“تكتيكات ذكية تُربك الأساطيل”.. الحوثيون يفرضون تحديات كبيرة على البحرية الأمريكية
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
الجديد برس:
أكدت صحيفة “مارين كوربس تايمز”، المعنية بأخبار البحرية الأمريكية، أن الحوثيين فرضوا تكاليف كبيرة على البحرية الأمريكية، مشيرةً إلى أنه من الصعب تعقبهم كونهم يحددون مواقع السفن ويطلقون طائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للسفن عليها، ثم ينتقلون إلى مكان آخر.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها، إلى أنه “في معركة مع الجيش الصيني ينتقل مشاة البحرية من مكان إلى آخر بالقرب من الشاطئ في مجموعات خفية”، مشيرةً إلى أن “الحوثيين يتبعون تكتيكات مماثلة في هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن”.
وقال بريان كلارك، وهو زميل بارز في معهد هدسون، إن “الحوثيين يحددون مواقع السفن ثم يطلقون طائرات بدون طيار ويطلقون صواريخ مضادة للسفن عليها. ثم ينتقلون إلى مكان آخر، مما يجعل من الصعب تعقبهم”، موضحاً أنه “من أجل شن هجمات مضادة، يتعين على الجيش الأمريكي أن ينخرط في مراقبة واستهداف عدواني للغاية ومستمر”.
وأشار إلى أن “الحوثيين يفتقرون إلى بعض قدرات مشاة البحرية في الحرب الإلكترونية، على سبيل المثال، إلا أنه استدرك بالقول: “لكنني أعتقد أن هذا مثال على نوع العملية التي يحاول مشاة البحرية القيام بها، وقد فعل الحوثيون ذلك بفعالية كبيرة باستخدام قوة أقل تطوراً بكثير”.
وأوضحت الصحيفة أن “أساطيل البحرية الأمريكية والتحالف تمكنت من صد معظم هجمات الحوثيين على السفن ولكن بتكلفة عالية، حيث أطلقت السفن الحربية صواريخ كلفت الملايين لاعتراض طائرات الحوثيين بدون طيار والتي تبلغ قيمتها آلاف الدولارات فقط”.
وأضافت أن الكثير من السفن التجارية تتجنب عبور البحر الأحمر من خلال تحويلات طويلة عبر الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، حتى لا تتعرض لهجمات الحوثيين الذين يقولون إنها في إطار تضامن اليمنيين مع الفلسطينيين في غزة، حسب تعبيرها.
الصحيفة قالت إن “هجمات الحوثيين تأتي في وقت تقضي قوات مشاة البحرية الأمريكية أربع سنوات في خطتها الطموحة لإصلاح القوة لمواجهة قوة بحرية مثل الصين، بعد أن أمضت عقوداً في شن حروب برية. تهدف الخدمة إلى أن يكون مشاة البحرية أخف وزناً وأكثر انتشاراً وأفضل في تعقب الأعداء مع تجنب تعقبهم بأنفسهم”.
وقال اللفتنانت كولونيل في مشاة البحرية ترافيس هورد: “أعتقد أن ما يظهره الحوثيون هو أنه قد يكون بمقدورهم القيام بذلك، لأنهم تمكنوا من القيام بذلك ضدنا إلى حدٍ ما”، ومن وجهة نظر هورد، في حين أن عمليات الحوثيين “ليست تأكيداً مطلقاً” لمفاهيم تصميم القوة، إلا أنها تظهر أن القوة البرية المجهزة بأجهزة استشعار وصواريخ يمكن أن تشكل تحديات كبيرة للسفن.
المقدم زاك أوتا، وهو مخطط عمليات لدى الأسطول الأمريكي وقوات مشاة البحرية الأمريكية في المحيط الهادي، قال إن “الجيش الأمريكي لن يحاكي مهمة الحوثيين المتمثلة في تعطيل التجارة، لكنه قد يتعلم من تكتيكاتهم”، مضيفاً: “هناك اختلاف بين عمليات الحوثيين في البحر وتلك التي قد يقوم بها سلاح مشاة البحرية في حرب في المحيط الهادي، وهو أن الحوثيين يعملون في الهجوم، في حين أن القوات الاحتياطية للفيلق موجهة نحو الأعمال الدفاعية”.
من جانبه، قال العقيد المتقاعد تي إكس هاميس، وهو زميل أبحاث متميز في جامعة الدفاع الوطني، “إن أحد الدروس المستفادة من القتال بين الحوثيين والبحرية هو أن السفن يمكنها صد عدد صغير من الصواريخ. لذا يجب أن يكون لدى قوات مشاة البحرية المزيد منها، وإن قوات المارينز يجب أن تكون قادرة على إطلاق وابل من الصواريخ التي يمكن أن تطغى على دفاعات سفن العدو”.
وأكدت الصحيفة أن “من غير الواضح إلى أي مدى تطبق قوات مشاة البحرية الدروس المستفادة من عمليات الحوثيين. ولم يستجب سلاح مشاة البحرية لطلبات التحدث مع مشاة البحرية الذين يدرسون رؤى من العمليات القتالية في البحر الأحمر وخليج عدن”، موضحةً: “ومع ذلك، هناك شيء واحد واضح: حتى عند تطوير تصميم القوة، استخلص الفيلق دروساً من خصوم الولايات المتحدة”، في إشارة إلى أن القوات البحرية الأمريكية تحاول الاستفادة من تكتيكات الحوثيين في هجماتهم على السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية.
وخصص فيلق البحرية الأمريكية صفحةً لأنشطة الحوثيين في البحر الأحمر خلال الفترة 2016-2018، في وثيقته لعام 2021 التي تشرح القوات الاحتياطية، والتي جاء فيها أن جهود الحوثيين “تطورت بسرعة إلى مثال ممتاز لكيفية إجراء استطلاع فعال، واستطلاع مضاد، ومنع دخول البحر أثناء العمل داخل منطقة متنازع عليها”.
وتحت عنوان “الحوثيون ليسوا الجهات المعادية الوحيدة التي قد يتعلم منها الجيش”، نقلت الصحيفة عن بريان كلارك، قوله إنه “حتى لو لم يعترف القادة العسكريون بذلك، فإنهم يتعلمون من التشويش الإلكتروني الروسي على الاتصالات الأوكرانية.
كما أشار اللفتنانت كولونيل المتقاعد ترافيس ريس أن الجيش الأمريكي تبنى خلال حرب فيتنام، تكتيكات حرب الغابة التي اتبعتها قوات الفيتكونغ والقوات الفيتنامية الشمالية، مؤكداً أن “التعلم من عدوك قديم قدم الحرب”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة قوات مشاة البحریة البحر الأحمر فی البحر إلى أن
إقرأ أيضاً:
من “غالاكسي ليدر” إلى “لينكولن”: اليمن يثبت قدرته على تغيير معادلات القوة البحرية
يمانيون – متابعات
على مدار عام كامل، فرضت القوات البحرية اليمنية واقعاً جديداً في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به، من خلال سلسلة من العمليات البحرية الدقيقة والنوعية التي أثبتت تطوراً لافتاً في قدراتها العسكرية والاستخبارية. من الاستيلاء على السفينة “غالاكسي ليدر”، إلى استهداف حاملة الطائرات الأميركية “إبراهام لينكولن”، شكلت هذه العمليات محوراً رئيساً في الصراع، وأدت إلى تغييرات جوهرية في معادلات القوة البحرية في المنطقة.
البداية مع “غالاكسي ليدر”: خطوة نحو استراتيجية بحرية جديدة
بدأت التحولات الاستراتيجية في العمليات البحرية اليمنية بعملية الاستيلاء على السفينة “الإسرائيلية” “غالاكسي ليدر” في البحر الأحمر (قبل عام تماماً).
لم تكن هذه العملية متوقَّعة كما لم تكن مجرد رد فعل، بل كانت خطوة استباقية من جانب القوات اليمنية، تهدف إلى إسناد غزة وتعطيل حركة السفن المتورطة في دعم العدو “الإسرائيلي”.
نجحت القوات اليمنية في تنفيذ هذه العملية بدقة متناهية، الأمر الذي كشف تطوراً كبيراً في القدرات الاستخبارية والبحرية، وأدى إلى إرباك حسابات العدو، وأثار قلقاً في أوساط القوى الغربية، وعلى رأسها أميركا التي حاولت، عبر إرسال قطع بحرية، مواجهة هذه العمليات وردعها ومنعها، لكن الرد اليمني كان مفاجئاً ومتسارعاً ومتصاعداً وفعالاً.
التصعيد التدريجي: من العمليات الموجّهة إلى الاستهداف الشامل
لم تتوقف العمليات اليمنية عند هذا الحد، بل تصاعدت بالتدريج، لتشمل سفناً أميركية وبريطانية. ومع مرور الوقت، بدأ النشاط العسكري اليمني يتوسع ليشمل استهداف قطع بحرية من التحالف الغربي في البحر الأحمر، خليج عدن، البحر العربي، والمحيط الهندي. وعلى رغم المحاولات الغربية لاحتواء هذا التصعيد عبر إرسال حاملات طائرات وفرقاطات، فإن القوى الغربية لم تتمكن من وقف هذا الزخم العملياتي المساند لغزة.
في المقابل، أظهر التحالف الغربي عجزاً في مواجهة هذه الهجمات، فبدلاً من الحد من العمليات البحرية اليمنية ضد السفن “الإسرائيلية” والمرتبطة بها، بدأ سحب قطع بحرية أميركية وبريطانية وأوروبية، كانت أبرزها حاملتا الطائرات “آيزنهاور” و”روزفلت”، وقد تلحق بهما “لينكولن”، التي تعرضت مؤخراً لضربات غير مسبوقة الأسبوع الماضي.
وعلى رغم تدخل القوى الغربية في حشد عسكري غير مسبوق، وعدوانها الجوي والبحري على اليمن بأكثر من 800 ضربة جوية وبحرية، فإنها لم تتمكن من كسر الحظر البحري المفروض على العدو “الإسرائيلي” من جانب اليمن، بل أُجبرت تلك القطع على الانسحاب التدريجي والعودة أدراجها، وأُجبرت السفن “الإسرائيلية” والمرتبطة بها على تغيير مساراتها وتفادي مناطق الصراع.
عملية “لينكولن”: ضربة معقدة تُظهر تطوراً غير مسبوق
تُعَد عملية استهداف حاملة الطائرات الأميركية، “إبراهام لينكولن”، في أقصى البحر العربي (بعد قرابة نصف عام من التهرب والتخفي) إحدى أبرز محطات هذا التصعيد، ذلك بأن العملية البحرية اليمنية كانت خطوة استباقية معقدة نجحت في تعطيل هجوم جوي كان يخططه التحالف الأميركي. هذا الهجوم جاء في وقت حساس جداً، بحيث كانت حاملة الطائرات “لينكولن” تمثل إحدى أذرع القوة البحرية الأميركية في المنطقة.
نجحت القوات البحرية اليمنية في الوصول إلى الحاملة، واستخدمت أسلحة متطورة استطاعت اختراق الدفاعات الأميركية. هذه الضربة، التي تم تنفيذها في أقصى البحر العربي، كانت بمثابة رسالة قوية من اليمن، تؤكد تطور قدراته العسكرية والاستخبارية، وتؤكد عجز التحالف الغربي عن ردع هذا التصعيد. الحاملة “لينكولن”، التي تعرضت لضربة قوية اضطرت إلى الانسحاب، كما فعلت “آيزنهاور” و”روزفلت” في وقت سابق.
سحب القطع البحرية الغربية: هزيمة استراتيجية
على رغم محاولات القوى الغربية تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر عبر إرسال قطع بحرية متعددة، بما في ذلك الفرقاطات وحاملات الطائرات، فإن نتائج العمليات البحرية اليمنية أثبتت فشل هذه الاستراتيجيات.
على العكس، فإن الرد اليمني ساهم في سحب عدد من هذه القطع، بما في ذلك الفرقاطة الإيطالية و”لينكولن”، وهو ما يعكس فشل محاولات الغرب كسر الحظر البحري المفروض.
في هذا السياق، لم تقتصر الضغوط على القوات البحرية الأميركية والبريطانية، بل شملت أيضاً الشركات التجارية التي كانت تدير السفن المتورطة في نقل البضائع المرتبطة بالاحتلال “الإسرائيلي”. هذه العمليات البحرية لم تكن مجرد تحركات عسكرية، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى تغيير المعادلات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
الأفق والخيارات: مستقبل العمليات البحرية اليمنية
مع استمرار تصعيد العدوان الأميركي و”الإسرائيلي” في المنطقة، تظل الأفق مفتوحة أمام اليمن لتوسيع نطاق عملياته البحرية. القوات المسلحة اليمنية أثبتت قدرتها على تحدي القوى الكبرى في بحر مفتوح، وأظهرت تطوراً عسكرياً واستخبارياً من شأنه تغيير موازين القوى في المنطقة.
من جهة أخرى، يواجه التحالف الغربي تحديات متزايدة في ردع العمليات اليمنية. فكلما تصاعدت الاعتداءات، تصاعدت العمليات اليمنية وتزايدت في المقابل الخسائر الغربية، وازدادت الصعوبة في فرض الهيمنة على الممرات البحرية. مع ذلك، يبقى الخيار مفتوحاً أمام الطرفين: اليمن ماضٍ في تعزيز وجوده البحري وتوسيع نطاق عملياته الإسنادية، بينما قد يلجأ الغرب إلى مزيد من التصعيد العسكري في محاولة لردع اليمن، لكن مع العلم بأن هذا الخيار سيفشل مجدداً وسيصطدم بقدرة اليمن المتزايدة على تنفيذ عمليات بحرية معقدة.
من “غالاكسي ليدر” إلى “لينكولن”، أثبتت القوات البحرية اليمنية قدرتها على تغيير معادلات القوة البحرية في المنطقة. العمليات البحرية الاستباقية والتطور الكبير في القدرات العسكرية والاستخبارية جعلت اليمن قوة بحرية مؤثرة، قادرة على تحدي القوى الكبرى. وعلى رغم محاولات الغرب وقف التصعيد، فإن الواقع الجديد، الذي فرضه اليمن، يثبت أن معادلات الحرب البحرية تغيرت إلى الأبد، الأمر الذي يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد والفرص الاستراتيجية في المدى البعيد.
———————————-
-موقع الميادين – علي ظافر