ماذا يعني انضمام تركيا لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية؟
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
السومرية نيوز – دوليات
في خطوة لافتة أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن بلاده قررت الانضمام إلى جنوب أفريقيا في القضية التي رفعتها على إسرائيل في محكمة العدل الدولية، في ضربة جديدة للعلاقات التركية الإسرائيلية.
وقال فيدان في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي بأنقرة "بعد استكمال السياق القانوني لعملنا سنقدم إعلان الانضمام الرسمي أمام محكمة العدل الدولية تنفيذا للقرار السياسي الذي اتخذناه".
وجاء إعلان فيدان الانضمام إلى جنوب أفريقيا في أعقاب انتقادات حادة من المعارضة التركية التي لامت الحكومة لعدم مبادرتها برفع دعوى مماثلة ضد إسرائيل مستندة إلى أن تركيا بفاعلية استخدامها القانون الدولي يمكن أن تعزز سمعتها الدولية وتسهم بشكل مؤثر في تخفيف المعاناة بغزة.
وكانت تركيا رحبت منذ اليوم الأول برفع جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 على خلفية انتهاك التزاماتها في إطار "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها في ما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة"، وأكدت على ضرورة ألا تمر جرائم إسرائيل دون عقاب وأنه يجب محاسبة المسؤولين أمام القانون الدولي.
ولم تكتف تركيا -التي أعلنت دعمها الدائم لموقف جنوب أفريقيا- بالترحيب، بل أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تقديم بلاده وثائق إلى المحكمة الدولية من شأنها التأثير على مسار القضية وتوثيق ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة إنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
كما قال رئيس الوفد البرلماني التركي -الذي توجه إلى لاهاي لمتابعة جلسات الاستماع في الدعوى- إن تركيا بحكومتها ومؤسساتها المدنية لن تكون طرفا في الظلم الذي يعيشه الفلسطينيون، وأكد أنها "ستساهم بشكل فعال في كافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل، كما أنها مستعدة لتحمّل المسؤولية بوصفها ضامنا في مرحلة تنفيذ الاتفاق النهائي".
وفي إطار الدعم القانوني، تقدم 3061 محاميا تركيا بدعوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تضمنت دلائل تثبت قيام إسرائيل بجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وجرائم حرب في قطاع غزة.
ورفعت مجموعة أخرى من المحامين الأتراك دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهمه بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
لماذا الآن؟
وعن سبب توقيت إعلان تركيا الذي يعده مراقبون متأخرا بعد مرور أشهر عدة على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، يوضح المحلل السياسي أحمد أوزغور أن تركيا ليست طرفا حتى الآن في نظام روما الأساسي الذي أنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية، وهي المحكمة المعنية بمحاكمة ومحاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
ويقول أوزغور، "على الرغم من أن تركيا لا تستطيع أن تطلب رسميا من مكتب المدعي العام إجراء تحقيق فإنها تستطيع الإدلاء ببيان وإرسال أدلة بشأن الجرائم المرتكبة أو حتى الانضمام كشريك في دعوى".
وأشار إلى بيان المحكمة الجنائية الذي قالت فيه إنها "لن تحاكم" الهجوم الذي نفذه جنود إسرائيليون على سفينة "مافي مرمرة" التي كانت متوجهة إلى فلسطين في 31 مايو/أيار 2010، والتي لقي على متنها 9 مواطنين أتراك حتفهم وأصيب أكثر من 50 آخرين، مما يعكس طبيعة العلاقة بين تركيا والمحكمة. وفي السياق، قال مصدر في وزارة الخارجية التركية، إن ملف انضمام تركيا إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية كان دائما على طاولة النقاش لتحديد مدى أهميته وفعاليته والوقت المناسب لتقديمه، مؤكدا أن تركيا لم ولن تتأخر في بذل كل الجهود اللازمة لخدمة القضية الفلسطينية والعمل على وقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأكد المصدر أن تركيا ستبدأ بجميع الإجراءات اللازمة للمضي قدما بشأن ما يمكن القيام به بخصوص القضية.
*التداعيات
من جهته، قال الباحث في القانون الدولي يوجال أجير إنه نظرا للانتهاكات الجماعية والخروقات المتكررة للقوانين الدولية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين فقد قررت تركيا مؤخرا اعتماد نهج مشابه لذلك الذي اتبعته جنوب أفريقيا من خلال الطرق القانونية، مؤكدا على أن هذا النهج يُظهر بشكل واضح الدور المحوري والأهمية الإستراتيجية لتركيا في الساحة الدولية.
ويشير أجير، إلى أن انضمام تركيا إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل لا يُظهر فقط التزامها بالقضايا الإنسانية، ولكنه أيضا يعزز موقف جنوب أفريقيا من الناحية القانونية، تماما كما كان تدخّل دول مثل رواندا والبوسنة والهرسك.
وأضاف أن المحكمة الدولية ستقرر أولا ما إذا كانت ستقبل التدخل التركي، وفي حالة الموافقة سيكون ذلك داعما قويا لموقف جنوب أفريقيا ويعززه من الناحية القانونية.
وأكد أجير على أهمية الدعم المادي والمهني الذي يمكن أن يقدمه التدخل التركي، ليس فقط لجنوب أفريقيا ولكن للمجتمع الدولي في سعيه نحو العدالة وحقوق الإنسان.
وأكد غورسال توكماك أوغلو الرئيس السابق للمخابرات الجوية التركية والخبير الأمني على أن الوضع الجيوسياسي الحالي يتطلب تدخلا دقيقا ومدروسا من جانب المجتمع الدولي لضمان تحقيق السلام.
واعتبر أوغلو أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استخدمت التأجيل السياسي أداة للابتعاد عن تنفيذ حلول دائمة، فيما أضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى هذا التأجيل حصيلة إضافية من الظلم.
وأشار إلى أن الأزمات الإنسانية في غزة تحتاج إلى تدخل عاجل، وأن الجهود التركية الحالية تهدف إلى تسريع الاعتراف الدولي بفلسطين وتطبيق وقف إطلاق النار في غزة، مستغلة الضعف الظاهر في ثقة المجتمع الدولي والداخلي تجاه نتنياهو.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة العدل الدولیة جنوب أفریقیا فی قطاع غزة ضد إسرائیل أن ترکیا
إقرأ أيضاً:
أفريقيا الخاسر الأكبر .. ما هي الأثار المترتبة على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ؟
قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميا إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الوكالة التي قدمت سنويًا مليارات الدولارات من الغذاء والماء والمساعدات الطبية المنقذة للحياة لملايين الأشخاص حول العالم، مع إخطار الموظفين المتبقين بإلغاء وظائفهم وضمّ الوظائف المتبقية إلى وزارة الخارجية الأمريكية.
إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةمن المتوقع أن يثير قرار الإغلاق الأحادي الجانب لوكالة أنشأها الكونجرس الأمريكي عام ١٩٦١ طعونًا قانونية فورية، مع تأثيره الكبير في الدول المتلقية للمساعدات والتي تتركز أغلبها في قارة أفريقيا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في بيان: "للأسف، انحرفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن مهمتها الأصلية منذ زمن طويل... بفضل الرئيس ترامب، انتهى هذا العصر المضلل وغير المسؤول ماليًا".
وأضاف روبيو، أن الإدارة الأمريكية ستواصل تقديم "برامج أساسية منقذة للحياة".
قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مساعدات إلى حوالي 130 دولة في السنة المالية 2023 وكانت الدول العشر الأولى المتلقية للمساعدات في ذلك العام هي أوكرانيا وإثيوبيا والأردن وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال واليمن وأفغانستان ونيجيريا وجنوب السودان وسوريا.
أمر الرئيس دونالد ترامب، بعد أيام من توليه منصبه، بوقف جميع المساعدات الخارجية، ثم فوض إيلون ماسك - أغنى رجل في العالم ومستشار الرئيس - ومساعديه لطرد معظم موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المقيمين في الولايات المتحدة، وإصدار أمر بعودة مئات موظفي الخدمة الخارجية الأمريكية العاملين في الوكالة في الخارج.
انهيار مالي للشركات الأمريكيةوإلى جانب تأثير تفكيك إدارة ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يقول حوالي 14 ألف موظف في الوكالة ومتعاقد أجنبي، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الأشخاص الذين يتلقون مساعدات في الخارج - العديد من الشركات والمزارع والمنظمات غير الربحية الأمريكية - إن قطع الأموال الأمريكية المستحقة لهم جعلهم يُكافحون لدفع رواتب العمال وتغطية الفواتير ويواجه البعض انهيارًا ماليًا.
تُجري المنظمات الأمريكية معاملات بمليارات الدولارات مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية، اللتين تُشرفان على أكثر من 60 مليار دولار من المساعدات الخارجية.
ووفقًا لشركة بيانات المساعدات DevelopmentAid، فإن أكثر من 80% من الشركات المتعاقدة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هي شركات أمريكية.
أفريقيا الخاسر الأكبروتعد قارة أفريقيا هي أكبر المتأثرين بقرار إدارة ترامب، حيث كانت القارة السمراء متلقية لتدفقات كبيرة من المساعدات الإنمائية الأمريكية.
وفقًا لبيانات وزارة الخارجية الأمريكية، استحوذت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على 12 مليار دولار من التزامات إنفاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لعام 2024؛ وكانت أكبر خمس دول متلقية متوقعة هي جمهورية الكونغو الديمقراطية (1.3 مليار دولار)، وإثيوبيا (1.2 مليار دولار)، والسودان (770 مليون دولار)، ونيجيريا (760 مليون دولار)، وجنوب السودان (730 مليون دولار).
في تحليلٍ أُجري في فبراير، وتناول تأثير تمديد تجميد المساعدات، الذي كان مؤقتًا آنذاك، لمدة عام، حسب إيان ميتشل وسام هيوز من مركز التنمية العالمية، أن ثماني دول من بين أفقر 26 دولة في العالم، تتلقى أكثر من خُمس مساعداتها من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
جميع هذه الدول الثماني، باستثناء دولة واحدة - جنوب السودان، والصومال، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وليبيريا، والسودان، وأوغندا، وإثيوبيا - تقع في أفريقيا. أما أفغانستان، فهي أكبر مستفيد آخر.
وأضاف التقرير أن "اقتصادات هذه الدول الثمانية منخفضة الدخل ضئيلة للغاية، لدرجة أن المساعدات تُشكل في المتوسط 11% من إجمالي دخلها (بناءً على بيانات الدخل القومي الإجمالي المتاحة لسبع دول). ومع توفير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 30% من هذا الدعم، قد يُؤدي التجميد إلى عجزٍ يعادل أكثر من 3% من الدخل القومي الإجمالي - وهي صدمة اقتصادية كبيرة محتملة للدول التي تضم 410 ملايين نسمة."
علاج الإيدزأعلن برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز، وهو برنامج الأمم المتحدة المُشترك للتصدّي لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز عالميًا، أنّه تلقّى خطابًا من الإدارة يُنهي التمويل فورًا.
كانت الولايات المتحدة المساهم الرئيسي من خلال خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز، المعروفة باسم PEPFAR، والتي يُنسب إليها الفضل في إنقاذ أكثر من 26 مليون شخص في 55 دولة منذ إنشائها عام 2003، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.
صرحت بياتريس غرينزتين، رئيسة الجمعية الدولية للإيدز، في تصريح لشبكة إن بي سي نيوز: "إن تخفيضات التمويل الأمريكية تُفكك النظام".
وأضافت: "علاج فيروس نقص المناعة البشرية ينهار، وخدمات علاج السل تنهار إن عدم وجود بيانات يعني عدم وجود تتبع لمن يتلقون الرعاية لا يوجد مستشارون، ولا فحص فيروس نقص المناعة البشرية - حتى في المستشفيات. إن عدم وجود برامج توعية يعني إهمال الناس. الخدمات المقدمة للأشخاص الأكثر ضعفًا، بما في ذلك العيادات المتنقلة ومراكز الاستقبال، متوقفة. أرواح الناس على المحك".