حينما تتصدر مناقشات النخبة السياسية فى مصر وعلى رأسها السيد رئيس الجمهورية بأن لدينا نقص شديد فى السياسة الإعلامية بل والثقافية، ونتأمل حقبة الإعلام والثقافة فى زمن الرئيس الراحل " جمال عبد الناصر" حتى جاء على لسان الرئيس " عبد الفتاح السيسى" أن الرئيس ( جمال عبد الناصر) كان محظوظًا بسياسة إعلامية وثقافية تتواصل مع أهداف الدولة المصرية وتساندها وتروج لأهدافها كان لديه كل الحق.


وسنجد من يعلق على هذا التوجه بسؤال، هل إنتهينا من الإصلاحات الإقتصادية والسياسية ( وكله بقى تمام !!) من أجل أن نرفع الان عنوان جديد وهو "الإصلاح الإعلامى والثقافى".
وفى واقع الأمر أن البديهى والمنطقى لآى نهضة فى أى مجتمع أو فى أى قبيلة حينما نشرع فى إجراء إصلاحات (لأعطاب) الزمن عليها يوجب أن تستنهض نفسها أولًا بعزيمتها ورؤيتها وقوة إيمانها وتوثق قدرتها على أنها قادرة على نفض غبار الزمن، وتعديل مسارها سواء سياسيًا أو إقتصاديًا، كل هذا من منطلق أن هناك لدى هذه القبيلة أو الجماعة ثقافة مترجمة عن طريق دينها وعلمها وفنها وغنائها وشعرها وموسيقاها حتى فى مواويلها الشعبية التى تروى على الربابة أو على السمسمية سواء.
وثقافة هذا القبيلة أو الأمة تنقل وتغرس فى المدرسة والبيت وفى تجمعات الأولاد سواء فى النادى أو فى حى أو فى مسجد أو كنيسة.
وكل هذه الأدوات أعتقد بأن مسئوليها متعددين وليست وزارة الثقافة وحدها بل الإعلام أيضًا وأعتقد بأنه الأساس.
فلقد شاهدنا " طه حسين والعقاد وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم والسحار وأدريس وأنيس منصور وغيرهم" سواء فى ندوات نقلها التليفزيون الأبيض والأسود أو فى نوادى السينما وقصور الثقافة والتى كانت منتشره فى الأحياء وأواسط المدن !
وكانت الصالونات لهؤلاء وغيرهم تعقد ولها مواعيدها ولها رواد سواء كان مكان الإنعقاد قهوه أو بيت مفتوح للعامه.
فالثقافة فى هذا العصر جعلت الأمه تتمسك بالتحول الإقتصادى من رأسمالى إلى إشتراكى ،والثقافة فى هذا العصر جعلت الأمه تؤمن بنظرية الإنتماء للوطن شديد العنصرية.كما ولدت الثقافة رؤيه ثابته وموحدة نحو القومية العربية.
بل وصلت الثقافه فى صورها المختلفة إلى إنها أصبحت غذاء وعشاء الشعب 
وفى هذه الحقبات الزمنية قيل أن شعب مصر يتغذى كرة قدم مع (محمد لطيف) ويتعشى غناء (أم كلثوم ) ويستنهض بخطب "جمال عبد الناصر " !

كانت الثفافة الموجهة قادرة على أن تجعل الأمه تقف وراء فكرة ،وتحارب من أجل هذه الفكرة ،حاربت سنه 1956 وحاربت فى الوحده بين مصر وسوريا سنه 1958 وحاربت فى بناء السد العالى ،حاربت فى التأميم سنه 1961وإنتشرت من خلال تصدير أغنية وتصدير فيلم مصرى إلى تصدير قوات مسلحه وأسلحه أرسلت إلى الجزائر والكونغو واليمن وغيرهم.
حتى إنكسارنا عام 1967 ،كانت الثقافة تغذى المصريون بفكرة (النكسه ) وما أخذ بالقوه لا يسترد إلا بالقوه" ويد تبنى ويد تحمل السلاح وغيرها من كلمات وشعارات حملتها الثقافة الموجهة  إلى وجدان الأمه ،فإقتنعت بها وحملتها شعارا!ّ
وحتى بعد حرب 1973 وبعد إتفاقيات السلام وإنتقالنا إلى سوق حر بديلًا عن "سوق موجهه" كانت الثقافة هى العنصر الحامل للفكرة السياسية والإقتصادية وكان الاعلام هو المنبر وهو الباعث ،وكانت  الثقافة هى الماده ،وليس بغريب أن كان الاعلام نافذة الثقافة ،كانت الوزارة المسئولة هى وزارة الإرشاد القومى " والثقافة والاعلام "  وكان الفصل بينهما ربما لأغراض أخرى ربما أهمها (زيادة الحقائب الوزارية ) ومجاملة بعض الطامعين للمناصب!!
لكن نعود مرة أخرى إلى "الإصلاح الثقافى والإعلامى" نتسائل هل الثقافة والاعلام فى المحروسة اليوم قد أَدَّيَ دوريهما فى ظل تغيرات إجتماعية وسياسية وإقتصادية وبعد إعادة الدوله لهويتها والشروع فى بناء الدولة الحديثة وأمام تحديات بالغة الخطورة فى الأقليم والعالم، مجرد سؤال لأهل الثقافة والاعلام فى مصر ؟

د.حماد عبد الله حماد 
[email protected]

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الْوَعْي الرَّقَمِيّ.. الْمَاهيّةُ وَاَلْأَهَمْيّةُ

استطاعةُ الفَرْدِ على توْظيف التكنولوجيا الرَّقميّة بتطبيقاتها المتباينة بما يُسْهم في تحقيق الغايات المنْشودة وبما يؤدي إلى تنمية الأبعاد المعرفيّة، والتقنيّة، والوجدانيّة، وفق معايير الأمن السلامة عبر الفضاء الرَّقميّ المفْتوح؛ فإن هذا يشير إلى الوعْي الرَّقميّ في صورته الكليّة، وهذا يؤدي بالمستخدم أن يُصْبحَ حيويًّا، بمعنى يمتلك من النَّشَاط المُسْتدام ما يجعله مُنْتجًا في أيّ مجالٍ نوْعيّ ينْتمي يُنْتسبٌ إليه.
إذا ما أمْعنَّا النَّظر في ماهية الوعْي الرَّقميّ نجد إنَّ البُعدَ الاجتماعي له دورٌ واضحٌ في تشكيل هذا النَّمط من الوعْي؛ حيث لا يتوقف الأمْرُ على تبادل الخبرات فقط، بل تتكون هناك علاقاتُ، وآلياتٌ للتواصل الاجْتماعيّ تسْمح بتعميق الخبرات في بعض الأحيْانِ، وتنحو بالفرد تجاه التَّعمَّقِ في مجال بعينه، وهنا نُدْركُ أهميّة هذا البُعد الذي قد يرْسُم مستقبل كثيرٍ من مُسْتخدمي التَّقنيّة الرَّقميّ عبر الفضاء المُتطوّر الذي يفيض بكثير من الخِبْرات المُتنوّعة.
نُشير إلى أن إدراك المُسْتخدم لكافة المخاطر التي قد تتأتَّى عبر التعامل مع صور البيئات الرَّقميّة المختلفة من مقومات الوعْي الرَّقميّ بشكلٍ رئيسٍ، وهنا نُعلن مدى أهمية امتلاك الفرد للمعلومات الصحيحة المرْتبطة بالاستخدام، والتوظيف التقَنيّ؛ فإذا ما امتلك هذا المُسْتخدم المهارات دون ما يرتبط بها من معارف، وما يتعلق بها من مخاطرَ تُشكّلُ تهديداتٍ بعينها؛ فإن المتوقع أن يواجه الفردُ مزيدًا من المشكلات، والتحديّات، والصُعوبات عبر البوابة الرَّقميّة.
أرى أن تحقيق أقْصَى استفادةٍ من أنْظمة البيئات الرَّقميّة بكافة تنوُّعها مرْهونةٌ بماهية الوعي الرَّقميّ؛ حيث إن تعْقيداتِ الفضاء الرَّقميّ يصعب التعامل معها دون فِقْهٍ تامٍّ شاملٍ للمكون المعْرفيّ، والمهاريّ، والقيميّ بما يضْمنُ أن يقف الفرْدُ على المَشْرب الطيّب، ويهْجُر براثن الغواية، أو الانْزلاق في بؤرِ الظَّلام، أو التَّعرض إلى موجات تزييف الوعْي في جوانبه، وأبعاده، ومستوياته المختلفة.
أضْحى تشْكيلُ الوعْي الرَّقميّ أمرًا بالغ الأهميّة، ولا خلاف بشأنه، كونه يشكل سياجَ حماية يدرك من خلاله الفرد الفُرَصَ، والتهديدات؛ ليعمل على اقْتناص الفُرَصَ التي من شأنها أن تُضيفَ إلى خبراته، وتزيد من تمكنه، وتعمَّقه التقَنيّ؛ ومن ثم ينعكس هذا الأمْرُ بصورةٍ إيجابيّةٍ على مجال التخصص، وفي المقابل يمْكن للمستخدم أن يتّقى كافة التهديدات التي تضير بمستقبله، سواءً المِهْنيّ، أو التقَنيّ، ويؤثر على مكّون شخصيّته بشكلٍ سلبيٍّ.
كثيرٌ منّا يتوقف عند حدّ الاستخدام الذي يحقق الاستفادة المنْشُودة عبر التقَنيّاتِ الرَّقميّة، وتطبيقاتها المتطورة، وقليلٌ منا يسْعى للكشف عن التفاصيل بُغْية فهْم، واستيعاب التفاصيل الخاصة بالبيئات الرَّقميّة التي نتعامل معها؛ من أجل أن يستفيد بصورة غير مسْبوقةٍ؛ كمقْدرته على أن يشارك في تحْسين، وتطْوير مُدْخلات، وعمليات، ومُخْرجات المُكوّن التقَنيّ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تطبيقات الذكاء الاصْطناعيّ.
يمكن أن أدَّعِي أنّ الوَعْي الرَّقَميّ لا ينْفكُّ عن فقْه المستخدم للعديد من المفاهيم، وما تحمله من معانٍ عميقةٍ؛ حيث إنها تشكل لبِنةً البِنَى المعْرفيّة الصحيحة التي تعد أحد روافد الحماية الفكْريّة، والتي ترتبط بالأداء المهاريّ في صورته السليمة بما يضمن أن نقفَ على أعْتاب التطوَّر، والتقدَّم، ونتخلّى عن كل ما من شأنه أن يؤدي للوقوع في صراعٍ غير مُجْدٍ؛ لذا يتوجب علينا الاهتمام بترسيخ ماهية تلك المفاهيم في صيغتها الإجْرائيّة البسيطةِ التي يتقبلها الفرْدُ في ضوء ما يمتلك من خبراتٍ سابقةٍ تُعزّزُ لديه اسْتيعَابها، والاسْتفادة منها.
نحن نحتاج أن يعِيَ الفرْدُ ماهيّة المُواطنةِ الرَّقميّة كونُها أحد المفاهيم الرَّئيسة التي يتمخّضُ عنها مزيدًا من المبادئ المُهِمّةِ التي من شأْنها أن تُنْظَّمَ آليات التَّعامل الآمنِ، وتحقق الاستخدام الوظيفيّ، وتضْمنُ الحقوق بعد معلوميّة الواجبات، كما أن إدراك المُسْتخدم لطرائق الحماية الرَّقميّة بشكلٍ وظيفيّ من الأمور المُهِمّةِ التي تنْعكِسُ على تحْفيزه، وتقّدمه نحو المزيد من النِتَاج التقَنيّ الذي قد نصفه بالمبتكر، وهذا لا ينْفكُّ عن مفهوم التطوَّر الرَّقميّ، وصوره المختلفة؛ بالإضافة إلى معرفته بماهيّة الشّمُول الرَّقميّ.
إن التربية الرَّقميّة كمفهومٍ رئيسٍ تُعدُّ أحد ضمانات الاسْتخدام الآمنِ، والمسئول عن كافة صور التقَنيّات الرَّقميّة؛ ومن ثم فهي داعمٌ رئيسٍ لمكنون الوَعْي الرَّقميّ، وهنا يتوجب علينا أن نهْتمَّ بمجالاتِ التَّربِيَةِ الرَّقميّة، ومُسْتهدفاتُها في صورة برامج مقْصُودةٍ، جاذبةٍ تقدم للمستخدم الرَّقميّ ما يُصْقلُ لديه أبْعادَ هذا النَّمَطَ من الوعْي، كما نشير إلى أن هنالك المزيدَ من المفاهيم الداعمة، والمساندة لماهية الوعي الرَّقميّ، وأهمية تنْميته لدى المسْتخدم التقَنيّ؛ حيث الأمْنُ السيْبَرانيّ، والهُويّة الرَّقميّة، وصناعة المعلومات، وموثوقيتُها، وطرائق، وآليات الإبْحَار الآمنة، إلى غير ذلك من المفاهيم المُسْتحدثة منها، وغير المُسْتحدثة، والتي يصْعُبُ حصْرُهَا.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

مقالات مشابهة

  • ترامب رجل الإصلاح
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الْوَعْي الرَّقَمِيّ.. الْمَاهيّةُ وَاَلْأَهَمْيّةُ
  • عاجل مليشيا الحوثي تعلن رسميا السماح لكل السفن الأمريكية والبريطانية والأوروبية الوصول الى مواني إسرائيل سواء كانت محملة بالغذاء او بالأسلحة باستثناء سفن إسرائيل
  • عبدالله بن زايد يلتقي وزيرة الثقافة الفرنسية ويشهد التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين
  • عبدالله بن زايد يبحث التعاون الثقافي مع وزيرة الثقافة الفرنسية في باريس
  • عبدالله بن زايد يبحث التعاون مع وزيرة الثقافة الفرنسية في باريس
  • المطلوب طائف سوري لتدارك الأعظم!
  • سبب وفاة حماد القباج – الشيخ حماد القباج ويكيبيديا
  • الشيخ حماد القباج في ذمة الله
  • وفاة الشيخ السلفي الشهير بمراكش حماد القباج