الجديد برس:

لطالما أرجعت الحكومة الموالية للتحالف التدهور الاقتصادي المتواصل في مناطق سيطرتها إلى ما تسميه “شح الإيرادات”، وخاصة بعد توقف صادرات النفط منذ نوفمبر ٢٠٢٢، غير أن هذه الرواية تكذبها الحقائق التي تكشف عن جانب من النهب والعبث الذي تتعرض له الموارد من قبل الفصائل المسلحة المسيطرة على الأرض، ناهيك عن الجبايات غير القانونية، والتي أرهقت المواطن والمستثمر على السواء، وأسهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمة الاقتصادية، وحرمت الخزينة العامة من مئات المليارات تذهب إلى حسابات خاصة لهذه الفصائل، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، الذي يسيطر على محافظة عدن، التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة لها، وهي تضم أهم المنشآت الاقتصادية كالميناء والمطار، ومراكز الشركات التجارية، بالإضافة إلى محافظات لحج وأبين وأجزاء واسعة من محافظتي حضرموت وشبوة النفطيتين.

وخلال السنوات الماضية تضاعف حجم الجبايات التي يفرضها المجلس الانتقالي على المؤسسات الإيرادية والمنشآت التجارية العامة والخاصة، وكذا القطاعات التجارية والخدمية الأخرى، بالإضافة إلى الاستقطاعات من الإيرادات الحكومية كالجمارك والضرائب وغيرها. ومن خلال هذا التقرير سنحاول تقديم مقاربة تلقي الضوء على ما تتعرض له الموارد العامة من نهب ممنهج من قبل المجلس الانتقالي، وكذا الجبايات غير القانونية التي يستحوذ عليها المجلس، الأمر الذي يسهم في مواصلة التردي الاقتصادي، دون أدنى اعتبار لانعكاسات ذلك على الأوضاع المعيشية لملايين المواطنين.

ومنذ سيطرته على عدن والمحافظات المجاورة لها في العام ٢٠١٩، أنشأ المجلس الانتقالي لجنة اقتصادية خاصة به، وهي التي تقوم بفرض الجبايات والاستقطاعات من الموارد العامة، وعلى رأسها إيرادات الموانئ والضرائب والجمارك والقطاع النفطي وقطاع النقل، والقطاعات التجارية والخدمية العامة والخاصة.

وتشير معلومات حصل عليها موقع “البوابة الإخبارية اليمنية” من مصادر خاصة، فإن حجم الأموال التي يجنيها المجلس الانتقالي، من خلال الاستقطاعات من الموارد العامة، والجبايات التي يفرضها على القطاعات الخدمية والتجارية العامة والخاصة، يقدر بأكثر من 250 مليار ريال سنوياً، من مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية في مناطق سيطرته.

الجبايات في الطرقات

وتصدرت الجبايات التي تفرضها النقاط الأمنية والعسكرية التابعة للانتقالي، والتي تنتشر على امتداد الطرقات الرئيسية في محافظات عدن ولحج وأبين، قائمة الأموال التي يجنيها المجلس بطريقة غير قانونية، ويستحوذ عليها لحسابه الخاص، حيث تقدر هذه الجبايات غير القانونية بمبلغ (93,150,000,000).

وتنتشر عشرات النقاط التابعة للمجلس الانتقالي في المحافظات الثلاث، وتفرض مبالغ كبيرة على شاحنات النقل الثقيل التي تنقل البضائع القادمة من ميناء عدن إلى بقية المحافظات، وكذا بقية الناقلات وحافلات النقل والأجرة بين المحافظات، وإلى دول الجوار، حيث يصل ما يتم دفعه لهذه النقاط من قبل شاحنات النقل الثقيل إلى أكثر من 150 ألف ريال عن الناقلة الواحدة، ناهيك المبالغ التي يتم جباياتها من وسائل النقل الأخرى وحافلات نقل الركاب، والمركبات الخاصة.

وتؤكد المعلومات أن الانتقالي يجني مئات الملايين شهرياً من خلال الجبايات التي يفرضها على كل ناقلات النفط والغاز التي تخرج من عدن إلى بقية المحافظات، وعلى سبيل المثال، فإن نقطة العلم، المدخل الشرقي لعدن، التي تمر عبرها ما بين 40)ـــ (50شاحنة يومياً، تقوم بفرض جبايات مالية قدرها (50) ألف ريال على كل شاحنة محملة بالبضائع بإجمالي مبلغ ( 67.5 ) مليون ريال شهرياً فيما قرر المجلس إلزام سائقي الشاحنات الداخلة إلى المدينة بدفع ( 15) ألف ريال.

وفي محافظتي لحج وأبين، تفيد المعلومات بأن إجمالي الجبايات التي يفرضها الانتقالي عبر نقاطة المنتشرة على امتداد الطرقات الرئيسية في المحافظة، يقدر بـ (7 مليارات و 95 مليون ريال) شهرياً، حيث يصل المبلغ الذي تتم جبايته على الشاحنة الواحدة إلى ( 430) ألف ريال موزعة على ثمان نقاط وهي ( العند ــ الزيتونة ــ الوطنية ــ ميزان ــ المملاح ــ العسكرية ــ نقيل الخلاء ــ العر ــ السر ) ويمر عبرها (550 ) شاحنة نقل ثقيل يومياً قادمة من ميناء عدن وتبدأ من مبلغ (50) ألف ريال على كل شاحنة وصولاً إلى (150) ألف ريال.

وطالما أثيرت قضية الجبايات غير القانونية التي يفرضها المجلس الانتقالي على وسائل النقل المختلفة في مناطق سيطرة، ونظم السائقون إضرابات واعتصامات عدة، وتقدموا بشكاوى إلى الجهات المعنية في الحكومة، إلا أنهم لم يلقوا أي استجابة، حيث تستمر نقاط الانتقالي في فرض تلك الجبايات، ومنع المرور إلا بتسليمها.

من الميناء تبدأ الحكاية

ورغم الجبايات التي يفرضها الانتقالي عبر نقاطه المنتشرة على الطرقات في مناطق سيطرته، إلا أن هذه ليست البداية، فحكاية الجبايات على البضائع والسلع الواردة إلى البلاد تبدأ من ميناء عدن (ميناء كالتكس وميناء المعلا)، حيث تفرض سلطات الانتقالي مبلغ 50 ألف ريال على كل حاوية بضائع، وأكثر من 100 ألف ريال على كل شاحنة تخرج من الميناء، حيث يبلغ إجمالي تلك الجبايات قرابة 20 مليار ريال سنوياً.

وتؤكد المعلومات أنه على مدى سنوات، بلغ المتوسط اليومي لعدد الحاويات الخارجة من ميناء كالتكس من (600) إلى (700) حاوية، حيث تقوم سلطات الانتقالي بإجبار التجار على دفع مبلغ 50 ألف ريال يمني عن كل حاوية، في حين أن المتوسط اليومي لعدد القاطرات الخارجة من ميناء المعلا يتراوح بين (400) إلى (500) قاطرة، تدفع كل قاطرة منها مبلغ 50 ألف ريال يمني.

وبحسب المعلومات، فإن متوسط ما يتحصل عليه الانتقالي من هذه الجبايات غير القانونية شهرياً، هو مبلغ (975) مليون ريال من الحاويات في ميناء كالتكس، و(675) مليون ريال من ميناء المعلا ويصل المبلغ الاجمالي إلى( 1.650.111.000) شهرياً.

وذكرت المعلومات أن إجمالي ما حصل عليه الانتقالي من هذه الجبايات غير القانونية في الشهور الثلاثة (يوليو ــ أغسطس ــ سبتمبر) 2021م، بلغ نحو 5 مليارات ريال.

وكانت اللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس الانتقالي أصدرت تعميماً في 30 يناير 2022م، برفع مبلغ الجبايات على المواد الخام إلى (102) ألف ريال للشاحنة الواحدة، يتم تحصيلها في بوابه الميناء.

المشتقات النفطية

وبرغم الأزمة الاقتصادية، والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطنون، جراء فشل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي، وتغول الفساد، ونهب الموارد، إلا أن استقطاعات المجلس الانتقالي لم تستثن حتى المشتقات النفطية، التي تعد من المواد والسلع الأساسية،  التي يفترض في مثل هذه الظروف إلغاء ومنع أي استقطاعات عليها، وإعفائها من الضرائب والجمارك تخفيفا للعبء المعيشي الذي يعانيه المواطنون.

وتفيد المعلومات التي حصل عليها موقع “البوابة الإخبارية اليمنية”، بأن إجمالي الاستقطاعات التي يفرضها الانتقالي على المشتقات النفطية المستوردة عبر ميناء عدن يصل إلى (86.7) مليار ريال سنوياً، موضحة أن الانتقالي يقوم باستقطاع (14) ريال عن كل لتر من المشتقات النفطية عند وصولها الميناء و(9) ريالات عند تخزينها في منشآت مصافي عدن.

وإيضاحاً للصورة، ذكرت المعلومات أن إجمالي ما تم استقطاعه من قبل الانتقالي وفقا للآلية السابقة في الميناء والمصافي خلال ثلاثة أشهر هي (يوليو وأغسطس وسبتمبر) من العام 2021م بلغ (21.7) مليار ريال يمني.

ضريبة القات

تحتل ضريبة القات المرتبة الثالثة من حيث حجم الجبايات التي يقوم المجلس الانتقالي بتحصيلها والاستحواذ عليها بصورة غير قانونية، حيث تقدر المعلومات إجمالي ما يجنيه المجلس الانتقالي من ضرائب القات بمبلغ (54) مليار ريال سنوياً.

وتضيف المعلومات أن ما يتحصل عليه الانتقالي من ضرائب القات يومياً، يتراوح ما بين ( 100 إلى 200) مليون ريال، مشيرة إلى أن تلك الضرائب لا يتم تحصيلها بسندات رسمية، ما يجعلها عرضة للنهب المباشر، على خلاف الجبايات في القطاعات الأخرى، والتي تتم بسندات خاصة بالانتقالي، صادرة عن لجنته الاقتصادية.

شركات ومصانع الإسمنت

وضمن بند ابتكره المجلس الانتقالي لابتزاز المنشآت الاقتصادية الخاصة، رسوماً غير قانونية، بمسمى “الدعم العسكري والأمني” يجني المجلس مليارات الريالات من الشركات والمؤسسات الخاصة، في مناطق سيطرته، وعلى رأسها شركات الإسمنت ( الوحدة ــ الوطنية ــ أستار ) التي تتخذ من محافظات عدن ولحج وأبين مقراً لها، حيث تشير المعلومات إلى أن إجمالي ما يتحصله الانتقالي من هذه الشركات الثلاث يصل إلى قرابة ٣ مليارات ريال سنوياً.

ويفرض المجلس الانتقالي استقطاعات لصالحه تحت هذا البند بمقدار 100 ريال على كل كيس إسمنت عبوة 50 كيلوغراما، وفق ما تبينه وثائق وخطابات رسمية من المجلس الانتقالي إلى هذه الشركات بالاستقطاع المذكور، ويتم توريد المبالغ المتأتية من هذا الاستقطاع إلى حسابات خاصة في شركة القطيبي.

ووفقاً لبيانات المجلس الانتقالي استقطع خلال الفترة الزمنية من شهر يونيو وحتى شهر سبتمبر من عام 2021م مبلغ( 619.416.400) ريال يمني من شركة أسمنت الوحدة في محافظة أبين ومصنع الوطنية في محافظة لحج.

وبصورة شهرية، يقوم المجلس الانتقالي باستقطاع مبلغ (60) مليون ريال يمني من مصنع سيسكو عدن، ومبلغ (24) مليون ريال من مصنع المكلا ريسوت عدن، حيث بلغ استقطاع  المجلس الانتقالي في شهر يوليو وأغسطس وسبتمبر من العام 2021م حوالي  (252) مليون ريال يمني.

*نقلاً عن موقع “البوابة الإخبارية اليمنية”

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الجبایات غیر القانونیة المجلس الانتقالی المشتقات النفطیة ملیار ریال سنویا فی مناطق سیطرته الانتقالی من المعلومات أن ملیون ریال میناء عدن إجمالی ما ریال یمنی من میناء من قبل

إقرأ أيضاً:

ما هي قاعدة “حتسور” الجوية الصهيونية التي استهدفها حزب الله للمرة الثانية

يمانيون – متابعات
في إطار معركة “أولي البأس” نفذ مجاهدو حزب الله اليوم الأحد عملية نوعية استهدفت قاعدة حتسور الجوية الصهيونية في عمق الكيان جنوب يافا المحتلة التي يطلق عليها العدو تسمية “تل أبيب”.

وتعد هذه هي العملية الثانية التي يتم استهداف القاعدة بصواريخ مجنحة لأول مرة يتم الكشف عنها.

فما هي قاعدة حتسور الجوية؟

قاعدة حتسور الجوية، هي مطار عسكري وقاعدة عسكرية جوية رئيسية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، تقع في بئر السبع، بالقرب من “كيبوتس حتسريم” جنوب “تل أبيب” وشرقي مدينة أسدود، وتبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 150 كلم.

تم إنشاء القاعدة في أوائل الستينيات، وأعلن تشغيلها في 3 أكتوبر 1966، كما يوجد في “حتسيريم” متحف القوات الجوية الإسرائيلية، وبها أكاديمية الطيران التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي منذ ابريل 1966.

تم بناء القاعدة بأمر من قائد القوات الجوية الإسرائيلية، عيزر وايزمان، وصممها المهندس المعماري يتسحاق مور، وكان القائد الأول للقاعدة يوسف الون.

وتضم قاعدة “حتسور” جناحاً جوياً رئيساً، يحوي على تشكيل استطلاع مؤهل وأسراب من الطائرات الحربية، وتعد مقراً لأسراب 101 أو ما يعرف باسم “المقاتل الأول” الذي يمثل نخبة سلاح الطيران للعدو، وسُمي “105” العقرب لأنه يحمل العقرب كشعار.

واستهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان -حزب الله- القاعدة للمرة الأولى في21 – 11 – 2024م بصلية من الصواريخ النوعية المجنحة.

وكشف حزب الله عن إدخال سلاح الصواريخ المجنحة للحرب المتواصلة مع جيش العدو الصهيوني خلال هذه العملية.

مقالات مشابهة

  • “الذكاء الاصطناعي” و”تنمية الموارد البشرية بدبي” يطلقان مبادرة “5 آلاف موهبة رقمية”
  • تقرير أمريكي:الولايات المتحدة “قلقة” إزاء نفوذ الصين المتزايد في العراق
  • وزارة الموارد البشرية تطلق الحملة الوطنية للتدريب “وعد”
  • بوميل: “فخور بإعادة المولودية إلى المكانة التي تستحقها”
  • صندوق تنمية الموارد البشرية يعقد “لقاءات جازان 2024” في ديسمبر القادم
  • “الاتحادية للموارد البشرية” تستعرض جهودها في تصفير البيروقراطية
  • ما هي قاعدة “حتسور” الجوية الصهيونية التي استهدفها حزب الله للمرة الثانية
  • ظهور شاب عدني مختفٍ منذ أيام في سجون المجلس الانتقالي الجنوبي
  • “الأونروا”: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة السكان
  • “اللغة والهوية” أداة اقتصادية لا تقل قوة وتأثيرًا عن الموارد الطبيعية.. المملكة “أنموذجًا”