جنين- لا شيء يعدل فرحة زينب الخطيب وهي تجوب أرضها وتقلب ترابها، باحثة عن أنسب مكان لتغرس فيها شجرة جديدة. وبنشاط تعمل رفقة عائلتها لزراعة أكبر مساحة بالأشجار رغم مساعي الاحتلال لمصادرتها والسيطرة عليها.

فبعد جهد كبير، نجحت زينب و30 مزارعا في بلدتها برطعة الشرقية قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، بالحصول على مئات الأشجار لزراعة أراضيهم التي يهددها الاحتلال الإسرائيلي بمشاريعه الاستيطانية.

وكان نصيبها وحدها 200 من أشجار الزيتون والحمضيات واللوزيات، وبها عمَّرت 13 دونما (13 ألف متر مربع) من أرضها المسماة "خلة العفس" بعد أن كانت جرداء.

وحصلت زينب على هذه الأشجار بدعم من مشروع "ادعم صمودك" الذي تنفذه "الجمعية العربية لحماية الطبيعة" ومقرها الأردن، ويهدف لزراعة مليون شجرة في فلسطين لتثبيت المواطنين بأرضهم، وخاصة في المناطق المصنفة "ج" في اتفاق أوسلو، والتي يستهدفها الاحتلال الإسرائيلي ويعمل على مصادرتها.

المنظمون يضطرون لتسليم شتلات الأشجار على دفعات خوفا من ملاحقة الاحتلال (الجزيرة) إحياء الأرض بالعمل

تبحث زينب (39 عاما) منذ زمن عمن يعينها في استصلاح أرضها وزراعتها، حتى اهتدت من وقت قريب وعبر مواقع التواصل لحملة "ادعم صمودك" وحصلت على ما تحتاجه بالتشبيك ما بين الجهة الداعمة وبلدية برطعة، إذ لم يكن بمقدورها وحدها أن تنفذ المشروع بأكمله، خاصة أن الأرض مساحتها كبيرة.

وتقول زينب للجزيرة نت، إن استفادتها لم تكن مادية فقط، بل بفكرة العمل والدعم الجماعي لها، وانتقاء نوعية جيدة من الأشجار. وتضيف "بهذا المشروع حميت أرضي من المصادرة، وثبتّنا أنا وعائلتي وجودنا عبر مشروع استثماري يمكّننا اقتصاديا، ويمنع محاولات الاحتلال الساعية لتهويد الأرض".

وثمة شيء أكثر أهمية بالنسبة لزينب، وهو أن هذ المشروع يأتي في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية وعلى الوجود الفلسطيني برمته. وتقول إن الأحداث الأخيرة التي رافقت الحرب كشفت جوانب كثيرة، أخطرها مسارعة الاحتلال في تهويد الأرض والاستيطان بها، واستغلاله كل الظروف لهذا الغرض.

وعلى المستوى الشخصي، تقول زينب إنها بزراعة أرضها أحيتها وحمتها من الاستيطان، ووفرت مصدر دخل لها ولأسرتها، لا سيما أن الحرب أدت إلى فقدان أفراد العائلة عملهم ووقف دخلهم، وأوجدت شحا بالعمل وارتفاعا كبيرا بنسب البطالة والفقر، وتضيف "وجدت أن الأرض قادرة على سد الثغرات والإيفاء باحتياجاتنا".

وبعد إعمارهم للأرض، أصبحت زينب وزوجها وأولادها وذوو زوجها يعملون بها بدون كلل أو ملل، إذ تزامن ذلك مع فقدان الآلاف عملهم داخل الخط الأخضر، وتوجههم نحو أرضهم لإعمارها.

ومثل زينب استفاد 30 مزارعا من حملة "ادعم صمودك" في بلدة برطعة وحدها، وعمّروا 132 دونما (132 ألف متر مربع) من أصل 11 ألف دونما هي مساحة القرية، والتي يصنف الاحتلال الاسرائيلي 75% منها مناطق "ج" ويمنع النشاط الزراعي بمعظمها، وفق بلدية برطعة.

العمل في زمن الحرب

استمرارا بحملتها "ادعم صمودك" الممتدة منذ العام 2000، تواصل الجمعية العربية لحماية الطبيعة تقديم الأشجار، ووزعت حتى الآن مليونين و970 ألف شجرة، ومع نهاية يونيو/حزيران القادم سيصل الرقم إلى 3 ملايين شجرة.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استهدفت الحملة التي جاءت بدعم من "الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي"، 35 قرية وبلدة فلسطينية بالضفة الغربية، بزراعة أكثر من 147 ألفا و750 شجرة مثمرة في 4600 دونم تملكها 1585 أسرة، وتضم أكثر من 9600 نسمة.

ويصف منسق الحملة في الضفة الغربية ابراهيم مناصرة، بأن النشاط الحالي "أصعب مرحلة على مدار أكثر من 20 عاما"؛ وذلك بسبب تصاعد شراسة المستوطنين واعتداءاتهم من ناحية، وحساسية الوجود بمناطق "ج" بسبب تهديدات جيش الاحتلال الأمنية، الذي يلاحق المواطنين ويمنعهم من الوصول لأراضيهم وخاصة بعد الحرب على غزة.

وأمام هذا الواقع لجأ القائمون على الحملة والأهالي -تفاديا لاعتداءات الاحتلال ومستوطنيه- لتسليم شتلات الأشجار بأعداد قليلة وعلى دفعات، وتوكيل المواطن بزراعة أشجاره وحده على مراحل وبأعداد قليلة، ليتجنب ملاحقة الاحتلال وخلع أشجاره.

كما وفرت الحملة أشتالا للمزارعين من مناطق قريبة لسكنهم، لتجنب نقلها لمسافات بعيدة مما يعرضها لخطر المصادرة، ورغم ذلك لم تتمكن من الوصول لبعض المواقع بفعل مضايقات الاحتلال.

ويؤكد مناصرة أن هذا المشروع برمته مُجدٍ بشكل كبير، ويوضح أنه إضافة لجدواه الاقتصادية والغذائية وخاصة مع توفر زراعات متنوعة ومثمرة، فهو يثبّت المواطن بأرضه ويحميها. "فهناك مناطق تعرضت لاعتداءات المستوطنين وخلع الأشجار مرات عديدة، وأعدنا زراعتها مجددا، واليوم منتجاتها تطرح بالأسواق".

الجمعية العربية لحماية الطبيعة تدعم زراعة أشتال خضروات في غزة (الجزيرة) الاحتلال بالمرصاد

ولم يكن سهلا تنفيذ الحملة ومواصلة الزراعة مع استمرار العدوان الإسرائيلي، بل واجهت تحديات كثيرة أبرزها التهديد الأمني للمزارعين وللفريق المنفذ ومراقبتهم ورصد تحركاتهم، وصعوبة التنقل بفعل قطع المناطق عن بعضها والإغلاقات الإجبارية، وبالتالي إجبار المزارعين على سلك طرق وعرة.

وتقول المديرة العامة لمنظمة "العربية لحماية الطبيعة" مريم الجعجع للجزيرة نت، إن هجمات الاحتلال ومستوطنيه تكثّفت، لكن المعاناة اليومية للمزارعين تتخذ أشكالا متعددة، من القتل إلى الخطف وسرقة المحاصيل وتخريبها وحرقها، ومنع المزارعين من الوصول لأراضيهم، وهو ما يسهل ويسرع في تهويدها.

وتوضح الجعجع أنه إذا لم تُزرع الأرض لمدة 3 أعوام يعتبرها الاحتلال "أراضٍ تابعة للدولة". وتضيف أنه "بذريعة هذا القانون، ومنذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 صادر الاحتلال نحو 1700 كيلومتر مربع، أي ما نسبته 31% من مجمل أراضي الضفة الغربية، البالغة حوالي 5800 كيلومتر مربع".

وتقوم فكرة وحملة "ادعم صمودك" على دعم المواطنين بالأشجار، لكنهم في بعض الأماكن وبفعل الضرورة وحاجة الجهة المستفيدة قدموا مشاريع موازية لا تقل أهمية، كحفر الآبار واستصلاح الأراضي ونصب الأسيجة.

كما نجح القائمون على الحملة بإعادة تشغيل مشتل بلدية غزة، بزراعة نحو 7 دونمات من الخضروات والأشتال، لدعم المواطنين بالثمار والخضروات رغم استمرار العدوان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

حزب الله: 110 قتلى إسرائيليين جنوبي لبنان منذ بداية أكتوبر

بيروت - صفا

قال حزب الله اللبناني، مساء يوم الثلاثاء، إن حصيلة خسائر الاحتلال الإسرائيلي في جنوبي لبنان منذ بداية أكتوبر/ تشرين أول الماضي بلغت، وفق رصده، أكثر من 110 قتلى و1050 جريحا من ضباط وجنود.

وأكد حزب الله، في تصريح وفق متابعة وكالة "صفا"، تدميره 48 دبابة ميركافا، 9 جرافات عسكرية، آليّتي هامر، مُدرّعتين وناقلتي جند.

وبيّن أنه أسقط 6 مسيرات من طراز "هرمز 450"، ومُسيّرَتين من طراز "هرمز 900"، ومُحلّقة "كوادكوبتر".

وأوضح حزب الله أن حصيلة خسائر الاحتلال منذ إعلانه عن بدء المرحلة الثانية من العملية البرية في جنوبي لبنانفي 12 نوفمبر/ تشرين ثانٍ هي 18 قتيلا و32 وجريحا (إصابات بعضهم حرجة)، إضافة لتدمير 5 دبابات وجرافة عسكرية.

وأشار حزب الله إلى أن الحصيلة التي نشرها لا تتضمن خسائر الاحتلال في القواعد والمواقع والثكنات العسكريّة والمُستوطنات والمُدن المُحتلّة.

مقالات مشابهة

  • باسيل: استقلال لبنان مهدد لان إسرائيل تحاول احتلال الأرض
  • قتيلان وانقطاع الكهرباء عن نصف مليون في عاصفة قوية تضرب غرب أميركا
  • هذا ما يجري في غرف إسرائيل المغلقة بشأن غزة وما يدور على الأرض
  • إعلام عبري: نتنياهو يسعى لسن قانون يمنع التحقيق في أحداث 7 أكتوبر
  • حملة فلسطينية للحفاظ على المواقع التراثية والتاريخية في الضفة الغربية
  • مؤشرات متصاعدة على اندفاع الاحتلال لتشكيل حكم عسكري في غزة
  • احتفالية برنامج الإنتاج الحيواني بزراعة عين شمس
  • هذا هو عدد قتلى الجيش الاسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023
  • مقتل 800 ضابط وجندي في جيش الاحتلال إسرائيلي منذ «7 أكتوبر»
  • حزب الله: 110 قتلى إسرائيليين جنوبي لبنان منذ بداية أكتوبر