1هل ستحدث زيارة مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف إلى بورتسودان فرقا.؟. اذا لم تعي القيادة السودانية المأزق الذي يوجهها الآن وسيواجهها فى مستقبل الأيام فإن تلك الزيارة ستكون هباء منثورا ولن تحصد منها الدبلوماسية السودانية أي نجاحات مستقبلية.

لا شك أن قيادة الدولة الآن تدرك التعقيدات الدولية وتقاطع المصالح وتضاربها فى السودان مما يجعل الصراع بين اللاعبين الإقليميين والدوليين صراعاً صفرياً، وللأسف السودان يقف في هذا الصراع منفرداً ليس له أي حليف، وطوق العزلة حولة يشتد يومياً وكل الدول حوله فتحت أسواق مواقفها السياسية والدبلوماسية للبيع والشراء، ماعدا إريتريا ومصر.

في ظل هذا الحصار المضروب حول السودان تمتد يد روسيا للسودان، وهي أصلاً مفرودة منذ الأيام الأخيرة للرئيس البشير، ولكن الدولة لا زالت تمانع في تطوير تلك العلاقة ومصافحة مصالحها. هل يمكن لروسيا أن تلعب دوراً كبيراً في دعم السودان (خالي) حلفاء.؟ إذا لم تتلكأ القيادة السودانية في تعزيز العلاقات السودانية يمكن لروسيا أن تفعل الكثير.

2
معلوم أن زيارة مبعوث الرئيس الروسي جاءت في أعقاب تطورات وتوترات شهدتها العلاقات بين روسيا والسودان مؤخراً. فلقد امتنعت روسيا في آخر جلسة لمجلس الأمن بتاريخ 8 مارس 2024 عن التصويت لقرار مجلس الأمن (2724) الذي يدعو إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية في السودان خلال شهر رمضان الماضي وسعي جميع أطراف الصراع إلى التوصل لحل مستدام عبر الحوار.

آنا ايفستيغنيفا، نائبة الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فسرت الامتناع عن التصويت على مشروع القرار، وقالت إن بلادها دعت مراراً الأطراف السودانية إلى وقف الأعمال القتالية.
كانت هذه رسالة أولى دفعت بها روسيا إلى السودان للفت نظر السودان حول ما يمكن أن يتطور إليه موقفها وهذا الموقف لولا أن رسالة قوية وصلت من داخل موسكو من أصدقاء للسودان بضرورة تدارك الأمر لكان قد حدث إجماع في مجلس الأمن ضد السودان، (صوتت 14 دولة لصالح القرار 2724). وقتها سارع الرئيس البرهان باستدعاء السفير الروسي المقيم ببورسودان ليؤكد على العلاقات المتينة بين البلدين وأرسل رسالة تطمين للقيادة الروسية. ومن ثم قرر الرئيس البرهان إيفاد مبعوث لروسيا في ذات الاتجاه لرأب الصدع في العلاقات السودانية الروسية وكانت زيارة السيد مدير المخابرات العامة العامة السيد مفضل لروسيا في الأسبوعين الماضيين والتي أعقبها فورا وصول مبعوث الرئيس بوتين إلى بورتسودان وإجراء سلسلة من اللقاءات المهمة مع القيادة السودانية.

3
ماذا يُقلق روسيا ويجعل علاقتها تتوتر مع السودان حالياً؟. يقلقها عدم الوضوح وعدم النظر إلى تلك العلاقة ببعد استراتيجي. روسيا ترغب في حلف استراتيجي مع السودان ليس لأنها تبحث عن موطئ قدم في البحر الأحمر – وهو ذو أهمية قصوى لها – ولكن لأنها تنافس الآن فرنسا في غرب أفريقيا وتنزع مستعمراتها السابقة، وهي تنافس في شرق أفريقيا وتبحث عن قاعدة في جيبوتي أو أرض الصومال ونجحت مؤخراً في توثيق علاقاتها من اريتريا (وخاصة بعد إقامة مناوراتها العسكرية، أعلن السفير الروسي في إريتريا إيغور موزغو، أواخر مارس/آذار 2023، عقد مناورات بحرية تشارك فيها الفرقاطة الروسية “المارشال شابوشنيكوف” مع البحرية الإريترية، معيداً إلى الأضواء جهود بلاده المتواصلة خلال السنوات الماضية للحصول على موطئ قدم على شاطئ البحر الأحمر). والسبب معلوم، إذ يعد البحر الأحمر معبراً حيوياً لصادراتها من الطاقة، إذ شكل النفط الروسي 74% من حركة النفط الذي يمر عبر قناة السويس في النصف الأول من عام 2023 ارتفاعاً من 30% عام 2021. هذا التنافس الشرس هو الذي دفع أفريكوم (القيادة العسكرية للجيش الأمريكي في أفريقيا) لوضع اجهاض إقامة قاعدة عسكرية روسية ضمن أربع أولويات لها بحسب تصريح قائدها في العام 2021.
في ظل هذا التنافس والصراع تهتم روسيا بتطوير علاقاتها مع السودان ليس فقط من أجل انشاء قاعدة عسكرية ولكن لأسباب تتعلق بجملة مجريات الصراع الدولي فى القارة الأفريقية، وبمناسبة القاعدة فلقد تفهمت روسيا موقف السودان الذي أعلنه ابراهيم جابر حين قال إن الاتفاق الذي جرى حول القاعدة غير ملزم لأن البرلمان لم يجزه. لم تحتج روسيا أو تقطع علاقاتها بل ظلت لفترة طويلة تجهض مشاريع القرارات الأوروبية والأمريكية ضد السودان في مجلس الأمن.

شيء آخر يقلق روسيا ويوتر العلاقات بينها والسودان، وهي العلاقات المبهمة مع أوكرانيا، روسيا تشكك في هذه العلاقة وما إذا ما كانت أوكرانيا تسعى لعزل روسيا عن أفريقيا وخاصة أن موقف الدول الأفريقية في الحرب الروسية الأوكرانية كانت أقرب لروسيا من أوكرانيا.
كشفت تقارير متواترة عن علاقات عسكرية بين السودان وأوكرانيا وهو ما أزعج الروس أيضاً. وبالطبع لا يمكن أن تفرض روسيا مواقفها على السودان لكن مطلوب أن تتسم خطواته وعلاقاته بالشفافية التي عبرها يمكن طمأنة الأصدقاء والحلفاء المحتملين. لا يمكن دائماً اللعب على الحبلين في العلاقات الدولية، على السودان أن يوازن مصالحة جيداً وخاصة هو في خضم هذه العزلة الدولية. في ميزان المصالح روسيا تملك الرغبة فى علاقات استراتيجية مع السودان وهي مستعدة لدفع الثمن، روسيا تملك إفساد أو موقف معادي من الدول المتربصة بالسودان داخل مجلس الأمن وما أكثرها، روسيا تملك القدرة على التزود بالسلاح مقابل الذهب الذي تسعى الآن لشرائه من كل الدول الأفريقية مما جعلها تمتلك أكبر11 احتياطياً في العالم. روسيا تخلت عن فاغنر أو لجمتها وغيرت سياستها وأصبح تقريباً أداة من أدوات السياسة الخارجية الروسية وتشتغل بها الآن فى غرب أفريقيا و تكاد تسيطر بها على دول كاملة.

هل للسودان خيارات كثيرة تتيح له المناورات في الساحة الدولية بغرض تعظيم مصالحه وكبح جماح أعدائه؟. للأسف لا…ليس للسودان بعد الله من دول داعمة سوى دول قطر إريتريا ومصر (المحدودة الحركة والحرية الآن). وليس لنا من صليح فاعل فى العالم سوى روسيا والصين إلى حد ما. فإذا كان متاحاً لك في مثل هذه الظروف حليف مثل روسيا وفي هذا الزمان الأغبر فلما التفكير الكثير؟! من العبث انتظار أن ترضى عنك أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي التي تشن فى كل يوم عدواناً جديداً على السودان أرضاً وشعباً بتبنيها التمرد ودعمه سياسياً وعسكرياً، والتغطية على جرائمه والعجز عن لجم الداعمين بالمال والسلاح.

عادل الباز

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القیادة السودانیة مجلس الأمن مع السودان

إقرأ أيضاً:

الخارجية السودانية تقدم توضيحات جديدة بالصور عن إستهداف مقر سفير الإمارات بالخرطوم وتفاصيل تصفية مواطن على يد الدعم السريع

بورتسودان- متابعات – تاق برس -قدمت وزارة الخارجية السودانية في بيان اليوم الثلاثاء،توضيحات جديدة حول اسهداف مقر سفير الإمارات في الخرطوم من قبل الطيران الحربي للجيش السوداني.

ونشرت الخارجية السودانية صورة لـ “مقر السفير الإماراتي” الذي قالت الخارجية الاماراتية انه استهدف بقصف طيران الجيش خلال اليومين  الماضيين.

 

وقالت الخارجية السودانية إن العقار الذي زعمت الحكومة الإماراتية أنه تعرض للقصف، في العاصمة الخرطوم لم يتم استهدافه البتة.

 

واشارت إلى أن أبو ظبي تحاول من خلال ذلك الادعاء التغطية على دورها في الحرب السودانية الذي وصفته بـ”المشين”.
وكانت أبو ظبي قد اتهمت الجيش السوداني بقصف مقر سفيرها في العاصمة الخرطوم منددة باستهداف المقار الدبلوماسية، الأمر الذي نددت به عدد من الدول العربية.
وفي السياق، أشارت وزارة الخارجية السودانية في بيان تلقاه عليه “تاق برس”،  إلى اطلاعها على ما ورد في بيانات وتصريحات بعض الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والأمين العام لجامعة الدول العربية، حول المزاعم التي وصفتها بالزائفة لحكومة الإمارات بتعرض مقر سفيرها في الخرطوم لقصف من القوات المسلحة السودانية.

 

ولفتت إلى أن القوات المسلحة نفت تلك الاتهامات وأكدت التزامها بحرمة المقار الدبلوماسية وكل ما توجبه القوانين والأعراف الدولية.
واتهمت قوات الدعم السريع بالاعتداء على أكثر من 40 مقراً لبعثات دبلوماسية إضافة إلى منظمات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة. مشيرة إلى أن بعثة السودان الدائمة في نيويورك قدمت رصد بالخصوص أمام مجلس الأمن.

 

وأكدت أن من بين تلك المقرات التي استهدفتها قوات الدعم السريع مقر بعثة الإمارات نفسها، واشارت إلى أنها رغم ذلك لم تصدر منه أبو ظبي إدانة بالخصوص. وقالت وزارة الخارجية، في بيان، أمس الثلاثاء، ألحقته بصورة لمنزل السفير الإماراتي في الخرطوم “إن العقار الذي زعمت الحكومة الإماراتية أنه تعرض للقصف، لم يتم استهدافه البتة، مملوك لمواطن سوداني، تعرض للتصفية على يد قوات الدعم السريع ولا يستخدم كمقر دبلوماسي، حيث انتقلت السفارة الإماراتية إلى مدينة بورتسودان كغيرها من سفارات الدول التي استهدفت مقارها في الخرطوم بعد أن استباحتها قوات الدعم السريع بعيد اندلاع الحرب العدوان الذي ذكرت أنه بدعم من الإمارات التي تدعم قوات الدعم السريع التي حولت مقرات السفارات إلى ثكنات عسكرية.

 

وأضافت أنه “في بادرة تشير لسوء استخدام منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرر رئيس وفد الإمارات تلك المزاعم الكاذبة الرامية للتغطية على افتضاح دور بلاده المشين في السودان، وانتهاكها للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية وكل الأعراف الدولية للتشويش على علاقات السودان بدول الخليج””.

 

وتابعت: “لقد أثبت تقرير فريق خبراء مجلس الأمن أن الإمارات هي مصدر التسليح والتمويل لقوات الدعم السريع وأكدت على ذلك تقارير الإعلام الاستقصائي الدولي والتي كشفت طرق وأساليب توصيل إمدادات السلاح للميليشيات بما في ذلك استغلال شعار الهلال الأحمر الإماراتي لهذا الغرض، كما بينت أن ما لا يقل عن 200 ألف من المرتزقة الأجانب يقاتلون إلى جانب الدعم السريع من الإمارات”.

 

وأشارت إلى تقديم السودان شكوى مدعمة بالتفاصيل والوثائق لمجلس الأمن ضد الإمارات متهماً إياها بالعدوان على السودان، وضلوعها المباشر في كل ما يتعرض له الشعب السوداني من تقتيل وانتهاكات جسيمة”.

 

وأكدت وزارة الخارجية التزام السودان الكامل بحرمة المقار الدبلوماسية وحمايتها وفقاً لاتفاقية فيينا، مؤكداً أن سفارة الإمارات قد انتقلت كغيرها من البعثات الدبلوماسية الأخرى إلى مدينة بورتسودان وظلت تمارس مهامها من هناك دون أي مضايقات، رغم دور حكومتها الذي وصفته ب “المشين” في الحرب على السودان وشعبه.

 

ينشر تاق برس نص بيان وزارة الخارجية ..

 

جمهورية السودان
وزارة الخـــارجـــية
مكتب الناطق الرسمي وإدارة الإعلام

بيان صحفي

إطلعت وزارة الخارجية على ما ورد فى بيانات وتصريحات بعض الدول العربية الشقيقة ومجلس التعاون الخليجي والأمين العام لجامعة الدول العربية، حول المزاعم الزائفة لحكومة الإمارات بتعرض مقر سفيرها في الخرطوم لقصف من القوات المسلحة السودانية والتي نفتها القوات المسلحة، وأكدت إلتزامها بحرمة المقار الدبلوماسية وكل ما توجبه القوانين والأعراف الدولية. لاسيما ان مليشيا الدعم السريع قد اعتدت على أكثر من 40 مقراً لبعثات دبلوماسية إضافة إلى منظمات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة. وقد ورد حصرها في بيانات متكررة قدمتها بعثة السودان الدائمة بنيويورك أمام مجلس الأمن، بما فيها مقر بعثة الإمارات نفسها، ولم يصدر منها إدانة على ذلك الفعل المشين .

عليه تود الوزارة أن توضح الحقائق التالية:
-إن العقار الذي زعمت الحكومة الإماراتية أنه تعرض للقصف، والذي لم يتم استهدافه البتة، مملوك لمواطن سوداني، تعرض للتصفية على يد مليشيا الجنجويد المتمردة ولا يستخدم كمقر دبلوماسي، حيث انتقلت السفارة الإماراتية إلى مدينة بورتسودان كغيرها من سفارات الدول التي استهدفت مقارها في الخرطوم بعد أن استباحتها مليشيا الجنجويد التي ترعاها الإمارات بعيد اندلاع حرب العدوان الإماراتية وحولتها لثكنات عسكرية.
– في بادرة تشير لسوء استخدام منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، كرر رئيس وفد الإمارات تلك المزاعم الكاذبة الرامية للتغطية على افتضاح دور بلاده المشين في السودان، وانتهاكها للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية وكل الأعراف الدولية للتشويش علي علاقات السودان بدول الخليج الشقيقة.
– لقد أثبت تقرير فريق خبراء مجلس الأمن أن الإمارات هي مصدر التسليح والتمويل للمليشيا الإرهابية، وأكدت على ذلك تقارير الإعلام الاستقصائي الدولي والتي كشفت طرق وأساليب توصيل إمدادات السلاح للمليشيا بما في ذلك استغلال شعار الهلال الأحمر الإماراتي لهذا الغرض، كما بينت أن ما لا يقل عن 200 ألف من المرتزقة الأجانب يقاتلون إلى جانب المليشيا المتمردة بتمويل من الإمارات. وقدم السودان شكوى مدعمة بالتفاصيل والوثائق لمجلس الأمن ضد الإمارات بسبب عدوانها على السودان، وضلوعها المباشر في كل ما يتعرض له الشعب السوداني من تقتيل وانتهاكات جسيمة.
– تُجدد وزارة الخارجية التزام السودان الكامل بحرمة المقار الدبلوماسية وحمايتها وفقا لإتفاقية فيينا وتؤكد أن سفارة الإمارات قد انتقلت كغيرها من البعثات الدبلوماسية الأخرى إلى مدينة بورتسودان وظلت تمارس مهامها من هناك دون أي مضايقات، رغم دور حكومتها المشين في الحرب علي السودان وشعبه.

الثلاثاء 1 أكتوبر 2024

الخارجية السودانيةالدعم السريعمقر السفير الإماراتي

مقالات مشابهة

  • أحداث رواندا وطلاب الجامعات السودانية
  • المتحدث باسم الخارجية الأميركية: المسؤولون الأميركيون في كل المستويات يعملون بلا كلل من أجل حل الأزمة السودانية
  • الخارجية السودانية: وفد من مجلس الأمن والسلم الافريقي يزور البلاد غدا
  • أمريكا تصدر قراراً بشأن السفن القادمة من الموانئ السودانية
  • الرئيس الصيني: مستعدون لمواصلة توسيع التعاون الشامل مع روسيا
  • توضيح من الخارجية السودانية تؤكد فيه التزام السودان بحرمة المقار الدبلوماسية
  • الخارجية السودانية تقدم توضيحات جديدة بالصور عن إستهداف مقر سفير الإمارات بالخرطوم وتفاصيل تصفية مواطن على يد الدعم السريع
  • بيان جديد للخارجية السودانية حول اتهام الجيش باستهداف مقر سفير الإمارات بالخرطوم
  • الإرث الاستعماري للدولة السودانية وطبيعة تكوين النخب السياسية: دراسة تاريخية تحليلية
  • مصر تستعد لرئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي وتسعى لدفع الجهود لحل الأزمة السودانية