوراق.
أبو المحاسن، النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة موقع الوراق.
محمد فؤاد شكري، مصر والسودان: تاريخ وجدة وادي النيل السياسية في القرن التاسع عشر القاهرة: دار المعارف 1963 ص 5
مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، "السودان في العهد العثماني: من خلال وثائق الارشيف العثماني" استانبول: 2007.
مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية العربية، ط2. الخرطوم: دار المصورات للنش 2014
المقريزي، السلوك لمعرفة دول الملوك، في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية.
النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، في مسعد، المكتبة.
اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية.
ahmed.elyas@gmail.com