قال مسؤول مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني في القاهرة شيركو حبيب، إن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق وكردستان، استهدفت إعادة بناء علاقات بين البلدين تقوم على المصالح المشتركة، مشيرا إلى وجود اتفاقات هامة بين الجانبين في هذا الخصوص.

وأضاف حبيب؛ في تصريحات صحفية اليوم الخميس، أن تركيز الزيارة على ملفات الأمن والطاقة والمياه، نتج عنه طرح تصور جديد بشأن ممر للتنمية يضم الإمارات وقطر والعراق وتركيا، يضم مشروعات كبرى فى كافة المجالات، لافتا إلى أن حدود العراق المشتركة مع تركيا تقع بإقليم كردستان وتديرها قوات حرس الحدود التي تتبع الحكومة الاتحادية، بخلاف ممرات ومعابر التجارة التي تشرف عليها حكومة أربيل.

وكشف مسؤول مكتب الحزب الديمقراطي فى القاهرة، عن تفاصيل لقاء أردوغان مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني وقادة الإقليم، مشيرا إلى أن المناقشات اشتملت على ملفات الأمن والتجارة والاستثمار المشترك والسياحة، دون أن تبتعد عن مكاشفات تتعلق بالموقف من حزب العمال الكردستاني.

وقال حبيب؛ إن أردوغان أكد على وجود بعض المشكلات المتعلقة بمستحقات شركات تركية لها وجود بكردستان، وتمت الإشارة إلى أن تأخيرها يرجع إلى أزمات حصة الإقليم فى الموازنة العامة للدولة الواردة من الحكومة الاتحادية، إلا أن هناك اتفاق على ضرورة تسهيل تصدير نفط الإقليم إلى الخارج عبر الأراضي التركية، وحل الأزمات الأمنية الحدودية ومنع تكرار الاعتداءات على أراضي العراق وكردستان.

ونوه حبيب؛ إلى أن أردوغان لم يتمكن من الحصول على اعتراف رسمي من بغداد أو أربيل باعتبار حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، مؤكدا أن الحزب وعناصره رغم وجود خلاف أيديولوجي مع الديمقراطي الكردستاني، إلا أن الأخير لا يعتبره تنظيما إرهابيا، كما يرفض أن يصبح كردستان بؤرة للإرهاب، مشيرا إلى ضرورة حل القضية الكردية في تركيا حلا سلميا ديمقراطيا، مع الاعتراف الكامل بالحقوق الكردية في دول المنطقة كافة، وعدم استخدام أراضي العراق وكردستان في معارك متبادلة.

واعتبر المسؤول الكردي؛ زيارة أردوغان للعراق وكردستان ناجحة لما اعتمدت عليه من فكرة بناء علاقات جديدة متوازنة قائمة على المصالح المشتركة، خاصة مع تغير سياسات تركيا الخارجية تجاه العراق، وامتناعها عن التدخل في شؤون دول الجوار مثلما تفعل غيرها من الدول والقوى الإقليمية، ما يجعلها أكثر قبولا لدى الرأي العام الإقليمي والدولي، وأكثر مرونة فى التعامل مع مشتركات تجمع شعبها بشعوب المنطقة.

ورحب حبيب؛ بأي اتفاق عراقي تركي بشأن حصة مياه أكبر تحددها المعاهدات الدولية بشأن الأنهار، مؤكدا أن أزمة نهري دجلة والفرات ربما أصبحت في طريقها إلى الحل.

واختتم حبيب؛ مؤكدا أن تقارب تركيا مع العراق وكردستان، ومصر مؤخرا، يؤكد على محورية وتأثير أدوار الدول الثلاث في المنطقة، بما يمكن أن تشكله من قوة ناتجة عن تعاون مشترك ولو بشكل ثنائي، خاصة على المستوى الاقتصادي، مشيرا إلى الحضور المصري في المشهد العراقي والتعاون المتبادل بين البلدين على كافة المستويات.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مصر القاهره تركيا الحزب الديمقراطي رجب طيب أردوغان العراق وکردستان مشیرا إلى إلى أن

إقرأ أيضاً:

زيارة جديدة للتاريخ

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

نحتاج جميعًا بين زمن وآخر القيام بزيارة ولو خاطفة للتاريخ؛ فالتاريخ كما يُقال يعيد نفسه، على اعتبار أن الإنسان هو الإنسان والظروف هي الظروف، لهذا تصدق مقولة من يقرأ التاريخ يقرأ المُستقبل.

وبما أن أكثر الناس في زماننا لا يقرأون؛ حيث سادت ثقافة السمع كثيرًا بين أهل زماننا، بما تحمله من غثٍّ وسمين، ولكن تبقى المادة التاريخية من أركان التحليل وعلوم الاستراتيجيات واستشراف المستقبل؛ فالربط التاريخي يجعل من التحليل والتنبؤ بالمستقبل من واقع تراكم الماضي والحاضر بمثابة معادلات رياضية لا تقبل الخطأ أو القسمة أو التجزئة.

الواقع العربي اليوم- على مرارته- لا يمكن فصله عن أحداث ووقائع تاريخية بعيدة وقريبة عاشتها الأمة، وكانت أغلب تلك الأحداث والوقائع لمن عايشها وكأنها القاضية التي لا خلاص منها ولا نهوض بعدها، ولكن مشيئة الله دائمًا وقوة السماء تحضر حينما تُستهلك طاقة قوة الأرض.

ولا حاجة لنا هنا في زيارات للتاريخ الموغل في القدم، كغزوات المغول ونابليون والحملات الصليبية الغربية؛ بل سننطلق من الاحتلال العثماني للوطن العربي تحت شعار الخلافة، وتسليمه ومباركته لأقطار عربية تحت حمايته وحكمه للاحتلالات الغربية (إنجلترا وفرنسا) تباعًا؛ حيث رحَّب بعض العرب حينها بـ"المُستعمِر الغربي" كـ"مُنقِذ" لهم من الاحتلال العثماني، متوهمين استفادتهم من رُقي الغرب، وكون الغرب مُستعمِرًا غير مُجرَّب حينها؛ حيث أبدى للعرب وجهه الحضاري المُراعي لحقوق الانسان، والمُحترِم للحضارات وتواريخ الأمم ومطامح شعوبها.

سرعان ما كشف الغرب الاستعماري عن وجهه الحقيقي عبر "وعد بلفور" واتفاقية "سايكس وبيكو" لتقاسم الوطن العربي والعبث بمكوناته الجغرافية وتقطيعها الى أوصال صغيرة تسمى أقطارًا؛ حيث انبرى الأحرار والشرفاء للدفاع عن أوطانهم حتى تحقق لهم نيل الاستقلال تباعًا. وبدأ الفصل الثاني من الاستعمار عبر تكريس التبعية، تلك التبعية التي دسَّها المُستعمِر في بنود اتفاقيات الاستقلال؛ ليعود من النافذة بعد أن طُرد من الباب، ويتسلل عبر العقول بعد أن طُرد من الحقول.

فكان حلف بغداد عام 1955، والذي رعته انجلترا وتشكَّل حينها من جغرافيات نفوذها والمتمثلة في تركيا والعراق الملكي وإيران الشاه وباكستان، وكانت مهمته الرئيسة تكمن في مقاومة المد القومي العربي والنفوذ الناصري بزعامة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر.

تشتت الحلف بعد ثلاثة أعوام على نشأته بقيام ثورة 14 تموز (يوليو) في العراق، ثم توالت نكساته بقيام الوحدة المصرية السورية عام 1958، ثم انسحاب باكستان بعد خذلان الحلف لها في قضية كشمير مع الهند؛ وصولًا الى نجاح الثورة في إيران عام 1979، وإعلان بريطانية إلغاء الحلف بصمتٍ دون طقوس أو مراسم.

عاشت الأمة فصولًا من الهزائم التكتيكية والتي لم تبلغ مراتب الهزائم الاستراتيجية؛ الأمر الذي سهل عليها استعادة السبق مُجددًا بعد كل انتكاسة، واستعادة مناعتها والتسلح بقيمها وخزينها الحضاري لمواجهة مخططات العدو.

المُتابع لتلك الاحداث الجِسام التي عاشتها الأمة، يتيقَّن بأن الأمة عصيّة في ضعفها وعصيّة في قوتها، وأنها قادرة على المواجهة وإفشال مُخطَّطات العدو رغم الوهن والشتات الظاهريْن؛ الأمر الذي لا يمكن تفسيره سوى بتأييد قوة السماء حين نفاذ قوة الأرض لتبقى هذه الأمة وكما وعدها الله وميزها "خير أمَّة أخرجت للناس".

ما تعيشه الأمة اليوم رغم مراراته، لا يمكن سلخه أو الحديث عنه بمعزل عن التاريخ القريب لتلك الأحداث؛ فمناعة الأمة ما زالت قادرة على فرز الغث والسمين وعلى إنهاك العدو واستنزافه، ومنعه من تحقيق أهدافه الاستراتيجية؛ فالأمة العربية حضارة، والعدو مدنية، والمدنيات لم تتغلب على حضارة في تاريخها.

الفخر التراكمي للنضال العربي ما زال ساريًا، وثقافة المقاومة اليوم في أوجها. والله غالب على أمره.

قبل اللقاء.. يقول المفكر والعالم الاجتماعي العربي العراقي الدكتور علي الوردي: "ما يشدنا للماضي ليس جماله؛ بل بشاعة الحاضر".

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • العراق بين واشنطن وطهران المتصارعتين.. وسيط مع وقف التنفيذ
  • زيارة جديدة للتاريخ
  • إمام أوغلو يدشن حملته.. هل تتجه تركيا لانتخابات مبكرة؟
  • هاكان فيدان: العمال الكردستاني لا يمثل الشعب الكردي
  • تقرير: تركيا وإسرائيل تقتربان من التصادم في سوريا
  • العمال الكردستاني يعتزم عقد مؤتمر تأريخي في العراق ليعلن نزع السلاح
  • لوموند: تركيا شريك لا غنى عنه لأوروبا الضعيفة
  • أمريكا تؤكد للعراق على منع إستيراد الكهرباء والغاز من إيران
  • مناورات بحرية مشتركة بين إيران وروسيا والصين تبدأ غدا الاثنين
  • بعد دعوة أوجلان.. رسالة لـ«حزب الديمقراطية والمساواة» في تركيا