علي جمعة: معصية أورثت ذلًا وافتقارًا خير من طاعة حققت عزًا واستكبارًا
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان الله سبحانه وتعالى أمر بطاعته، وجعل الطاعة سببا في الفوز برضاه وجنته، وسبب في مرافقة الأنبياء عليهم السلام والصديقين والشهداء، قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ}.
ونهى ربنا عن المعصية، وجعلها سبب في الوقوع في غضبه وسخطه، وفي التعرض للعذاب في الآخرة، قال تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}. وجعل ربنا سبحانه وتعالى القلب هو الأساس وعليه التعويل في القرب إليه ، فقال تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِى فِى الصُّدُورِ}.
وقال سبحانه: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ}. وقال سبحانه وتعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور}. ويقول سيدنا ﷺ : «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». ويقول أيضا ﷺ : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
فمعاصي القلب أكثر خطورة من معاصي الجوارح، كما أن معاصي الجوارح مُظْهِرة لأمراض في القلب يجب علاجها، لذا فبسلامة القلب تسلم الجوارح. وقد تحدث الطاعة الظاهرة من الجوارح معاصي شديدة الخطورة في القلب إذا لم يتنبه الإنسان، في حين أن المعصية قد يعقبها طاعات نافعة إذا فطن الإنسان وأناب إلى ربه. فيقول سيدنا ابن عطاء الله السكندري: «معصية أورثت ذلا وافتقارا ، خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا» حكمة عظيمة، وفائدة جليلة، لا تفهم على الوجه الصحيح الأكمل إلا بضمها للحكمة السابقة لها. حيث قال سيدي ابن عطاء الله السكندري في الحكمة السابقة: «ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما قضى عليك بالذنب فكان سببا في الوصول». يقول الشيخ ابن عباد النفزي الرندي في شرح هذه الحكمة: «وذلك أن الطاعة قد تقارنها آفات قادحة في الإخلاص فيها كالإعجاب بها، والاعتماد عليها، واحتقار من لم يفعلها، وذلك مانع من قبولها. والذنب قد يقارنه الالتجاء إلى الله والاعتذار إليه واحتقار نفسه، وتعظيم من لم يفعله فيكون ذلك سببا في مغفرة الله له، ووصوله إليه فينبغي أن لا ينظر العبد إلى صور الأشياء بل إلى حقائقها». ثم يؤكد سيدي ابن عطاء الله -رحمه الله- هذا المعنى بهذه الحكمة : «معصية أورثت ذلا وافتقارا ، خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا» يقول الشارح الرندي رحمه الله: «ولا شك أن الذل والافتقار من أوصاف العبودية، فالتحقق بهما مقتض للوصول إلى حضرة الرب. والعز والاستكبار من أوصاف الربوبية فالتحقق بهما مقتض للخذلان وعدم القبول.
قال أبو مدين –قدس الله سره- : "انكسار العاصي خير من صولة المطيع".
فهذه الحكمة العظيمة تنبه على مراقبة القلب، وتجنب الإعجاب بعد الطاعة، كما تنبه على الإخبات والتوبة بعد الوقوع في الذنب، نسأل الله السلامة من ذلك كله.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة الأزهر الأنبياء خیر من
إقرأ أيضاً:
افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله
في هذا الشهر الكريم ندعو لأخينا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله بالرحمة والمغفرة والعتق من النار وندعو له بالفردوس الاعلي مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فقد كان عليه الرحمة من المجتهدين في كل مايقوم به من عمل يبذل فيه جهدا مضاعفا ويتحري فيه النجاح والفلاح باذن الله سبحانه وتعالى ويظل حفظه لكتاب الله سبحانه وتعالى والنهوض بتعليمه وانشاء دور التحفيظ من أجل هذه الغاية النبيلة من الأشياء التي تحتاج إلى حزم وعزم اكيدين وإرادة وقوة شكيمة وقد تكلل مسعاه ورأينا خريجي الزاوية التي أنشأها بالقرب من منزله العامر بحي اركويت يعمرون هذه الزاوية ويجدون فيها كل الرعاية والاهتمام ومنهم من شد إليها الرحال من أماكن نائية طلبا للحفظ وتدارس كتاب الله سبحانه وتعالى من اجل سعادة الدارين فهنيئا لهم بهذه النعمة وهذا الخير الوافر من الله سبحانه وتعالى وهنيئا لفقيدنا الراحل الشيخ يوسف هذا التوفيق ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا والبركة في الجميع إن شاء الله سبحانه وتعالى وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم. ابن عم الفقيد وكان له اكثر من شقيق .
ghamedalneil@gmail.com