اليونيسف: رفح تمتلئ بالمقابر والأطفال يُقتلون بشكل ممنهج لكن القادم أسوأ
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
قدّم المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" جيمس إلدر، وصفاً مروعاً للوضع الإنساني في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه لم يرَ في حياته دماراً مثل الذي حدث في خان يونس وغزة، مؤكدا أنّ الأسوأ لم يأتِ بعد في ظل التهديد الإسرائيلي لاجتياح رفح.
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا تناول تصريحات للمتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، جيمس إلدر، الذي قال إنّ الوضع في قطاع غزة أصبح مروّعا، مؤكدا أنّه لم يرَ دمارا بنفس مستوى الدمار، الذي شاهده في خان يونس وغزة.
تحدث إلدر عن "مقابر جديدة"، تمتلئ بالأطفال في رفح، في إشارة إلى سقوط عشرات الأطفال يوميا نتيجة القصف الإسرائيلي الذي يستهدف المدنيين بالدرجة الأولى.
وقال إلدر: "الحرب ضد أطفال غزة تجبر الكثيرين على إغماض أعينهم. أغلقت عيني محمد البالغ من العمر تسع سنوات، أولاً بسبب ضمادات غطت فجوة كبيرة في مؤخرة رأسه، وثانياً بسبب الغيبوبة الناجمة عن انفجار ضرب منزل عائلته. محمد الذي يبلغ من العمر تسع سنوات، فارق الحياة".
وأضاف إلدر: "خلال ثلاث زيارات إلى وحدة العناية المركزة في المستشفى الأوروبي في رفح بغزة، رأيت العديد من الأطفال يشغلون نفس السرير. كل واحد وصل بعد أن دمرت القنابل منزلهم ... يموتون رغم الجهود الهائلة التي يبذلها الأطباء".
قبل بضعة أسابيع فقط، كان العالم يدين القتل غير المبرر لسبعة من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة "المطبخ المركزي العالمي". كان ذلك حدثا قاتما آخر في حرب غزة. وبعد أسبوع، تعرضت سيارة تابعة لليونيسف للقصف أثناء محاولتها الوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها. وقد أدت الغارات الجوية الإضافية هذا الأسبوع في رفح إلى مقتل المزيد من المدنيين، البالغين منهم والأطفال ... هذه هي غزة حيث يتلاشى الغضب إزاء الهجمات وسط مآسي جديدة.
من المجاعة التي تلوح في الأفق إلى ارتفاع أعداد القتلى، وآخر المخاوف هو الهجوم المرتقب على رفح في جنوب غزة. وهل يمكن أن تسوء الأوضاع أكثر من ذلك؟
لقد مرت ستة أشهر وهذه الحرب تحطم بعضًا من أحلك الأرقام القياسية للإنسانية: تشير التقارير إلى مقتل أكثر من 14000 طفل. لكن ليس هناك تباطؤ في وتيرة القتال أو ضراوته. بل إن الأمور تزداد سوءاً، في ظل تهديدات بتصعيد الوضع.
حرب غزة: قصف مكثف على النصيرات وخانيونس وترقب لرد حماس على مقترح الهدنةمن وسط الركام ورغم سوء حالهم.. فلسطينيون ينظمون مسيرة في غزة لتقديم الشكر لطلاب الجامعات الأمريكيةيتوقع جيمس إلدر انهيار معبر رفح إذا تم استهداف المدينة عسكرياً، فهناك أكثر من 1.4 مليون مدني هناك بالفعل، يعانون من ظروف مزرية. وقد تضررت أو دمرت معظم منازلهم وتحطمت قدراتهم على التكيف. ببساطة، لم يعد هناك مكان للذهاب إليه في غزة.
هناك نقص شديد في إمدادات المياه، ليس فقط لأغراض الشرب، ولكن أيضًا للصرف الصحي. يوجد في رفح مرحاض واحد تقريبًا لكل 850 شخصًا. الوضع أسوأ أربع مرات بالنسبة للاستحمام. أي حوالي حمام واحد لكل 3500 شخص. تخيلوا فتاة مراهقة أو رجلاً مسناً أو امرأة حامل، تقف في طابور ليوم كامل لمجرد الاستحمام.
الهجوم العسكري على رفح سيكون كارثياً فهي "مدينة الأطفال:، وبها حوالى 600 ألف طفل. وتضم رفح ما أصبح الآن أكبر مستشفى متبقي في غزة، "المستشفى الأوروبي"، الذي تولى الاتحاد الأوروبي تكاليف بنائه.
قال جيمس إلدر: "عندما زرت المستشفى في شهر أبريل-نيسان، كان جراح الأطفال، الدكتور غابن، منحنياً فوق طفل صغير آخر اسمه محمود. كان يعاني من صدمة شديدة في الرأس جراء انفجار قنبلة أصابت منزل عائلته. ويتساءل الطبيب: "ماذا فعل هذا الطفل الصغير؟. كان الدكتور غابن قد أمضى 30 ساعة من مناوبته التي تبلغ 36 ساعة وكان يخشى من أن يفارق محمود الحياة عند عودته إلى مناوبته التالية ... حدسه كان في محله ... رحل محمود.
"أرقام صادمة".. عدد أطفال غزة الذين قتلوا خلال أشهر يفوق عددهم خلال 4 أعوام من النزاعات بالعالمالجوع يحصد أرواح أطفال غزة تحت أنظار العالم أجمعهذه واحدة من قصص عديدة من المستشفى الأوروبي حيث يبحث عشرات آلاف المدنيين عن ملجأ. وقد تمّ بناء وحدات العناية المركزة الجديدة في محاولة يائسة لمعالجة الجرحى.
لكن لماذا أصبح المستشفى الأوروبي اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى؟ لأن النظام الصحي في غزة ببساطة تم تدميره بشكل منهجي. واليوم، تعمل 10 مستشفيات من أصل 36 بغزة؛ وكل واحدة منها تعمل جزئيًا فقط. وفي الوقت، الذي يحتاج فيه أطفال غزة إلى الرعاية الطبية بشكل لم يسبق له مثيل، أصبح ذلك ضربا من ضروب المستحيل.
يقول إلدر: "في الـ 31 أكتوبر-تشرين الأول، وصفت منظمة اليونيسف غزة بأنها مقبرة للأطفال. والشهر الماضي رأيت مقابر جديدة يجري بناؤها في رفح، كانت مليئة. يوميا تجلب الحرب المزيد من الموت والدمار العنيف. وخلال السنوات العشرين التي قضيتها مع الأمم المتحدة، لم أشهد قط دمارًا كذلك، الذي رأيته في مدينتي خان يونس وغزة. الآن يقال لنا أن نتوقع الشيء نفسه من خلال التوغل في رفح".
عندما سمعوا قرار مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار منذ أكثر من شهر الآن، ملأ الأمل وجوه سكان رفح. قالت لي إحدى الأمهات: "قد تكون هذه هي الليلة الأولى منذ أشهر التي أستطيع فيها أن أعد ابنتي بأنها لن تُقتل في الليل"، لكن الأمر لم يستغرق سوى ساعات حتى يتم القضاء على هذا الأمل بالقنابل.
إن غزة تحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وطويلة الأمد. كم مرة قلنا، بل طالبنا بذلك؟ يجب أن نرى إطلاق سراح جميع الرهائن، وإتاحة الوصول الآمن وغير المشروط للإغاثة الإنسانية، والمزيد من المعابر لمرور تلك الإغاثة.
يشعر الناس في غزة بالخوف من استمرار الفظائع. في شمال المنطقة، وبقرب المكان الذي تعرضت فيه سيارة تابعة لليونيسف لإطلاق النار الشهر الماضي، أمسكت امرأة بيدي وتوسلت مراراً وتكراراً أن يرسل العالم الغذاء والماء والدواء. لن أنسى أبدًا كيف حاولت، عندما شعرت بقبضتها، أن أشرح أننا نحاول، واستمرت في التوسل. لماذا؟ لأنها افترضت أن العالم لا يعرف ما يحدث في غزة. لأنه لو كان العالم يعلم، فكيف يمكن أن يسمح بحدوث ذلك؟
"كيف حقا"، تساءل إلدر... لقد تمّ تحذير العالم بالتأكيد بشأن رفح. ويبقى أن نرى كم من العيون ستبقى مفتوحة أو تغمضها آلة الموت بشكل ممنهج.
المصادر الإضافية • الغارديان
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق 14 عامًا حرب غزة: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق ووزارة الصحة تحذر من انتشار الأمراض والأوبئة في القطاع المنكوب في مؤشر على اجتياح وشيك.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة اليونسيف إسرائيل قطاع غزة أطفال حماية الأطفال المساعدات الإنسانية ـ إغاثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل غزة حركة حماس عيد العمال فلسطين روسيا إسرائيل غزة حركة حماس عيد العمال فلسطين روسيا اليونسيف إسرائيل قطاع غزة أطفال حماية الأطفال المساعدات الإنسانية ـ إغاثة إسرائيل غزة حركة حماس عيد العمال فلسطين روسيا الاتحاد الأوروبي قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تركيا السياسة الأوروبية المستشفى الأوروبی یعرض الآن Next على مقترح أطفال غزة جیمس إلدر قطاع غزة أکثر من حرب غزة فی غزة فی رفح
إقرأ أيضاً:
أسوأ كوابيس إيال زامير
يعاني جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى أزمة غير مسبوقة تتعلق بنقص الجنود تضغط بشدة على موارده وقدرته على التحرك في ظل اتساع ساحات المواجهة وحروب طويلة لم يتدرب عليها، مما يثير قلقا كبيرا لدى هيئة أركان جيش الاحتلال وفي مقدمتهم رئيس الأركان الجديد إيال زامير.
وقدرت شعبة العمليات في جيش الاحتلال بحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل دخلت سنوات من نقص القوى البشرية، لم تشهدها منذ حربها في جنوب لبنان في ثمانينيات القرن الماضي.
وأقر الجيش الإسرائيلي في نهاية العام الماضي 2024 بأن المشاة من جنود الوحدات الهندسية قتلوا وأصيبوا خلال القتال الطويل، مشددا على أن هذه الوحدات لم تعد موردًا لا ينضب.
وكشف الجيش أنه اعتمد على مقاولين من القطاع الخاص لهدم المنازل في شمال وجنوب ووسط قطاع غزة، إضافة لتدمير القرى في جنوب لبنان وإقامة العوائق والسواتر للجيش في المنطقة العازلة في سوريا.
كما يتعرض جنود الاحتياط وحتى جنود الخدمة الدائمة، وهو القطاع الذي كان يعاني من أزمة خطيرة حتى قبل الحرب، "للاستنزاف حتى النخاع ولا يحصلون على الدعم المناسب"، بحسب تقرير الصحيفة.
وبحسب المحلل يؤاف زيتون في مقال له في نفس الصحيفة فإن القلق في هيئة الأركان العامة يتعلق بالنقص الشديد في القوى العاملة في الجيش، في ظل لامبالاة المستوى السياسي المسؤول عن هذه القضية.
إعلانووفقا لبيانات الجيش فإن أكثر من 10 آلاف جندي خرجوا من الخدمة العسكرية بعد الحرب، كما قُتل وجُرح منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 نحو 12 ألف جندي.
وعلاوة على ذلك، فإن الزيادة في القوات المطلوبة لتعزيز حماية الحدود، فضلًا عن الزيادة الفورية في عدد الألوية والكتائب المدرعة والهندسية في السنوات الأخيرة -وفقا لزيتون- وضعت الجيش الإسرائيلي في عجز بشري من شأنه أن ينمو فقط.
وأضاف أن الثمن يُدفع وسيدفعه أفراد الخدمة الحاليون والمجندون المستقبليون، تحت ضغوط شديدة لم نشهدها هنا منذ حوالي عقدين من الزمن.
وحدات جديدة
وهناك سبب آخر لنقص القوى المقاتلة يتعلق أيضا بالقرارات الأولى التي اتخذها زامير قبل عدة أيام والتي تمثلت في إنشاء لواء مشاة إضافي والذي يعتبر دائما أكبر من لواء المدرعات، من حيث عدد الجنود، كما سيتم إنشاء كتيبة هندسية واحدة على الأقل، وسيتم إعادة تأسيس سرايا الاستطلاع التابعة لألوية المدرعات التي تم إغلاقها في العقد الماضي.
وهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي سوف يضطر إلى البحث عن آلاف الجنود النظاميين، وإلى أن يحدث ذلك فإن العبء سوف يزداد على الجنود الحاليين.
ولتلبية خطط رئيس الأركان، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى 7500 جندي جديد، إلى جانب الآلاف من أفراد الدعم القتالي والجنود للمناصب الإدارية في الخطوط الأمامية.
وبحسب الخبير العسكري الإسرائيلي يوسي يهوشع في مقال نشره الجمعة فإن "آذان هذه الحكومة مغلقة بإحكام أمام الاحتياجات الحقيقية للجيش، وليس هناك قانون من شأنه أن يخفف العبء".
جلب المتطوعين
ولم تتوقف أزمه القوى البشرية عند عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على ملء الفراغ الحاصل بسبب النقص في "عدد الجنود" الذين يحتاجهم في ظل زيادة مساحات المواجهة والحاجة لأعداد إضافية كبيرة، بل اضطر -وفقا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس- لنشر إعلانات لجلب متطوعين لملء الشواغر في "جنود الاحتياط" أيضا.
إعلانفسلطات الاحتلال تقرّ رسميا بالنقص الخطير الذي يعاني منه جيش الاحتياط، حتى إن الجيش أنشأ نظاما للإعلان عن الوظائف على موقعه الإلكتروني، ومع ذلك، تفضل معظم الوحدات والفرق القيام بذلك عبر مجموعات خاصة يتم فتحها على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أي تأمين معلوماتي.
وبحسب ضباط تحدثوا إلى صحيفة هآرتس، فقد أصبحت هذه المجموعات بمثابة "وكالة تجنيد بديلة"، ويقوم القادة بنشر إعلانات وظائف للجمهور العام في كل المهن تقريبا، ويفضل معظم القادة التجنيد بهذه الطريقة، من خلال الحوار المباشر مع جنود الاحتياط، وليس من خلال نظام الجيش الإسرائيلي.
ونشرت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي عمل على إعادة تجنيد جنود الاحتياط الذين سُرّحوا سابقًا من الخدمة والذين ما يزالون لائقين بدنيا وفي السن المناسبة للخدمة الاحتياطية.
ويقدر الجيش أنه سيتم تجنيد نحو 15 ألف جندي على 3 دفعات تجنيد، جميعهم دون سن الـ35.
ولإيجاد مصادر لأفراد الاحتياط القتالي -بحسب موقع الجيش الإسرائيلي-، يتجه الجيش إلى الجنود السابقين الأكبر سنًا من عامة الناس، لإنشاء ألوية احتياطية جديدة معهم على أساس جنود تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاما، وعلى الرغم من التحفيز المناسب، فإن هذه الأطر لم يتم ملؤها بعد.
كما تعمل شعبة شؤون الأفراد في الجيش الإسرائيلي على توجيه أولئك الذين يحملون الملف 64 -وهم الأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبية خطيرة وغير مؤهلين للخدمة القتالية في الوحدات الميدانية- إلى الخدمة القتالية في سلاح المدرعات وبعض كتائب المشاة الحدودية.
وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت سيتم إنشاء كتائب مقاتلة "قصيرة الأمد"؛ إضافة إلى زيادة تجنيد النساء للأدوار القتالية، وهي عملية وصلت بالفعل إلى 7600 مجندة.
استنزاف الاحتياط
في الشهر الماضي سارع المستوى السياسي في إسرائيل إلى الموافقة مبدئيًا، على قيام الجيش بتجنيد 400 ألف من جنود الاحتياط مجددا، لكن في المقابل حذر العديد من قادة الاحتياط في جميع التشكيلات، صناع القرار من الاستنزاف.
إعلانوكشف تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت أنه على الرغم من كل فترة الراحة التي تعرض على جنود الاحتياط، فإن 50-70% من الذين يتم استدعاؤهم يرفضون الاستجابة لطلبات التعبئة، بسبب الاستنزاف طويل الأمد، الذي أضر بتقدمهم الوظيفي، وأسرهم، ودراساتهم الأكاديمية، وأعمالهم التجارية.
وبحسب تقرير للكاتبين يانيف كوبويتش وتوم ليفينسون -نشر في هآرتس- فإن الجيش يقدر أن النقص في الجنود في وحدات الاحتياط سوف يكون أكثر حدة في العام المقبل بسبب العبء المتوقع عليهم.
ويأتي ذلك في ظل مطالبة المستوى السياسي بالعودة إلى القتال في غزة، وضرورة تعزيز الأمن على الحدود لمنع هجوم آخر على غرار السابع من أكتوبر/تشرين الأول والمطالب الجديدة الناجمة عن قرار إبقاء القوات داخل أراضي الدول المجاورة، وفي مرتفعات الجولان وجبل الشيخ في سوريا، وفي جنوب لبنان.
وفي مقابلة إذاعية قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إنه لن يكون هناك مفر من تعبئة أخرى واسعة النطاق هذا العام، مضيفا "بالطبع سنعود للقتال في غزة، وأقول لجنود الاحتياط إن الأمر يتطلب تعبئة إضافية".
ويصف المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل النقاشات السياسية حول سيناريو استئناف الحرب، التي يقودها سموتريتش وأمثاله، بأنها استمرار للتعبير عن الانغلاق الجارف إزاء العبء الملقى على جنود الاحتياط والجيش النظامي.
ويقف أمام أزمة نقص الجنود عائق كبير، يتمثل بقانون "إعفاء الحريديم من التجنيد"، ويسعى الجيش الإسرائيلي منذ أشهر عديدة إلى تعديل التشريعات لمواءمة الوضع مع الاحتياجات الحالية.
وكان جيش الاحتلال أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي عن خطة جديدة تستهدف تجنيد 10 آلاف جندي لتعويض خسائر الحرب، ومن ضمنها تجنيد نحو 6 آلاف من الحريديم خلال عامين بهدف تخفيف العبء عن جنود الاحتياط، وتوفّر إمدادات بشرية إضافية للوحدات القتالية المنتظمة، إلا أن عدد الذين استجابوا للتجنيد لم يتجاوز 177 حريديا من أصل حوالي 10 آلاف أمر تجنيد تم إرسالها لهم.
إعلانويشير المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل إلى أنه رغم كل الخطط بشأن غزة وسوريا، فإن المستوى السياسي لا توجد لديه نية لإلغاء التسوية السياسية مع الأحزاب الحريدية التي تضمن استمرار تهرب أفرادها من التجنيد، وأن كل الحلول التي يطرحها الجيش، مثل تشكيل اللواء الحريدي، لا تساعد عمليا في حل هذه المعضلة.
وفي هذا السياق، يشير المختص في الشؤون الإسرائيلية عادل أبو العدس إلى الخطوات الإسرائيلية نحو استقطاب الدروز في سوريا بهدف تعويض النقص في الجنود.
ويضيف أبو العدس في حديثه للجزيرة نت أن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس المتواصلة بخصوص حماية الدروز وإغراءاته لسكان المناطق المحتلة بسوريا مثل توفير فرص عمل وإنشاء بنية تحتية، تسير بالتنسيق مع القيادات الدرزية في إسرائيل الذين يشكلون عصبا أساسيا في الجيش.
ويزيد من حدة أزمة النقص في القوى البشرية، اتساع مساحات المواجهة وتورط الجيش الإسرائيلي في ساحات عسكرية تحتاج الى عدد كبير من الجنود
وفي مايو/أيار 2023، قال زامير في مؤتمر هرتسيليا إن الحروب التقليدية لا تزال ذات صلة، وبالتالي هناك حاجة إلى جيش كبير وعالي الجودة وذي تكنولوجيا على النطاق المطلوب لحرب طويلة ومتعددة التهديدات.
وأعلن زامير مؤخرا أمام كبار قادة الجيش الإسرائيلي في القيادات الوسطى والشمالية والجنوبية أن عام 2025 سيكون عام الحرب، فالجيش الإسرائيلي متورط الآن بعمق شديد في الأراضي السورية.
وبحسب تقرير للقناة 12 الإسرائيلية، فإن جيش الاحتلال قسم جنوب سوريا إلى 3 مناطق:
المنطقة العازلة: بين 1 و5 كلم، حيث توجد نقاط مراقبة إستراتيجية. المنطقة الأمنية: تمتد حتى مسافة 15 كيلومترا من الحدود. منطقة النفوذ: تمتد لمسافة 65 كيلومترا أخرى من الحدود، وحتى أوتوستراد دمشق.والهدف من تقسيم المنطقة إلى مساحات هو منع النظام الجديد من ترسيخ نفسه، وتمكين السيطرة على مستويات مختلفة من الحدود إلى دمشق.
إعلانوفي الضفة الغربية لاتزال عملية الجدار الحديدي التي ينفذها الجيش الإسرائيلي منذ شهرين تقريبا في شمال وغرب الضفة الغربية مستمرة باستخدام قوات كبيرة جدا تم جلب أغلبها من جبهة غزة.
ويضاف لذلك مسألة تأمين الحدود مع الأردن والتي يبلغ طولها 335 كيلومترا، منها 97 كيلومترا مع الضفة الغربية، و238 كيلومترا مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن إنشاء "فرقة إقليمية شرقية"، بهدف "تعزيز الجهود الدفاعية في منطقة الحدود الشرقية، وتوفير استجابة للتعامل مع أحداث إرهابية، وتهريب الأسلحة"، إضافة لإعلانه سابقا عن بناء جدار دفاعي على طول الحدود مع الأردن.
كما تشهد الحدود المصرية توترات غير مسبوقة بسبب زيادة نشاط الجيش المصري في سيناء، وقد سبق أن أعلن رئيس الأركان المنتهية ولايته هرتسي هاليفي عن مخاوفه مما سماه "التهديد الأمني من مصر"، معتبرا أنه" لا يشكل تهديدا حاليا، لكن الأمر قد يتغير في لحظة".
عبء إضافي
بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي، فإن أحد مكونات الخطة الهجومية الجديدة التي صيغت في الجيش الإسرائيلي تحت قيادة زامير وتحت تأثير توجيهات القيادة السياسية هو احتلال أراض في قطاع غزة والبقاء فيها، والسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية على السكان، وهو ما يتطلب تفريغ أعداد هائلة من الجنود للقيام بذلك.
ويعلق المحلل يؤاف زيتون على "الصورة السوداوية القاتمة التي يمر بها الجيش الإسرائيلي بشأن طريقة الاحتفاظ بالأرض" ويقول في تقرير نشرته يديعوت أحرونوت إن ذلك يفرض عبئا كبيرا على القوى المقاتلة، وعلى مساقات التدريب المطلوب في جميع الساحات، والذي سيشمل آلاف الجنود الجدد الذين سوف يضطر الجيش الإسرائيلي إلى الاحتفاظ بهم، حتى داخل أراضي غزة.
إعلانوتبقى المعضلة الحقيقة التي تقف أمام طموحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأطماع حلفائه من اليمين المتطرف بتغيير الشرق الأوسط وفرض الهيمنة بالتهجير، واحتلال الأرض هي العنصر البشري غير الموجود أو المتهرب "الذي يرفض الانخراط وقودًا في حرب الصهيونية" وفق تعبير الحريديم.