شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
ينعى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، بمزيدٍ من الرضا بقضاء الله وقدره، سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
ويتقدم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بخالص العزاء إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وإخوته الكرام، وعموم آل نهيان، ولشعب الإمارات الشقيق، داعيًا المولى -عز وجل- أن يلهمهم الصبر والسُّلوان، وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة
بتوجيهات شيخ الأزهر.. انطلاق القافلة «السابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: شيخ الأزهر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب رئيس مجلس حكماء المسلمين رئيس دولة الإمارات الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان شیخ الأزهر آل نهیان
إقرأ أيضاً:
فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
• في قوله تعالى في سورة الحاقة: " إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ"، لماذا جاءت الآيات الكريمة بصيغة المخاطب؟
لأن هؤلاء المخاطبين إنما هم من ذرية من نجاهم الله تبارك وتعالى من مع نوح ومن آمن به، ولأن هذا الأمر الذي حصل، وهو أمر تنجية نوح عليه السلام في الفلك، كان حدثًا كبيرًا تناقلته الأجيال، وكان أمره ذائعًا عند العرب وعند غيرهم، فهم يعرفون هذه الحادثة ولذلك، فإن الآية الكريمة خاطبتهم لأنهم مطلعون على هذه الحادثة، وأن الذين نجوا من الغرق إنما هم من ذرية من نجا من الغرق، وهم لا يخالفون في ذلك، بل يعلمونه، فالخطاب لهم وكأنه استحضار لمعنى انتمائهم إلى أولئك الأسلاف الذين نجاهم الله تبارك وتعالى مع نوح والمؤمنين في الفلك، في السفينة.
ومن المفسرين من يقول إن المعنى أنهم كانوا في الأصلاب، لا بمعنى أنهم يعرفون انتسابهم، وإنما باعتبار أنهم كانوا، لما نجا الله تبارك وتعالى نوحًا عليه السلام وأهله والمؤمنين معه، في أصلابهم، في ظهورهم، فالخطاب بهذا المعنى غير بعيد عن المعنى الأول، فالمعنى الأول ظاهر، ولذلك يُحمل عليه أن الخطاب جاء بصيغة المخاطب، والله تعالى أعلم.
• في قوله تعالى: " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا "، وفي قوله تعالى: " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا "، هل يوجد اختلاف بينهما؟ أو كيف نجمع بينهما؟
لا، ليس هناك اختلاف بين وصف الأرض بأنها كفات وبين وصفها بأنها مهاد أو مهد أو فراش، فهذه أوصاف وُصفت بها الأرض في كتاب الله عز وجل، فالكفات يقصد بها أنها تجمع وتضم على ظهرها الأحياء، وفي بطنها الأموات هذا معنى الكفات، وأصل الكفات من الكفت، ويقال: الكفت والكفات بمعنى الضم والجمع ونستعملها نحن أيضًا في لهجتنا الدارجة، حيث يستخدم الناس معنى الكفت بمعنى الضم والجمع، وهي كذلك في اللغة.
وإن كان الخليل في العين قد ذكر لها معنى الصرف عن الوجهة، فيقال: كفته إذا صرفه عن وجهه وقد حاول من جاء بعده، كفارس في المقاييس، أن يؤوّل كلام الخليل بن أحمد الفراهيدي، بأن المقصود أيضًا هو الجمع والضم، حيث قال: إن صرفه عن وجهه يعني جمعه إلى جهة أخرى وضمه إلى ناحية أخرى، والمعنى قريب.
لكن الحاصل في معنى هذه الآية الكريمة: "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا"، أي أنها ضامة جامعة للأحياء على ظهرها، وللأموات في بطنها، وأما وصف الله تبارك وتعالى للأرض بأنها مهاد أو مهد، فلأنها مُهّدت للعيش فيها، وهي كذلك فراش، لأن الفراش هو ما يُفرش تحت الإنسان ليكون صالحًا له، وكذلك الأرض.
فهذه الأوصاف كلها تلتقي في المعاني الدالة على طبيعة هذه الأرض، بما أوجده الله تبارك وتعالى فيها من نعمة وفضل لعباده، لكي يحيوا فيها، ومن اللطائف أن بعض الفقهاء استنبطوا أحكامًا فقهية من قوله تعالى: "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا"، وذلك استنكارًا على أتباع الملل الوثنية الذين لا يدفنون موتاهم فقالوا: إن هذه الآية تدل على أن الأصل في الإنسان أن يُدفن في باطن الأرض، وأن ذلك أستر له، وأوفق لتكريمه، وأولى لجثمانه بعد وفاته وهم يخاطبون بذلك غير المسلمين، وهذا مما ذكره الفقهاء قديمًا، وذكروا بعض الملح الفقهية أخذًا من هذه الآية الكريمة، ولكن المعنى الذي يبحث عنه السائل هو الذي تقدم، والله تعالى أعلم.
• في الحديث النبوي الشريف: "الرؤية الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة"، هل في هذا الحديث دلالة على وقوعها؟ فقد ورد أن بعض الرؤى تكون كفلق الصبح؟
للتوضيح أولًا، الرؤية الصالحة وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنها صالحة، وهي التي تكون ممن يتسم بالصلاح، وتكون فيها من البشارات والبشائر ما يستبشر به المسلم في منامه وهي كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.
أما وقوعها، فيصدق عليها وعلى غيرها، فقد يكون الوقوع أيضًا لما هو مفزع من الأحلام، فيقع كفلق الصبح أيضًا فليس من شروط الرؤية الصالحة حصول الوقوع، وليس من شروطها أن تكون على ما هي عليه في المنام، بل قد تحتاج إلى تعبير أو تفسير، فهذا ما ينبغي التنبه له؛ ليس الوقوع علامة على أنها رؤية صالحة، كما أن العكس صحيح، أي أن عدم وقوعها فورًا لا يعني أنها ليست رؤية صالحة، وقد تقع بخلاف ما يتوقعه الرائي.
والأمر الثاني يتعلق بتأويلها؛ فلا يلزم أن تكون على ظاهرها كما رآها الرائي، بل قد يكون لها تأويل آخر مختلف، وهذا علم آخر وقد نص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه على التحذير من الخوض فيه دون دراية وعلم، فقال: "من أفتى مسألة أو فسر رؤية بغير علم، كان كمن وقع من السماء إلى الأرض، فصادف بئرًا لا قعر لها، ولو أنه أصاب الحق".
أما الرؤية الصالحة من الرجل الصالح، فهي كما تقدم جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وتكتنفها هذه الأحوال من حيث الوقوع أو عدمه، ومن حيث سرعة التأويل أو بطئه، ومن حيث احتياجها إلى التأويل والتعبير، ومن حيث تيقن صاحبها مما رآه، ويقصد بذلك ما يذكره كثير من الفقهاء في التنبيه على من يدّعي أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتيقن الرائي مما رآه أمر مهم ولذلك اشترط بعضهم أن يكون عارفًا بصفاته، أو أن يكون في الرؤية نفسها ما يدل ويؤكد على أن الذي رآه هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فإن كان قد وقع في نفس الرائي فقط، فمن أين حصل له ذلك؟ لذا، اليقين في الرؤية أمر مهم، وإلا فإننا نجد بعض ما يُحكى في كتب التفسير من رؤى ومنامات لا تليق بجناب الله تبارك وتعالى، ولا يصح نسبتها إلى ذاته العلية، ومع ذلك يعدّها البعض من الرؤى الصالحة، رغم أن المرئي فيها لا يليق أبدًا بالله عز وجل، ولا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا.
• ما صحة ما رواه الثعلبي في تفسيره؟ يقول قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد (بسم الله الرحمن الرحيم)، قال الله تعالى: مجدني عبدي، ذكر هنا البسملة؟
هناك عدة مسائل، الثعلبي هو أبو إسحاق الثعلبي، المتوفى عام 427هـ، وله تفسير موسع يسمى "الكشف والبيان"، ويُختصر فيقال: تفسير الثعلبي، لكن الاسم الكامل للكتاب هو "الكشف والبيان في تفسير آية القرآن"هذا التفسير موسع، وقد اشتمل على كثير من الإسرائيليات والأخبار الواهية، ومع ذلك، كان من الكتب التي عُوِّل عليها كثيرًا من قبل من جاء بعده، فقد استفاد الإمام الرازي من تفسيره، كما لخصه البغوي، إلا أن البغوي، بفضل ملكته الحديثية، قام بتنقيح ما رآه ضعيفًا وأزال الإسرائيليات منه وفق منهجه.
ومع ذلك، لا خلاف في أن الإمام الرازي قد اعتمد كثيرًا على تفسير الكشف والبيان للثعلبي، كما أن العديد من المفسرين استفادوا منه، نظرًا لأنه تفسير بالمأثور، حيث جمع فيه الكثير من الروايات والآثار، دون أن يكون من مسلكه التمحيص الدقيق لها، أما بخصوص صحة الرواية التي وردت في تفسيره حول قول الله تعالى: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله: مجدني عبدي"، فإن المحقق الذي اطلع على الكتاب قد ضعف هذه الرواية.
والرواية المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم وغيره، لم تذكر "بسم الله الرحمن الرحيم" ضمن هذا الحديث، مما يخالف ما ورد عند الثعلبي، نقل الإمام الرازي كلام الثعلبي وأضاف إليه حججًا أخرى، ثم تناوله الألوسي بالنقد والتضعيف ومع ذلك، فإنني لم أفحص الرواية الواردة عند الثعلبي بنفسي، ولكن غاية ما اطلعت عليه هو تضعيف محقق الكتاب لها.
موقف الفقهاء من البسملة في الفاتحة، من المهم التنبيه إلى أن القائلين بأن البسملة آية من الفاتحة يُجهر بها في الصلاة، ومنهم الإباضية والشافعية، لا يعتمدون على هذه الرواية فقط، بل لديهم أدلة أقوى، منها، الإجماع بين علماء القراءات، حيث أجمعوا على أن "بسم الله الرحمن الرحيم" آية في الفاتحة تُقرأ ويُجهر بها، كما أنها آية في كل سورة ابتدأت بها، ولا يُجيزون القراءة دونها.
إجماع علماء الرسم، حيث أُثبتت البسملة في المصاحف في كل موضع افتُتحت به السورة، ومنها الفاتحة، مما يعني أنها جزء منها وتُقرأ معها، الأحاديث النبوية، حيث وردت روايات عن أم سلمة، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، تفيد بأن "بسم الله الرحمن الرحيم" آية من الفاتحة، وقد صححها أو حسنها عدد من المحدثين.
عمل الصحابة والتابعين، حيث نُقل عن كثير منهم القول بإثبات البسملة والجهر بها في الصلاة، والله تعالى أعلم.